عاشقان على ضفتي قلب
...............................
هو العاشق، ولكن من يكون هو؟
إنه هشام ، ولد على ش*********ء ضفة القلب الغربية،
غادر جده العاشر مسقط رأسه في الضفة الشرقية للقلب عازباً منذ القدم، وبالتحديد في عهد الدولة العباسية، بدون جواز سفر، بدون تأشيرة زيارة أو تأشيرة عمل، وبدون مرور على معبر حدود، أو توقف للتفتيش على نقطة أمنية على الطريق، ففي لحظة عابرة على خاطره، وبعد أن أكمل دراسته بالكتاب، خطرت على باله فكرة السفر من الضفة الشرقية للقلب باحثاً عن مصدر رزق في الضفة الغربية لهذا القلب، واستقر هناك في ميناء يعمل كاتباً للحسابات، وتزوج من هناك زوجة ولدت من أبوين يسكنان على ش*********ء الضفة الغربية للقلب في الميناء، منحدرين من أصول كنعانية ممتدة جذورهما الى عصر الدولة الكنعانية قبل أكثر من خمسة آلاف سنة، لتلتقي مع جذوره، وظل يتجول ما بين ضفتي القلب ذهاباً وإيابا،ً وليلاً ونهاراً وبأمن وسلام، وكلما شاء وذلك في تواصل مع أقاربه في الضفة الشرقية وأنسبائه في الضفة الغربية للقلب، وكلما كان يشعر بصدأ في نفسه من غربة الفراق عن الأهل تارة وعن الأسرة تارة أخرى، فيخرج من الوريد الى الشريان ليجلي صدأ الغربة العابر الذي علق بوجدانه. متجولاً بحرية عبر الشرايين والأوردة المتشعبة في جسد متواصل ومتصل، من الأذين الأيسر الى الأذين الأيمن، ومن البطين الأيمن الى البطين الأيسر، منساباً بدون عقبات وتصلبات وتخثرات وتجلطات في الممرات، يقطع المفاصل والفواصل بدون عناء أو توقف. ومن نسله كان هشام بطل القصة. فهشام نصفه شرقي الهوى ونصفه الآخر غربي العشق، ولم يكن توأماً سيامياً يمكن الفصل بين نصفيه ليتكاثر على طريقة تكاثر الخلايا السرطانية. فالقلب واحد والكبد واحد والدماغ واحد والمصير مشترك. فلا مجال للفصل ولا معنىً له.
في سنة النكبة عام 1948م تناوب والداه على حمله طفلاً ليقطعا مسافة طويلة جداً مشياً على الأقدام، تحت زخ مطر صيفي من الرصاص الحي وندف القنابل ووطأة الحر، وتركا الميناء والبيت مُكرهيْن مُهجَّرين من فتك عصابات سطو مسلحة بسلاح فتاك دهمت الوطن، لا تفرق بين ثائر مقاوم بإمكاناته البسيطة وشيخ أوطفل أو امرأة، وكانا يحملان معهما مفتاح وكوشان البيت وطابو الأرض وعصملية ذهب كانت معلقة في رقبة ام هشام بخيط كتاني، تاركة وراءها تسع عصمليات في مخبأ تحت عتبة البيت. على أمل العودة في وقت موعود قريب. ووصلا مع ابنهما الى الضفة الشرقية للقلب عائدين لمسقط رأس جد هشام العاشر هناك في البطين الأيمن للقلب. وطال الإنتظار ولم تتحقق العودة، وكبر هشام وترعرع، وأكمل دراسته الجامعية وتخرج من كلية الهندسة من جامعة القاهرة بمصر، والتحق بسلاح الهندسة بالجيش ضابطاً متحمساً وطامحاً للعودة الى مسقط رأسه. ولفت نظره ابنة الجيران التي كان يصادفها يومياً في ذهابه للعمل بينما هي ذاهبة للمدرسة، حيث كانت تحضر اليه سيارة جيب عسكري لتقله لعمله بالمعسكر في مدينة الزرقاء. ولفت نظرها كذلك ببزته العسكرية وقامته المعتدلة ووسامته وكبريائه ورشاقته عندما يمتطي السيارة. ولكن من تكون هي؟
إنها سهام، مولودة بالأذين الأيمن في الضفة الشرقية للقلب من أب جاء مغادراً طوعاً وعلى حين غرة وبدون سابق إنذار من الأذين الأيسر في الضفة الغربية للقلب باحثاً عن مصدر رزق في الضفة الأخرى، إذ قدم اليها منذ أواخر عهد الدولة العثمانية، وكذلك بدون جواز سفر أو تأشيرة وبدون المرور على معبر حدود أو الوقوف على نقطة تفتيش آمناً مطمئناً، واستقر في الضفة الشرقية للقلب وتعرف هناك على أهل أم سهام الذين ورثوا هذه الأرض عن أجدادهم منذ القدم الموغل في التاريخ. وخطبها وتزوجها. وبنى بيتاً هناك وظل يروح ذهاباً وإياباً ما بين الضفتين في زيارة لأقاربه وأنسبائه. مثله كمثل أبي هشام. فسهام نصفها غربي المنشأ والنصف الآخر شرقي الإقامة، ولم تكن توأماً سيامياً يمكن الفصل بين نصفيها لتتكاثر على طريقة تكاثر الخلايا السرطانية. فالقلب واحد والكبد واحد والدماغ واحد والمصير مشترك. فلا مجال للفصل ولا معنىً له.
