منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

5 مشترك

    الإنسان والعالم والمطلق

    العقاد
    العقاد


    الإنسان والعالم والمطلق Stars16



    الجنس : ذكر
    البرج : الثور
    عدد المشاركات : 49
    العمر : 42
    البلد : فلسطين
    الحالة الاجتماعية : اعزب
    نقاط النشاط : 122
    الاعجاب : 1
    المهنة : الإنسان والعالم والمطلق Office10
    المزاج : الإنسان والعالم والمطلق W7eed11
    الدوله : الإنسان والعالم والمطلق Oman110

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    الإنسان والعالم والمطلق Empty الإنسان والعالم والمطلق

    مُساهمة من طرف العقاد السبت 25 أبريل 2009 - 23:15

    كان موقف الفلاسفة الألمان تجاه "الذات" مستمراً على التوالي نحو قرن من الزمن. فقد ركز عمانوئيل كانت (1724-1804) بفلسفته على أن الإنسان يستطيع إدراك ظواهر الأشياء، لكنه يعجز تماماً عن إدراك جواهرها. ومن هنا تمحورت ثنائيته في: "الشيء في ذاته" من ناحية. وعقل الإنسان الذي يؤلف ظاهرياً حقائق تلك الأشياء من ناحية أخرى.

    ثم جاء جون فخته (1762-1814) ليعيد صياغة هذه الثنائية ضمن قالب رئيس واحد. حيث دمج كل من الشيء والذات، وذلك بجعل "الذات تكون كل شيء" في الوجود. حيث كل ما هو موجود لا شيء غير ذواتنا، وكل معرفتنا إن هي إلا معرفة ذواتنا.
    ورغم تأييد فردريك شلنج (1774-1859) لموقف فخته في بادئ الأمر. إلا أنه أعاد ترتيب فكرة فخته. حيث قَلبَها من نزعتها الذاتية المسرفة إلى حيزها الموضوعي، وذلك بجعل "كل شيء هو الذات". حيث أن طبيعة العقل لا مرئية بينما الطبيعة عقل مرئي.
    وجمع جورج هيجل (1770-1831) عناصر تلك الأفكار، بعد أن أزاح عنها نقاط الغلو والإسراف، ونص على أن "الفكر وحدة عضوية". لأن الحقيقة ليست فيها ثنائية كما اعتقد كانت، وليست هي ذاتية ولا موضوعية كما زعم فخته وشلنج.

    الفلسفة العقلية
    على الرغم من أن فلسفة كانت تؤمن بالعلم والواقعية التجريبية، إلا أنه تمسك في "الذات" كونها مركز الوجود عنده. كما ورفض أن يكون هناك أية تطابق بين "الفكر والواقع". لأن الفكر لا يستطيع أن يصل إلى جوهر الأشياء، بل أنه يتكون فقط من ظواهر الأشياء التي يؤلفها العقل ضمن تفكيرنا العلمي. ولقد ونص على "أن ما ندعوه بالمواضيع الخارجية ليست أي شيء سوى تصورات حواسنا" ليس إلا. أما العقل فهو الذي يقوم بتركيب وتأليف هذه الظواهر الخارجية من صور ومقولات وحسب.

    بمعنى آخر أن المعرفة وفق المفهوم الكانتي ترتكز على الحدس الحسي. أي على الأشياء التي تخضع إلى الشروط الذاتية للنفس الإنسانية التي هي عبارة عن تأليفات الذهن تجاه ظواهر الأشياء دون ذاتها. فالإنسان لا يمكنه أن يسبر غور الأشياء المستقلة عنه. وعليه فأن جميع الظواهر ليست موجودة في ذاتها بل أن العقل أو الذهن البشري هو الذي يؤلف شكلها. ويكون هذا بالضرورة القبلية أو "المعارف الأولية" بالعقل ومنها: الزمان، المكان، الهندسة، الرياضيات وغيرها. ولذا فأن كل ما يقع في الخارج هو حقيقته التكوينية تكون في الداخل. أما حقيقة الأشياء الداخلية والتي يعجز الإنسان عن إدراكها، فقد أعتبرها كانت "أشياء في ذاتها". لأن كل ما يمكن أن نعرفه معرفة علمية يكون محصوراً في نطاق الظواهر لا أكثر. فالعقل البشري ليست له شرطاً حسياً، ولهذا "فهو لا يبدأ من الذات" للأشياء.

    أن تسليم كانت بالحدس الحسي ورفضه إلى الحدس العقلي، قاده إلى وضع بعض المعضلات التي تعيق عن إدراك ماهية الأشياء. وهذا ما عابه عليه بعض الفلاسفة لاسيما التجريبيين في بريطانيا. حيث أن العلم ما هو إلا نتيجة من نتائج تفاعل العقل مع "التجربة". وبذا فأن إنكار قضية التطابق بين الفكر والواقع أو العقل والطبيعة، أمر لا صحة له قط.

    يرد كانت ناقداً المذهب التجريبي، بأن فلاسفته يدحضون الأُسس الماورائية كيما يجعلوا من مبدأ الشك هو الفيصل لكل فلسفة. حيث يؤدي حسب تصورهم إلى خلخلة موقف الفلاسفة الإلهيين الذين يجعلون العلم قائماً أصلاً على أساس ماورائي. ويؤكد كانت بأن عالم الطبيعة هو معطى فيزياوي. وعليه فأن العلم يكون أيضاً معطى للفيلسوف الباحث في الماورائيا ت. فالعلم ليس المهم فيه أن يكون يقينياً أم لا، بقدر ما يهم ويعني قانون الذهن البشري.

    فالذهن حسب تصور كانت هو الذي يؤلف التجربة لا العكس، فالتجربة لا تستطيع قط أن تؤلف الذهن.
    وهذا يعني أن الإنسان في الفلسفة الكانتية هو مركز هذا الوجود. وعليه فأن هناك "ذات" و "موضوع"، أي عقل ومادة، أو صورة وطبيعة. وبعبارة أخرى ذات في الداخل ولا ذات في الخارج. وأن الإنسان ليس بمقدوره أن يعرف الأشياء في ذاتها بقدر ما تبدو إليه من"المظاهر" التي يعرفها بواسطة حواسه التي يُنظمها العقل. وهكذا انتهى كانت إلى ما آل إليه من ثنائية أخذها عن أفلاطون في تقسيم العالم إلى عالمين: مادي وعقلي. غير أن أفلاطون لم ينكر على العقل معرفة الأشياء المحسوسة. بينما كانت كان على عكسه.

    المثالية الذاتية
    أول من عالج الثنائية في فلسفة كانت هو فخته، بعد أن أتصل به وأخذ منه الكثير. فالوجود والمعرفة عند فخته محصورة ضمن نطاق "الذات" البشرية. إذ كل ما هو موجود من أشياء وظواهر هي بالحقيقة من صنع الذات وتكوينها. وهذا الخلق أو التكوين ناتج عن إدراك "الذات" التي تعني الإنسان وحده. لأنه الكائن المفكر الوحيد، كما وليس للذات أي وجود خارجي مستقل عنه. أذن الحقيقة هي ذاتية بحتة، ولا يجوز أن نشطرها إلى نصفين في الذات واللاذات، أو عقل داخلي وواقع خارجي. كما فعل كانت في نظرته العقلية.

    والمعرفة عند فخته ناتجة عن صنفين أثنين: يقيني ومثالي. الأولى لا يأخذ بها، لأنها تستوجب شيئاً غير مدرك خارجاً عن الوعي والشعور. لذا فأن الثانية تكون هي الأفضل وضعاً والأكثر قبولاً. فالمثالية لا تفرض وجود شيء غير ما يشمل عليه إدراك الذات فقط. كما وأن هذه المثالية لا تكون تامة إن لم تسلم بوجود اللاذات أيضاً. رغم أن فخته يرفض فكرة وجود اللاذات كواقع خارجي، لكنه يقصد باللاذات التي هي أصلاً كائنة في الذات نفسها.

    فحسب تصوره أن الذات لا تدرك نفسها إلا إذا قيدت نفسها ببعض الحدود والعراقيل لكي تستطيع من خلالها أن تشعر بوجودها. إذ كلما خلقت لنفسها هذه الموانع التي تعترض سبيلها فتبذل فيها مجهوداً، كلما زادت فاعليتها بالخلق أو "الخيال المنتج" حسب تشخيص فخته. هذا الخيال المنتج هو الذي يعطينا صور الأشياء التي يخيل إلينا أنها موجودة في الخارج. وبالتالي لا يوجد شيء في ذاته بل هو شيء في الذات التي تخلقه وتكونه لكي تقرر بها نفسها ليس غير.
    هذا ويرى فخته أن هناك ثلاثة درجات تمر بها الذات لكي تدرك نفسها وهي: الإقرار والتباين ثم التأليف. فالذات

    تقرر نفسها وفقاً لمبدأ الذاتية التي لا يقام عليها أي برهان كونها بديهية عقلية بحتة مثل: (1 = 1) أو (أنا هو أنا) الخ. وهذا يدل على أن بداية الإدراك الأول يكون أساسه بتقرير الذات لنفسها كونها حقيقة واقعة.
    بيد أن إقرار الذات لا يمكن لها أن تتم بدون الإقرار إلى اللاذات أو الطبيعة، كونها أيضاً بديهية عقلية.
    ذلك أن العقل عندما يفكر في نفسه، وهناك طبيعة موجودة يفكر بها كذلك. فهو هنا يفكر في لا نفسه، وهذا هو التباين بين الاثنين الذات واللاذات. وما بين العقل والطبيعة يقع التأليف بينهما، وهو وضع القيود التي يحدد بها أحداهما للآخر. وبالقدر الذي تثبت اللاذات تنتفي الذات، ومع ذلك فأنه لا يمكن إثبات اللاذات إلا في الذات نفسها. ألا وهو الإدراك والوعي والشعور.


    أما كيف الجمع بين هذين النقيضين الذات واللاذات أو الحقيقة واللاحقيقة. فوفق رأي فخته أن الذات لا تستطيع أن تقرر نفسها وتشعر بوجودها إلا إذا حددتها اللاذات. وكذلك بالنسبة إلى اللاذات لا يمكن أن يكون لها وجود إلا إذا حددتها الذات. وهكذا يصل فخته إلى حل الثنائية التي خلقها كانت، رغم أنه أستمد جل فلسفته من منابع كانتية صرفة.

    المثالية الموضوعية
    بلا ريب أن فخته قد وفِق في حل المعضلة الكانتية. بيد أن مثاليته بقيت ناقصة حتى أتى تلميذه شلنج فدمج بين الذات والشيء. وذلك في "العقل المطلق" أو العقل الأسمى وهو الله الذي يتجلى متمسكاً في عالم الواقع الحقيقي، وعالم المثال العقلي، وهو في الوقت نفسه متجرد منهما. أنه نقطة التلاقي للجانبين الذاتي والمادي حيث يندمجان ويكونان موجدان فيه.

    ومن هنا فليس هناك أدنى خلاف بين الذات والشيء إن نظرنا إلى الحقائق في ضوء العقل المطلق. فالوجود أنما يتكون من الذات والشيء، والفرق بينهما يتوقف على رجحان جانب الذات العقلي فيه، أو الجانب الطبيعي المادي منه.
    أما المعرفة عند شلنج فهي تتألف من الفكر والطبيعة. حيث أن الأول يبدأ بالتقصي الفكري حيث يصل إلى الطبيعة. وكذلك الحال مع الثانية التي تبدأ سيرها في الطبيعة وبصورة صاعدة حتى الفكر المطلق.

