الحلقة الآولى
........................
بعد قصة حب رفضها أولياء الأمور من الطرفين ، واصطدمت بالعوائق والفوارق في الشتات الفلسطيني، وبعد صراعٍ طويل ومرير من المقاومة التي خاضها الحبيبان ، حصل ما كان يبدو مستحيلاً في نظرهما ، فهو فلسطيني لاجيء من سكان غزة يحمل الوثيقة المصرية ، درس بالأردن ، وهي فلسطينية الأصل من مدينة نابلس وتحمل جواز سفر أردني ، وتسكن في عمان مع أهلها النازحين ، وتعرفا على بعضهما في الجامعة ، وشبكهما الإعجاب ثم الحب ثم الغرام ، وافترقا بعد التخرج ، حيث عاد هو لمكان إقامته في بلد خليجي ، ولما حان موعد الزواج ، تقدم لطلب يدها ، فرفضه أهلها نظراً لاختلاف التجنس ، وما يكتنفه من عوائق ومشاكل مستقبلية ، ربما تحرم أهلها من رؤيتها ، فهو يعمل بالدولة الخليجية التي يقيم فيها ، ويسكن مع أهله ، ولكنهما أصرا على أن ينهيا علاقتهما المزهرة بثمرة الزواج ، ورتبا الأمر بينهما بالمراسلة ، والتقيا سوياً في بلد مجاور للأردن ، ورتبا عقد الزواج فيه ، وتزوجا وتعاقدت رنا من البلد المجاور مع المستشفى الذي يعمل به فراس والذي كان مندوباً عنه للتعاقد ، وسافرا الى البلد الخليجي سوياً للعمل فيه ، حيث تخرج فراس من كلية الطب وتخرجت رنا من كلية العلوم الطبية المساعدة ، وكانا على اتصال دائم بعد التخرج ، وكانت رنا ترفض المتقدمين لخطبتها دون إبداء أسباب يقتنع بها الأهل ، وأخيراً رضخ الأهل للأمر الواقع واعترفا بالزواج. وأقاما لهما احتفالاً طارئاً ومختصراً على مضض ليعلنا زواجهما للناس.
ولطبيعة عملهما وبعد حمل رنا ، طلبت من زوجها خادمة لتعينها في عمل البيت وخاصة بعد قدوم ولي العهد المنتظر لترعاه في غيابهما ، وذهبا سوياً الى مكتب استقدام العمالة في الدولة الخليجية ، وأعطيا مواصفات الخادمة التي اتفقا عليها لمكتب الإستقدام ، وكما أرادت رنا ، حيث دار بينهما نقاش على مواصفات الخادمة التي سيستقدمونها.
رنا : أريدها خادمة حسنة المظهر ، وعلى الأقل مقبولة المنظر والشكل ، وتتقن اللغة الإنجليزية ، ولديها معرفة بأصول الإتكيت وتربية الأطفال ، لتشرفني أمام زميلاتي وزوجات أصحابنا ، وأفضلها فلبينية الجنسية ، وغير متزوجة ، وعمرها لا يتجاوز العشرين عاماً.
فراس : لا أتفق معك في كل المواصفات ، أنا لا أفضلها حسنة المظهر. لأنها ستثير القلق والمتاعب ، وأفضلها سيرلانكية غامقة السمار ، تجيد اللغة الإنجليزية ، وعمرها فوق الأربعين عاماً ، فهي أقل كلفة علينا. وأكثر خبرة في عمل البيت وتربية الأطفال ، وأنضج عقلاً. وأكثر رشداً واتزاناً.
رنا : هل تخشى من نفسك يا حبيبي إن كانت حسنة المظهر؟
فراس : اعوذ بالله يا حبيبتي ، ولكنني أخشى منك أنت. فالنساء لا ترحم ولا تستميح العذر في هذه المسائل الدقيقة والحساسة. وإنت أعلم بذلك. فقد جربت غيرتك المتقدة من نسمة الهواء.
رنا : حاشى لله أن أشك في حبيب العمر ، من هذه الناحية اطمئن ، فثقتي فيك عالية ، لا يهزها خادمة مهما كان حسنها وجمالها. فهي تظل خادمة. أما بالنسبة للكلفة فأنا سأتولى كل مصاريفها.
فراس : لا تفهميني خطأً يا حبيبتي ، لم يكن قصدي أن أحملك أعباء تكاليفها ، فليس بيننا ما هو مقسوم ، ولك ما تريدين يا أوفى وأخلص زوجة. وبالتالي لا مشكلة لدي.
وبعد مرور شهر تلقى فراس اتصالاً هاتفياً من مكتب الإستقدام يعلمه بوصول الخادمة من الفلبين ، ويطلب منه القدوم لاستكمال اجراءات استلامها. وعلى الفور اتصل مع زوجته رنا ، وبشرها بالخبر السار. فأشارت عليه أن يذهب من عمله مباشرة ويحضرها من المكتب ، فهي مشغولة في جمعة نساء المجمع السكني.
توجه فراس الى مكتب الإستقدام لإحضار الخادمة التي كانا ينتظرانها مع قدوم المولود البكر على أحر من الجمر ، وجلس في باحة المكتب ينتظر استكمال اجراءات التسليم ، وكانت الخادمة تلملم متاعها وأغراضها في غرفة مجاورة ، استعداداً للإلتحاق بعملها. أخذ فراس يقلب مجلة قديمة كانت ملقاة على الطاولة ، واستغرق في قراءة مقالة استهوته ، وبينما هو منهمك بالقراءة سمع صوت صاحب المكتب يناديه للتوقيع على الإستلام وتكملة دفع رسوم الخدمات وانهاء اجراءات الإستلام ، وهمس في أذنه صاحب المكتب وكأنه يبشره بخبر سار ، وقال له: جبتلّلك وحدة على كيف كيفك يا دكتور ، مواصفات فل أبشن ، مثل ما طلبت وأكثر بكثير فوق التصور ، ملكة جمال بتحل عن المشنقة ، مش رح تصدق إنها خدامة ، قمر اربعطعشر ، وكانت تشتغل ممرضة في عيادة طبيب ، يلّه تبحبح يا عم. بس الله يعينك على ام العيال. إسأل مجرب ولا تسأل خبير.
لم تعجب البشارة الدكتور فراس ، ولكنه لم يُؤخذ بكلام صاحب المكتب ، لأن مقاييس الجمال تختلف من شخص لآخر ، وربما لم يتفق معه في رأيه فيها عندما يراها. فآثر الصبر والسكوت ولم يبد ردة فعل على كلامه الذي لم يرق له. ولا شك أن ذلك أثار بعضاً من المخاوف في نفسه.
ذهب صاحب المكتب للغرفة المجاورة ليحضر الخادمة ، وترك فراس على حيرته وأمله أن لا تكون كما وصفها له لتجنب المتاعب ، وأخيراً حضرت الخادمة مع صاحب المكتب ، ورمقها فراس بكلتا عينيه ، ولم يصدق ما يرى ، فصدم مما رأى ، وكانت على عكس مما توقع ، لقد رأى فتاة طويلة بعكس مستوى الطول السائد في الفلبين ، ممشوقة القوام ، جميلة الوجه والمحيا ، وشعر بالحرج والضيق والإرتباك ، إنها جميلة جداً ، لا بل فاتنة الجمال ، ولا يختلف اثنان على جمالها ، هذه ليست خادمة! يا للهول ، لقد جلبت لنفسي المتاعب وقلة الراحة ، كيف سأدخلها بيتي ، وبأي وجه سأقابل بها زوجتي ، ولكنه عاد وأقنع نفسه بأن هذه هي متطلبات زوجته ، فلتتحمل هي المسئولية ، وسبق وأن نبهتها لذلك. وخالفها الرأي حول مواصفاتها.
أركبها فراس بالمقعد الخلفي وسار بسيارته متوجهاً للبيت ، وظل صامتاً طيلة الطريق يفكر في العواقب ، ويتخيل زوجته رنا لدى رؤيتها للخادمة ، وقلبه يوجس خيفة من المستقبل مع هذه الخادمة ولم ينظر إليها بالمرآة ، وتصرف بأدبه المعهود كما لو كانت رنا معهما بالسيارة ، وتحدثت اليه الخادمة ، وقالت له : هور يو سير ، how are you sir ورد عليها بكلمة واحدة وهو يفتعل التركيز بنظره عل الطريق فاين fine ، واستطردت تقول "كيف مدام ، كويس ، أنا في كلام عربي بس مش كثير." أنا في شغل سنة بالكويت أول ، فرد بكلمة واحدة وهو شارد بفكره "أوكي".
وصل فراس وبرفقته الخادمة الى البيت ، ولم تعد بعد رنا من جمعة نساء المجمع السكني ، وفتح الباب ، وأدخل الخادمة لمقرها في غرفة النوم المجاورة لغرفة نومه كما كانا متفقان ، وطلب منها ترتيب أغراضها ، وجلس بالصالون ينتظر رنا وهو يقلب في خاطره ردود أفعالها ، ويتوجس خيفة من المتاعب التي ستثيرها الخادمة ، وبينما هو ينتظر في الصالون قدمت اليه الخادمة تسأله " سير ، وين مدام؟" ، فأجابها بسرعة "she is coming” ، وعلى هذا المشهد حيث كان فراس جالساً والخادمة واقفة أمامه تستخرج منه الكلمات بصعوبة ونظره متوجه للأرض حياءً ، وكأنه هو المرأة وهي الرجل وذلك إخلاصاً لحبه لزوجته ، دخلت رنا وكانت تعلو وجهها ابتسامة عريضة ،حيث كانت مبسوطة من جمعة النساء ومستبشرة بقدوم الخادمة وعودة حبيبها فراس بعد طول غيبة بالعمل ، ولما رأت المشهد ، انقبضت عضلات وجهها ، وتقطب جبينها ، وعلت محياها زوبعة من الغضب والإستغراب والصدمة ، وانقلب لون وجهها المتورد الذي كانت تعلوه الحمرة وولجت به الصفرة ، وصار مخطوفاً على غير عادته ، وبادرت بالقول :
ما شاء الله ، هذا من أولها رافع الكلفة مع الخدامة ، شو يا فراس! إنت جايب خدامة والاّ جايب بنت تشترك بمسابقة كأس الجمال ، لأ يا حبيبي ، ما اتفقنا على هيك ، أنا قلت تكون مقبولة المظهر مش ملكة جمال ، إنت كاين طالب من المكتب هذي المواصفات من وراي ، أنا أمنتك تتابع مع المكتب ، وكاين طالع بالعالي ومغيّر بالمواصفات .والله فعلاً "يا مؤمنة عالرجال ، يا مؤمنة عالمية بالغربال".
رد فراس وقال : إنت انسيتي إني أنا كنت ما بدي هذي المواصفات من أول ، أنا نقلت للمكتب نفس طلباتك ، وحتى قلت إلو وركزت عليه وأنا بتابع الموضوع "مقبولة المظهر مش حسنة المظهر" ، وتفاجئت مثلك يوم ما شفتها. وبعدين إنت أحلى منها يا روحي ، شو جاب لجاب ، وبعدين شو ذنبي أنا هلاّ. والله كنت حاسب هالحساب.
رنا : إسمع يا فراس ، رجعها للمكتب فوراً ، أنا ما بدي اياها في بيتي ، شوف إلها صرفة ، لأ ، وكمان مقعدها بغرفة النوم اليّ بحدنا ، طيب مهو الحمام مشترك للغرفتين يا نبيه.
فراس: أنا دفعت مبلغ وقدره يا حبيبتي ، جربيها شوية لنشوف شو بصير معانا ، وإذا بدي أرجعها للمكتب ما برجع لي ولا ريال من حوالي عشر آلاف ريال. شو هي الفلوس بتجينا ببلاش.
رنا : طيب بقعدها في الفسحة اليّ قدام حمام الضيوف بحد الصالون عند مدخل الشقة ، ما بتنام في الغرفة اليّ بحدنا، وبعدين يوم بكون عندك استراحة وعندي دوام بوديها عند جارتنا ، ومن هالحين ، لا تلبس شورت في البيت وتوخذ راحتك تتمدد وتجبد على الكنب ، وإنت ما تحكي معاها أبداً ، ما إلك دعوة فيها ، ولا تتدخل فيها ، ولا تضحك في وجهها ، ولا حتى تدير وجهك عليها. هذي تحت إدارتي ، وبجربها اسبوع ، وإذا شفت الأمور مش زابطة بترجعها للمكتب يشوف إلها صرفة.
فراس : يا حبيبتي هذي بني آدمة ، وصارت أمانة عندنا ، مش معقول تنام عند الحمام ، وإذا شعرت بالظلم ممكن تضرنا بأي طريقة ، ممكن تضر ابنّا اليّ رح نؤمنها عليه. يا إماّ بنقبلها وبنعطيها حقوقها ، يا إما بنقلها مع السلامة. أنا ما بحب الظلم لأني بكره حدا يظلمني.
رنا : ما شاء الله عليك يا حنيّن ، حنون كثير يا رهيف ويا حبيب أمك ، خلّي حنانك على أهل بيتك ، مش على الشغالة يا عمري. خايف عليها تنام عند الحمام. ومش خايف على شعوري.
فراس : مش خوف عليها يا بنت الناس ، خوف منها إذا شعرت بالظلم والإحتقار. وبعدين تنتقم منا.
وهنا تدخلت الخادمة وقالت تخاطبهما : ايش في مشكلة مدام؟؟ فصاحت بها رنا : shut up
، do not intervene between me and my husband while we are talking
(اخرسي ، لا تتدخلي بيني وبين جوزي واحنا نتكلم) وحملت أغراضها من الغرفة ورمت بها قرب حمام الضيوف بجانب الصالون. وقالت لها : إنت نامي هنا. ما في نوم بالغرفة ، فاهمة.
الخادمة وقد اغرورقت عيناها بالدموع : أنا ما في نام هون ، مدام إنت مشكلة ، ووجهت حديثها لفراس وقالت : أنا ممكن أرجع مكتب. ما بدي شغل عند مدام.
رنا : اسمع فراس ، رجعها المكتب هلاّ ، والله الليلة ما بتنام في هالبيت ، وشوف خدامة غيرها ، خلاص قرار نهائي. لا يمكن أقبلها في بيتي. يا أنا يا هي في البيت ، إنت اختار عاد.
فراس : طيب ما شفتي خيرها من شرها ، يا بنت الحلال والله إذا ما حد أخذها من المكتب الاّ تروح علينا كل الفلوس ونتحمل مصاريف رجعتها لبلدها فوق هالمخاسر.
رنا : طبعاً عاجبتك ، بدك إياها تظل ، ليش لأ ، مهي نفسك مبينة خضرة ، وعينك من هلاّ صارت زايغة. والله ما في رجال بقبل يجيب لزوجته خدامة بهالمواصفات. هذي ضرة مش خدامة.
فراس وقد طلب من الخادمة أن تلملم أغراضها ، والله الاّ ترجع للمكتب اليوم ، وما في خدامة بديلة الاّ ما يشوف الها صاحب المكتب صرفة ونستفيد شوية من المبلغ اليّ دفعناه.
أعاد فراس الخادمة للمكتب ، وطلب منه أن ينقل كفالتها لأحد بحاجة لخادمة ويعوضه جزء من المصاريف ، ومكثت شهرين على نفقة فراس دون أن يقبلها أحد لتخدم في بيته ، وخسر المبلغ وتحمل نفقات تسفيرها لبلدها حسب العقد.
والى اللقاء في الحلقة الثانية مع خادمة أخرى لبيت فراس ورنا.
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
24/1/2010م
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd