منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    المعشوقة الخائنة القاتلة

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    المعشوقة الخائنة القاتلة Empty المعشوقة الخائنة القاتلة

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 10:16

    المعشوقة الخائنة ، القاتلة
    هي معشوقة صديقي العزيز ، وأصبحت معشوقتي أيضاً ، أوْقعَتهُ في شباكها منذ زمن طويل في ريعان الشباب حينما كنا طلبة في الثانوية ، لطالما حدثني عنها كثيراً وطويلاً ، وشكا إليّ صبابته وولعه الشديد بها ، مُنقاداً لأوامرها ، لا بل أصبح عبداً لها ، يعاقرها كثيراً ، يهجرها أحياناً ، فتطلبه لبيت الطاعة ، ويصحو من نومه يفكر بها ، وتراوده عن نفسه ، ويحرص على وجودها بقربه باستمرار ، أكثر من حرصه على وجود الخبز في البيت ، يعانقها قبل وبعد الفطور والسُّحور، وقبل النوم ، ويحلم بها ، ويصحو من نومه يعاقرها، لكنه لم يعترف لي يوماً بإخلاصها ووفائها له ، ومبادلتها حباً بحب ، وقال لي: حقّاً إنها جذابةٌ ، لذيذةٌ ورائعه ، لكنها حوّامةٌ وشائعة.
    ..................................................................
    دعاني ذات يومٍ للتعرُّ ف عليها ، جلسنا ثلاثتنا في المقهى نحتسي القهوة، أنا وهو وهي متقابلين على طاولة واحدة، جلس كلانا (أنا وهو) على كراسي المقهى، وهي بكل جرأة جلست على الطاولة ، وبعد لحظات ، انسلّت متسللة على أصابع قدمها موجهة فمها الى فمه لتهم به على مرآى من الجالسين في المقهى والمارة من أمامه ذهاباً وإياباً وتطلب معانقته ، فأمسك بها بأطراف أصابعه ، وجذب شفتيها لشفتيه، وذهبا في عناق طويل متقطع، راحت تعبِّر عن شغفها به وشوقها له ، حضنته ، فأشعل النور في مقدمتها ينير لها الطريق، وانطلقت بكل وقاحة وجرأة بقدمها تقبِّلُ شفتيه بحرارة، قبلات نارية متواترة، شعرت بالخجل والرغبة الفطرية، وقاومت عيناي من إطالة النظر الى هذا المنظر الإباحي على الملأ، حقّاً إنها قليلة أدبٍ وحياء وجريئةٌ وسافره ، وماجنه. وأن صديقي لا يستحي كذلك. وهممت بالقيام فأمسك بي وشدني الى الكرسي.
    ...................................................................
    وبينما هي تتقلب في أحضان كفيه تارة وشفتاها على شفتيه تارة أخرى، يضمها ويقلبها بين أصابعه المُرتعشة المُصفرّة ، وقدمها غارزةٌ بين شفتيه ، كانت ترمقني بنظرات الرغبة الجامحة الجائعه ، وكأنها مومس تبحث عن المال لا عن الرغبة، وراحت تبعثُ بأنفاسها في اتجاه أنفي ، تغازلني ، تغمزني ، تستدرجني لشباكها ،تكشف لي عن مفاتنها، حيث يغطي جسدها ثوب أبيض شفاف يحاصر جسدها ملتصقاً به ، ويفسر كل ثنايا وهضاب وتضاريس جسدها، أشحت عنها بنظري خجلاً من نفسي ومن صاحبي ومن الناس، لكن صاحبي أشار عليّ وهزَ رأسه وكأنه يقول : أنا أراها تغازلك ، نحن أصدقاء فليس بيننا من صيدٍ مقسوم ، أنا لا أغير عليها لأنني أحبها من طرف واحد وهي لا تحبني، أحبها على حالها الخائنة تلك ، جرِّبها يا صديقي فالحياة فانية، أحبها دون التفكير بالإرتباط بها لأنها متزوجة من الملايين ، جشعة في اشباع غرائزها وحوامة بين الأحبة شائعه ، ومُتنقِّله ،جمعني مع صديقي معتقل في نضالنا من أجل الوطن، وهناك قايضها بما يملك من نقود ومن مقتنيات للحصول عليها، استبدلها بساعته وبخاتمه، وكاد أن يقايضها بقميصه الذي يرتديه في المعتقل.
    ........................................................................
    ظللت بعدها أفكِّرُ في معشوقة صاحبي ، أتخيلها تُقبِّلُ شفتي ، فأثارت في نفسي الرغبات وحب الإستطلاع والبحث عن سر هذا الولع بها، فقد أخبرني صديقي مرة أنها تخرسه عن الكلام ، ذلك الكلام الذي كثيراً ما جلب ليَ وله المتاعب بحثاً عن الوطن، وترسلُ بأنفاسها ورياحها إلى جوفه ، لتخمد إنفعالاته ، تذكّرتُ صديقي وهو يطفيءُ تنهيدته بعصفِ هوائها ، ويُخمدُ ثورته وغضبه بغيومها السوداء الداكنة ، وتقاطيع وجهه تعبِّرُ عن راحة وهدوءٍ بعد معاقرتها ، وكلما شعر بضيقٍ أو ظلمٍ وقع عليه لجأ إليها ، حقّاً إنها لعوبةُ ، غدّارةٌ ، كذابةٌ ومنافقه.
