يجب أن نربي أنفسنا أولا لكي ننجح في تربية أولادنا ، ولكن لماذا ؟
لماذا ؟ هذه هي الناموسة التي تزن دائما في دماغي وتسبب لي صداعا ولا أرتاح حتى أحاول أن أبحث عن إجابة لا أقول قطعية ولكن فقط محتملة، وتقنعني شخصيا وتطرد الناموسة ولو بشكل مؤقت. يقول عالم النفس الشهير (داماسيو) (أمران يتشابه فيهما الإنسان والزواحف أكلهم صغارهم وافتقادهم روح الدعابة).لماذا يا عالم يا شهير ؟ قال (لأن مخ الإنسان يتكون من جزء بدائي يتشابه فيه مع كثير من الكائنات الأخرى وأدناها الزواحف هذا الجزء نسميه (دماغ الزواحف) وهو ما نستخدمه جميعا في تلبية الاحتياجات الأساسية ويعمل بشكل تلقائي للهروب من الخطر والدفاع عن النفس والبحث عن الطعام وغيره من الغرائز الأساسية ، ثم تميز الإنسان وحده بما نسميه (القشرة الجديدة) وهي طبقة مغلفة للمخ خاصة بالبشر فقط وليس أي بشر ، بل بالناس (ولاد الناس) الناس المتربية ، القشرة الجديدة تستعملها حضرتك الآن وأنت تقرأ هذا المقال وتقوم بواسطتها بكل العمليات العليا في التفكير ، وهي تختص أيضا بالسلوك المهذب من احترام الكبير والعطف على الصغير ، واستخدام ألفاظ وتصرفات لائقة ، والرحمة والإيثار وكل سبل التعامل الراقية التي نعجب بها ونعلق عليها بقولنا (ابن ناس صحيح)).وهو ابن ناس فعلا لأنهم نجحوا في تربيته وساعدوه علي اكتساب حسن الخلق ، لأن ما أثبته العلماء هو أن هذه القشرة الجديدة لا تعمل إلا بالاكتساب ، أي أنها بمثابة تربة صالحة لا بد من إلقاء بذور التربية فيها وحرثها وتعهدها بالرعاية حتى تؤتي ثمارها وإلا ستظل أرضا بورا تنمو فيها الحشائش الضارة وتسرح فيها الثعابين ، ولذلك لا نتوقع من أطفال الشوارع مثلا إلا ما هم عليه فعلا من سلوك غير سوي كنتيجة للإهمال وعدم الرعاية. أرجو ألا يفهم الكلام بشكل طبقي ، فالأمر لا علاقة له مطلقا بالغنى والفقر أو مستوى المعيشة أو حتى التعليم فقط حضن العائلة الدافئ الثري بالقيم ، كثيرا ما نشاهد شابا يركب سيارة مليونية ويلبس الذهب والحرير ولكن سلوكه يعكس أنه لا يمتلك حتى دماغ الزواحف ، وكثيرا ما نقابل فتى مكافحا غاية في الرقي والإنسانية ، المسألة تخص ما بداخلنا وما هو متاح لنا جميعا أن نتحلى به (الخلق والدين) وهو هدف ورسالة الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).بأبي أنت وأمي يا حبيبي يا رسول الله ، لقد أوتيت جوامع الكلم ، وجملة قصيرة كهذه من فمك الشريف تلخص المعني الذي يدور ويلف حوله العلماء والأطباء ويجرون أبحاثا معقدة لكي يقولوا في النهاية أن الإنسان الفاضل هو من يرضينا دينه وخلقه ومن يتحلي بتلك الصفات العديدة التي ذكرها رسول الله صلي الله عليه وسلم في أحاديثه. (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) و(المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وعشرات الأحاديث التي تحث علي مكارم الأخلاق من أعلاها وهو الإيمان بالله وطاعته إلي أدناها وهو إماطة الأذى عن الطريق ، السؤال الذي حيرني طويلا كان (هل يمكن أن يكون المتدين سيء الخلق ؟) الإجابة المنطقية (لا يمكن) لأن الدين وما يحتويه من أوامر ونواهي وما تزخر به الآيات والأحاديث من توجيه لأرقي مكانة يمكن أن يصل إليها إنسان يكفي كل هذا ويزيد أيضا لكي يرسخ حسن الخلق لدي المتدين ، هذا صحيح تماما وما يزال المسلم يقف أمام آية واحدة قرأها وسمعها قبل ذلك عشرات المرات وفجأة تفتح له بابا من الإعجاز يحار أمامه ويبكي من المعاني العليا التي لم يكن فهمه المحدود يصل إليها من قبل، وقد جربت هذا عند سماعي في صلاة الجماعة الآية في سورة الإنسان (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا). ولكن ما يحدث هو قصور لدى المتلقي نفسه ، فالمرء كثيرا ما يغفل عن تربية نفسه مكتفيا بأداء روتيني للعبادات ، ويقوم بعمل فصل بين الأمرين فهو يذهب للمسجد ليصلي وتنتهي المهمة عند هذا الحد ويخرج وهو لا يتبع إلا هواه ونوازعه التي لم يهتم بتهذيبها يوما ، وغالبا لم يهتم والداه بهذا ولذلك يقول الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيان منا … على ما كان عوده أبوه لنفرض أن هناك من قصر أهله في تربيته وأدرك هو بشفافية جوانب ضعفه ألا يمكنه أن يصلحها ؟ ، نعم يمكنه وبسهولة والكثيرون قد فعلوا ذلك فقد سئل ابن المقفع عن شدة تهذيبه وأدبه العالي فقيل: من أدبك ؟ قال: أدبت نفسي كنت ألاحظ السلوك السيء فأتجنبه والحسن فألتزمه.من يريد أن يحسن تربية أولاده عليه بالاجتهاد في تربية نفسه أولا ، لأن جزءً كبيرا من التربية يتم بالاكتساب والملاحظة وليس بالتلقين والأوامر ، والولد هو مرآة بيته وبيئته ولعل النظام والترتيب هو الخلق الأولي بالغرس والاتباع لأنه سينعكس على الشخصية كلها ويليه ضبط اللسان قال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)، إنها خطوات أولية في الصغر. أما تربية النفس فإن العبادات هي أيسر السبل لذلك بشرط ألا يكون أداؤها روتينيا والدليل أن كل آيات الأمر بالعبادات يأتي في آخرها الهدف النهائي (لعلكم تتقون) التعليم أيضا يهذب النفس والصحبة الطيبة والشفافية والاعتراف الداخلي بالقصور وعلاجه .
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd