صباح جديد .. عن علمانية تركيا والحجاب
صباح جديد .. عن علمانية تركيا والحجاب
بقلم : طه خليفة ..النظام الديمقراطي التركي يواجه أزمة عاصفة بعد قرار المحكمة الدستورية إلغاء تشريع أقره البرلمان بارتداء الفتيات الحجاب داخل الجامعة . المحكمة قالت إن هذا التشريع يتعارض مع الدستور الذي ينص علي علمانية الجمهورية .
معني ذلك أن الحجاب أو غطاء الرأس سيهدم العلمانية الأتاتوركية !.لكن أي علمانية تلك التي يمكن أن تتهدد أو تسقط بسبب إيشارب أو قطعة قماش صغيرة ؟. العلمانية أساسها اختيار واقتناع وقبول شعبي، ومتي ما تحقق هذا الأمر الأساسي فإن الشعب هو الذي يحافظ علي علمانيته ويحميها ويدافع عنها ضد أي مهددات.
لدينا فرنسا مثلا، فالعلمانية هناك نتجت عن توافق النخبة والمجتمع علي الخيار العلماني وعلي تحديد دور الأديان في الحياة العامة وتنظيم عملها بما لا يتدخل في إدارة شؤون الدولة والمجتمع ، وبالتالي لا نجد الجمعية الوطنية "البرلمان " يقر تشريعات تتصادم مع المباديء العلمانية للجمهورية الفرنسية، ولا تحدث مواجهات كتلك التي تحدث في تركيا حالياً .
ومثلا لما وجدت فرنسا حدوث تعدد في الرموز الدينية ورأت فيه شكلاً من أشكال التصادم مع علمانيتها يقود إلي التعصب والعنصرية والكراهية فإنها أقرت تشريعاً يمنع تلك الرموز بالمدارس حتي المرحلة الثانوية، أما الجامعات فمازالت هناك حرية لكل طالبة أن ترتدي ما تشاء باعتبار أن مخاطر التصادم الديني والثقافي قد لا تكون موجودة بشكل كبير.
وحتي نفهم المسألة العلمانية في تركيا واختلافها جذرياً عن الحالة الفرنسية فان علمانية تركيا فرضت من فوق وبطريقة فظة وخشنة كما وصفها أحد كبار دعاة العلمانية المفكر الحداثي محمد أركون. علمانية تركيا لم تكن خياراً شعبياً ولم تكن نتيجة توافق بين النخبة وبين الجمهور، إنما كانت رؤية وقناعة مصطفي كمال أتاتورك فقررها علي شعبه ووضع دستوراً يتضمنها وسن قوانين تحرم الخروج عليها وتضع من ينتهكونها في السجون .
وهذا الأمر لم يعد مقبولاً لدي الشعب التركي أو لدي أغلبيته العظمي التي يعكسها البرلمان ليس من اليوم إنما من أيام الرئيس الراحل تورجوت اوزال. أكثر من 400 من نواب البرلمان من حزب العدالة الحاكم ذي الجذور الإسلامية ومعه حزبين آخرين أيدوا إزالة الحظر علي الحجاب في الجامعات .
وهذا يعني أن المشرعين الأتراك عندما قرروا هذه الخطوة لم يكن ذلك رغبة منهم في الانقلاب علي العلمانية إنما كانوا يعكسون مطلباً شعبياً واسعاً حان ترجمته علي ارض الواقع. ويلاحظ أن الذين خرجوا يتظاهرون ضد هذا القرار في حينه كانوا نسبة ضئيلة من الأتراك وهم الذين يمثلون الحجم الحقيقي لدعاة العلمانية والمتمسكين بها .
صحيح أن الدستور يمنع المظاهر الدينية في الجامعات وفي عموم المجتمع، لكن هل هذا الدستور جاء نتيجة إرادة شعبية حقيقية للأمة، أم أنه دستور مفروض علي الشعب؟. ثم كيف يأتي 11 قاضياً ليطيحوا بتشريع يحظي بموافقة أكثر من أربعمائة نائب في البرلمان؟.من يشرع لتركيا القضاة الأحد عشر أم النواب الأربعمائة؟. ومن يحكم تركيا المحكمة الدستورية أم الحكومة المنتخبة من الأمة التركية؟ .
قرار المحكمة الدستورية الأخير أعطي إشارات قوية إلي أن ذات المحكمة ستتخذ خطوة أخطر قريبا وهي حظر حزب العدالة الحاكم ومنع 71 من قياداته من العمل السياسي . إن هذا يعني أن تركيا مقبلة علي المجهول وأن تجربتها الديمقراطية في طريقها للسقوط تحت أقدام غلاة ومتطرفي العلمانية الذين لا يريدون النظر للواقع الذي يلفظهم .
صباح جديد .. عن علمانية تركيا والحجاب
بقلم : طه خليفة ..النظام الديمقراطي التركي يواجه أزمة عاصفة بعد قرار المحكمة الدستورية إلغاء تشريع أقره البرلمان بارتداء الفتيات الحجاب داخل الجامعة . المحكمة قالت إن هذا التشريع يتعارض مع الدستور الذي ينص علي علمانية الجمهورية .
معني ذلك أن الحجاب أو غطاء الرأس سيهدم العلمانية الأتاتوركية !.لكن أي علمانية تلك التي يمكن أن تتهدد أو تسقط بسبب إيشارب أو قطعة قماش صغيرة ؟. العلمانية أساسها اختيار واقتناع وقبول شعبي، ومتي ما تحقق هذا الأمر الأساسي فإن الشعب هو الذي يحافظ علي علمانيته ويحميها ويدافع عنها ضد أي مهددات.
لدينا فرنسا مثلا، فالعلمانية هناك نتجت عن توافق النخبة والمجتمع علي الخيار العلماني وعلي تحديد دور الأديان في الحياة العامة وتنظيم عملها بما لا يتدخل في إدارة شؤون الدولة والمجتمع ، وبالتالي لا نجد الجمعية الوطنية "البرلمان " يقر تشريعات تتصادم مع المباديء العلمانية للجمهورية الفرنسية، ولا تحدث مواجهات كتلك التي تحدث في تركيا حالياً .
ومثلا لما وجدت فرنسا حدوث تعدد في الرموز الدينية ورأت فيه شكلاً من أشكال التصادم مع علمانيتها يقود إلي التعصب والعنصرية والكراهية فإنها أقرت تشريعاً يمنع تلك الرموز بالمدارس حتي المرحلة الثانوية، أما الجامعات فمازالت هناك حرية لكل طالبة أن ترتدي ما تشاء باعتبار أن مخاطر التصادم الديني والثقافي قد لا تكون موجودة بشكل كبير.
وحتي نفهم المسألة العلمانية في تركيا واختلافها جذرياً عن الحالة الفرنسية فان علمانية تركيا فرضت من فوق وبطريقة فظة وخشنة كما وصفها أحد كبار دعاة العلمانية المفكر الحداثي محمد أركون. علمانية تركيا لم تكن خياراً شعبياً ولم تكن نتيجة توافق بين النخبة وبين الجمهور، إنما كانت رؤية وقناعة مصطفي كمال أتاتورك فقررها علي شعبه ووضع دستوراً يتضمنها وسن قوانين تحرم الخروج عليها وتضع من ينتهكونها في السجون .
وهذا الأمر لم يعد مقبولاً لدي الشعب التركي أو لدي أغلبيته العظمي التي يعكسها البرلمان ليس من اليوم إنما من أيام الرئيس الراحل تورجوت اوزال. أكثر من 400 من نواب البرلمان من حزب العدالة الحاكم ذي الجذور الإسلامية ومعه حزبين آخرين أيدوا إزالة الحظر علي الحجاب في الجامعات .
وهذا يعني أن المشرعين الأتراك عندما قرروا هذه الخطوة لم يكن ذلك رغبة منهم في الانقلاب علي العلمانية إنما كانوا يعكسون مطلباً شعبياً واسعاً حان ترجمته علي ارض الواقع. ويلاحظ أن الذين خرجوا يتظاهرون ضد هذا القرار في حينه كانوا نسبة ضئيلة من الأتراك وهم الذين يمثلون الحجم الحقيقي لدعاة العلمانية والمتمسكين بها .
صحيح أن الدستور يمنع المظاهر الدينية في الجامعات وفي عموم المجتمع، لكن هل هذا الدستور جاء نتيجة إرادة شعبية حقيقية للأمة، أم أنه دستور مفروض علي الشعب؟. ثم كيف يأتي 11 قاضياً ليطيحوا بتشريع يحظي بموافقة أكثر من أربعمائة نائب في البرلمان؟.من يشرع لتركيا القضاة الأحد عشر أم النواب الأربعمائة؟. ومن يحكم تركيا المحكمة الدستورية أم الحكومة المنتخبة من الأمة التركية؟ .
قرار المحكمة الدستورية الأخير أعطي إشارات قوية إلي أن ذات المحكمة ستتخذ خطوة أخطر قريبا وهي حظر حزب العدالة الحاكم ومنع 71 من قياداته من العمل السياسي . إن هذا يعني أن تركيا مقبلة علي المجهول وأن تجربتها الديمقراطية في طريقها للسقوط تحت أقدام غلاة ومتطرفي العلمانية الذين لا يريدون النظر للواقع الذي يلفظهم .
الإثنين 10 يونيو 2024 - 17:06 من طرف Abd
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd
» وفاة 30/7/2013 : جمال ابراهيم علي الحروب
السبت 30 مارس 2024 - 14:14 من طرف Khaled promo
» جميع حلقات سيف النار
الجمعة 1 مايو 2020 - 8:36 من طرف monusorry
» اسماء المرشحين في انتخابات بلدية خاراس القادمة!!!!!؟؟؟؟
الإثنين 26 أغسطس 2019 - 22:08 من طرف جوليانا
» د.ناصر اللحام رئيس تحرير وكاله معا يصف خاراس
الإثنين 26 أغسطس 2019 - 22:05 من طرف جوليانا
» تهنئة العضو القدير khamdan بالخطوبة
الإثنين 26 أغسطس 2019 - 22:02 من طرف جوليانا
» مشكلة المياه في البلدة والقرى المجاوره
الأحد 25 أغسطس 2019 - 22:35 من طرف جوليانا
» شات عربي
الأحد 25 أغسطس 2019 - 22:16 من طرف جوليانا
» صور من خيمة التضامن مع الاسير ثائر حلاحلة في خاراس
الجمعة 25 مارس 2016 - 23:12 من طرف سامر2015