    .........................................................
    لا أدري كيف أوقعتني بشباكها ، وسيطرت على تفكيري ومخيلتي، فانجذبت إليها رويداً رويداً ، حملت نفسي في أحد الليالي إلى أقرب دكان للحب والهوى، وجدتها هناك متاحة وعديدة النّكهات والألوان ، وسألتُ عن أسعارها ، فأجابني البقال ، أتريدها بلديّةً عربيةً وبأرخص الأثمان؟ أم رُمتها افرنجيّةً غربيّةً وسعرها الضعفان؟ فأجبته: أريدها غربيّةً بأروع النكهات ، لا ضير عندي أدفع الدولارات ، والفرنكات ، في سبيل اشباع الرغبات، حصلت عليها واستدرجتها، أخرجتها من خدرها، ولثمتها وحضنتها بالشوق والآهات ، وبادلتني حبها وشوقها بحرارة لاهبة ،حقّاً إنها رمتني بدوّامةٌ ، إنها ساحرة ومُشعوذة. فوقعت في سحرها.
    ...............................................................
    عاقرتها صباحاً ومساءً وبالأسحار، عاشرتها بلواعج الأشواق ، أحببتها وعشقتها باليُسرِ والإملاق ، وشاءت الأقدار أن أفترق عن صديقي العزيز، حيث مضى كل واحد منا الى غايته في بلدين متباعدين، ولم نعد نلتقي، وطال بيننا البعاد وعز اللقاء، وانقطعت بيننا الصلات ولم نعد نتواصل ولا نعرف عن بعضنا شيئاً، هكذا هي الحياة ومشيئة الأقدار. إلى أن جاء يومٌ بعد طول افتراق وابتعاد وجفاء وهجران بيني وبين صديقي ، وبينما كنت أقلب صفحات الجريدة ذات صباح أثناء اجازتي السنوية، وكنت حينها أعاقر معشوقتنا الخائنة، لمحت في صفحة الوفيات وبالخط العريض المستبان اسم صديقي العزيز، وكنا حينها على أبواب الخمسين من العمر ، إنه صديقي العزيز عاشقها القديم )الذي عرَّفني عليها)، وقلت في نفسي: لا، لعله اسمٌ على اسم، وظل الشك واليقين يطاردان بعضهما البعض ويتصارعان في نفسي ، وصممت على التأكد من الخبر، وذهبت الى بيت العزاء كما هو مدون بالجريدة حسب الوصف، وكانت الصدمة، لقد انتصر اليقين على الشك ودحره، إنه هو ، إنه صديقي العزيز، رحمه الله، وضربت كفاً بكف، وعرفت أنها رمته بدائها وانسلت، أصابت رئتيه بالسرطان، وقضى صديقي في مقتبل كهولته تاركاً وراءه زوجة وأبناء.
    .............................................................
    منذ ذلك التاريخ، دبَّتِ الخلافات بيني وبينها ، تراودني عن نفسي ، فتهمّ بي وأهمُّ بها ، وقبل أن أصل لعُقبها معاقراًً لها ،وبالتحديد عند خصرها أرميها قبل الأوان وألعنها ، أقرر في نفسي أن لا أبادلها رغباتها اللا متناهية ، أرجع عن قراري صاغراً لها وملبياً لندائها أحياناً ، شعرت أنها تجثو على صدري ، تكبلني بحبالها ، تسلبني إرادتي ، تختطفني من أسرتي، تُضايقني ، تخنقني ، تستعمرني ، تشدني للهاويه ،وبعد ذلك سقط صديق ثانٍ من دائها، إنه زميل الدراسة بالجامعة، رحمه الله، قضى بسرطان الرئة في الثانية والخمسين تاركاً زوجة وأولاد. وبعدها ابن عم لي حيث قضى بجرائرها. حينها أعلنت الثورة الشاملة عليها ، قاومتها ، حاربتها ، مزقتها ورميتها ، وتشبثت بي تلحقني مستجدية، أرجعتها بعد الفراق ، إلى أن جاء يوم ، استجمعت كامل قواي وأسلحتي ، وأعددت لها ما استعطت من قوة ورباطة الجأش في معركة المصير والتحرير ، في أم المعارك من أجل الحياة الحرة الكريمة الخالية من كل قيد، وهزمتها في معركة طاحنة بيني وبينها، طلقتها ، حقّاً إنها مصيبةٌ مُستفحله ، مُستعمِره ، إنها السيجارة ... بالثلاثة طالقه ، طالقة ، طالقة

    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    29/4/2008م

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 24 نوفمبر 2024 - 8:37