    وبما أن الذات والشيء أو الفكر والطبيعة هما موجودان ومركز اندماجهما هو العقل، ولا يوجد أي اختلاف بينهما. لأن كلاهما يمثل اتجاه الواقع والمثال من الحقيقة لا أكثر ولا أقل. لذا فأن "الطبيعة عقل منظور" مشاهد ومحسوس، وكذلك يكون "العقل طبيعته مختفية". وبعبارة أخرى أن الطبيعة روح مرئية، بينما الروح (العقل) طبيعة خفية, وكلاهما جانبان لوحدة أسمى، أو وجهان لحقيقة واحدة. فالذات ترى نفسها في الطبيعة، كما تدرك الطبيعة نفسها في الروح. وما هذا التقابل بين المادة والعقل، أو الذات واللاذات إلا حقيقة واحدة تتجلى في كل شيء موجود من نبات وحيوان وإنسان. بل أن الكون بأسره عبارة عن كائن عضوي واحد يقع في مراتب متباينة عليا وسفلى.

    بعبارة أخرى أن الذات تنعكس في الطبيعة كما أن الطبيعة تنعكس في الذات، واحداهما متمم الآخر ومكمل له. ولذلك كلما تمعنت في الطبيعة وجدت الذات في كل أنواعها.
    هذا ويقسم شلنج الطبيعة إلى ثلاث: عضوية ولا عضوية والتبادل بين الطبيعتين. الأولى: ذات فاعلة أبدية تخلق الكائنات الفانية، لأنها تهتم بالنوع لا بالفرد. والثانية: تعمل على مقاومة العضوية ولا تخلق شيئاً البتة. وبما
    أن هاتين الطبيعتين لا يمكن لاحداهما أن تستقل عن الأخرى؛ لذا فهما متصلتان دوماً وتؤثر احداهما في الأخرى. لأنهما قد صدرتا عن أصل واحد هو ذات العالم التي تزول فيها التعارضات والاختلافات بين الطبيعتين.

    المثالية المطلقة
    في بادئ الأمر وافق هيجل على فكرة "المطلق" أو الله، التي جاءت في فلسفة صديقه شلنج، وتعاون معه فترة من الوقت. لكنه رفض فيما بعد الطريقة التي سلكها شلنج في الوصول إلى المطلق. فحسب تصوره أن شلنج قد فرض وجود المطلق بشكل قسري دونما أن يقدم الحجج والأدلة الكافية عليه. فحسب رأي هيجل يجب أن نستنتج المطلق على أُسس عقلية دونما أن نصوره على أنه الذات المجردة التي تتلاشى فيه كل أنواع التباينات، أو أنه عنصر ساكن لا حركة فيه، بل ننظر إليه كروح منتجة للأشياء.

    كما وأن الطبيعة لا تشكل وجوداً إلى جانب العقل لكي يكون هناك جانبين لوحدة أسمى، بل هي جزء من حياة العقل المطلق نفسه. فالوحدة التي تضم الذات والشيء يجب أن لا تقتصر عليهما فقط، بل تسمو في آن واحد نحو وحدة أعلى. لأن الحقيقة لا تنشطر إلى نصفين لكي تُدرك إحداها بطريقة عادية، والأخرى بطريقة عقلية. وإنما هناك حقيقة عليا واحدة نصلها عبر مراحل عقلية ضرورية.
    يقول هيجل: "الواقع أنه ليس ثمة جزء مستقل بذاته، بل كل جزء لابد وأن يتضمن في نفسه شيئاً آخر". واعتبر النظرة الجزئية تكون غير مجدية. وبغية التخلص من هذه الحالة يجب أن ننظر "إلى الحقيقة ككل واحد مرتبط الأجزاء". ولكن ينبه هيجل بأنه لا يمكن الوصول إلى الحقيقة في كلتيهما إلا إذا سلمنا بالجانبين معاً، أي الجزء والكل.

    وبما أن الفلسفة الهيجلية تجمع بين المثالية والواقعية. لذا فأن المعرفة عند هيجل تكون على هذين المرتكزين وهما الشعور بالذات من ناحية المثال، والحياة من ناحية الواقع. وأن الشعور بالذات والحياة هما شيء واحد وفق مفهومه. كما ويرفض هيجل تمشية الجزء على حساب الكل، والعكس بالع......

    لأن ذلك سوف يؤدي إلى الذات واللاذات. ويحسم الموقف بأنه صراع بين أضداد تتحد لكي تدرك الحقيقة المطلقة. وفي رأي هيجل أن المطلق عبارة عن وحدة انسجام الأضداد. وهو بذلك كتلة واحدة، أو وحدة ذات أجزاء مستقلة عن بعضها البعض ولكنها متصلة ومتماسكة ومترابطة في الوقت نفسه. وبهذا يكون الكل والجزء لهما ما يبرر وجودهما.
    صفوة القول عند هيجل أن العقل أو الروح هي الحقيقة المطلقة. وأن العمود الفقري إلى الحقيقة هو الفكر ولا شيء غير الفكر. حيث أنه الكل الذي يحوي جميع الحقائق الصغرى. ومن هنا يصل هيجل للقول بأن "الفكر وحدة عضوية" يضم الشيء والفكرة كحقيقة واحدة. أنه مجموعة مندرجة ومتماسكة الأجزاء. حيث كل جزء فيه يكشف عن علته التي تفرض وجوده من جهة. ومن أجل الكل وبسببه من جهة أخرى.
    وبما أن هذه الوحدة العضوية في الفكر هي "وحدة بين أضداد" لكنها لا تعني أبداً بأن أجزاء الكل هي بؤرة من التناقضات والتعارضات. فهذا وفق مفهوم هيجل خطأ جسيم. غير أن العامة من الناس قد تعودوا على أن يروا أجزاء الكل منفصلة حيث كل جزء على حده دون أن يكترثوا في الربط بينهما برباط الوحدة الشاملة.
    ويرى هيجل أيضاً بأنه ليس صحيحاً أن نسلم بوجود الذات دون اللاذات، أو الع...... إذ كلاهما ضروري لتكوين الحقيقة المطلقة التي هي صراع بين أضداد أولاً. ثم تتحد في ما بينها ثانياً. لأن المطلق عند هيجل، كما أشرنا سلفاً، عبارة عن الانسجام بين الأضداد ليس إلا. وهكذا تجد أن العناصر الفكرية عن "الذات" عند كانت وفخته وشلنج قد اجتمعت في فلسفة هيجل، حيث رتبها ونظمها وأخرجها بمثالية مطلقة.

    تقييم
    1- لقد عمد كانت جاهداً إلى استبقاء"العلم" و "الذات" جنباً إلى جنب في فلسفته النقدية. حتى غدا في بعض مواقفه مشابهاً شيئاً ما إلى الفلسفة الرشدية التي تجمع بين المادية والمثالية.

    وعندما وصل رأي كانت للقول بأن "الشيء في ذاته"، فأنه قد عبر عن ما وصل إليه العلم في القرن الثامن عشر. حيث لم يتم بعد سبر غور المادة وتحليلها. أذن فهي وقفة مبدئية تبناها كانت بكل قوة، من أجل المدنية المادية التي التمست تطورها في القرنين التاسع عشر والعشرين وهي الآن آخذة بالاستمرار في قرننا الحادي والعشرين.

    ابتداءً من المثالية الألمانية الكلاسيكية (التقليدية) التي تفرعت من الفلسفة الكانتية، إلى المادية الجدلية عند ماركس (1818-1883) والماركسية، ثم المادية العلمية عند دارون (1809-1882) وسبنسر (1820-1903) وغيرهم من العلماء والفلاسفة الذين اتخذوا من المنهج العلمي محراباً لعبادة المادة.
    ومع ذلك فقد أجحف كانت قيمة العقل وحط من منزلته عندما جعل المعرفة تقوم فقط على الحدس الحسي. بل أنه جعل العقل في مرتبة ثانوية عندما نص على أن العقل لا يمتلك الشَرطية الحسية. وبالتالي فمنن الطبيعي أن تصل فلسفته إلى ثنائية العقل وذات الشيء.

    وكان ذلك بمثابة إعلان صريح منه بأنه لا يوجد حل للمشكلات الفلسفية بين الإنسان والوجود، حيث ذات هنا ولا ذات هناك. وكان الأجدر به أن يتدارك هذا الأمر ويفرق بين منزلة العقل ومرحلة العلم. فالعقل الذي يركب الصور والمقولات هو نفسه الذي يطور العلم تركيبياً.


    رغم أن كانت قد رفض التطابق بين "الفكر والواقع" وبذلك وقف على الطرف المضاد إلى ديكارت (1596-1650) ولايبنتز (1646-1716)، كما وعبر عن عقلية متقدمة ومتجاوزة على المذاهب العقلية السابقة. إلا أن إنكاره للحدس العقل يجعل هناك عوائق كثيرة تتراكم أمام العقل البشري. وهذه العوائق جعلت من كانت أن يقسم فكره بين العقل والوجود فلسفياً وعلمياً.

    2- أما فلسفة فخته التي أتت بنهج ذاتي خالص، فأن الذات عنده لم يقصد بها فرد من الناس، وإنما تعني البشرية جمعاء؛ لأنها صفة مشتركة. ولذلك فقد بقيت أفكاره مكرسة نحو صوب واحد تفتقر إلى السعة الشمولية. ولقد غالى فخته أكثر مما يجب وخصوصاً عندما جعل العالم يكون سبب وجوده هو للذات فقط.
    نعم أن فخته قد أنهى الأثنينية التي خلقها كانت. ولكن نتيجة لتطرفه الذاتي، فقد وقع في تناقض مربك.

    من جملته أنه جعل الذات تكون قاصرة عن إدراك نفسها إلا عن طريق اللاذات. علماً أن اللاذات في فلسفته ناتجة أصلاً عن الذات. وهذا ما دفع بمريده شلنج أن يخالفه الرأي. ومع ذلك يبقى فخته صاحب فضل، حيث أنهى حالة العجز الإنساني نحو إدراك الشيء ذاته.
    3- ذهب شلنج بفلسفته الاندماجية بين الذات والشيء إلى حد جعلته موضوعياً مسرفاً. وهذا ما جعله أن يخفق في نهاية الأمر بالتوفيق في عنصر المعرفة الكانتي القائم على الحدس الحسي. كما وأن مثاليته التي ترى أن المطلق (الله) هو عبارة عن الذات والشيء في وحدة اندماجية. وكان المفروض به أن يحاذر من هذا المسلك لأنه:
    أ- قد قاربت فلسفته من مبدأ الذات في فلسفة فخته، حتى أنه جعل كل شيء هو الذات؛ عاكساً بذلك فكرة فخنه القائلة: أن الذات هي كل شيء.
    ب- أن تمسكه باندماج الذات والشيء، حيث نص على أن تكون نهاية هذا الاندماج هو تلاشي جميع الفروق لكي تصل إلى العقل المطلق. نرى بسبب ذلك أن فكرته الفلسفية قد قلت حيويتها لأنها مزجت الحقيقة مزجاً فجاً. حتى أن هيجل أضطر أن يتجاوز فكر صديقه الاندماجي.
    4- نص هيجل على أن "الوحدة" يجب أن تكون شاملة على كل شيء سلباً وإيجاباً. وأن "الحقيقة" هي محورية الفلسفة الهيجلية وجل فحواها. ولكن مبدأه هذا إن تم تطبيقه على الآلية الحياتية لأتى كل شيء مقلوباً على عكسه. وكذا شأن الآلية الاجتماعية، نتيجة إلى حقيقة وحدة التناقص التي أصبحت منسجمة وفق نظامه النظري. ولكن شتان بين مثاليته المطلقة والواقع الموضوعي.
    ومع هذا فأن الفلسفة الغربية قد وقفت ردحاً من الزمن أمام فلسفة هيجل، حيث صاغها بأحسن سبك وأعمق شمول وأوسع إسهاباً وفهماً. وعلى الرغم من أن مثاليته فيها بعض المآخذ، فأن الفلسفة الغربية من بعده أخذت منعطفاً جديداً حيث لا يمكن التفلسف مثالياً بعد هيجل.
    الواقع لو أخذنا ديكارت مؤسس الفلسفة الحديثة، فسوف نتوقف عند كانت. والمشكلة بينهما هي المعرفة ذاتها. ومن كانت سوف نتوقف عند هيجل، والمشكلة بينهما هي الذات نفسها. وبعد الأخير صراحة تقل درجة الوقوف الملحوظ عند فيلسوف معين حيال الذات. فقد أتى كيركيجار (1813-1855) واعتبر الفلسفة الهيجلية هي نقيض للفلسفة الوجودية التي أسسها على محور الأنا. ثم جاء ماركس فحرك جدلية هيجل من عالمها المثالي وأرساها في عالمه المادي وأفكاره السياسية والاقتصادية وأبعادها المنهجية في الاشتراكية والتي لعبت دوراً مميزاً في القرن العشرين.


    hala
    hala


    الإنسان والعالم والمطلق Stars6



    الجنس : انثى
    البرج : الجدي
    عدد المشاركات : 7107
    العمر : 30
    البلد : حلـــــــــــــــــــــــــــب الشهبــــــــــــــــــــاء
    الحالة الاجتماعية : عازبه
    التخصص : طالبه
    نقاط النشاط : 5283
    الاعجاب : 35
    المهنة : الإنسان والعالم والمطلق Studen10
    المزاج : الإنسان والعالم والمطلق 8911
    الدوله : الإنسان والعالم والمطلق Syria110

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    الإنسان والعالم والمطلق Empty رد: الإنسان والعالم والمطلق

    مُساهمة من طرف hala السبت 25 أبريل 2009 - 23:23

    مشكووور العقاد عالموضوع
    ديما
    ديما

    { إداري قديم }


    {  إداري قديم }


    الجنس : انثى
    البرج : العقرب
    عدد المشاركات : 26695
    العمر : 41
    البلد : فلسطين
    الحالة الاجتماعية : عزباء
    التخصص : محاسبة
    نقاط النشاط : 13086
    الاعجاب : 80
    المهنة : الإنسان والعالم والمطلق Unknow10
    المزاج : الإنسان والعالم والمطلق 5910
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    الإنسان والعالم والمطلق Empty رد: الإنسان والعالم والمطلق

    مُساهمة من طرف ديما السبت 25 أبريل 2009 - 23:39

    شكرا الك العقاد عالموضوع القيم
    يعطيك العافية
    سكر
    سكر


    الإنسان والعالم والمطلق Stars6



    الجنس : انثى
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 6235
    العمر : 34
    البلد : الخليل
    الحالة الاجتماعية : عايشين
    التخصص : علوم عامة // في الوقت الحالي ماجستير في اساليب التدريس
    نقاط النشاط : 4764
    الاعجاب : 37
    المهنة : الإنسان والعالم والمطلق Collec10
    المزاج : الإنسان والعالم والمطلق 16210
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    الإنسان والعالم والمطلق Empty رد: الإنسان والعالم والمطلق

    مُساهمة من طرف سكر الأحد 26 أبريل 2009 - 21:10

    الإنسان والعالم والمطلق W6w20050925155939fd43e5462tb
    ابو النور
    ابو النور

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الميزان
    عدد المشاركات : 15682
    العمر : 65
    البلد : MIAMI/ FLORIDA/ USA
    التخصص : ادارة اعمال/ لجان تنفيذيه . MBA
    نقاط النشاط : 13557
    الاعجاب : 41
    المهنة : الإنسان والعالم والمطلق Patron10
    المزاج : الإنسان والعالم والمطلق Dl310
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    الإنسان والعالم والمطلق Empty رد: الإنسان والعالم والمطلق

    مُساهمة من طرف ابو النور الأحد 26 أبريل 2009 - 21:12

    مشكور جوجو على الموضوع القيم

    شيشس

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 23 نوفمبر 2024 - 0:07