الرئيسية
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئاتِ اعملِنا، من يهده الله لا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، واشهد ان لا اله الا الله واشهده ان محمد عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، صلى الله عليه وسلم .
ايها الناس اتقو الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون ؛ يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبك ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما .
اما بعد...
فموضوعنا في هذه الخطبه هي اية انزلها الله في كتابه الحكيم ،فيها توجيه إلهي كريم من الربّ الرحيم العليم، لنبيّه العظيم، وأمّته مِن بعده .
فقال تعالى جل في علاه بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ))
صدق الله العظيم . - الاعراف 199 -
هذه الأية التي انزلها اللهُ على نبيًهِ القليلةُ في كلماتها الغنيةُ في معانيها ومضامينها، وذلك وجهٌ من وجوه اعجاز القرآن لتُبينَ له مكارمَ الأخلاق.
والان لنخوض معاً في رحاب تفسيرها وتوضيح جليل معانيها....
انها أوامر ربانية ثلاثة الى عباد الله المؤمنين جمعت كلَ مكارم الاخلاق، وهي مكارم وفضائل بعث سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لاتمامها واكمالها ، وقال : (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسوة والقدوة ، فقد كان على خلقٍ رفيع ˛ ادَبه ربهُ فاحسن تأديبه وشهد له بالخلق العظيم فقال عزﱡ من قائل : ( وانك لعلى خلق عظيم ) ، وامر المسلمين باتباعه والاهتداء بهديه القويم فقال عز من قائل : (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) ، ومكارم اخلاق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لا يمكن ان ناتي عليها ونحيط بها وكل الذي اردته مجرد التوطئة في فاتحة بيان بعض المعاني الواردة في هذه الآية الكريمة (خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين) {الآية 199 من سورة الاعراف} وذلك بالاعتماد على تفسير الجامع لاحكام القرآن للامام القرطبي حيث قال في المسألة الاولى "(هذه الآية من ثلاث كلمات، تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات فقوله (خذ العفو) دخل فيه صلة القاطعين والعفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين وغير ذلك من اخلاق المطيعين ˛ ودخل في قوله (وأمر بالعرف) صلة الارحام وتقوى الله في الحلال والحرام وغض الابصار والاستعداد لدار القرار ˛ وفي قوله (واعرض عن الجاهلين) الحض على التعلق بالعلم والاعراض عن اهل الظلم والتنزه عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلة الاغبياء، وغير ذلك من الاخلاق الحميدة والافعال الرشيدة ".
- روى البخاري من حديث هشام بن عروة عن ابيه عن عبد الله بن الزبير في قوله (خذ العفو وامر بالعرف) قال: ما انزل الله هذه الآية الا في اخلاق الناس.
- وروى سفيان بن عيينة عن الشعبي انه قال: ان جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ماهذا يا جبريل؟ فقال: لا ادري حتى اسأل العالم في رواية لا ادري حتى أسأل ربي فذهب فمكث ساعة ثم رجع فقال «ان الله تعالى يأمرك ان تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك».
- وقيل المراد بقوله (خذ العفو) اي الزكاة لانها يسير من كثير وقيل (خذ العفو) منه اي لا تنقص عليه وسامحه.
(وامر بالعرف) اي بالمعروف والعرف كل خصلة حسنة ترتضيها العقول وتطمئن اليها النفوس.
- وقال عطاء (وامر بالعرف) يعني بلا اله الا الله.
(واعرض عن الجاهلين) قال القرطبي: اذا اقمت عليهم الحجة وامرتهم بالمعروف فجهلوا عليك فاعرض عنهم صيانة له عليهم ورفعا لقدره وهذا وان كان خطابا لنبيه عليه السلام فهو تأديب لجميع خلقه.
ونظير هذه الاية (خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين) في كتاب الله العزيز وفي احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير وعديد، وفيه تفصيل لهذه المعاني من ذلك قوله جل من قائل: (ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) وقول رسول الله صلى عليه وسلم (ان الرفق ماكان في شيء الا زانه).
فخلق المسلم ينبني على السماحة والفضل والعفو والاحسان والمسلم في ترقيه في هذا الطريق القويم له غاية يريد الوصول اليها الا وهي ان يتبوأ القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة حيث قال عليه الصلاة والسلام (هل ادلكم على اقربكم مني مجالس يوم القيامة؟ قالوا: بلى قال: أحاسنكم اخلاقا الموطؤون اعناقا الذين يألفون ويؤلفون) والخلق الكريم الذي هو الاستقامة هو العلامة الحقيقية للتدين الحقيقي (ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى وجوهكم لكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم) وقد اوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم من استوصاه فقال له: (قل آمنت بالله ثم استقم).
وما أحسن قول الشاعر :
يخاطبني السفيه بكلّ قبحٍ فأكره أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهة وأزيد حلماً كعود زاده الإحراق طيباً
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فستغفروه
الحمد لله والصلاة والسلام على الرحمة المهداه والنعمة المسداه سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اما بعد
ولنا في تفسير ابن الكثير وقفه
حيث جاء في تفسير ابن الكثير تفسير مفصل واسرد عليكم تلخيصه :
((حدثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم عيينة بن حصن بن حذيفة فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ومكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا فقال عيينة لابن أخيه يابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه قال سأستأذن لك عليه قال ابن عباس فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر فدخل عليه قال هي يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل ولاتحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم أن يوقع به فقال له الحر يأمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم « خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين » وإن هذا من الجاهلين والله ماجاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله عز وجل)) .
إنفرد بإخراجه البخاري
نخرج من هذا الحديث ببعض الفوائد نمر عليها ولا نفصلها حتى لا نطيل :
- حال المؤمن عندما يعتريه الغضب
- النصيحة وسحرها الأخاذ
- من تصاحب ومن تختار من الجلساء
- الأدب عند كتاب الله
وقال بعض العلماء الناس رجلان:
فرجل محسن فخذ ماعفا لك من إحسانه ولاتكلفه فوق طاقته ولا ما يحرجه
وإما مسيء فمره بالمعروف فإن تمادى على ضلاله واستعصى عليك واستمر في جهله فأعرض عنه فلعل ذلك أن يرد كيده
كما قال تعالى « ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون » « وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون » وقال تعالى « ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم »
وبالنهايه
نقول ان سرّ مجيء هذه التوجيهات على هذا الترتيب ـ والله تعالى أعلم أنّ الأخذ بالعفو لمّا كان يعتريه شبهة السكوت عن بيان الحقّ والرضى به؛أعقب ذلك بالأمر بالعرف لبيان الحقّ وتوضيحه وكشفه على وجه العموم.
ولمّا كان الآمر بالعرف معرّضاً لأذى الجهّال وسفههم كما جرت العادة به؛أعقب ذلك بالأمر بالإعراض عنهم وترك مسافهتهم على ما سبق بيانه..ولما كان المؤمن الغيور قد يعتريه الغضب من أفعال بعض الجاهلين واستفزازاتهم، فيقدم على ما قد يندم عليه؛ أتبع الله ذلك بقوله:
(( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(
- الاعراف 200 -
فالاستعاذة من الشيطان عند نزغه هي الملاذ الآمن لإطفاء جمرة الغضب الملتهبة، وتفويت الفرصة على الحاقدين والموتورين والمتربّصين.
والله ولي المتقين..
هذا وصلو على نبيكم الذي ارتقى باخلاقه عنان السماء حيث امركم الله في كتابه الحكيم فقال
((ان الله وملائكة يصلون على النبي يا ايها الذين امنو صلو عليه وسلمو تسلميا))
اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد
وارضى عنم الخلفاء الاربع ابو بكر وعمر وعثمان وعلي وارضى عنا معهم يا رب العلمين
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
» وفاة 30/7/2013 : جمال ابراهيم علي الحروب
» جميع حلقات سيف النار
» اسماء المرشحين في انتخابات بلدية خاراس القادمة!!!!!؟؟؟؟
» د.ناصر اللحام رئيس تحرير وكاله معا يصف خاراس
» تهنئة العضو القدير khamdan بالخطوبة
» مشكلة المياه في البلدة والقرى المجاوره
» شات عربي
» صور من خيمة التضامن مع الاسير ثائر حلاحلة في خاراس