منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    قصة كفاح ونجاح

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    قصة كفاح ونجاح Empty قصة كفاح ونجاح

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج الأربعاء 5 يناير 2011 - 7:19

    النموذج الرابع من حالات الإغتراب
    (قصة كفاح ونجاح)
    .....................................................
    تنويه : سوف نسمي الأبطال بأسمائهم الحقيقية في هذا النموذج المشرف من الإغتراب، لم تكن نماذج الإغتراب كلها بالمجمل خاسرة، وهنالك النماذج الكثيرة المشرفة، ولكن ما يهمنا من هذا هو إبقاء خيوط الروابط بالوطن قوية أثناء الإغتراب، لا بل يجب أن تزيد قوة في الغربة. ونأمل أن تتحقق أمانينا بالدولة المستقلة ويعود كل مغترب لوطنه ليساهم في بنائه، ونضرع من الله أن يمهلنا لتلك اللحظة التي يرفرف فيها علم فلسطين على القدس وأكنافها وكل المدن الفلسطينية.
    .......................................................................................................................................................................................................
    في أواخر عهد الدولة العثمانية (الرجل المريض)، وبينما كانت الذئاب تنقض على أشلاء هذه الدولة تنهشها وتدميها ، ضاقت الأحوال المعيشية على الناس ، فقرٌ وجهلٌ ومرض ومخاضات حروب عالمية على الأبواب ، انطلقت موجات الهجرة والإغتراب عن الأوطان من بلاد الشام وخاصة من سوريا ومن فلسطين ولبنان. الى جميع انحاء العالم كالولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا الجنوبية وآوروبا ، وفي خضم تلك المخاضات العسيرة والأحداث الجليلة في الأوطان العربية والعالم ، ومن بلدة بيت حنينا قضاء القدس والتي شهدت مولده عام 1889م ، وفي عام 1911م ، بدأ السيد عبد الحميد شومان رحلة الإغتراب عن الوطن مهاجراً الى الولايات المتحدة بحثاً عن الإرتزاق حاملاً طموحات كبرى ، وترك مهنته في تجارة حجارة البناء ، حيث بدأها في بداية حياته العملية عاملاً يحمل الصخور في محاجر القرية ، ولم يكن حلم الرجل صغيراً بالرغم من الغيوم العاقرة التي تلبد السماء العربية وقساوة الظروف القاهرة ، والمسلطة على رقاب الناس ، والتي كانت تحاصرهم في أرزاقهم وتخنق حرياتهم وأمانيهم كبشر وتعصف بأمنهم وطمأنينتهم ، لقد كان حلم الرجل كبيراً لا يتناسب مع إمكاناته وتعليمه والظروف المحيطة به ، فقد كان متخرجاً من الكتاب في ذلك الوقت ، يحفظ بعض السور من القرآن الكريم ، ويفك الخط ، ويكتب ببطء ويعرف مباديء الحساب البسيطة من طرح وجمع وربما لم يكن يلم بالضرب والقسمة. بدأ عبد الحميد شومان حياته العملية في المهجر تاجر قماشٍ متجول ، وكان يطوف الأحياء حاملاً أثواب القماش على كتفيه ، وبعد ذلك فتح محلاً صغيراً لبيع القماش ، وتطور عمله وفتح متجراً ثابتاً لتجارة القماش ، وجمع مبلغاً من المال يعتبر ثروة في تلك الأيام. لقد وضع نصب عينيه هدفاً وعمل جاداً ومجتهداً من أجل تحقيق هذا الهدف ، فكان لا يهمه عصف الرياح ولا عقم الغيوم ولا ظلام المكان.
    في أمريكا تعرف على البنوك ودورها في رفد الإقتصاد بالمال وضخه في شرايين اقتصاد الوطن، من صناعة وتجارة وزراعة وتنمية ، وكانت بذور الفكرة قد نمت في عقله وفكره ، فرعاها الى أن ترعرعت ونمت وأصبحت حلماً يقترب من الواقع ، ولكنه يحتاج الى مزيد من الجد والإجتهاد والتضحية . وكان خلال عمله الدؤوب لا ينقطع عن متابعة أخبار الوطن والتواصل معه ومع ساكنيه . لقد كانت النبتتة التي نمت في فكره هي إنشاء بنك عربي. لم يكن حلمه محصوراً في مكانه ووطنه المباشر فلسطين، ولكنه امتد بفكره وعقله وحلق بخياله في مجال الوطن العربي الكبير. إنه إنشاءُ صرح اقتصادي عربي يفتخر به كل مواطن عربي من المحيط الى الخليج.
    عاد عبد الحميد شومان الى القدس عام 1929 ، وفكر في إنشاء مصرف عربي يمتد بفروعه ليغطي الوطن العربي الكبير ، وذلك بعد إطلاق طلعت حرب في القاهرة أول بنك في مصر . وأسس عام 1929 م مع طلعت حرب البنك المصري/الفلسطيني ، وفي تلك السنة اندلعت ثورة البراق في فلسطين (ثورة 1929) ، فانتشرت الإضطرابات ووقعت اشتباكات دامية بين الفلسطينيين من جهة وعصابات اليهود الصهاينة من المهاجرين الجدد وحكومة الإنتداب البريطاني من جهة أخرى . وعليه فقد انسحب طلعت حرب من البنك وتولاه شومان بنفسه ومضى في تنفيذ فكرته ، لا تهمه العواصف والبراكين السياسية والإقتصادية التي تهز العالم ، فأسس البنك العربي في القدس مقراً للإدارة العامة وذلك مع ثمانية مساهمين وعشرة موظفين ، وبرأس مال قدره خمسةَ عشر ألف جنيه فلسطيني . وسجله رسمياً في أيار/مايو عام 1930م. وافتتح فرعاً في يافا عام 1931 ، وحيفا عام 1932 ، ونابلس عام 1932 ، وفي عمان عام 1934 ، إربد ودمشق عام 1943 ، بيروت والقاهرة عام 1944 ، بغداد وحلب وغزة والموصل عام 1946 ، والإسكندرية عام 1947م . وفي عام 1948 وعندما اعلنت دولة اسرائيل وتم التهجير من فلسطين كان لدى البنك ودائع بمبلغ ستة ملايين جنيه فلسطيني دفع منها أربعة ملايين جنيه للمهجرين وانتقلت الإدارة العامة الى القدس الشرقية ، وانتقل فرع حيفا الى بيروت ثم الى عمان وانتقل فرع يافا الى نابلس ثم الى رام الله . وفي عام 1949 افتتح فروعاً جديدة في جدة والبصرة وحمص. وقد تعرض البنك للمضايقات والحروب من العصابات الصهيونية ومن حكومة الإنتداب المنحازة الى اليهود ، لكنه قاوم الأعاصير بصلابة وقوة وتصميم وثبات وتحدٍ واستطاع التصدي لكل المحاولات التي استهدفت فكرة تأسيس هذا الصرح الإقتصادي ، واستطاع الصمود أمام الهجمات العاتية عليه والخروج منها بنجاح باهر للجميع. ولما انضمت الضفة الغربية الى الضفة الشرقية باسم المملكة الأردنية الهاشمية تم تسجيله مؤسسة أردنية ، وتطور البنك العربي من بنك صغير عام 1930م ، فأصبح واحداً من اكبر مؤسسات الشرق الأوسط المالية في العالم. واليوم تعتبر مجموعة البنك العربي أكبر شبكة مصرفية عربية في العالم حيث تتكون أكثر من 400 فرع في 29 دولة وتغطي القارات الخمس.
    لم يقتصر شومان على انشاء البنك العربي بل تخطى ذلك بصدق انتمائه ووفائه للوطن ومسقط الرأس فأقام مدرسة وكلية جامعية متوسطة هي "مدرسة التطبيقات المسلكية" تمهيداً لتطويرها الى جامعة بيت حنينا في المستقبل. ففي عام 1931م تبرع بمبلغ 100 جنيه فلسطيني لبناء جامعة في مدينة القدس ، وأكمل نجله المغفور له عبد المجيد الفكرة وسار على نهجه ، وأسس نواة جامعة القدس على أراضي الجمعية الخيرية التي يرأسها هو. ومنذ ذلك الحين أصبح البنك العربي شريكاً فعالاً في نماء المجتمع وراعياً للعمل الخيري.
    لم يكن اغتراب عبد الحميد شومان لأهداف شخصية بحتة ، بل كان في جل اهتمامه إنشاء مؤسسة عربية تعمل على تنمية وموارد البلد ، فلو كان اغترابه لهدف شخصي لحصل على الجنسية الأمريكية واستقر هناك فيها مليونيراً من أغنياء العالم. لكنه كان يحمل الوطن معه وفي قلبه ووجدانه ، لذلك وبمجرد حصوله على المال الذي يحقق طموحه في بناء وطنه والنهوض به ، استدار بايحاءٍ من بوصلة الوطنية والقومية وبالسرعة القصوى لافتاً جل اهتمامه لوطنه الصغير ليستثمر فيه ما جمعه من مال ولينطلق منه الى أفق أرحب وأوسع في وطنه الكبير وفي أرجاء الكرة الأرضية.
    مؤسسة البنك العربي العالمية غنية عن الشرح والتعريف ، ولكن دعونا نستطلع ونقرأ في صفحات أفكار هذا الرجل الأمي العصامي ، ليكون نموذجاً للمواطن الصالح الوفي الذي يتوجب الإقتداء به من الأجيال الحالية والمستقبلية. فلم يرض شومان أن يظل مقتصراً على ما حصل عليه من العلم ، فتعلم وتثقف وأصبح ينطق بأكثر من لغة ، وصار من رجال الأعمال العالميين ، لكنه احتفظ بأصوله وجذوره ، وظل الإنسان الفلاح البسيط في تواضعه وتصرفاته ، والمحافظ على العادات والتقاليد ، وظل ملتصقاً بالأرض ، ولم تظهر عليه علامات الثروة والغنى ، كان زاهداً في حياته مستمتعاً بما حققه لوطنه من انجازات وما ترك لأولاده من ميراث ومن نظم إدارية قليلة المخاطر حافظت على تقدم البنك المتصاعد دائماً ، فكان القدوة الحسنة لأولاده والمعلم الخبير لهم وكانوا الطلبة النجباء.
    كان شومان أول من يصل الى البنك في صبيحة كل يوم ، يوقظ الحراس من النوم ، ويستعرض الموظفين القادمين لعملهم ، فمن لم يكن ملتزماً بالتعليمات التي تقضي بحسن المظهر والهندام لموظف البنك ، كأن لا يرتدي ربطة العنق أو لم يحلق لحيته ، كان يعيد الموظف المخالف الى بيته ، كان يتفقد المكاتب بعد الدوام ، فإن رأى آلة حاسبة تصلها الكهرباء يعاقب صاحبها الذي نسيها شغالة ، وإن رأى دبوساً أو /*/*/*سة على الأرض يعاقب صاحبها الذي أهمل بها ، وكان الموظف الذي يستهلك رول الحاسبة يقلبه على الجهة الفارغة ليعاد استخدامه مرة أخرى ، كان يركب سيارته المتواضعة (فولكس فاجن) ويذهب للخلاء يستعرض الطبيعة ويمشي على الأرض يستجم بمناظرها وسحرها. كان عبدالحميد شومان الفلسطيني العربي المسلم يشكل القاسم المشترك الأعظم لكل الأوطان العربية ، يستقبله الزعماء والملوك والرؤساء ، كان لديه الضوء الأخضر للقاء أي زعيم أو ملك عربي وخاصة الزعيم جمال عبد الناصر والملك حسين بن طلال ، لذلك لم يخضع البنك العربي في مصر للتأميم كغيره من المؤسسات الأجنبية تقديراً لعبد الحميد شومان واعترافاً وعرفاناً بقوميته العربية الشاملة الصافية النقية ، لذلك انتشر البنك العربي في معظم الدول العربية بجهوده وقوة شخصيته وكارزمته ، وكان البنك يعمل في ظل أنظمتها المحلية ويلتزم بها ويساهم في تدريب شبابها وتوفير فرص عمل لهم ويساهم في تدعيم الإقتصاد والتنمية بتمويل المشاريع اينما وجد. وكان البنك العربي بحق ميدان تدريب ومعهداً مصرفياً يخرج الكوادر المصرفية في الوطن العربي من الخليج الى المحيط.
    وفي عام 1978م بادر البنك العربي بإقامة مؤسسة عبد الحميد شومان ومقرها عمان ، وشكلت ظاهرة ثقافية علمية رائدة في الوطن العربي ، وقد سعى نجله المرحوم خالد شومان من موقعه في هذه المؤسسة على تطويرها بحيث صارت نموذجاً للدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في دعم الثقافة والعلوم والفنون وإشاعة الفكر العلمي الرامي الى النهوض بالأمة. فعملت المؤسسة على دعم البحث العلمي برعايتها للأجيال الجديدة من العلماء والخبراء وتطوير كفاءاتهم ومن خلال نشر وتعميم أبحاثهم وتخصيص جوائز سنوية لحفزهم على الإبتكار والإبداع ووفرت المؤسسة مناخاً مناسباً للبحث بتأسيس مكتبة عامة متطورة ، كانت الآولى التي أدخلت الحاسوب في أقسامها وخدماتها وكذلك إنشاء بنك للمعلومات يصل الباحث العربي بالمستجدات الكبرى المتسارعة في عصر انتشار المعلومات والتقنية كانتشار النار بالهشيم. وتقوم بتتبع ما ينشر من أبحاث في البلاد العربية وفي العالم. وقد رافق هذا الإهتمام الكبير بالمختصين اهتمام مقابل بالجمهور العريض ، فأنشأت المؤسسة "المنتدى العلمي الثقافي" الذي شكل بمحاضراته وندواته ملتقىً حراً للمفكرين والعلماء والمثقفين العرب واستقطب ابرز الطاقات الفكرية المحلية والعربية ، كما عقدت ومولت انعقاد مؤتمرات علمية ووفرت الدعم المادي والأدبي للمفكرين والمؤلفين والكتاب والشعراء ، سواءً عبر العلاقة المباشرة بهؤلاء من خلال نشر أو ترجمة أعمالهم ، أو عبر العلاقة بالمؤسسات والمراكز العلمية المختصة في الأردن والوطن العربي ، وأنشأت قسماً للسينما في المنتدى يعرض فيه اسبوعياً أهم الأعمال السينمائية العربية والعالمية وينظم المهرجانات السينمائية ، وأولت المؤسسة رعايتها للأطفال ، فأضافت للمنتدى مكتبة خاصة بهم ، وقسماً للكمبيوتر يستطيعون من خلاله مواكبة الأحداث والتطورات في العالم بما يهمهم ،
    بعد حرب حزيران 1967م واحتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية التزم البنك العربي بتسديد جميع التزاماته لشعبنا المحتل وقام بصرف أرصدتهم بالرغم من الإحتلال وطمس الدفاتر والسجلات وذلك لمساعدتهم على تخطي المحنة التي ألمت بهم. وانتقلت الإدارة العامة من القدس الى عمان.
    كان البنك العربي وما زال المؤسسة الكبرى التي تحتضن الكفاءات الفلسطينية ، والملاذ والحضن الدافيء لمن يحرم من فرصة عمل من الفلسطينيين ، لقد دعم البنك العربي القضية الفلسطينية على كل الصُّعد وفي كل الميادين ، وساند مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية الثقافية والإقتصادية كالصندوق القومي الفلسطيني ومؤسسة الدراسات والأبحاث الفلسطينية. كان البنك العربي حاضراً وشامخاً في سوريا ولبنان ودول الخليج العربي ومصر والمغرب وتونس واليمن وانطلق الى الآفاق العالمية بسويسرا وفرنسا وبريطانيا وفي أفريقيا وأمريكا.
    سيرة عبد الحميد شومان يجب أن تدرس في المدارس لأنها لا تقل عن سيرة طه حسين في كتابه الأيام ، ولا تقل عن سيرة الزعماء والعظماء ، فقد كان زعيماً اقتصادياً وطنياً وعملاقاً في الإقتصاد على خلفية تعليمية متواضعة كما كان العقاد عملاقاً في الأدب على خلفية تعليمية متواضعة.

    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    12/10/2008

    د.ابراهيم الدابوقي
    د.ابراهيم الدابوقي

    {{ المشرف العام }}
    قصة كفاح ونجاح 15751610


    الجنس : ذكر
    البرج : الثور
    عدد المشاركات : 22376
    العمر : 50
    البلد : الأردن
    الحالة الاجتماعية : متزوج
    التخصص : طبيب أسنان
    نقاط النشاط : 14345
    الاعجاب : 183
    المهنة : قصة كفاح ونجاح Doctor10
    المزاج : قصة كفاح ونجاح 453210
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    قصة كفاح ونجاح Empty رد: قصة كفاح ونجاح

    مُساهمة من طرف د.ابراهيم الدابوقي الأربعاء 5 يناير 2011 - 12:33

    مشكور على التعريف على الكفاح المتواصل للمهجرين
    فعبد الحميد شومان علم من أعلام الاقتصاد العالمي

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 29 سبتمبر 2024 - 12:38