منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    في بيتنا رجل

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    في بيتنا رجل Empty في بيتنا رجل

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج الأربعاء 3 نوفمبر 2010 - 13:03

    في بيتنا رجل
    .........................
    في بيتنا رجل فيلم مصري قديم عن قصة حقيقية لثائر ضد الإحتلال كان يختبؤ في منزل اسرة مصرية ، وتم إعادته في مسلسل. وكما في مصر "في بيتنا رجل" ، فإن في فلسطين أيضاً قصص كثيرة على هذا المنوال. وتبين كيف كان التعايش بين أصحاب أطياف الفكر المتنوع في فلسطين في أواسط القرن الماضي.والذين كان همهم ودافعهم للإنتماء للأحزاب هو الوطن والبحث عن تحريره من خلال انتسابهم للأحزاب كظاهرة كانت سائدة في ذلك الوقت. فالبرغم من اختلاف انتماءاتهم الفكرية فقد كانوا جميعاً يلتقون لمصلحة الوطن العليا.وكانوا متحابين متكاتفين.
    .........................................................................................................................................................................................................................................................
    على غير عادتي ، استيقظت في أحدى ليالي الشتاء الباردة قبل موعد صحوتي المعتادة من النوم في كل صباح تحضيراً للذهاب الى المدرسة، وما أفاقني حركة مريبة ومرتابة ، ونقاش غير معتاد في خضم طرقات حبات المطر على النوافذ والأبواب وهبوب الرياح الموسمية الباردة في منتصف شهر كانون الثاني من سنة 1959 م ، وكنت ملتصقاً باللحاف القطني الذي كان يلفني من كل جنب وصوب،وكان جسمي متقوقعاً فوق فرشة رقيقة من الصوف وفي وقت يحلو به النوم ويصل الى درجة السبات وذلك قبل صلاة الفجر بساعة تقريباً ، ولقد فاجأني ما سمعت ورأيت ، وبدأ جسدي يرتعد من المفاجأة ومن البرد الذي كان يسببه لنا تسلل الهواء الموسمي البارد من شقوق النوافذ والأبواب ومن رطوبة ارضية الغرفة التي نفترشها. وكان بيتنا نائياً عن القرية فوق قمة جبلٍ مقابل للقرية في جنوبها ويتكون من غرفتين أو بالأحرى عقدين (جوز عقود) ، وكان هذا البيت يسبب لي الشعور بالوحدة، وأحياناً سحابة من الكآبة، لأنه كان يبعد عن القرية حوالي الكيلومتر، والطريق منه إلى القرية تمر في واد موحش فيه بيت واحد في بطن الوادي، يحرسه كلب شرس غير مربوط ، وكنت محروماً من اللعب مع أقراني من القرية في الليل ، وأحياناً كنت أغامر في ليالي الصيف المقمرة، وألعب في القرية ليلاً وأعود الى البيت، وطيلة عودتي في الطريق أشعر بأن شعري في رأسي كالمسامير المغروسة في قطعة من الخشب، من كثرة ما كانوا يحدثوننا عن الضباع وأكلها للبشر، هذا عدا عن مطاردة ال/*/*/* لي عند مروري من قرب البيت في بطن الوادي . ومعظم الأحيان كنت أجلس على شرفة البيت ليلاً أستمع الى أصوات أطفال القرية وهم يلعبون تأتيني من بعيد وأسمع صداها يرتد من سفح الوادي. (إشقح يا دينار، روِّح يا فرار).
    فتّحت عينيَّ بصعوبة من شدة النعاس، ومن ثقل النوم في فترة السُّهد، رأيت رجالاً من البلدة وسمعتهم يتفاوضون مع والدي في موضوع اختباء رجل من البلدة ومن أقارب والدتي بالتحيد (من أبناء عمومتها) في بيتنا وذلك هرباً عن أعين الحكومة. سمعت بهذا الرجل الذي سيختبؤ عندنا ورأيته من قبل ، كانوا يتحدثون عنه لأنه كان من المتعلمين القلائل في البلدة ، والذين ينتسبون الى أحزاب تدعو لتحرير فلسطين ويكتبون لفلسطين في المناشير التي توزع خفية عن الناس، ونجدها متطايرة، وكانوا يتظاهرون من أجلها ، سمعت والدي ذات مرة يتحدث عنه مع والدتي في مقارنة بين العائلتين قائلاً " إن عائلتك معظمهم من الشيوعيين ، إن أخاك شيوعياً وإن إبن عمك كذلك لا يصليان ، وعلاوة على ذلك فإبن عمك محمد لا يعترف بوجود الله ، إنه يعد كافراً ، ولكن ذنبه على جنبه ، وسيلقى ربه ويحاسبه حساباً عسيراً." وكنت استفسرت من والدي عن الشيوعية وعرفت أنها نكران لوجود البعث والحساب والآخرة ويوم القيامة وبالتالي نكران لوجود الإله ، ولخص لي فكرهم بحملة قصيرة مقتضبة وهي " لا إله والحياة مادة". ولم أعد للنوم تلك الليلة بعد استيقاظي ، وأصغيت للحديث الدائر في غرفتنا نحن الأولاد وللإتفاق الذي أبرم بين والدي ومجموعة من أهل الرجل الشيوعي ابن عم والدتي الذي سيختبؤ عندنا عن أعين الحكومة الأردنية ممثلة بالمخافر والفرسان ، وذلك في أعقاب إقالة حكومة الأحزاب الأردنية برئاسة سليمان النابلسي ، وحدوث الطلاق بين النظام والأحزاب خاصة القومية والشيوعية منها. وصار الحزب الشيوعي مطارداً ومطلوباً للعدالة الأردنية. وكان والدي متديناً وميالاً بفكره العقدي الى اتجاه الإخوان المسلمين، لأنه كان يتحدث كثيراً عن الشيخ حسن البنا وسيد قطب وغيرهم ومعجباً بهم، في نفس الوقت كان مغرماً بجمال عبد الناصر وبثورة 23 يوليو.
    وكان يحدثنا عن عبد الناصر بأنه أول مصري يحكم مصر في العصر الحديث ، وأنه مهتم بفلسطين والقضية الفلسطينية. وباع زيتونتين ليشتري بثمنهما راديو ليستمع بالخفاء لخطابات جمال عبد الناصر ولصوت العرب وللشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وقد رفض والدي مبدأ استقبال أي مشاركة من أهل الرجل المطارد والذي سيختبؤ عندنا في إعاشته ، وقال لهم هذا عيب علينا إن لم نتحمل نفقات مؤونته ، هذا بالإضافة الى أنه إن شعر أحد بوجود مثل تلك المشاركة معنا في المؤونة ربما يشك في سببها ، وتجلب لنا الشبهة ، وكان من شروط الإتفاق أن لا يعرف أحد من القرية كلها باختبائه عندنا ، بحيث يتم التنبيه من والدي على جميع أفراد اسرته بما فيهم أنا حيث كنت اصغر واعياً في الأسرة ، وطلبوا من والدي التشديد علي بالذات لأنني كنت طفلاً بريئاً في الصف الثاني الابتدائي وأذهب للمدرسة واختلط بطلبة البلدة ونتبادل الأحاديث ببراءة وعفوية. وأن لا يقوم أهله بزيارته عندنا لا ليلاً ولا نهاراً ، إنما يذهب هو متخفياً في جنح الليل لزيارتهم عندما يريد. تم الإتفاق وأعطى والدي موافقته لهم وفي الصباح ناداني والدي قبل الذهاب للمدرسة ، وشرح لي موضوع الرجل الذي سيختبؤ عندنا ، ونبّه علي وحذرني وأنذرني بأشد العقوبات إن تفوهت بكلمة واحدة عن هذا السر ، وذهبت في رحلة طويلة للمدرسة ، والمطر يتراشق بخفة وهدوءِ على وجنتي ، ويبلل شعري ، وأنا أخبؤ شنطة من القماش من صنع أمي، فيها كسرة من الخبز وقطعة من اللبن الجميد لأغمس بها على الخبز وحبتين من القطين (التين المجفف) وعدة حبات من الزبيب (العنب المجفف) للتسلية أثناء الفسح بين الحصص. ، والكتب والدفاتر في معطفي الصغير المرقع والذي تسلمته عهدة من أخي الذي يكبرني مباشرة. والمياه تتسلل من حذائي المرقع الى أخمص قدمي وتلسعني برداً ونخزاً من حواف حصى الطريق ، ومن الشقوق في نعل حذائي المهتري المُبعَض ، وقد اخترقت المياه الباردة الكرتونة الصغيرة التي غطيت بها الشقوق السفلية في النعل. وقبل الوصول للمدرسة بعشرات الأمتار أشتد عصف الرياح والمطر ، وامتدت المياه الى كل جسدي من قمة رأسي الى أخمص قدمي. ووصلت المدرسة ومأنني أحمل تنكة من المياه التي تخترق ملابسي كالسنارة في النسيج ، وتتساقط منه على الأرض. ولم يكن المدرسين بأحسن حال منا نحن الطلبة. أكملت اليوم الدراسي وعدت الى البيت على أحر من الجمر لأرى الضيف المقيم معنا لفترة غير معلومة ، ولم ألمس ما يلفت الإنتباه ، وجدت الوضع كما كان عليه قبل قدومه. ولكن بزيادة اهل البيت بقادم جديد له ما لأفراد الأسرة من حقوق ، وعليه واجبات لا تتخطى حدود المنزل أو تخرج عن حيزه فقط. وبدأت أحتك بالضيف المقيم ، وكان يساعدني في حل الواجبات ، ويشرح ما يصعب علي استيعابه من المدرس ، وكان يعلمني بعضاً من السياسة ، حيث كان يعد لإصدار كتاب من تأليفه اسمه "الإستعمار والصهيونية العالمية" وقد كنت أساعده في الكتابة لأن خطي كان جميلاً منذ الصغر. ومن خلال ذلك بدأت أتعلم عن القضية الفلسطينية وما تعرضت له من مؤامرات دولية وتخاذل وخيانات من ذوي القربى. ولا أنكر تأثري في مقتبل شبابي بالفكر الشيوعي وتعلقي به في أواسط الستينيات من القرن الماضي وخصوصاً عندما عاصرت تلاميذاً تخرجوا من المدرسة وذهبوا لإكمال دراستهم الجامعية في الإتحاد السوفياتي على حساب الح-----------
    ما أود التركيز عليه في هذا المقام ، هو التعايش في بوتقة صغيرة واحدة بين فكرين متضادين في الإتجاه ومختلفين في العقيدة الفكرية ، لقد كانت جل المناقشات بين والدي المتدين وابن عم أمي الشيوعي الفكر تدار بذكاء وحرفية فكرية عالية بالرغم من شح المتعلمين وحتى انصاف المتعلمين، كانا يتناقشان فيما يهتم بالمصلحة الوطنية العليا ، ولا يتطرقان أمامنا في وجهة النظر الخاصة بكل منهما ، ولا يسوق كل واحد منهما فكره للآخر ، ولا يتجادلان جدالاً عقيماً أو يتحاوران في المسائل الخاصة ، والأهم من ذلك كانا متحابان بالرغم من كل التناقض الفكري ، كل طرف منهما حريص على عدم المساس بفكر الآخر أو الإساءة اليه أو تكفيره أو تحقيره أو تخوينه. بالرغم من تناقضهما كنت ألمس حبهما المتبادل ، وكانا يختما حديثهما بالمزاح والنكات . علاوة على الإحترام والتقدير من جميع المواطنين المتدينين وغير المتدينين لدور الإتحاد السوفياتي في ذلك الوقت في دعم قضيتنا.
    أذكر في أحد الأيام رجعت من المدرسة ، وفوجئت بوجود الفرسان في بيتنا ، والفرسان عبارة عن قوة أمن أردنية كانت تنتشر في القرى الأمامية على خطوط التماس بين الكيان الإسرائيلي والضفة الغربية مهمتها حفظ أمن الحدود والقرى الحدودية مع اسرائيل. ولمن يحضر مسلسل باب الحارة فهم أي الفرسان يشبهون في ثقافتهم ودورهم قوات الدرك في مسلسل" باب الحارة" وكان الفرسان يهتمون بالأكل ، فكانوا يتناوبون على زيارة القرى في مهام رسمية وغير رسمية وبدون دعوات ، يتغدون في بيت ويتعشون في بيت آخر ، وكانوا لا يأكلون إلاّ اللحمة ، صيصان بلدية أو لحمة ماشية ، وكانوا لا يرضون طعاماً لفرسهم الا الشعير ، وكلما كانت ربة البيت تربي فوجاً من الصيصان كانت تضع يدها على قلبها خوفاً من طلة الفرسان بسبب أو بدون سبب. دخلت غرفتنا فوجدت خالي محمد يطبخ للفرسان الذين أتوا للبحث عنه ، ودخلت الغرفة الثانية فوجدت الفرسان وأمامهم السجائر وأطباق التين والعنب ينتظرون الوليمة. بعثني خالي محمد الى الغرفة التي يجلس فيها الفرسان ، لكي أنادي على والدي ليحضر ويرى ترتيب المنسف الذي أعده هو للفرسان. وانطلقت فرحاً لعلي أحظى بقطعة من لحم الصيصان ، وبينما كان فكري مشغولاً في لحمة الصيصان ، ذهبت الى غرفة الضيوف وناديت على والدي " يابا رُدّْ على خالي محمد مصباح عايزك ، وهنا شعرت بوالدي يفتعل حركة لفتت الأنظار ، ونظرت الى الفرسان فوجدتهم منهمكين في أكل العنب والتين ، وخرج والدي إليّ وهو يعض على شفتيه وينظر إليّ بغضبٍ شديد ، وكانت المرة الثانية التي أتذكر أن والدي ضربني ، فقد قرص أذني قرصة شديدة نثرت دموعي على خديّ ، وقال لي محذراً المرة سلمت الجرّة ، لكن مرة ثانية بكسرك تكسير. ومر الأمر بسلام ولم يتنبه الفرسان لكلامي ، فالذي كان يهمهم بالدرجة الآولى هو الطعام وليس أي طعام فهو إما منسف لحمة أو دجاج. وكنا لا نأكل اللحمة إلا في حالات نادرة وهي : قدوم الفرسان أو الضيوف ولم نكن ننال شيئاً يذكر من ورائهم ، أو في الأعياد والمناسبات ، أو من الماشية الوقيع أي المريضة التي لا يرجى منها خيراً أو شفاءً.. ومكث عندنا ما كان يطلق عليه الشيوعي مختبئاً في البيت حوالي ثلاثة أشهر ، وقد نجحنا في الحفاظ على أمنه إلى أن صدر عفو ملكي ، وغادر البيت وسافر الى الخليج ليعمل محرراً في إحدى الصحف والتي تولى إدارتها مدة من الزمن في السبعينيا.
    هكذا كان التعايش بين أبناء الشعب الفلسطيني في مرحلة من مراحل الجهل والتخلف والقلة من أنصاف المتعلمين والندرة من المتعلمين ، ولا نجد تفسيراً لما نراه اليوم من فرقة واختلاف وتناحر.!!!وكأننا نسير الى الخلف بدلاً من السير للأمام وبعكس عقارب االساعة. وفي خسران للعصر. (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). فهذه قلة الإيمان بعينها.
    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    15/12/2007م
    رباني
    رباني

    { مشرف }


    في بيتنا رجل Stars15


    الجنس : انثى
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 4459
    العمر : 60
    البلد : عمان
    الحالة الاجتماعية : متزوجة
    التخصص : تربية اسلامية
    نقاط النشاط : 916
    الاعجاب : 17
    المهنة : في بيتنا رجل Office10
    المزاج : في بيتنا رجل 8010
    الدوله : فلسطين

    في بيتنا رجل Empty رد: في بيتنا رجل

    مُساهمة من طرف رباني الأربعاء 3 نوفمبر 2010 - 13:20

    قصة جميلة جدا تختلف عنفي بيتنا رجل لان احداثها تنم عن ادب واخلاق وليست كالمسلسلات التي يدخل فيها كل ما يغضب الله سبحانه وتعالى
    مشكور اخي شوقتني للضفة ولخبز الطابون ولاحداث لم اتعرف عليها سوى بينكم اللهم حرر مقدساتنا اجمعين

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 23 نوفمبر 2024 - 9:05