منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    بحث-حالة العالم قبل البعثة المحمديه

    د.سليمان عطوان
    د.سليمان عطوان

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : القوس
    عدد المشاركات : 1185
    العمر : 56
    البلد : فلسطين
    الحالة الاجتماعية : متزوج
    التخصص : طبيب اسنان
    نقاط النشاط : 2796
    الاعجاب : 4
    المهنة : بحث-حالة العالم قبل البعثة المحمديه Doctor10
    المزاج : بحث-حالة العالم قبل البعثة المحمديه 8010
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    بحث-حالة العالم قبل البعثة المحمديه Empty بحث-حالة العالم قبل البعثة المحمديه

    مُساهمة من طرف د.سليمان عطوان الجمعة 15 أكتوبر 2010 - 16:54




    حالة العالم قبل البعثة المحمديه


    (ظهرَ الفسادُ في البَرِّ والبَحرِ بِما كسَبَت أيدي النَّاس ليُذيقُهم بَعضَ الَّذي عمِلوا لعلَّهم يرجِعون) (الروم/ 41)، (اعلَمُوا أنَّ اللهَ يُحيي الأرضَ بَعدَ مَوتِها قَد بينّا لَكُمُ الآياتِ لعلّكُم تَعقِلُونَ) (الحديد/ 17).
    تحدَّثنا هذه الآيات القرآنية عن الفساد الذي عم البلاد والعباد، قبل البعثة المحمدية، فقد حلَّ الموت العقلي والأدبي والروحي بالجنس البشري، وأرخى الظلام سُدولَه في كل مكان، فسادت الفوضى في العقائد، وتاه الناس في بيداء الضلالة. وفقدت اليهوديّة والهندوسيّة والبوذيّة ما كان لها من تأثير في نفوس أتباعها، ودبّ دبيب الفساد في المسيحيّة خلال القرن السابع الميلادي، واسرعت إليها الشيخوخة(1)، ومزقتها الخلافات والبدع الدينية كل مُمَزَّق، واستحال دين المسيح عليه السّلام إلى دين وثني، وتسربت الأفكار الوثنيّة إلى أذهان الجماهير. وأصبح النّاس يعبدون أرواح الموتى وآثارهم، ويتوجهون بالعبادة إلى التماثيل والصُّور. وكانت حال العالم الاجتماعية والأدبية مما يُرثى له كذلك. ولم يقف أتباع هذه الديانات عند حد التَّخلي عن الفضيلة فحسب، بل صاروا يَعُدُّون الرذيلة فضيلةً. وارتكب الناس الموبقات لينالوا الأجر والثواب عند الرب بزعمهم، وتردَّت كلُّ أمة في حَمأة الفساد الخُلقي، وظهر الفساد في البر والبحر، والقارات والجزر. وقد يَدهَش الكثيرون لهذا القول، ولكنه هو الحق. وحَسب القارىء أن يذكر أن هذا الوقت كان أَحلك فترة في العصور الوسطى بأوروبة، وفي العصور المزدكية بفارس، والبورانية في الهند. وكانت الفاحشة ترتكب في أثناء أداء الشعائر الدينية، وهي جريمة تلي القتل في نتائجها، وكانوا يرتكبونها على اعتبار أنها فضيلة يُقرّها الدِّين وأما الاعتراف المعروف في المسيحية فكان ما يرتكب فيه من الآثام أكثر مما يُتَطهَّر منه.
    وكانت حالة القسطنطينية في عهد جُستِنيان، المشرع المسيحي العظيم، خير شاهد على حالة الفساد والانحطاط اللّذين سادا المجتمع في أنحاء العالم المسيحي، فلم يكن للفضائل الخاصة والعامة أي وزن عند الناس. وتربَّعت عاهرة على عرش القياصرة، تتمتع بكل لما يتمتع به الإمبراطور من مظاهر الملك والعظمة، وزاولت تيودورا تجارتها علناً في مدينة قسطنطين، وأصبح اسمها مُضغةً في أقواه أهل الفسق والفجور من سكان المدينة، وصارت ملكةً يعبدها القاضي الوقور، والأسقُف الورع، والقائد الظافر، والملك الأسير، وكانت فظائعها وصمة عار في جبين الإمبراطورية، ولم يكن لها رادع من دين، أو وازع من ضمير، وقد شاعت في هذا العصر الفتن، والثورات، والاضطرابات الدموية؛ وكان للقسس فيها الحظ الأكبر، ولم يكن يُراعى فيها حرمة لقانون شرعي أو وضعي. وكانت جرائم القتل الفظيعة ترتكب داخل الكنائس والمذابح. ولم يسلم مكان ما من السلب والنهب.
    أما بلاد فارس فقد شاعت فيها عبادة الفرج عدة قرون. وأول من دعا إليها أرتكز رسيس مِنيمون شقيق قُبرص؛ وقد بلغت تلك العبادة أشدَّها على عهد مَزدَك وكان يدين بمبدأ الشركة في النساء فيما يدين به من المبادىء الممقوتة، كما كان يقدِّس مناظر الفحش التي تقترن بالعربدة والسُّكر. وكانت هذه الشيوعية الفظيعة في النساء منتشرة أيضاً في الهند طبقاً لتعاليم شَكتكماك التي بلغت عنفوانها في الهند إذ ذاك. وكان من حق الكاهن الشكتماكي أن يطلب التمتع بزوجات غيره، فيطاع أمرُه بطيب خاطر. وكان العروس تقضي الأسبوع الأول في صحبة كبار الكهنة، ويرون ذلك فضيلة تجلب رضا الرب فيبارك في حياتهم الزوجية. وكانت ليلة الاحتفال بالعيد الهندوكي المسمى بالشِّفرارتي مظهراً لأفحش ضروب البهيمية فكانوا لا يتورعون عن الزنا بالمحارم تحت تأثير الخمر والنساء، كما كانت الأناشيد المقدسة التي يترثمون بها في تلك المناسبة تُشيد بهذه المنكرات والخبائث. ولما كانت الفضائل في نظر الناس صورةً منعكسة من صفات الإله الذي يؤمنون به (وهذا صحيح لأن الإله في كل زمان ومكان يجمع في ذاته كافة الصفات التي يراها الناس فضائل وكمالات) أمكننا أن ندرك مدى الهوة السحيقة التي تدهورت إليها الأخلاق عند الهنود، لأن حياة آلهتهم كانت طافحة بألوان الفساد الخلقي.
    ولكنَّ بلاد العرب كانت أشد البقاع ظلاماً في أحلك عصر في تاريخ العالم، فقد فشا فيهم شرب الخمر، وانتهاك العرض، ولعب الميسر، وكان سفك الدماء، ووأد البنات، ونهب الأموال، من دواعي الفخر عندهم. ولم يكن لهم وازع خلقي أو ديني أو اجتماعي يكبح جماحهم. ولكن يكن للزواج حدود، ولا للطلاق قيود. وإلى جانب الفوضى العامة في العلاقات الجنسية، كانوا يتهالكون على الزنا بالمحارم. وكان الأبناء يَنكِحون ما نكح آباؤهم من النساء. وكان المحصنات من النساء لا يَرَين عاراً في أن يغازلن غير أزواجهن، بل كن يفخرن في حياة الخليل، بعدد ما لهن من خليل. وكانو يئدون البنات أحياء. وكانت المنازعات الدموية شائعة بينهم، وكثيراً ما كانوا يقتلون الرجل لأن بدرت منه كلمة طائشة. وكانت روح السَّلب والنهب والقتل والانتقام من القوة بحيث إن النساء لم يكن يهدأ لهن بال حتى يصبغن ملابسهن بدم أعدائهن، ويأكلن قلوبهم، وإني لا أتصور رذيلة لم يتصف بها العرب في أسوأ صورها في ذلك الوقت. ويقول جيبون عن العرب في تلك الأيام "لم يكن الإنسان يفترق كثيراً عن الحيوان في ذلك المجتمع الذي لايستحق هذا الاسم، فقد كان أشبه بحال الإنسان البدائي في الانحطاط، فلم يكن يعرف القوانين، ولم يمارس الصناعات، وكانت مداركه العقلية ضعيفة، ولا يكاد يُبِين".

    رابط تنزيل البحث مخفي.ضع ردك لو سمحت ليظهر



    مع تحيات الدكتور سليمان عطوان



      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 7:52