منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

3 مشترك

    ولادة على الرصيف

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    ولادة على الرصيف Empty ولادة على الرصيف

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج السبت 9 أكتوبر 2010 - 10:58

    ولادةٌ على الرصيف
    ..........................
    بعد أن هُدِمَ بيتها ، وفقدت اثنين من أبنائها ، واودِعَ زوجها السجن ،
    وبينما كانت تسيرُ تائهةً ، وهائمةً على وجهها باحثةً في وطنها عن مكان آمنٍ تأوي اليه ، وتسكنه ،
    وساعيةً في مناكبها طالبةً للرزق من رازقه ومانحه ، وكادحةًً إلى ربها كدحاً حتى تقابله ،
    وكانت في نفس الوقت هاربةً من زمانٍ قادم ، يتسارعُ نحوها مكشراً عن أنيابه كالذئاب الجائعه ،
    لا تصدّق مُخبِريه وصانعي أحداثه ، وزارعي مصائبه ونوائبه ،
    لتنمو وتكبر فيحصدها الكادحون في مناكبها طلباً للرزق بأجر زهيد ،
    وهم الكثر في هذا الزمان وحاضره،
    ويجمع الكثر حصادها بعرقهم ، ويجنون ثمارها المحرمة عليهم والمرة الطعم بمذاقهم ،
    والمحللة لغيرهم واللذيذة بمذاق المتحكمين بمقاليد الزمان ومصائره ،
    والذين يعيدون تخزينها وبيعها على الكادحين بأثمانٍ باهظة ،
    فيسترد القلة من المتحكمين بيدهم اليمنى من الكثر، ما دفعوه لهم باليد اليسرى أضعافاً مضاعفه ،
    لقاء عرقهم وجهدهم ومعاناتهم القاسيه ،
    وكانت تهذي ، لا تصدّق أسعار هذا الزمان وغلائه الفاحش ،
    وتكاليفه الباهظه وقفر مآكله المجمدة والمعلبة ، والمجففة ، و ضحالة وشحِّ مشاربه الملوثه ،
    ولا تستطيع شراء مستلزمات البيت الضرويه ، وربما تعود بخفي حنين ، وسلتها فارغةٌ وخاويه ،
    فأجاأها طلق المخاض مغايراً لفصوله وعوارضه ، ولميقاته المُخبّأ كالقارعه ،
    ...........................................................................................................................
    قالت في نفسها: لا أدري ما العمل!!، هل أمنعه وأكتمه للغيظ كاظمه ؟
    أم أدفعه عني حتى أجد مكاناً ساتراً ، ويحين موعده بالساعة والثانيه ،
    كلاّ ، لا أستطيع تأجيله ، فإن حلّ موعده المُقدَّر لا بدّ أن أوفي بعهدي وأوافقه طائعه ،
    سرحت بنظرها المتوجّس تستعرض المركبات المارة في الشارع الرئيسي
    لعلها تجد مركبة تقلها الى المستشفى مسرعه ،
    تذكّرتُ أنها لا تملك حتى أجرة المركبة ، بعد شراء الخبز والملح ،
    ولا رسم المستشفى الذي يتوجب دفعه مقدّماً ، وكذلك أتعابه وتوابعه ،
    واشتدّ الطلّق وشعرت بدوّارٍ ، وإذا بها في غيبوبة الآلام تفترش الأرض ،
    وتملأُ المكان صياحاً ، فالتمّ عليها المارة بالشارع ، وأوقفوا سيارةً سياحية قادمه ،
    وحمَّلوها في السيارة ، وهي في غيبوبتها مسترسله ،
    وأسرع سائق السيارة باتجاه المستشفى مدفوعاًً بنخوته وشهامته ، ووطنيته المتأصِّله ،
    ...........................................................................................................................
    اقترب بسيارته من الحاجز الأول ، وعند لافتةٍ كتب عليها "هدّيء السرعة أمامك نقطة تفتيش"
    أشعل الضوء العالي ، وشدّ بكفّه على منبه السيارة ،
    وقدمه كانت على دعّاسة البنزين ضاغطه ،
    للدلالة على خطورة وإنسانية الحاله التي يقلّها بسيارته المسرعه ،
    كان سائق السيارةِ سائحاً في وطنه بسيارة مستأجرة ،
    قدم الى مسقط رأسه بتأشيرة زيارة صدرت من سفارة المحتل لوطنه محدودة ومحدده ،
    وبعد فراقٍ طويل في غربته وصبابته الموحشه المؤرِّقه ،
    أغلق العسكر الحاجز في وجهه ، وأشاروا عليه بالنزول من السيارة هو وجميع الركاب للتفتيش ،
    أشار الى المرأة الجالسة في سيارته تصارع الطلق بانتظار الولاده متألّمه ،
    أصرّ العسكر على طلبهم ، فلتنزل هي أيضاً للتفتيش ، تعاونوا وأنزلوها ،
    هذه تكذب ، إنها تحمل متفجرات قاتله ،
    استغرب السائح في وطنه من طلب العسكر ، وقال لهم: هل أنتم بشر؟ ، من الدّم واللحم ،
    ولكم قلب وله جوارحه ؟، ولكم وجدان إنساني وله أحاسيسه وعواطفه؟!
    أنظروا الى الدماء تنزف على مقعد السيارة ، إنها تموت هي وجنينها ، إنكم عصبةً مسافحه ،
    فأجابوه: هذا دمٌ كذِبٌ كالدم الذي وضع على قميص يوسف كضلالة خادعه ،
    هيّا لا تضيعوا الوقت أنزلوها على الرصيف صاغره ،
    صاح بها العسكري "هيّا انزلي أيتها الكاذبه ، ورمقته بنظرةٍ فتاكةٍ وساخره ،
    وهي للمخاض دافعه ، وللآلام كاتمه ومقاومه ومكابده ،
    ...........................................................................................................................
    صاح العسكري بالسائح:
    إدفع أولاً المخالفة ، فالسرعة كانت عن حدّها زائده ،
    ثم أدخلوها الى غرفة تفتيش النساء لتفتيشها عاريه ،
    وبعد أخذٍ وردّ وممانعة وموافقة مُتردده :
    استدعوا سائق السيارة السائح الغريب في وطنه وأخبروه ،
    تقرير التفتيش يقول:
    حقّاً لقد كانت في حالة ولادة ، إنها هذه المرة صادقه ، وصورة الأشعة تقول:
    إنّ الخوف من الجنين ، لقد كانت حركته في بطن أمه غير عادية ، ومُستنفره ،
    قال لهم السائح " أعطوني ما يثبت تفتيشها لإبرازه على الحواجز القادمه ،
    رفضوا طلبه وقالوا له : لكل حاجز قوانينه وأساليبه وعيونه المفتوحة والساهره ،
    وتخطى السائق الحاجز الأول مسرعاً يسابق المخاض لا يصدّق المهزله،
    وجلست بجانبها تهدّيء من روعها أختٌ لها من المارة في الشارع ،
    ليست من أمها وأبيها ، لكنها مواطنة صالحة ، وللخير فاعله ، بجهدها ووقتها مُتبرِّعه ،
    اقتربت السيارة من الحاجز الثاني مُسرعه ، ولضوئها العالي مُشعله ،
    ودار نقاش حاد بين السائح في وطنه والعساكر ، وكانت المجادلة ، واشتدت المناكفه ،
    هيّا انزلوها للتفتيش ، إنها مخادعه ، إنها مخربه ،
    وأنزلوها للرصيف ، هيا احملوها لغرفة تفتيش النساء ،
    كيف نحملها؟! ودماؤها كانت نازفه ، على الرصيف جاريه ؟!،
    وصاح صوت من جَنينٍ للحياةِ قادمٍ ، وكانت المفاجأه ،
    ولادةٌ مُيسّره ، ظروفها مُعسّره ، وطفلةٌ محجله ، وللحياة باسمه ،
    كآيةٌ مرتّله ، وقصيدةٍ موزونةٍ ومقفيه. إنها أنشودةٌ وطنيةٌ متناغمه ، وزهرةٌ متفتحه ،
    نادى العساكر سائق السيارة وقالوا له ، " يالله خبيبي بسيدر ، أعدها لسيارتك ،
    واغرُبْ بها عن وجوهنا" إنها نفاثةٌ وقاذفه ، كآلة التفريخ ، لقد ثبت أنها كانت صادقه ،
    لكن نظرة المولودة إلينا كانت غاضبة ، مُستهجنة ومُستحقرة ، سنضعها تحت المراقبه ،
    وكأنّ لسان حالهم كان يقول سراً في دواخلهم: إنها امرأة كالجبال راسخة ، وصابرة ، وصامده ،
    إنها كزيتونةٌ مُخضرمة ، وتينةٍ بأرضها مُتجذرة ، وعنبةٍ بكرمها مُعلّقه ،
    حقاً إنكم أمةٌ نساؤها ملائكة .. جبابره ، رجالها قياصره ... أباطره .... جبابره.

    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    3 أيار 2008
    د.ابراهيم الدابوقي
    د.ابراهيم الدابوقي

    {{ المشرف العام }}
    ولادة على الرصيف 15751610


    الجنس : ذكر
    البرج : الثور
    عدد المشاركات : 22376
    العمر : 50
    البلد : الأردن
    الحالة الاجتماعية : متزوج
    التخصص : طبيب أسنان
    نقاط النشاط : 14345
    الاعجاب : 183
    المهنة : ولادة على الرصيف Doctor10
    المزاج : ولادة على الرصيف 453210
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    ولادة على الرصيف Empty رد: ولادة على الرصيف

    مُساهمة من طرف د.ابراهيم الدابوقي السبت 9 أكتوبر 2010 - 11:04

    يعطيك العافية
    أبدعت
    رماد الذكريات
    رماد الذكريات


    ولادة على الرصيف Stars3



    الجنس : انثى
    البرج : العذراء
    عدد المشاركات : 421
    العمر : 37
    البلد : فلسطينية
    الحالة الاجتماعية : عزباء
    نقاط النشاط : 100
    الاعجاب : 2
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    ولادة على الرصيف Empty رد: ولادة على الرصيف

    مُساهمة من طرف رماد الذكريات السبت 9 أكتوبر 2010 - 20:30

    تم النقل الي قسم الابداع باقلامنا

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 29 سبتمبر 2024 - 12:34