الغيرة تخلع زوجها العربي

الغيرة تخلع زوجها العربي لعجزه

.........................................

من قصص العرب قصة بعنوان "ما بين زمنين" زمن عمّورية وزمن صفورية

قال الراوي: تزوج عربي هذا الزمان من الغيرة إقتداءً بجدّه ، وكان مهرها النخوة والكرامة والعزة والدفاع عن شرف الوطن وعرضه وكرامته ، وفي يوم الصباحية استيقظت الغيرة من نومها نشيطة متفائلة ،وظلّ الزوج نائماً ، فتناولت كتاب التاريخ ، وأخذت تقرؤ فيه إنتظاراً لزوجها حتى تتناول معه الفطور ، فمرت على قصة المعتصم مع امرأة مسلمة في عمّورية أهانها الروم ، واستصرخته "وامعتصماه". فلما سمع بالخبر جهز جيشاً أوله في معقله وآخره في عند الروم إنتقاماً لعرضها وكرامتها. ثم عرجت الى قصة هرون الرشيد مع ملك الروم ، حيث كتب له هرون الرشيد رسالة مختصرة ومعبرة ، خاطبه قائلاً " من هرون الرشيد الى /*/*/* الروم سترى الرد بعينك". فعَمَرَ نفسها التفاؤل والسعادة ، مستبشرة بمستقبلٍ زاهر. ولم يفق الزوج بعد ، فراحت تفيقه فلا من مجيب. ففتحت التلفاز ، فسمعت نساءً عربيات مسلمات في فلسطين والعراق ولبنان تستصرخ العربي المسلم الغيور، فذهبت اليه تستصرخه ليسمع النساء العربيات وهي تستصرخ العربي ، وسمعت فتاة عربية من صفورية هجٍّرت الى لبنان تستصرخ العربي من العربي ، فرد العربي بمزيد من إطلاق النار نحوها. وراحت تحكي له قصتها وهو لا يسمععها مستغرقاً في نومه. ولم يفق من نومه، ورشت على وجهه الماء وفركت أنفه ، وجلبت النشادر والعطور ورشت حوله وعلى وجهه ولا حياة لمن تنادي وبقي مستغرقاً في سباته. فقالت في نفسها ماذا بعد ذلك ، أين الغيرة والحمية . يبدو أنني خدِعت فيه. فحاولت بكل الوسائل والطرق لإفاقته ولا حياة لمن تنادي. فذهبت للقاضي طالبة الخلع بسبب الخديعة والإخلال بعقد الزواج المبني على المحافظة على النخوة والعزة والكرامة. فحكم لها القاضي بذلك. ولما فاق من نومه لم يجدها ، ثم عاد الى نومه ، وجاءه جدّه بالمنام وسأله عن قصته مع زوجته ، فأخذ يقص عليه ما حدث. فقال له جدّه ، يعني ذلك أنك كنت واعياً وسامعاً لها وتظاهرت بالنوم لعجزك. فقال له عربي هذا الزمان ، يا جدي هنالك فرق ما بين زمن عموّرية وزمن صفّورية. لقد انقلب الحال يا جدّي. فقال له الجد " تستحق ما جرى لك أيها الرِّعديد الجبان":

..........................................

فاقت على ذِكْرى سوالفِ جَدِّنا

نهضت لتُذكي شوقنا وحنيننا

وغدت تُدغدغ بالغرائز حُبّنا

لتثير فينا فِطرةً من خلقنا

طفقت تُحايلُ بالتّقرُّب نحونا

لتفيق فينا نخوةً من طبعنا

واستصرخت رجلاً لتلهب نارنا

ضاع النّداءُ كما الصُّراخُ بغبْننا

رشقتْ بماءِ بالوُجوهِ على الهَدا

رشتْ عُطوراً في سريرِ مَنامِنا

لجأت لمغليِّ بعشبٍ مع دوا

وغذاءُ ملكاتٍ لنَشْدُدَ عزمَنا

حرقتْ بُخوراً بالأماسي والضّحى

وتدقّ زاراً ثمَّ تُطرِبُ بالغِنا

…………………………...

راحت تجرّبُ هجرنا وبعادنا

فلعلّها تحظى بعودة وعينا

شحّتْ شحيحَ العُنفوان بدهرنا

ونأت بعيداً لا تُناظر ُ صوْبنا

وطوت وِصال العِشقِ من أزماننا

وجرتْ تُباعدُ بالمسافة بيننا

..............................................

ونوتْ على هجْرٍ لتُشعِل ما بنا

فلعلّها بالهجْر تُشفي سُقمنا

ولوتْ تُناظرُ خِلسةً فلعلّها

لمحتْ غَيوراً قد تنبّهَ أو حَنا

ألفتْ سَراباً لا غَيوراً خلفها

لمحتْ عَذولاً قد تربّصَ كامِنا

...............................................

أمستْ تُجرِّبُ ضَربنا فلعلّنا

بالضربِ نصحو أو نحرِّكُ جفننا

لا هجْرَ أذكى حُبّنا بفؤادِنا

لا ضرْبَ أثمرَ بالعطاءِ وبالجنى

...............................................

سمعتْ نداءً من عذولٍ قد دَنا

فرمتْ بسهمٍ في لُحوم رِقابنا

وغدتْ تُغازل بالعواذِ ل غَيرنا

فاقتْ ونِمْنا واستمرَّ شخيرُنا

ضاقت ونشزت واستمرَّ جنوحها

يئست وملّتْ من برودةِ دمِّنا

وجنتْ بجُنْحٍ ثمَّ ذنبٍ قد غوى

يشفي غليل الشامتين بحالنا

شبكت أصابعها بكف ِّ غريمنا

طفقت تُهامسُ ثمّ تلمِزُ صوْبنا

فكّتْ ضفائرها بسحر ِ بنانها

وتأبّطتْ وتمايلتْ لعذولنا

وتراقصت وتهدّلت بشعورها

كالليل أرخى بالسّدول على الدّنا

ورمتْ بكاهلها بصدر عذولنا

والعينُ تنظرُ في قنوطٍ نحونا

وتطلّعت ترنو لغيرة زوجها

فإذا الشّريك بدون سيفٍ أو قنا

ويغطُّ في نومٍ طويلٍ ما صحا

والكلّ يسعى في المناكبِ بالدُّنا

واستغربت واستعجبت من عُقمنا

أين المودّةُ والسكينةُ يا جُنا؟

أين الكرامة والشهامة والإبا؟

أين الحميّةُ بالوطيسِ إذا سنا؟

فتقرّحت فيها الجراحُ من الجفا

وتحطّمت فيها أساطيل ُ المُنى

وتقهقرت كفراشةٍ بهبوطها

في زهرةِ الزّقومِ تسعى للفنا

وطغتْ بكُفرٍ في خيانة عُشّنا

نامت بأحضان الغزاة لطعننا

نِمنا ، ونمنا ، واستمرَّ سُباتنا

ضاعت وضِعنا في جرائر جُبننا

هلكتْ بآخرة ٍ وساءَ مصيرها

ضاعت بفاحشةِ الرَّذيلةِ والزِّنا

ضِعنا بدُنيا ثمَّ أخرى حسبُنا

نعمَ الوكيلِ بمن تخاذل وانحنى

بقلم أحمد ابراهيم الحاج

23 أيار 2007