الحب النازي

الحب في غير مواسمه والزواج غير المتكافيء
المناسبة:
كنت أسكن في عمارةٍ لعجوزِ ثري ، كان في الخامسة والسبعين من عمره، ولكنه كان نشيطاً خفيف الحركة والظل ، وحسن المعشر ، ومتين البنية كالشباب في عنفوانه ، وكان قوي الذاكرة ، حيث كان يزورنا باستمرار لتحصيل الإيجارات ، والوقوف على حال العمارة بنفسه ، وبعد ذلك انقطع عنا فترة طويلة ، وأناب ابنه عنه ، ولما سألنا ابنه عن أسباب انقطاعه ، أخبرنا بأنه تزوج فتاة في الثامنة عشر من عمرها ، واستطرد يقول: حتى نحن أبناؤه لم نعد نراه. وأضاف مازحاً بأنه منهمك في القيام بواجباته تجاهها . ورحلت من عمارته ، وبعد فترة زرت جيراني القدامى في عمارة العجوز الثري ، وسألت عن أخباره ، فأعلموني أنه توفي بعد خمسة أشهر من زواجه وعلى إثر تناول مقويات جنسية منوعة ومما هب ودب ولا تتناسب مع سنه. ولقد تأثرت على رحيله كثيراً لأنني أحببت فيه حيويته وخفة ظله وحسن معشره ونشاطه ، وقالوا إنه تنازل في حياته عن العمارة لزوجته الجديدة ، وترك وراءه ثلاثة أرامل ، وورثة غير أشقاء ، وجنيناً بالأحشاء سيولد فاقداً للأب ، وأن ورثته أقاموا قضية ضد زوجته لاستغلالها شيخوخته والسيطرة على معظم تركته وتبديدها ، وقلت فيه هذه القصيدة على لسانه لعلها تكون درساً لأمثاله من شيوخنا الأفاضل.
الحب النازي

لا تظْلمي دَنِفاً في حبِكِ الناري
فأنتِ ، أنتِ ينابيعٌ لأنهاري

وأنت ما زلتِ في سمْعي وإبصاري
وأنت ما زلتِ إلهاماً لأشعاري

أبحرتُ في نهرك المهراقِِ والجاري
أنتِ الدليل الى البحّار كالسّاري

قد لفَ حولي وألقاني بإعصارِ
هبوب ُ ريحٍ مع الأمواج غدارِ

وهاج موجٌ من الأشواقِ كالنارِ
أمسى يُحركُ إحساسي بإصرارِ
ِ
قاومتُ ناركِ بالإطفاءِ بالماء
فالماءُ أضحى على النيرانِ كالقارِ
ِ
خارت قواي فصرت القاصر الداني
والنفس تذوي من الإحساس بالعارِ

والحزن يقطنُ في حلي وترحالي
والكرب يسكنُ في البنيان والدارِ

والنفس ضاقت من الخذلان والعارِ
أغمضت عيني من الخلان والجارِ

فنال مني وباءٌ قاتلٌ ساري
سود الخواطر في عقلي وأفكاري

لا تقتلي أسداً في حُضنك العاري
صار الأليف وصِرْتِ الكاسرَ الضاري

لا تقتلي ثمِلاً في عشقكِ القاني
صار الحصانُ وصِرْتِ الفارس الساري

لا تذبحي حَمَلاً في حوْمِكِ الداني
صار المُباع وصِرتِ المالك الشاري

لا تذبحي جملاً في ملككِ القاصي
فهو الخِياطُ وأنْتِ السَمُ بالهاري

لا تقتلي كهلاً في قصرك العالي
يرجو الأوامرَ كالخدام بالدارِ

فلترحمي هَرِماً في حبك النازي
أنتِ المخارز في كفي وأقداري

جردتِ مني أساطيلي وخِلاني
صِرْتُ الغريبَ بموطني والدّارِ

قطعتِ مني شراييني وأوتاري
صِرتُ القتيل َ بعشقك البتارِ

بقلم أحمد ابراهيم الحاج
2/12/2006م