جاذبية الكتّاب

هدف كل كاتب أو أديب أن يجذب الناس وأن يستحوذ على قلوبهم بكل ما يملك من أدوات سحر وبلاغة وجمال في الأسلوب وسمو في الفكرة والهدف، لو بحثت في سير عظماء الكتاب ومشاهيرهم لأدركت أنهم يشتركون في صفة واحدة وخاصية أسبغت عليهم هذه الهالة المستثناة عن غيرهم تلك هي ((المصداقية)) فيما يكتبون ويقولون ولا يتقولون وأن الفكرة استوطنتهم إلى حد الاعتقاد والإيمان فإذا بمدادهم دم وأقلامهم حراب يكتبون بذوبهم حتى الرمق الأخير بعيدا عن الإسفاف والثرثرة الوجدانية النرجسية ومن هنا كان لكتاب العصر الذهبي ألقا خاصا يندر أن تجد له مثيلا في عصر المادة الذي حول القلم إلى أداة استرزاق أو أشبه بقلم الكحل يجمل ويزوق القيم الفاسدة، وأحيانا وسيلة للعيش المريح عندما يمتلك الكاتب براعة وتفانين في الجذب حتى لو اضطر إلى الخوض في المحرمات والتخبط في القيم وإثارة ضجة لجذب الأضواء.

طرحت قضية للمناقشة هدفي أن أجس نبض الناس، القراء، المتلقون موقفهم من الكتاب، رأيهم في الوضع الثقافي والحالة الفكرية المتردية عبر أجواء حرة وفي فضاء مفتوح بعيدا عن الحذلقة والرسميات والأوسمة الكاذبة والدروع الخداعة والتكريم الممجوج، أردت أن أفهم موقف شبابنا المحبط وهو يهجر الكتاب نافرا بروح كسيفه وعزيمة مهزومة كانت القضية المطروحة هي:

((هل تعتقد أن الكتاب والأدباء عبروا عن نبض الشارع العربي وكيف تقيم الأدباء والكتاب؟))

واستجاب آلاف ومن مختلف دول العالم العربي وعبروا عن استهجانهم لما يكتب، وضحالة ما ينشر وتفاهة بعض الكتاب ممن كتبوا بكثرة على حساب النوعية، فجوة قوضت ذلك الخيط الرابط بين المثقف والمتلقي العادي، وتساءلت في دهشة ما سر جاذبية تلك الكوكبة الناضحة بالإحساس حينما كانت في الزمن الفائت قناديل ضوء تجتذب الناس كفراشات الربيع الزاهية، وما زالت كتبهم تتجدد على مر السنين وكأنها جمر يتوقد لهبا مع انطفاء الآخرين.

تنحيت عن موقفي وتركت كياني ينساب بتلقائية مع الكتب كقارئ وانطلق رادار إحساسي يلتقط إشارات ضوئية مشفوعة بثقافة متواضعة وإذا بي اكتشف أن لبعض الكتاب بريقا خاصا وجاذبية مفعمة بعاطفة مشتعلة تجعلهم أقرب للقارئ من ذاته، فحروفهم تتنفس وكلماتهم تنبض فتخترق الجدران الصماء وتفجر فيها ينابيع حياة.

هؤلاء يتضورون شوقا إلى الحقيقة مهما كانت نائية وغائرة لا يكلون ولا يملون تنهمر أفكارهم كنث المطر على قلوب جرداء فتهتز وتخضر فإذا بها روابي عطاء.

دعوني أصف لكم سمات الكاتب أو الأديب الجذاب حينما يتربع على عرش القلوب ملكا ويتسيد الألباب فتأتمر بأمر قيمة ومثله انه يربأ بقلمه أن يقتل الناس بالصمت فيبدع في كل موسم أفكار أشبه بزوابع عواصف، حمم عطاء،انه المتوسم بجميل هذه الصفات:

- يكتب بصدق وبإخلاص وتفاني، فالكلمة الصادقة كما يقول الإمام على بن أبي طالب عليه السلام ((الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب وإذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان)).

- هو من تنهمر من فيضه الكلمات بشفافية وعذوبة دون افتعال وتكلف.

- هو من يكتب في هموم الناس وقضاياهم ومشاكلهم فيكون أكثر جذبا لهم.

- محاكاة واقع المجتمع تخيل من يكتب عن العلاقات المنحرفة في وسط محافظ ومن يكتب عن الأثرياء والثروة بين أناس فقراء معدومين.

- الكاتب الذي يتمتع بخلق وسلوك مثالي متوازن ويتطابق مع ما يكتب فالمجتمع لا يقرأ لكاتب يطلق الرصاص على قيمه وعرفه وتقاليده ويسقه بأرثه الثقافي بجدية وعدوانية.

- معظم كتابنا يتحدثون عن التطور والتحضر وعندما تقرأ في كتب أغلب أدباء المسلمين العرب للأسف تجد الإسفاف والجنس الرخيص والشذوذ وكل ما يمس الأخلاق والدين والمبادئ الإنسانية وكأنه صيحة تمرد على مجتمع آمن.

- عندما تصبح الشهرة هاجس الكاتب أو الأديب فينزلق إلى الأضواء في كل مناسبة يفقد تلك الهالة الأدبية والمسحة الهيابة التي تضفي عليه سحرا غامضا.

- يبحث بعض الكتاب والأدباء عن العالمية فيتخطى حدود واقعه وأمته، ويتجه بشكل ضاغط لأن يكون مقروءا بكل لغات العالم قبل أن يستوفي حق مجتمعه ووطنه.

- بعض الكتاب يقعون فريسة للإحباط واليأس خصوصا عندما يهمل نتاجهم أو يعرض عنهم باستخفاف فيتعرضون إلى النقد الجارح فينسحبون بخذلان ويتحولون إلى نمور جارحة تنتقد بحقد وينتقص بكراهية حولت الخيبات المتكررة مشاعرهم السلبية إلى عقد نفسية.

إذن لم يخشى بعض الكتاب أن ينساهم الناس فيفتعلون الأفكار بشكل يومي رتيب حتى تجد خزائنهم قاحلة ناضبة فتخرج كتاباتهم فاترة مملة لا تمس في النفس ذلك المساس المؤثر.

تأكدوا أن الكلمة الصادقة مؤثرة، والكتاب النافع أبقى كما يقول الله سبحانه:

(( فأما الزبد فيذهب جفاءا وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال )). (سورة الرعد /17

مشكور عالطرح القيم

مشكور جوجو على طرح هذا الموضوع القيم والمفيد

مشكور العقاد على الطرح الطيب

مشكووور العقاد عالطرح

طرحك حلو ومميز
يسلمووو ودمت متالقا دوما