إلى أن جاء يوم وسلب فيه أكثر من نصف البطين الأيمن والأذين الأيسر من الجانب الآخر للقلب. فتحددت حركة ابي سهام كما تحددت حركة ابي هشام بحدود اصطناعية طارئة على التاريخ.
التقى هشام وسهام ذات يوم في أحد سراديب الحارة وجهاً لوجه حيث كان السرداب خالياً من المارة، فاحمر وجهها بهاجس الإعجاب، وخفق قلبه بهاجس الحب عن بعد ورهبة اللقاء، ووقفا في منتصف السرداب دون سيطرة على أقدامهما التي تسمرت بالتراب يحدقان ببعضهما. وكأن كلاهما كان ينتظر هذه الصدفة. وبدا هو متلعثماً لا يقدر على المبادرة بالكلام بالرغم من أنه عسكري تربى على الخشونة وقسوة القلب والشجاعة والسطوة في ميادين القتال والجرأة وعدم إظهار أي ضعف للغير. فهذه المعركة تختلف فيها سمات الرجولة عن معركة القتال الحقيقية لا بل تغايرها. فسمات الرجولة في هذه المعركة هي الرقة واللين واللطف وإضفاء الحنان، فهبوب نسمات الحب والمودة والسكينة أقوى من رياح الحروب المجنونة كما فطرها الخالق في نفوس مخلوقاته، وهي أرفعها درجة وأرقاها في الإنسان. فهو نبض فطري عصي على المقاومة والكتمان، ويذيب قساوة القلب ويصهرها فتتحول الى بخارٍ متسامٍ بالسماء يهفهف بالنسائم المنعشة الرقيقة ويعبق بروائح الفل والياسمين. طلب منها أن تسمح له بالحديث معها قليلاً وهو يلتفت يمنة ويسرة يخشى عليها من كلام الناس. كذلك كان يخشى هو على هيبته العسكرية. حيث كان يرتدي بزته العسكرية التي زادته أناقة ورجولة وخشونة محببة لنفس الجنس المقابل. فالتاج يعتلي الشنب الأسود الكثيف واللحية الحليقة التي تكشف عن بشرة حنطية دهمتها حمرة الدماء المتأججة بالشباب التي اعتلت هضبتي وجنتيه. والبدلة العسكرية المنشية والبسطار والقايش(الحزام) اللامعين.
أما هي فكانت ترتدي المريول الأخضر الذي يكشف عن ساقين ممشوقتين ممتلئتين لامعتين في ظلال جدران السرداب التي حجبت نور الشمس وصدت وهجها، وقد ربطت شعرها الطويل الفاحم الكثيف كذنبة الفرس فكشف عن وجهها المستدير المشرق، وأذنيها الدقيقتين، وعينيها الواسعتين اللتين يتوسط بياضهما الصافي حدقتين سوداوتين كغيمة سوداء ماطرة سمحة القياد سكوبة تتوسط غيوماً صيفية بيضاء ناصعة فتغسل بياض عينيها فيبدو ناصعاً لامعاً، ورموشها السوداء التي كانت تمتد من ش*********ء عينيها الساحرتين لتلامس وجنتيها النافرتين الملوح بياضهما بالحمرة من أشعة الشمس الساطعة التي لفحتها في طريقها من المدرسة الى البيت فزادتها حيوية ونشاطاً وألقاً. فبدت كمهرة عربية أصيلة مدللة ومتحفزة للإنطلاق كالسهم في سباق مراثوني طويل.
سألها من أي بلد أنت يا سهام؟
قالت له : هذا سؤالٌ محير، بالأمس أخذنا درساً بالتاريخ قلب كل المفاهيم السائدة عن جغرافية اليوم، حيث استنتجنا أن الناس قديماً على طول هذه البلاد وعرضها وامتداداتها الشاسعة لم تكن تسأل هذا السؤال، كان الوطن واحداً من المحيط الى الخليج ومن فاس الى عدن مروراً بطرابلس والخرطوم والقاهرة والقدس وبيروت ودمشق وبغداد ومكة والمدينة المنورة. وذلك قبل أن يجتمع سايكس مع بيكو ليكتبا وثيقة بعثرت هذا الوطن الكبير وقسمته طولياً الى عدة أوطان بحدود ضيقة لكل قسم متعمدة منح الشريط الساحلي على طول البحر لكيانات صغيرة هشة، تجاورها تجمعات ضخمة بدون ميناء أو منفذ بحري. وأسمت هذه الأشلاء المقطعة بسكين الحقد تسميات جديدة دخلت الى ثقافتنا، وترسخت في نفوسنا وانطلى علينا المخطط الحاقد، لذلك لم يكن لهذا السؤال جواب في القدم. ومن كان يسأله يصفونه بالغباء وإشاعة الفرقة بين القوم الواحد. فقبل اجتماع سايكس وبيكو:
أنا من أصول عربية كنعانية، هاجر أجدادي من الجزيرة العربية من قديم قديم الزمان أي قبل أكثر من ستة الاف سنة واستقروا في بلاد الشام وعمروها وظلوا فيها، وتعاقبت عليها الإمبراطوريات واحدة تلو الأخرى، ولم يغادرها ساكنوها من أجدادنا الى أن جاء الفتح الإسلامي قبل ما يقارب القرن والنصف قادماً الينا من أوطان أجدادنا وأصولنا، ولامس أهواءنا ومشاعرنا فدخلنا فيه طوعاً آمنين مطمئنين، فالتم شملنا معهم على هذه الأرض. أما بعد اجتماع سايكس مع بيكو:
انقسمت كلمة "عربية" ذات الخمسة أحرف انقساماً سرطانياً، فنتج عن كل حرف من أحرفها أربعة كيانات بمسميات جديدة ومستجدة على ثقافتنا، وبناءً على القسمة الجديدة والتصنيف الطاريء والعابر: أنا فلسطينية الأصل أردنية المولد والنشأة والهوى لأن أبي من أصول فلسطينية وأمي من أصول أردنية. فقلبي مفطور بالتساوي، نصفه هنا والنصف الآخر هناك. والكروموسومات التي تحدد الصفات الوراثية مشتركة بين الطرفين مناصفة بغض النظر عن العائلة والبلدة التي أنتمي إليها كما هو مسجل في شهادة الميلاد والهوية الوطنية. فحصتي هنا كحصتي هناك.
انتفض هشام وشعر بعدم التوفيق في إصابة الهدف من فرصة سانحة بالإنفراد أمام المرمى الخالي من الحارس، وسوء الحظ في التهديف من بداية المباراة، وضربة طائشة عشوائية اعتلت العارضة الى الآوت البعيد. شعر بنوع من الإهانة الفكرية التي لم يقصدها بنيته ، حيث كان هذا السؤال دارجاً بين الناس وعلى كل لسان في ذلك الوقت، وقال لها أنا بالعكس، أمي فلسطينية وأبي أردني. فأنا أردني فلسطيني. وشعر بالحرج من السؤال الأول، وفكر بالإنسحاب، فلمح رفاً من الأولاد الصغار قادمين من رأس الشارع يقفزون في الهواء الطلق عائدين لبيوتهم من المدارس، فاستعجل الوداع خوفاً من أن يزفهما الصغار بالحارة يهتفون لهم "هيي عروسة وعريس". وودعها وقال: هل تسمحين لي بالكتابة اليك لأعبر لك عن شيءٍ يجول في خاطري.
فردت عليه على الرحب والسعة اكتب ما شئت في حدود اللياقة والأدب وفي إطار العادات والتقاليد. ولكن كيف سنتبادل الرسائل؟
فرد عليها سأفكر بالطريقة، وداعاً يا سهام لقد أوشك الصغار على الوصول فيسببون لك ولي الأذى من ألسنة الناس التي لا ترحم ولا تعلم بالنوايا وما تخبؤه الأفئدة من مشاعر صادقة.
وتبادلا الرسائل المطولة يعبر فيها كل طرف عن مشاعره التي لا يستطيع إظهارها للعلن الى أن يسمح لهما القدر بعقد الزواج الذي لم يتبلور بعد ولم يحن استحقاقه.
وفي أحد الرسائل أعلمته أن عائلتها تريد العودة لمسقط رأس والدها للإستقرار فيها، حيث صار الحنين الى مسقط الرأس والجذور يغالبهم جميعاً ويشدهم بقوة جذب لم يعودوا يقوون على مقاومتها، سيما وأن مسقط رأس والدها كان في الجزء المتبقي من جانب القلب الغربي الآخر ولم يسرقه المحتلون الغاصبون بعد. ورد عليها فرحاً سعيداً بالخبر حيث تسلم هو كتاب نقله الى معسكر في الجانب الغربي المتبقي من القلب وهو قريب على مسقط رأس والدها. وسوف يتواصلان هناك.
وصارا يلتقيان عن بعد في محيط مقرهما الجديد في الضفة الغربية للقلب في إطار ظاهر وبدون تماس وذلك على جسر الجوار والصداقة والأخوة والعيش والملح المتجذر بين العائلتين. وينتظران تخرجها من معهد المعلمات ليتقدم بطلب يدها على سنة الله ورسوله. وقبل موعد الإستحقاق بسنة اندلعت حرب النكسة التي سرق على أثرها ما تبقى من الجزء الآخر للقلب. فانتقل هشام مجبراً الى الضفة الشرقية للقلب على ضوء نتيجة المعركة. وظلت سهام مقيمة في الضفة الغربية للقلب لتربط جذورها بجذور أجدادها صامدة صابرة على ممارسات المحتلين. وقاست من وحدة الزنازين وعذاب السجانين في سجون الإحتلال وما زالت تكابد من قيود السجن الكبير الذي أقامه الإحتلال على الأرض التي سرقها وسطا عليها ويحكمها بغطرسة القوة.
وبعد أقل من سنة من النكسة خاض معركة مع المحتلين في الكرامة، وفوجيء بشقيق حبيبته سهام يدافع معه جنباً الى جنب وكتفاً الى كتف في أرض الكرامة على الضفة الشرقية من القلب، وتعانقا طويلاً في استراحة للمحاربين. وكانت معركة استعادت فيها الأمة كرامة جيشها ورجالها المقاومين الباجثين عن حقوقهم المهدورة وأراضيهم المغتصبة. ولم يرق الأمر للوشاة والغزاة والمحتلين والكارهين لهذه اللحمة، وشعروا جميعاً بخطرها على مصالحهم، فأوقدوا نار الفتنة بين الشقيقين ملقين بكل ما يملكون من مصادر القوة في معركة الفتنة. واقتتل الشقيقان قتالاً مريراً على النفس، وفوجيء هشام وشقيق حبيبته سهام بمواجهة أحدهما للآخر مشهراً سلاحه في وجه جاره وشقيقه وصديقه العزيز المخلص. فسقط سلاحهماعلى الأرض دون شعور منهما بذلك، ووقفا مشدوهين، وركضا باتجاه بعضهما البعض يتعانقان، وبينما هما في عناق حار طويل ينتحبان من شدة الموقف ووطأته على نفسيهما، نسي كل واحد منهما واجبه في تصفية الآخر أو أسره مقيداً، واستيقظا من غيابهما عن الوعي لهول المفاجأة والصدمة على صوت يأتي من الغرب يتقاطع مع صوتٍ آخر قادماً من الشرق، يهتفان بنفس الكلمات "أطلق النار على العدو، اقتله ، ماذا تنتظر"، وأدار كل واحد منهما وجهه باتجاه قائده وقالا بصوت واحد " لسنا بأعداء ، ولن نطلق النار على بعضنا البعض مهما كان الثمن، عدونا واحد، مصيرنا واحد، نحن أشقاء وجيران وأصهار وأصدقاء وأحباب". وتعرض كليهما للمحاكمة العسكرية وتم تسريحهما من الخدمة العسكرية.
وما زال العاشقان ينتظران لحظة اللقاء المشروع الذي حرمه الإحتلال البغيض وحال وما يزال يحول دون تحقيقه. ذلك الإحتلال الذي يقتل كل شعور بالحب والأمن والعيش بسلام. وهاهما قد وضعا قدماهما على عتبة مرحلة الكهولة. يكتبان مذكراتهما ويتبادلان رسائل الذكريات على الضفتين، ويعيشان الإنتظار بكل قسوته وجبروته على النفس. تفصل بينهما المعابر والحواجز والجدران، فهي متمسكة بأرض والدها ولن تعطي العدو فرصة يتمناها وذلك بنزوحها عن مسقط رأس والدها لتحافظ على وجودها، لأنها تعيش حالة حب أكبر من حالة عشقها، إنه حب الوطن والأرض الذي هو أقوى من خيوط العشق والغرام. ولا يكتمل العشق الاّ في أحضان الحرية بالوطن. لأن الصراع المحتدم هو صراع على الوجود، وهو ممنوع من الدخول للضفة الغربية من القلب بقرار من المحتل على الرغم من معاهدة السلام وذلك لأنه لم يقتل شقيقها يوم أن اقتتل الأشقاء وتقابلا خصمين في أيلول، ولأنه في رسائله إليها يقرها ويساندها ويدعوها للصمود والتصدي لمخططات العدو، ولأن المحتل غاشمٌ لا يفهم لغة الحب والعواطف والمشاعر الإنسانية، ومجرد من القيم الأخلاقية، وظل صابراً على عزوبيته الطويلة وشوقه للبنين الذين هم زينة الحياة الدنيا.
وما زال العاشقان يتسلحان بالصبر وكظم مشاعر الحب على أمل أن يعم السلام بزوال الإحتلال البغيض فيلتقيان على العهد والوعد ليعيدا سيرة مفعمة بالحب والوئام بين ضفتي القلب يتشوق اليها الجميع. فالنار التي تصليها هي في الضفة الغربية من القلب، تذروها الرياح التي تهب عاتية من جوف المحتلين الغاصبين الطامعين باتجاه الضفة الشرقية من القلب، فتلفحه هو بحرارتها وتتجه السنة لهبها باتجاهه تتلوى كالأفعى وتصدر فحيحاً منذراً بالخطر.
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
28/3/2010م
...............................
هو العاشق، ولكن من يكون هو؟
إنه هشام ، ولد على ش*********ء ضفة القلب الغربية،
غادر جده العاشر مسقط رأسه في الضفة الشرقية للقلب عازباً منذ القدم، وبالتحديد في عهد الدولة العباسية، بدون جواز سفر، بدون تأشيرة زيارة أو تأشيرة عمل، وبدون مرور على معبر حدود، أو توقف للتفتيش على نقطة أمنية على الطريق، ففي لحظة عابرة على خاطره، وبعد أن أكمل دراسته بالكتاب، خطرت على باله فكرة السفر من الضفة الشرقية للقلب باحثاً عن مصدر رزق في الضفة الغربية لهذا القلب، واستقر هناك في ميناء يعمل كاتباً للحسابات، وتزوج من هناك زوجة ولدت من أبوين يسكنان على ش*********ء الضفة الغربية للقلب في الميناء، منحدرين من أصول كنعانية ممتدة جذورهما الى عصر الدولة الكنعانية قبل أكثر من خمسة آلاف سنة، لتلتقي مع جذوره، وظل يتجول ما بين ضفتي القلب ذهاباً وإيابا،ً وليلاً ونهاراً وبأمن وسلام، وكلما شاء وذلك في تواصل مع أقاربه في الضفة الشرقية وأنسبائه في الضفة الغربية للقلب، وكلما كان يشعر بصدأ في نفسه من غربة الفراق عن الأهل تارة وعن الأسرة تارة أخرى، فيخرج من الوريد الى الشريان ليجلي صدأ الغربة العابر الذي علق بوجدانه. متجولاً بحرية عبر الشرايين والأوردة المتشعبة في جسد متواصل ومتصل، من الأذين الأيسر الى الأذين الأيمن، ومن البطين الأيمن الى البطين الأيسر، منساباً بدون عقبات وتصلبات وتخثرات وتجلطات في الممرات، يقطع المفاصل والفواصل بدون عناء أو توقف. ومن نسله كان هشام بطل القصة. فهشام نصفه شرقي الهوى ونصفه الآخر غربي العشق، ولم يكن توأماً سيامياً يمكن الفصل بين نصفيه ليتكاثر على طريقة تكاثر الخلايا السرطانية. فالقلب واحد والكبد واحد والدماغ واحد والمصير مشترك. فلا مجال للفصل ولا معنىً له.
في سنة النكبة عام 1948م تناوب والداه على حمله طفلاً ليقطعا مسافة طويلة جداً مشياً على الأقدام، تحت زخ مطر صيفي من الرصاص الحي وندف القنابل ووطأة الحر، وتركا الميناء والبيت مُكرهيْن مُهجَّرين من فتك عصابات سطو مسلحة بسلاح فتاك دهمت الوطن، لا تفرق بين ثائر مقاوم بإمكاناته البسيطة وشيخ أوطفل أو امرأة، وكانا يحملان معهما مفتاح وكوشان البيت وطابو الأرض وعصملية ذهب كانت معلقة في رقبة ام هشام بخيط كتاني، تاركة وراءها تسع عصمليات في مخبأ تحت عتبة البيت. على أمل العودة في وقت موعود قريب. ووصلا مع ابنهما الى الضفة الشرقية للقلب عائدين لمسقط رأس جد هشام العاشر هناك في البطين الأيمن للقلب. وطال الإنتظار ولم تتحقق العودة، وكبر هشام وترعرع، وأكمل دراسته الجامعية وتخرج من كلية الهندسة من جامعة القاهرة بمصر، والتحق بسلاح الهندسة بالجيش ضابطاً متحمساً وطامحاً للعودة الى مسقط رأسه. ولفت نظره ابنة الجيران التي كان يصادفها يومياً في ذهابه للعمل بينما هي ذاهبة للمدرسة، حيث كانت تحضر اليه سيارة جيب عسكري لتقله لعمله بالمعسكر في مدينة الزرقاء. ولفت نظرها كذلك ببزته العسكرية وقامته المعتدلة ووسامته وكبريائه ورشاقته عندما يمتطي السيارة. ولكن من تكون هي؟
إنها سهام، مولودة بالأذين الأيمن في الضفة الشرقية للقلب من أب جاء مغادراً طوعاً وعلى حين غرة وبدون سابق إنذار من الأذين الأيسر في الضفة الغربية للقلب باحثاً عن مصدر رزق في الضفة الأخرى، إذ قدم اليها منذ أواخر عهد الدولة العثمانية، وكذلك بدون جواز سفر أو تأشيرة وبدون المرور على معبر حدود أو الوقوف على نقطة تفتيش آمناً مطمئناً، واستقر في الضفة الشرقية للقلب وتعرف هناك على أهل أم سهام الذين ورثوا هذه الأرض عن أجدادهم منذ القدم الموغل في التاريخ. وخطبها وتزوجها. وبنى بيتاً هناك وظل يروح ذهاباً وإياباً ما بين الضفتين في زيارة لأقاربه وأنسبائه. مثله كمثل أبي هشام. فسهام نصفها غربي المنشأ والنصف الآخر شرقي الإقامة، ولم تكن توأماً سيامياً يمكن الفصل بين نصفيها لتتكاثر على طريقة تكاثر الخلايا السرطانية. فالقلب واحد والكبد واحد والدماغ واحد والمصير مشترك. فلا مجال للفصل ولا معنىً له.
إلى أن جاء يوم وسلب فيه أكثر من نصف البطين الأيمن والأذين الأيسر من الجانب الآخر للقلب. فتحددت حركة ابي سهام كما تحددت حركة ابي هشام بحدود اصطناعية طارئة على التاريخ.
التقى هشام وسهام ذات يوم في أحد سراديب الحارة وجهاً لوجه حيث كان السرداب خالياً من المارة، فاحمر وجهها بهاجس الإعجاب، وخفق قلبه بهاجس الحب عن بعد ورهبة اللقاء، ووقفا في منتصف السرداب دون سيطرة على أقدامهما التي تسمرت بالتراب يحدقان ببعضهما. وكأن كلاهما كان ينتظر هذه الصدفة. وبدا هو متلعثماً لا يقدر على المبادرة بالكلام بالرغم من أنه عسكري تربى على الخشونة وقسوة القلب والشجاعة والسطوة في ميادين القتال والجرأة وعدم إظهار أي ضعف للغير. فهذه المعركة تختلف فيها سمات الرجولة عن معركة القتال الحقيقية لا بل تغايرها. فسمات الرجولة في هذه المعركة هي الرقة واللين واللطف وإضفاء الحنان، فهبوب نسمات الحب والمودة والسكينة أقوى من رياح الحروب المجنونة كما فطرها الخالق في نفوس مخلوقاته، وهي أرفعها درجة وأرقاها في الإنسان. فهو نبض فطري عصي على المقاومة والكتمان، ويذيب قساوة القلب ويصهرها فتتحول الى بخارٍ متسامٍ بالسماء يهفهف بالنسائم المنعشة الرقيقة ويعبق بروائح الفل والياسمين. طلب منها أن تسمح له بالحديث معها قليلاً وهو يلتفت يمنة ويسرة يخشى عليها من كلام الناس. كذلك كان يخشى هو على هيبته العسكرية. حيث كان يرتدي بزته العسكرية التي زادته أناقة ورجولة وخشونة محببة لنفس الجنس المقابل. فالتاج يعتلي الشنب الأسود الكثيف واللحية الحليقة التي تكشف عن بشرة حنطية دهمتها حمرة الدماء المتأججة بالشباب التي اعتلت هضبتي وجنتيه. والبدلة العسكرية المنشية والبسطار والقايش(الحزام) اللامعين.
أما هي فكانت ترتدي المريول الأخضر الذي يكشف عن ساقين ممشوقتين ممتلئتين لامعتين في ظلال جدران السرداب التي حجبت نور الشمس وصدت وهجها، وقد ربطت شعرها الطويل الفاحم الكثيف كذنبة الفرس فكشف عن وجهها المستدير المشرق، وأذنيها الدقيقتين، وعينيها الواسعتين اللتين يتوسط بياضهما الصافي حدقتين سوداوتين كغيمة سوداء ماطرة سمحة القياد سكوبة تتوسط غيوماً صيفية بيضاء ناصعة فتغسل بياض عينيها فيبدو ناصعاً لامعاً، ورموشها السوداء التي كانت تمتد من ش*********ء عينيها الساحرتين لتلامس وجنتيها النافرتين الملوح بياضهما بالحمرة من أشعة الشمس الساطعة التي لفحتها في طريقها من المدرسة الى البيت فزادتها حيوية ونشاطاً وألقاً. فبدت كمهرة عربية أصيلة مدللة ومتحفزة للإنطلاق كالسهم في سباق مراثوني طويل.
سألها من أي بلد أنت يا سهام؟
قالت له : هذا سؤالٌ محير، بالأمس أخذنا درساً بالتاريخ قلب كل المفاهيم السائدة عن جغرافية اليوم، حيث استنتجنا أن الناس قديماً على طول هذه البلاد وعرضها وامتداداتها الشاسعة لم تكن تسأل هذا السؤال، كان الوطن واحداً من المحيط الى الخليج ومن فاس الى عدن مروراً بطرابلس والخرطوم والقاهرة والقدس وبيروت ودمشق وبغداد ومكة والمدينة المنورة. وذلك قبل أن يجتمع سايكس مع بيكو ليكتبا وثيقة بعثرت هذا الوطن الكبير وقسمته طولياً الى عدة أوطان بحدود ضيقة لكل قسم متعمدة منح الشريط الساحلي على طول البحر لكيانات صغيرة هشة، تجاورها تجمعات ضخمة بدون ميناء أو منفذ بحري. وأسمت هذه الأشلاء المقطعة بسكين الحقد تسميات جديدة دخلت الى ثقافتنا، وترسخت في نفوسنا وانطلى علينا المخطط الحاقد، لذلك لم يكن لهذا السؤال جواب في القدم. ومن كان يسأله يصفونه بالغباء وإشاعة الفرقة بين القوم الواحد. فقبل اجتماع سايكس وبيكو:
أنا من أصول عربية كنعانية، هاجر أجدادي من الجزيرة العربية من قديم قديم الزمان أي قبل أكثر من ستة الاف سنة واستقروا في بلاد الشام وعمروها وظلوا فيها، وتعاقبت عليها الإمبراطوريات واحدة تلو الأخرى، ولم يغادرها ساكنوها من أجدادنا الى أن جاء الفتح الإسلامي قبل ما يقارب القرن والنصف قادماً الينا من أوطان أجدادنا وأصولنا، ولامس أهواءنا ومشاعرنا فدخلنا فيه طوعاً آمنين مطمئنين، فالتم شملنا معهم على هذه الأرض. أما بعد اجتماع سايكس مع بيكو:
انقسمت كلمة "عربية" ذات الخمسة أحرف انقساماً سرطانياً، فنتج عن كل حرف من أحرفها أربعة كيانات بمسميات جديدة ومستجدة على ثقافتنا، وبناءً على القسمة الجديدة والتصنيف الطاريء والعابر: أنا فلسطينية الأصل أردنية المولد والنشأة والهوى لأن أبي من أصول فلسطينية وأمي من أصول أردنية. فقلبي مفطور بالتساوي، نصفه هنا والنصف الآخر هناك. والكروموسومات التي تحدد الصفات الوراثية مشتركة بين الطرفين مناصفة بغض النظر عن العائلة والبلدة التي أنتمي إليها كما هو مسجل في شهادة الميلاد والهوية الوطنية. فحصتي هنا كحصتي هناك.
انتفض هشام وشعر بعدم التوفيق في إصابة الهدف من فرصة سانحة بالإنفراد أمام المرمى الخالي من الحارس، وسوء الحظ في التهديف من بداية المباراة، وضربة طائشة عشوائية اعتلت العارضة الى الآوت البعيد. شعر بنوع من الإهانة الفكرية التي لم يقصدها بنيته ، حيث كان هذا السؤال دارجاً بين الناس وعلى كل لسان في ذلك الوقت، وقال لها أنا بالعكس، أمي فلسطينية وأبي أردني. فأنا أردني فلسطيني. وشعر بالحرج من السؤال الأول، وفكر بالإنسحاب، فلمح رفاً من الأولاد الصغار قادمين من رأس الشارع يقفزون في الهواء الطلق عائدين لبيوتهم من المدارس، فاستعجل الوداع خوفاً من أن يزفهما الصغار بالحارة يهتفون لهم "هيي عروسة وعريس". وودعها وقال: هل تسمحين لي بالكتابة اليك لأعبر لك عن شيءٍ يجول في خاطري.
فردت عليه على الرحب والسعة اكتب ما شئت في حدود اللياقة والأدب وفي إطار العادات والتقاليد. ولكن كيف سنتبادل الرسائل؟
فرد عليها سأفكر بالطريقة، وداعاً يا سهام لقد أوشك الصغار على الوصول فيسببون لك ولي الأذى من ألسنة الناس التي لا ترحم ولا تعلم بالنوايا وما تخبؤه الأفئدة من مشاعر صادقة.
وتبادلا الرسائل المطولة يعبر فيها كل طرف عن مشاعره التي لا يستطيع إظهارها للعلن الى أن يسمح لهما القدر بعقد الزواج الذي لم يتبلور بعد ولم يحن استحقاقه.
وفي أحد الرسائل أعلمته أن عائلتها تريد العودة لمسقط رأس والدها للإستقرار فيها، حيث صار الحنين الى مسقط الرأس والجذور يغالبهم جميعاً ويشدهم بقوة جذب لم يعودوا يقوون على مقاومتها، سيما وأن مسقط رأس والدها كان في الجزء المتبقي من جانب القلب الغربي الآخر ولم يسرقه المحتلون الغاصبون بعد. ورد عليها فرحاً سعيداً بالخبر حيث تسلم هو كتاب نقله الى معسكر في الجانب الغربي المتبقي من القلب وهو قريب على مسقط رأس والدها. وسوف يتواصلان هناك.
وصارا يلتقيان عن بعد في محيط مقرهما الجديد في الضفة الغربية للقلب في إطار ظاهر وبدون تماس وذلك على جسر الجوار والصداقة والأخوة والعيش والملح المتجذر بين العائلتين. وينتظران تخرجها من معهد المعلمات ليتقدم بطلب يدها على سنة الله ورسوله. وقبل موعد الإستحقاق بسنة اندلعت حرب النكسة التي سرق على أثرها ما تبقى من الجزء الآخر للقلب. فانتقل هشام مجبراً الى الضفة الشرقية للقلب على ضوء نتيجة المعركة. وظلت سهام مقيمة في الضفة الغربية للقلب لتربط جذورها بجذور أجدادها صامدة صابرة على ممارسات المحتلين. وقاست من وحدة الزنازين وعذاب السجانين في سجون الإحتلال وما زالت تكابد من قيود السجن الكبير الذي أقامه الإحتلال على الأرض التي سرقها وسطا عليها ويحكمها بغطرسة القوة.
وبعد أقل من سنة من النكسة خاض معركة مع المحتلين في الكرامة، وفوجيء بشقيق حبيبته سهام يدافع معه جنباً الى جنب وكتفاً الى كتف في أرض الكرامة على الضفة الشرقية من القلب، وتعانقا طويلاً في استراحة للمحاربين. وكانت معركة استعادت فيها الأمة كرامة جيشها ورجالها المقاومين الباجثين عن حقوقهم المهدورة وأراضيهم المغتصبة. ولم يرق الأمر للوشاة والغزاة والمحتلين والكارهين لهذه اللحمة، وشعروا جميعاً بخطرها على مصالحهم، فأوقدوا نار الفتنة بين الشقيقين ملقين بكل ما يملكون من مصادر القوة في معركة الفتنة. واقتتل الشقيقان قتالاً مريراً على النفس، وفوجيء هشام وشقيق حبيبته سهام بمواجهة أحدهما للآخر مشهراً سلاحه في وجه جاره وشقيقه وصديقه العزيز المخلص. فسقط سلاحهماعلى الأرض دون شعور منهما بذلك، ووقفا مشدوهين، وركضا باتجاه بعضهما البعض يتعانقان، وبينما هما في عناق حار طويل ينتحبان من شدة الموقف ووطأته على نفسيهما، نسي كل واحد منهما واجبه في تصفية الآخر أو أسره مقيداً، واستيقظا من غيابهما عن الوعي لهول المفاجأة والصدمة على صوت يأتي من الغرب يتقاطع مع صوتٍ آخر قادماً من الشرق، يهتفان بنفس الكلمات "أطلق النار على العدو، اقتله ، ماذا تنتظر"، وأدار كل واحد منهما وجهه باتجاه قائده وقالا بصوت واحد " لسنا بأعداء ، ولن نطلق النار على بعضنا البعض مهما كان الثمن، عدونا واحد، مصيرنا واحد، نحن أشقاء وجيران وأصهار وأصدقاء وأحباب". وتعرض كليهما للمحاكمة العسكرية وتم تسريحهما من الخدمة العسكرية.
وما زال العاشقان ينتظران لحظة اللقاء المشروع الذي حرمه الإحتلال البغيض وحال وما يزال يحول دون تحقيقه. ذلك الإحتلال الذي يقتل كل شعور بالحب والأمن والعيش بسلام. وهاهما قد وضعا قدماهما على عتبة مرحلة الكهولة. يكتبان مذكراتهما ويتبادلان رسائل الذكريات على الضفتين، ويعيشان الإنتظار بكل قسوته وجبروته على النفس. تفصل بينهما المعابر والحواجز والجدران، فهي متمسكة بأرض والدها ولن تعطي العدو فرصة يتمناها وذلك بنزوحها عن مسقط رأس والدها لتحافظ على وجودها، لأنها تعيش حالة حب أكبر من حالة عشقها، إنه حب الوطن والأرض الذي هو أقوى من خيوط العشق والغرام. ولا يكتمل العشق الاّ في أحضان الحرية بالوطن. لأن الصراع المحتدم هو صراع على الوجود، وهو ممنوع من الدخول للضفة الغربية من القلب بقرار من المحتل على الرغم من معاهدة السلام وذلك لأنه لم يقتل شقيقها يوم أن اقتتل الأشقاء وتقابلا خصمين في أيلول، ولأنه في رسائله إليها يقرها ويساندها ويدعوها للصمود والتصدي لمخططات العدو، ولأن المحتل غاشمٌ لا يفهم لغة الحب والعواطف والمشاعر الإنسانية، ومجرد من القيم الأخلاقية، وظل صابراً على عزوبيته الطويلة وشوقه للبنين الذين هم زينة الحياة الدنيا.
وما زال العاشقان يتسلحان بالصبر وكظم مشاعر الحب على أمل أن يعم السلام بزوال الإحتلال البغيض فيلتقيان على العهد والوعد ليعيدا سيرة مفعمة بالحب والوئام بين ضفتي القلب يتشوق اليها الجميع. فالنار التي تصليها هي في الضفة الغربية من القلب، تذروها الرياح التي تهب عاتية من جوف المحتلين الغاصبين الطامعين باتجاه الضفة الشرقية من القلب، فتلفحه هو بحرارتها وتتجه السنة لهبها باتجاهه تتلوى كالأفعى وتصدر فحيحاً منذراً بالخطر.
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
28/3/2010م
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd