..........................
بعد أن هُدِمَ بيتها ، وفقدت اثنين من أبنائها ، واودِعَ زوجها السجن ،
وبينما كانت تسيرُ تائهةً ، وهائمةً على وجهها باحثةً في وطنها عن مكان آمنٍ تأوي اليه ، وتسكنه ،
وساعيةً في مناكبها طالبةً للرزق من رازقه ومانحه ، وكادحةًً إلى ربها كدحاً حتى تقابله ،
وكانت في نفس الوقت هاربةً من زمانٍ قادم ، يتسارعُ نحوها مكشراً عن أنيابه كالذئاب الجائعه ،
لا تصدّق مُخبِريه وصانعي أحداثه ، وزارعي مصائبه ونوائبه ،
لتنمو وتكبر فيحصدها الكادحون في مناكبها طلباً للرزق بأجر زهيد ،
وهم الكثر في هذا الزمان وحاضره،
ويجمع الكثر حصادها بعرقهم ، ويجنون ثمارها المحرمة عليهم والمرة الطعم بمذاقهم ،
والمحللة لغيرهم واللذيذة بمذاق المتحكمين بمقاليد الزمان ومصائره ،
والذين يعيدون تخزينها وبيعها على الكادحين بأثمانٍ باهظة ،
فيسترد القلة من المتحكمين بيدهم اليمنى من الكثر، ما دفعوه لهم باليد اليسرى أضعافاً مضاعفه ،
لقاء عرقهم وجهدهم ومعاناتهم القاسيه ،
وكانت تهذي ، لا تصدّق أسعار هذا الزمان وغلائه الفاحش ،
وتكاليفه الباهظه وقفر مآكله المجمدة والمعلبة ، والمجففة ، و ضحالة وشحِّ مشاربه الملوثه ،
ولا تستطيع شراء مستلزمات البيت الضرويه ، وربما تعود بخفي حنين ، وسلتها فارغةٌ وخاويه ،
فأجاأها طلق المخاض مغايراً لفصوله وعوارضه ، ولميقاته المُخبّأ كالقارعه ،
...........................................................................................................................
قالت في نفسها: لا أدري ما العمل!!، هل أمنعه وأكتمه للغيظ كاظمه ؟
أم أدفعه عني حتى أجد مكاناً ساتراً ، ويحين موعده بالساعة والثانيه ،
كلاّ ، لا أستطيع تأجيله ، فإن حلّ موعده المُقدَّر لا بدّ أن أوفي بعهدي وأوافقه طائعه ،
سرحت بنظرها المتوجّس تستعرض المركبات المارة في الشارع الرئيسي
لعلها تجد مركبة تقلها الى المستشفى مسرعه ،
تذكّرتُ أنها لا تملك حتى أجرة المركبة ، بعد شراء الخبز والملح ،
ولا رسم المستشفى الذي يتوجب دفعه مقدّماً ، وكذلك أتعابه وتوابعه ،
واشتدّ الطلّق وشعرت بدوّارٍ ، وإذا بها في غيبوبة الآلام تفترش الأرض ،
وتملأُ المكان صياحاً ، فالتمّ عليها المارة بالشارع ، وأوقفوا سيارةً سياحية قادمه ،
وحمَّلوها في السيارة ، وهي في غيبوبتها مسترسله ،
وأسرع سائق السيارة باتجاه المستشفى مدفوعاًً بنخوته وشهامته ، ووطنيته المتأصِّله ،
...........................................................................................................................
اقترب بسيارته من الحاجز الأول ، وعند لافتةٍ كتب عليها "هدّيء السرعة أمامك نقطة تفتيش"
أشعل الضوء العالي ، وشدّ بكفّه على منبه السيارة ،
وقدمه كانت على دعّاسة البنزين ضاغطه ،
للدلالة على خطورة وإنسانية الحاله التي يقلّها بسيارته المسرعه ،
كان سائق السيارةِ سائحاً في وطنه بسيارة مستأجرة ،
قدم الى مسقط رأسه بتأشيرة زيارة صدرت من سفارة المحتل لوطنه محدودة ومحدده ،
وبعد فراقٍ طويل في غربته وصبابته الموحشه المؤرِّقه ،
أغلق العسكر الحاجز في وجهه ، وأشاروا عليه بالنزول من السيارة هو وجميع الركاب للتفتيش ،
أشار الى المرأة الجالسة في سيارته تصارع الطلق بانتظار الولاده متألّمه ،
أصرّ العسكر على طلبهم ، فلتنزل هي أيضاً للتفتيش ، تعاونوا وأنزلوها ،
هذه تكذب ، إنها تحمل متفجرات قاتله ،
استغرب السائح في وطنه من طلب العسكر ، وقال لهم: هل أنتم بشر؟ ، من الدّم واللحم ،
ولكم قلب وله جوارحه ؟، ولكم وجدان إنساني وله أحاسيسه وعواطفه؟!
أنظروا الى الدماء تنزف على مقعد السيارة ، إنها تموت هي وجنينها ، إنكم عصبةً مسافحه ،
فأجابوه: هذا دمٌ كذِبٌ كالدم الذي وضع على قميص يوسف كضلالة خادعه ،
هيّا لا تضيعوا الوقت أنزلوها على الرصيف صاغره ،
صاح بها العسكري "هيّا انزلي أيتها الكاذبه ، ورمقته بنظرةٍ فتاكةٍ وساخره ،
وهي للمخاض دافعه ، وللآلام كاتمه ومقاومه ومكابده ،
...........................................................................................................................
صاح العسكري بالسائح:
إدفع أولاً المخالفة ، فالسرعة كانت عن حدّها زائده ،
ثم أدخلوها الى غرفة تفتيش النساء لتفتيشها عاريه ،
وبعد أخذٍ وردّ وممانعة وموافقة مُتردده :
استدعوا سائق السيارة السائح الغريب في وطنه وأخبروه ،
تقرير التفتيش يقول:
حقّاً لقد كانت في حالة ولادة ، إنها هذه المرة صادقه ، وصورة الأشعة تقول:
إنّ الخوف من الجنين ، لقد كانت حركته في بطن أمه غير عادية ، ومُستنفره ،
قال لهم السائح " أعطوني ما يثبت تفتيشها لإبرازه على الحواجز القادمه ،
رفضوا طلبه وقالوا له : لكل حاجز قوانينه وأساليبه وعيونه المفتوحة والساهره ،
وتخطى السائق الحاجز الأول مسرعاً يسابق المخاض لا يصدّق المهزله،
وجلست بجانبها تهدّيء من روعها أختٌ لها من المارة في الشارع ،
ليست من أمها وأبيها ، لكنها مواطنة صالحة ، وللخير فاعله ، بجهدها ووقتها مُتبرِّعه ،
اقتربت السيارة من الحاجز الثاني مُسرعه ، ولضوئها العالي مُشعله ،
ودار نقاش حاد بين السائح في وطنه والعساكر ، وكانت المجادلة ، واشتدت المناكفه ،
هيّا انزلوها للتفتيش ، إنها مخادعه ، إنها مخربه ،
وأنزلوها للرصيف ، هيا احملوها لغرفة تفتيش النساء ،
كيف نحملها؟! ودماؤها كانت نازفه ، على الرصيف جاريه ؟!،
وصاح صوت من جَنينٍ للحياةِ قادمٍ ، وكانت المفاجأه ،
ولادةٌ مُيسّره ، ظروفها مُعسّره ، وطفلةٌ محجله ، وللحياة باسمه ،
كآيةٌ مرتّله ، وقصيدةٍ موزونةٍ ومقفيه. إنها أنشودةٌ وطنيةٌ متناغمه ، وزهرةٌ متفتحه ،
نادى العساكر سائق السيارة وقالوا له ، " يالله خبيبي بسيدر ، أعدها لسيارتك ،
واغرُبْ بها عن وجوهنا" إنها نفاثةٌ وقاذفه ، كآلة التفريخ ، لقد ثبت أنها كانت صادقه ،
لكن نظرة المولودة إلينا كانت غاضبة ، مُستهجنة ومُستحقرة ، سنضعها تحت المراقبه ،
وكأنّ لسان حالهم كان يقول سراً في دواخلهم: إنها امرأة كالجبال راسخة ، وصابرة ، وصامده ،
إنها كزيتونةٌ مُخضرمة ، وتينةٍ بأرضها مُتجذرة ، وعنبةٍ بكرمها مُعلّقه ،
حقاً إنكم أمةٌ نساؤها ملائكة .. جبابره ، رجالها قياصره ... أباطره .... جبابره.
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
3 أيار 2008
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd