أصبحت مشكلة الاحتباس الحراري حديث الساعة بين الأوساط العلمية، بعد أن طُرحت بقوة على الساحة السياسية وأصبحت محل نقاش العديد من الدول الكبرى، لأن الجميع أدركوا مدي خطورتها على البشرية، لذا يعكف العلماء على البحث عن مخرج يخلص العالم من ويلات تلك الظاهرة الخطيرة التي تهدد مناخ كوكب الأرض، ومن ثم تنذر بانقراض أنواع كثيرة من الأحياء.
وقد أفاد تقرير جديد أعدته لجنة شكلتها المجلة الطبية البريطانية لانسيت، أن تغير المناخ سيشكل أكبر تهديد للصحة العالمية في القرن الواحد والعشرين، غير أننا لا زلنا نجهل الكثير عن آثاره المحتملة على البلدان النامية التي ستعاني منه بشكل أكبر بكثير من غيرها.
وجاء في هذا التقرير، الذي تم إنجازه في إطار الجهود المشتركة لتسليط الضوء على خطر ارتفاع درجة حرارة الأرض على الصحة، أن "المعلومات الدقيقة التي يمكن الاعتماد عليها ونشرها تلعب دوراً أساسياً لتحقيق تكيف فعال وتفادي ما يطلق عليه عزلة التكيف "Adaptation Apartheid"".
وقد طالب مؤلفو التقرير بتجميع الخبرات العالمية عن الآثار الصحية لتغير المناخ، وذلك في مؤتمر رئيسي يتم عقده في غضون العامين القادمين لتحديد الأولويات من حيث الإدارة والتنفيذ والرصد.
وأكد أنتوني كوستيلو أنه إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع وتيرة الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات، فإنه من شأن تغيرات مناخية أخرى أن تؤثر على الأمن الغذائي والمائي وبالتالي على الصحة العامة أيضاً.
وقد ركز فريق الباحثين في هذا التقرير الذي يحمل عنوان "إدارة الآثار الصحية لتغير المناخ" على ستة مجالات رئيسية هي: أنماط الأمراض والوفيات، والأمن الغذائي، والمياه والصرف الصحي، والمأوى والمستوطنات البشرية، والظواهر أو الأحداث البالغة الخطورة بالإضافة إلى هجرة السكان.
ووفقا لدراسة قامت بها منظمة الصحة العالمية، فإن ارتفاع درجة حرارة الأرض الذي بدأ في السبعينات ظل يتسبب في ما يزيد عن 150,000 وفاة سنويا حتى حلول عام 2000.
وقد استند هذا التقييم إلى دراسات حول تأثير الأمراض المرتبطة بالمناخ مثل الإسهال الذي يعتبر ثاني أخطر الأمراض المعدية المسببة لوفيات الأطفال حيث يتسبب في حوالي 1.8 مليون حالة وفاة سنوياً.
وأكد التقرير أن "الرسالة الهامة التي يسعى هذا التقرير إلى تبليغها هو أن تغير المناخ يشكل قضية صحية تؤثر على الملايين من الناس... فهو ليس مجرد قضية بيئية عن الدببة القطبية وإزالة الغابات".
التغيرات المناخية تنشر 12 مرضا قاتلاً
وآخر كوارث هذه الظاهرة التي لازالت تبحث عن حلول جذرية حتى الآن، ما كشفته جمعية الحفاظ على الحياة البرية من أخطار تهدد حياة البشر، حيث أكدت أن 12 مرضاً مميتاً تتراوح من أنفلونزا الطيور إلى الحمى الصفراء من المرجح أن تنتشر بشكل أكبر بسبب التغيرات المناخية.
ودعت الجمعية -التي تتخذ من حديقة حيوان برونكس في الولايات المتحدة مقراً لها وتعمل في 60 دولة- إلى مراقبة أفضل لصحة الحيوانات البرية للمساعدة في اعطاء انذار مبكر بشان كيفية انتشار العوامل المسببة للمرض مع دفء الأرض.
وحددت "الدستة المميتة" من الامراض بأنها انفلونزا الطيور والبابيزيا التي تنقلها القرادة والكوليرا والايبولا والطفيليات والطاعون وتكاثر الطحالب وحمى الوادي المتصدع وداء النوم والدرن والحمى الصفراء.
وقال ستيفن ساندرسون رئيس الجمعية: "حتى الاضطرابات الصغيرة يمكن ان يكون لها عواقب بعيدة المدى بشأن الامراض التي قد تواجهها الحيوانات البرية وتنقلها مع تغير المناخ".
واضاف قائلا: "مصطلح التغير المناخي يثير صورا عن ذوبان القمم الجليدية وارتفاع مستويات البحر بما يهدد المدن الساحلية والدول، لكن مما لا يقل في الاهمية ايضا كيف ان ارتفاع درجات الحرارة ومستويات تكثف البخار المتقلبة ستغير توزيع العوامل الخطيرة المسببة للمرض".
وتشير لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة إلى أن انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري والناتجة بشكل أساسي عن الاستخدام البشري للوقود الحفري ترفع درجات الحرارة وتعطل انماط سقوط الأمطار ولها آثار تتراوح بين موجات الحرارة إلى ذوبان الأنهار الجليدية.
وفي تقرير مماثل، أعلنت منظمة الصحة العالمية مؤخرا أن الدول الآسيوية عليها الاستعداد للتعامل مع الكوارث التي يسببها ارتفاع درجة حرارة الأرض بنفس القدر الذي تكافح فيه الأوبئة.
وقال شيجيرو أومي المدير الاقليمي لشؤون غرب المحيط الهادي بمنظمة الصحة العالمية إنه مع توقع نمو نصيب آسيا من انبعاثات الغاز المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري فإن هناك حاجة للتدخل في هذا الوضع.
وتابع قائلاً "إن ارتفاع درجات الحرارة من ضمن المتغيرات التي تؤثر في الملاريا.. وهذا المرض عاد للظهور وظهر في أماكن أخرى لم يكن بها قبل ذلك".
وأضاف أومي أن تصاعد درجات الحرارة أدى أيضا لتزايد في حالات الإصابة بحمى الدنج في آسيا، ففي سنغافورة على سبيل المثال بلغ معدل درجات الحرارة من 28.4 درجة في عام 1998 ارتفاعا من 26.9 درجة في عام 1978 وهو ما ساهم في زيادة عدد حالات الإصابة بحمى الدنغ الى عشرة أمثالها.
وقال متحدثا للصحفيين في العاصمة الماليزية "بالنسبة للقضايا البيئية فإنك إذا انتظرت لحين حدوث أزمة فسيكون الوقت تأخر كثيرا.. الكل مهتم بالتنمية الاقتصادية ولكن يتعين علينا بشكل من الأشكال أن نقيم توازنا بين هذه التنمية والحفاظ على الطبيعة.. وما لم نفعل ذلك الآن فسيتعين علينا مواجهة عواقب خطيرة".
وتابع أومي أن منظمة الصحة العالمية حققت نجاحا في دعوة الدول الاعضاء فيها لإعداد نفسها لمحاربة الامراض المعدية مثل التهاب الجهاز التنفسي الحاد "سارز" ولكن هناك حاجة لخطوات مماثلة في الإعداد للكوارث البيئية المحتملة.
وقال أومي -في ورشة عمل خاصة بمنظمة الصحة العالمية تبحث التغير المناخي- إن ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم يذيب أنهار الجليد في منطقة الهيمالايا مما يهدد بغمر المناطق المنخفضة ويخلق ظروفا غير صحية تنشأ فيها الأمراض.
كوارث حقيقية
ولا يقتصر تأثيرات الاحتباس الحراري على التسبب في ارتفاع حرارة الأرض بما يهدد بذوبان طبقات الثلوج بالمناطق المتجمدة، بل تخطت أضراره إلى أبعد من ذلك، فقد كشفت مراجعة العلماء للمئات من الأبحاث العلمية عن ضلوعه في انقراض أنواع كثيرة من الطيور والنباتات.
وأكد الخبراء أن نحو 70 نوعاً من الضفادع انقرضت بسبب التغيرات المناخية، كما أن الأخطار تحيط بما بين 100 إلى 200 من أنواع الحيوانات التي تعيش في المناطق الباردة.
وتقول الأخصائية في علم الأحياء بجامعة ت......... وقائدة البحث، كاميل بارميسان: "أخيراً نحن نشاهد انقراض عينات من الأحياء.. لدينا الأدلة.. إنها هنا.. إنها حقيقة.. إنها ليست مجرد حدس علماء الأحياء بل حقائق تحدث".
ونقلت العالمة في بحثها مشاهدات عن هجرة تجمعات حيوانية إلى الشمال وأخرى تحاول التكّيف والتأقلم مع التغيرات المناخية بجانب تغيرات ملحوظة في عالم النبات وتكاثر أعداد الحشرات والطفيليات.
وتأتي التغيرات الإحيائية وسط دهشة العلماء الذي تكهنوا بتغيير مرحلي وعلى مر السنوات، والذي ربطته بارميسان بقدوم فصل الربيع مبكراً.
ويبدي العلماء قلقاً بالغاً تجاه بعض حيوانات المناطق الباردة مثل البطريق والدببة القطبية وكيفية تأقلمها مع سرعة ارتفاع حرارة الأرض، فقد تراجعت أعداد "البطريق الإمبراطور" من 300 زوج بالغ إلى تسعة فقط في القطب الغربي فضلاً عن الدببة القطبية التي تراجعت أعدادها وأوزانها.
التغيرات المناخية تهدد الفقراء
وقد حذر تقرير أصدرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة من أن التغييرات المناخية في الشرق الأوسط، قد تؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي وتفاقم مشكلة نقص المياه، مما يؤدي إلى زيادة التهديدات التي تواجه فقراء المنطقة.
وأوضح التقرير أن عدة دول في الشرق الأوسط تعاني من نقص في الأراضي الزراعية وانخفاض في كميات المياه المطلوبة لري المحاصيل، لكن التغيير المناخي قد يجلب معه درجات حرارة أعلى، وبالتالي المزيد من الجفاف، وفيضانات وتآكل التربة.
وجاء في التقرير، الذي تتم مناقشته في مؤتمر إقليمي في القاهرة أن التغير في درجة الحرارة، وسقوط المطر وتطرف حالات المناخ ستزيد فقط من الضغط على الموارد الزراعية في منطقة يشكل فيها توافر الأرضي الصالحة للزراعة وتآكلها، بالإضافة إلى الصدمات الناجمة عن أسعار الأغذية والنمو السكاني، همّاً كبيراً.
وأشار التقرير إلى أن تزايد خطورة الصراع حول الموارد النادرة يعد من بين المشكلات التي قد يسببها التغيير المناخي، وسيؤثر الجوع وسوء التغذية جراء التغييرات المناخية في الغالب، على أولئك الفقراء، والذين يعانون من سوء التغذية أو يعتمدون على إنتاج الطعام المحلي.
وقال إن ما بين 155 إلى 600 مليوناً قد يواجهون تفاقماً في مشكلة نقص الماء، التي قد تنجم عن ارتفاع درجة الحرارة بضع درجات.
وتعاني العديد من أنظمة الري في المنطقة من ضغط بيئي كبير بسبب كثرة الأملاح، وعدم تساقط المطر واستنزاف المياه الجوفية.
آسيا .. الأكثر معاناة
كما حذر خبراء البيئة من أن قارة آسيا هي الأكثر عرضة للمخاطر الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة التغير المناخي.
وجاء ذلك في سياق تقرير أعده تحالف يضم 21 من وكالات للبيئة والمساعدات الإنسانية منها أصدقاء الأرض والسلام الأخضر وأوكسفام بالتعاون مع الهيئة الدولية للبيئة والتنمية، وحذر التقرير من ان الظواهر المرتبطة بالتغير المناخي تهدد التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي حققته دول القارة الآسيوية على مدى العقود الماضية.
أما الخطر الرئيسي الذي يهدد القارة الآسيوية خاصة الدول المطلة على المحيطين الهادئ والهندي هو ارتفاع منسوب المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وبحسب التقرير قد تكون آسيا مسرحاً للدراما الإنسانية لظاهرة التغير المناخي فنصف سكانها تقريباً يقطنون مناطق ساحلية هي الأكثر عرضة لكوارث طبيعية مثل الفيضانات والأعاصير الناجمة عن التغير المناخي، أي أن نحو ثلثي سكان العالم سيجدون انفسهم على خط المواجهة الأول مع مخاطر التغير المناخي.
لابد من وقفة دولية حاسمة
وقد دعت منظمة الصحة العالمية أصحاب القرار السياسي في العالم إلى التحرك بسرعة لمعالجة مشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض الخطيرة، وإلا فإنه يتعين عليهم مواجهة تداعيات صحية واقتصادية خطيرة.
وأوضح شيجيرو اومي المدير الإقليمي لمنطقة غرب المحيط الهادي أن الأزمة الحالية تتوارى خلف حقيقة أن قضايا ارتفاع درجة الحرارة لا تمثل مشكلة ملحة لعدد كبير من الحكومات مقارنة بالمشكلات الصحية مثل الأمراض الوبائية سريعة الانتشار.
وحذر اومي من أن المجتمع الدولي بحاجة إلى أخذ القضية على محمل الجد حتى يمكن تحاشي تداعيات صحية محددة بفعل ارتفاع درجة حرارة الكون.
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd