منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

3 مشترك

    الجزء الثاني من حروف بلا نقط

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    الجزء الثاني من حروف بلا نقط Empty الجزء الثاني من حروف بلا نقط

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج الأحد 5 ديسمبر 2010 - 12:26

    الجزء الثاني من حروف بلا نقط
    قاطعها فادي وقال لها: أمي هنالك موضوعٌ حساس أريد أن افاتحك به وأنا متردد في طرحه عليك، ولكن لا حياء في الدين ، أرجو أن تسمحي لي بذلك، فقالت له إن صدري مفتوحٌ لك يا بني ، قل وتحدث بما تريد دون تردد وخوف وخجل، اعتبرني صديقة لك، هل أحببت فتاة يا فادي؟ فقال لها: لا يا أمي ، الموضوع بعيد عن ذلك بكثير، أنت ما زلت صغيرة بالسن ومن ناحية شرعية يجب أن تتزوجي برجل يرعاك ، وحرامٌ عليك أن تبقي بدون زوج ، وبقي على والدي خمس سنوات طويلة ، فأنا سأدبر أموري بنفسي ولا تقلقي من ناحيتي ، وعندي لك العريس الذي أبدى رغبته بذلك ويريد الزواج منك، إنه شيخنا الذي يحفظنا القرآن الكريم، صحيح إنه متزوج من إثنتين، لكنه يعدل بينهما، وهو مقتدر ويملك أربعة شقق، وهنا لم تتمالك نفسها ام فادي فوجهت له صفعة بدت في أولها عنيفة لكنها عندما اصطدمت بخده كانت خفيفة بحنان الأم وحبها لفلذة كبدها ، ، وقالت له: خسئت أنت وشيخك يا قليل الأصل والأدب، تريدني أن أترك والدك الأسير المقاوم البطل واتزوج من غيره، وصل بك النكران لوالدك الى هذا الحد من قلة الأصل والإنتماء للوطن الذي من أجله دخل والدك السجن، والله عال، إنني على استعداد لصيام الدهر عن الرجال وانتظار والدك لآخر العمر، هذا الذي يفلح به شيوخ هذه الأيام ، النساء والطيبات من الأكل، يتصيدون زوجات الشهداء والأسرى ليثلثوا ويربعوا من النساء ولا يطبقون من فهمهم للدين الاّ تعدد الزوجات. وأدركت ام فادي تسرعها وخطئها بردة الفعل التي عبرت فيها عن غضبها الشديد لما سمعته من ابنها، وعادت تراضيه وتقبله وتستسمحه لتكمل له ما كانت تنوي أن تقوله في الرد على ما صرح به لها من اعتراضات ومفاهيم خاطئة، وقالت:
     يخصوص النقاب : لقد أجمع فقهاء الدين على وجوب الحجاب ، ولم يجمعوا على وجوب النقاب ، وقليل منهم رأى وجوب النقاب ، فأنا والحمد لله محجبة برأي الجماعة ، ورأي الجماعة دائماً أفضل من الرأي الفردي ، وإن كان شيخك يؤمن ويقتنع برأي فلا يجوز له أن يلغي آراء الآخرين ويكفرهم لمخالفتهم لرأيه، ولقد اخترت ما أجمع عليه علماء الدين باقتناعٍ به وذلك لتسهيل القيام بواجباتي ، ولا أدعي بطلان النقاب ، وكل من اختار النقاب عن طيب خاطر فهو حر في اختياره وأحترمه وأقدره ولا أقاطعه أو أتهمه بالتعصب .ولا أنظر اليه بنظرة التكفير أو المخالفة لأوامر الله ، فأنا أرتدي المنديل الذي يغطي الرأس ويكشف الوجه كلما خرجت لأي سبب كان ، وأرتديه عندما أستقبل أعمامك. فأنا أقوم بدور الأم والأب ، ويتطلب ذلك مني قيادة السيارة ، والقيام بكل أعمال القوامة. وكذلك فإن الأعمال بالنيات فعندما أقابل أعمامك احتكم الى نيتي بوازع ذاتي ورقابة ذاتية نابعة من تربيتي ومن إخلاصي وحبي لوالدك ولا أستطيع الكشف عن نوايا الآخرين ، ولن يحاسبني الله بنية الآخرين ، ولكن إحساسي الداخلي بأن أعمامك يريدون لنا الخير فأنا مرتاحة لهم ولتعاملهم معنا. هنالك من يرتدي النقاب يا بنيّ تنفيذاً لأوامر الآخرين وبدون اقتناع ، وتكون أفعاله غير نابعة من حسن النوايا ، فمن أفضل ، الحجاب بنية حسنة أم النقاب بنية سيئة ؟؟ رد عليها فادي : الحجاب بنية حسنة طبعاً أفضل ، ولكن الشيخ لم يخبرنا بإجماع الفقهاء واختلافهم ، بل أخبرنا بوجوب النقاب على كل امرأة مسلمة ، ومن فعلت غير ذلك فهي مخالفة لأمر الله ، وبالتالي فهي كافرة. إن الموازين الداخلية الذاتية للإنسان والنية المستترة بداخله هي الفيصل والحكم بصلاحه ، وأما المظهر فهو براق خداعٌ يا بنيّ لا يعكس ما في الدواخل. تصور يا بني أن كل النساء سترتدي النقاب بعضهن باقتناعٍ والبعض الآخر بغير اقتناع ، وحينها هل سيعرف الزوج زوجته المنقبة لدى لقائها بالشارع إن خرجت مع رجل غيره وشبكت يدها بيده بنية سيئة؟؟ أو ركبت بسيارة رجل آخر بنية سيئة؟ رد فادي : لا ، لا يعرف يا أمي. فقالت : لهذا اخترت الحجاب على النقاب يا بني لأنني أحب الوضوح ، واقتنعت به وفضلته على النقاب.
     التلفزيون وسماع الأغاني والموسيقى : التلفزيون والراديو والمسجل أكتشافات علمية دعا اليها الله في كتابه العزيز وحثنا على سلوك درب البحث العلمي لإكتشاف الوسائل التي تسهِّل علينا حياتنا باستغلال خيرات الأرض التي سخرها لنا يا بني ، وهنا يأتي دورنا نحن في كيفية استخدامها ، ولنفترض العكس ، فأنا لا اريد التلفزيون وسماع الأغاني بالبيت ، ومنعتك عنها ، أليس المجال مفتوحاً أمامك لرؤية البرامج التلفزيونية وسماع الأغاني خارج البيت ، في الشارع وفي المقاهي وفي الحانات وعند أصحابك في بيوتهم ، وأنت تعرف أن كلَ ممنوعٍ مرغوبٌ فيه بفطرة حب الإستطلاع التي أودعها الخالق فينا ، إذن علينا أن نهذب أنفسنا بالتربية والأخلاق والقيم والعادات الحسنة من موروثاتنا ، لتكون ضابطاً لنا في تنظيم وتقنين وتحليل وتحريم ما نراه ونسمعه بحيث لا يجلب لنا الضرر. وماذا ترانا نشاهد من برامج في التلفزيون؟ إنها برامج تثقيفية ومعلوماتية ودينية نستفيد منها وإخبارية نستطلع ما يدور حولنا ، وأحياناً نستمع الى بعض الأغاني والموسيقى التي لا تخل بالشرف والأخلاق للترويح عن قلوبنا. فإن كنت خائفاً من وجود التلفزيون والمسجل ، فعوِّد نفسك على انتقاء ما تستفيد به ، ونظم إرادتك ووقتك لكي لا تجعل منها عائقاً عن ممارسة حياتك ضمن حدود الدين والأخلاق. وقويِّ إرادتك في حسن الإختيار لما يخدم مصالحك ، بعيداً عن أهوائك وغرائزك ، تماماً كما يعودك الصيام على الإمتناع عن الأكل والشراب والشهوات والأكل والشراب أمامك يداعب ظمأك وشهيتك المأسورتين بإرادتك. ثم إسأل شيخك أن يأتيك بالدليل من القرآن والسنة بتحريم مشاهدة التلفزيون وسماع الأغاني حتى يكون قرارك مبنياً على قاعدة ومنطق ومبرر مقبول.
     الجهاد في سبيل الله والشهادة : إنني يا بني أتمنى أن أكون والدة شهيد كما أتمناها لنفسي قبلك ، ولكن الأسئلة المطروحة علينا قبل أن نستشهد : كيف؟ ومتى؟ وأين ؟ ولماذا؟ نستشهد ومن أجل من وماذا ؟. وما هو الجهاد في سبيل الله؟ هنالك يا بني جهادٌ فردي واجبٌ على المستوى الشخصي ،وهو موت المرء دفاعاً عن بيته وعرضه وأرضه وعائلته وجيرانه إن تعرضت كل هذه الرموز للإستهداف من عدو شخصي أو لص قاتل ولم تجد بداً من درء الخطر إلاّ بالمواجهة القتالية بينك وبين المعتدي ، واستنفذت كل الطرق للحفاظ على حياتك كريمة بالحيلة والتحايل والتفاوض والكذب الأبيض، ودفع المال لدرء شبح القتل الذي يهددك ويهدد أهل بيتك على حين غرّة . وهنالك جهادٌ جماعي ، وبقرار إجماعي لأولي الأمر في الأمة مصحوباً باستعداد مادي ومعنوي لمقابلة الأعداء بما يحفظ بقاء الأمة وحدودها ، وما يدفع عنها الضرر ويجنبها السقوط بحده الأدنى ، والجهاد هنا واجب على كل مواطن شريطة أن يكون المواطن مؤهلاً للقتال ،ويمتلك عدة وعدداً يستطيع بها الدفاع عن مصالح الأمة وصد العدوان عنها والإنطلاق خارج حدود الأمة بعد تأمينها وتحصينها في سبيل الدعوة الى الله ونشر دينه الحنيف القويم وذلك بحده الأعلى. وللجهاد أهداف ومقاصد ما زلت أنت على عدم دراية بها لصغر سنك ، ولم تحقق شروطها لتحتسب بموازين الخالق شهيداً. لقد أطلقنا هذا اللقب على كثير من الناس ، وحقيقة الأمر لا نعرف ما بدواخلهم ، هل قاتلوا لجاه ، أو مال ،أو سمعة أم بنية خالصة لله؟ ، الله أعلم بهم ونحن لا ندري ، تصور يا بني أن كل جيلكم فكر بالشهادة في سبيل الله ، وبغض النظر عن أحقيتكم بالشهادة وأهليتكم لها والتي لا يعلمها الاّ الله ، ومضيتم كما تحبون شهداء في عمر الزهور ، إنكم بذلك تشبهون الفلاح الذي يذهب لحقله في موعد الإزهار فيعمل على إتلاف النوار والأزهار ، وهل سيجني في موسم الحصاد ثمراً يستفيد منه ، جاوبني على سؤالي ، وهنا صمت فادي قليلاً وقال : إنك محِقّةٌ يا أمي ، سوف يرجع من حصاده بخفيّ حنين ، واستطردت قائلة : فمن سيحمل راية بقاء الأمة من بعدكم؟ ومن سيحمل راية العلم وديمومة الحياة ، ألم يعلمك الشيخ أن الله يقلب الأيام بين الناس "وتلك الأيام نداولها بين الناس" ، فلا تستعجل يا بني ، فمهما عملنا واجتهدنا وسعينا فلن نتجاوز قدر الله وتقديره لنا ، هذا لا يعني أن لا نعمل ونتوقف عن الحياة ، إنما نعمل ونعقل ونتوكل على الله ، ومن سيعبد الله على هذه الأرض المباركة من بعدكم ؟ وهل ستحررون الأرض والوطن في هذه الظروف والموازين المطففة المختلة ، وهل ستنصرون بإمكاناتكم وتخلي إخوانكم عنكم؟ وإن مثلك في المواجهة المباشرة مع العدو الذي يفوقنا قوة وعلماً كالطفل الذي يباطح أو يصارع الرجل المكتمل النمو. ولكم يا بني في سيرة النبي الكريم محمد عبرة وقدوة ، ألم تدرس أنه بدأ دعوته سراً، واستمر يدعو لله سراً ثلاث سنوات ، وتجنب المواجهة المباشرة التي احتسبها بعقله خاسرة لو تمت؟ ألم يستعن بالصبر على البلاء والصَّد والقتال السافر من الكفار؟ لم يواجه الأعداء إلا بعد أن تأكد من حفظ البقاء لأتباعه لحمل الرسالة وعدم فنائهم على يد الصحابة. إفرض أنك حملت سلاحك البسيط وخرجت لقتال الأعداء المحتلين وجهاً لوجه وأنت تعلم أنهم قد أعدوا لك من القوة ما لا تستطيع معها المواجهة والصمود ، في مواجهة مكشوفة ، وتعلم أنك ستقع صريعاً دافعاً بنفسك الى التهلكة ومخالفاً لأوامر الله بالحفاظ على حياتك ، وأنت في زهور العمر ننتظر منك الثمار في تحد لظروف الحياة والتفوق ، ثم ألم يخبرك شيخك بأن الجهاد لا يقتصر على القتال ، وإنما هنالك جهاد بالعلم والتعلم والعمل والبحث والتنمية وتحقيق الإنجازات للأمة. إن الشهادة في موازين البشر وحساباتهم تختلف عنها في موازين الله وحساباته ، هنالك ثوابت للشهادة وهنالك مشتبهات ، وقد أمرنا الله باجتناب الشبهات لئلا نقع في المعصية. هنالك شهادة لا لبس فيها ، وهنالك شهادة تحتمل التأويل والتحويل واللبس ، ونحمد الله أن خلقنا من هذه الأمة التي أخرجت للناس ، وجعلنا من المسلمين نؤمن بالله ورسوله ، فهذا وحده مكافأة من الله لنا لم ينلها غيرنا من الأمم. وبأي دافع تريد الجهاد؟ أهو بدافع الإنتقام لأبيك الأسير ؟ أجابها : هذا من أهم الأسباب ، إنه الإنتقام لأبي ، وردت عليه : هل ستتوقع أن يكون والدك راضياً عنك لو سلكت من نعومة أظفارك درب الجهاد ، إنه يتمنى لك أن تكون بطلاً وطنياً ، ولكن ليس بفهمك أنت ، إنه ينتظر نجاحك وتفوقك بالدراسة ، لتكون لبنة من بناء هذا الوطن ، تصور نفسك طبيباً تعالج الجرحى والمرضى ، أليس هذا من الجهاد ، وكم من الأطباء في بلدنا سقطوا شهداء وهم يؤدون واجبهم الإنساني لأشقائهم. إن المقاومة يا بني لا تقتصر على الجهاد بالنفس ، فالطالب مجاهد ، والعامل مجاهد والمهندس ....الخ ، كلهم مقاومون مجاهدون ومرابطون ، والدك يريدك ناجحاً متفوقاً مقاوماً في خندق من خنادق الوطن ، خندق العلم والتخطيط والبحث والتطوير. فنحن مجتمع ينقصنا التخطيط وتبعثرنا الفوضى وعدم التنظيم وينقصنا احتساب الربح والخسارة بدقة لنتجنب الهزائم.
     العمل في البنك : تقول لي أنك قاطعت زميلك أنس لأن والده يعمل بالبنك ، وكذلك قاطعت بيت عمك خليل لأنه يعمل بالبنك ، وإن قاطعنا كل من يختلف عنا بالرأي فلن يتبقى لنا في هذه الدنيا أصدقاء ، وسنعيش في جزيرة قاحلة من الحرمان والجفاء ، فالمسلمون اختلفوا على أمور في عهد النبي ، وسكت عن اختلافهم في الرأي ، هنالك في الدين ثوابت يجب ألاّ يختلف فيها إثنان من المسلمين ، وهنالك قضايا خلافية في استنباط الأحكام من النصوص في القرآن والسنة والقياس على مثيلاتها ، إنها ليست قضايا جوهرية ، اختلف فيها فقهاء الأمة وأئمتها الأربعة ، وكان في خلافهم رحمة للناس وإتفاقاً ، اختلفوا لكنهم لم يُكفروا بعضهم بعضاً ، بل كان كل واحد منهم يعتبر الآخر أستاذه ويكن له التقدير والإحترام المتبادل ، أريد أن أسألك ، من أين نأتي بالفلوس ونستلم رواتبنا ونحتفظ بمدخراتنا؟ إن البنوك اليوم يا بني هي الشريان الذي يمد الأمة بالنقد والفلوس ، وهي النهر الذي نستخرج منه ما نستحقه عن عملنا ، كلنا بدون استثناء ، وهل أوجد علماء المسلمين وشيوخهم بدائلاً شرعيةً للبنوك تجعلنا نستغني عنها؟ أو فكروا ملياً في ايجاد نظام اقتصادي اسلامي . تلك قضية كبرى وأساسية يجب على علماء المسلمين حلها بدلاً من التلهي في أمور ثانوية بالدين كالنقاب والحجاب، وهل بعمل عمك خليل ووالد زميلك أنس في البنوك يتسببون في استغلال حاجة الناس للفلوس كالمرابين، إنهم كتبة مثلهم كمثل المسلمين الذين كانوا يشتغلون مع اليهود كتبة في زمن النبي وكان اليهود يمارسون الربا والمنكرات، ولم يطلب منهم النبي قطع أرزاقهم وترك العمل مع اليهود، وأنت تعلم جيداً أننا نعاني من البطالة في ظل هذا الحصار والإحتلال البغيضين. وما دامت سلطات السلمين وحكامهم يصرحون بهذه البنوك في وضح النهار فالحرام يقع على عواتقهم وعلى رقابهم وعلى علمائهم من المسلمين. ثم أن اقتصاد المسلمين اليوم إقتصاد استهلاكي وتابع لإقتصادات أجنبية نظراً لغياب العلم والقوة والإختراعات والتكنولوجيا. الى متى سنظل نهرب من واقعنا وندفن رؤوسنا بالرمال كالنعامة؟
    وقالت له : أريد أن أسألك سؤالاً وتجيبني عليه بصراجة وصدق ، فمن حقي أن أعرف كل شيءٍ في البيت ، لمحت معك وأنت تدخل للبيت شيئاً كأنك تخفيه عنّي ، قل لي ما هو ، أريد أن أعرف. تردد فادي وانفجر بالبكاء ، أمي أرجوك أن تسامحيني وتنقذيني ، لقد تورطت يا أمي ، أريد الخلاص ، ولكن كيف إنهم رشحوني لعملية استشهادية تستحق غداً ، وهذا الذي رأيته هو حزام ناسف أتدرب عليه ، وفي هذه اللحظة خرجت أم فادي عن صمتها وغيظها وقوتها وجبروتها باكية ومحتضنة لإبنها ، وبعد لحظات من الصمت الصاخب بالبكاء ، استجمعت قواها وشدت من عزائمها ووجهت حديثها لإبنها: وهي تحتضنه وتجفف دمعه المنهمر بيديها وهو ما زال باكياً على صدرها ، وطلبت منه أن يخبرها بورطته بالتفصيل لكي تجد له المخرج وتساعده ، فأمير الجماعة يصر عليه تنفيذ ما تعهد به على الوعد والعهد الذي قطعه على نفسه أمامهم. سألته أمه : لماذا وكيف وقع عليك الإختيار يا بني؟ أجابها بأن أمير الجماعة قال لهم : هنالك تجارة رابحة يا شباب ، الحسنة بعشرة أمثالها ، والجنة لقاء مغادرة الحياة الدنيا ، إنها الشهادة ، فمن يتطوع منكم للدخول في هذه التجارة الرابحة ؟، رفع إبن الأمير إصبعه أولاً ليعلق الجرس للآخرين ، ورفعت إصبعي ثانياً للإنتقام ممن يأسر والدي ونيل الشهادة . فقالت له أكمل يا بني ، فقال : إختارني الأمير أنا وقال للبقية هلموا بنا نهنؤ شهيدنا يا إخوة ، والتموا حولي يقبلونني ويودعونني.، ويهتفون ، الى جنان الخلد يا فادي ، أنتم السابقون ونحن اللاحقون ، فقاطعته أمه قائلة : ولماذا لم يقع الإختيار على إبن الأمير ، فرد عليها فادي: علمت من الشباب أنه في كل مرة يحدث كما حدث معي ، يبادر أبناء الشيوخ والأمراء برفع أصابعهم لتشجيع الآخرين ، وفي النهاية يقع الإختيار على غير أبنائهم. وسألته : وكم له من الأولاد هذا الأمير ، فقال :يقولون إنه متزوج من أربعة نساء ، زوجته الآولى القديمة ، وزوجات ثلاثة شهداء بعد أن ترملن واستشهد أزواجهم ، وله منهن حوالي 13 ولد وبنت أو أكثر ، فقالت له أمه : أنت وحيد أمك وأبيك ، وأملنا في الحياة ، يريدونك شهيداً في علم الغيب ويختارون لأبنائهم الكثر الحياة؟ ، من أين لهم ينفقون على تعدد الزوجات وعلى البنين والبنات؟ وتصدقونهم يا بني ، هؤلاء لا يأخذون من الدين إلا ما يتوافق مع أهوائهم وشهواتهم ، بعكس والدك ، فقد كان مؤمناً بالدين وتعاليم الدين ، ومؤدياً للعبادات ، وضحّى بشبابه من أجل الوطن ومحتفظاً بأخلاق الدين ومحافظاً عليها ، إنني ووالدك نتمنى لك الشهادة الحقيقية التي لا يعلمها إلاّ الله ، ولكننا نريدها شهادة لهدفٍ سامٍ ، وتؤتي أكلها بالنتائج التي تعود على الوطن والمواطنين بالخير ، نريدها شهادة لا تحتمل الخسائر ولا تعرفها ، شهادة رابحة ليس في ميزانيتها أي بند من بنود الخسائر أو الإشتباه بصدقها وأحقيتها . شهادة محسوبة بدقة ، ومبنية على التخطيط والبعد عن العبثية والفوضى ، لقد سئمنا من المقاومة غير المنظمة وغير الموحدة ، ودفعنا فيها أثماناً غالية جداً ، وفاضت طرقاتها بدماء أبنائنا العزل والأبرياء من أطفال وشيوخٍ ونساء. سينفجر هذا الحزام الناسف ، وسيقتل أو لا يقتل من الأعداء ، وربما يكتشفونه قبل انفجاره ، فيفجرونه فيك أو تلحق بوالدك في الأسر المؤبد ، وسيقتلون من أهلنا أضعافاً مضاعفة مقابل عملية انتقامية مبررة سواءً كانت ناجحة فنياً أو فاشلة ، وسنظل وإياهم ندور في حلقة صراع مفرغة علينا من النتائج ، ومليئة عليهم بالإنجازات والتغيير من الواقع ليدعم مصالحهم وتحقيق أهدافهم. لقد آن لنا يا بني أن نستفيد من تجاربنا. وأن نضع النقط على الحروف ، ليفهم الناس موضوعنا ورسالتنا ، ولا يستطيعوا حرفها عن مقاصدنا بناءً على رغبة أعدائنا ، فتصبح قضيتنا حروفاً بلا نقط مجهولة الهوية. ويسيء الناس فهمها ، وتتحول مقاومتنا المشروعة الى إرهاب محرّم.
    طلبت أم فادي من إبنها أن لا يذهب على الوعد لتنفيذ العملية الإستشهادية ويدع الأمر لها للتصرف به ، حصلت أم فادي على رقم الأمير من إبنها ، و إتصلت أم فادي بأمير الجماعة لتخبره بمرض إبنها وعدم تمكنه من تنفيذ الوعد ، ودار بينها وبين الأمير حديث فهم منه خفاياه ورموزه لب الموضوع ، وكانت المخابرات الإسرائيلية قد التقطت المكالمة بينها وبين أمير الجماعة ، وداهمت بيت أم فادي وفتشته تفتيشاً دقيقاً ووجدت الحزام الناسف ، اعتقلت قوات العدو الحَدَث فادي وحاكمته بمحكمة عسكرية والحقته بأبيه في سجنٍ مؤبد.، وما زالت أم فادي تنتظر تحرير زوجها وابنها من الأسر ، تعيش على الأمل الذي لم ينقطع خيطه في يومٍ من الأيام مهما تكالبت المحن والمصائب. والذي تآكل خيطه اليوم بالإنقسام والفوضى والعبثية الفئوية والإقليمية بقضايا الوطن والمواطنين وجعل من الأمل ما يشبه السَّهل المُمتنع.

    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    22 يونيو (حزيران) 2008
    د.ابراهيم الدابوقي
    د.ابراهيم الدابوقي

    {{ المشرف العام }}
    الجزء الثاني من حروف بلا نقط 15751610


    الجنس : ذكر
    البرج : الثور
    عدد المشاركات : 22377
    العمر : 49
    البلد : الأردن
    الحالة الاجتماعية : متزوج
    التخصص : طبيب أسنان
    نقاط النشاط : 14345
    الاعجاب : 183
    المهنة : الجزء الثاني من حروف بلا نقط Doctor10
    المزاج : الجزء الثاني من حروف بلا نقط 453210
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    الجزء الثاني من حروف بلا نقط Empty رد: الجزء الثاني من حروف بلا نقط

    مُساهمة من طرف د.ابراهيم الدابوقي الأحد 5 ديسمبر 2010 - 13:47

    بارك الله فيك
    قصة رائعة جداً عشتُ بأجوائها بكل مشاعري
    و الله يفرجها على الجميع




    عجبتُُ لمن يبكي على موت غيره دموعاً
    ولا يبكي على موت قلبه دماً

    وأعجبُ من ذا ان رأى عيب غيرِهِ عظيماً
    وفي عينهِ عن عيبهِ عمى





    اذا غاب في يوم اسمي من هنا ..!
    فربما ينساني البعض..!
    ولكن ..
    ستتذكرني صفحاتي التي سجلت عليها حروفي ..!
    لتبقى كلماتي ..!!
    رمزا للجميع ..!!!
    ليتذكروني ...!!!!
    فرحاوي
    فرحاوي


    الجزء الثاني من حروف بلا نقط Stars16



    الجنس : ذكر
    البرج : العذراء
    عدد المشاركات : 45
    العمر : 31
    البلد : خاراس
    نقاط النشاط : 8
    الاعجاب : 0
    الدوله : فلسطين

    الجزء الثاني من حروف بلا نقط Empty رد: الجزء الثاني من حروف بلا نقط

    مُساهمة من طرف فرحاوي الأحد 5 ديسمبر 2010 - 22:22

    حلوه هضا من زوقك

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل 2024 - 16:03