الثقافة (ضلع المثلث الأول)
الجزء الخامس من مثلث (التعليم ، الثقافة ، الوعي)
................................................................
التعليم والثقافة يشكلان زاوية المثلث المركزية للأمة ، والزاوية ثلاثة أنواع ، حادة وقائمة ومنفرجة ، والزاوية القائمة دلالة على الوسطية ، وأراد الله لنا أن نكون أمة وسطا ، فالزاوية الحادة دلالة على قصر مدى الرؤيا وضيق الأفق وغل اليد الى العنق ، والزاوية المنفرجة دليل على بسط اليد كل البسط وذوبان الحدود والضوابط وفقدان السيطرة ، وسعة لامتناهية في الأفق ليس لها حدوداً وسقوفاً مرئية بحيث لا نرى للأفق آخراً ولا نتلمس منه مستقبلا. وفي الوسط الزاوية القائمة وهي دليل على الإعتدال والوسطية واتساع الأفق وطول مدى البصيرة من الارض الى كبد السماء. والثقافة تقوم على قاعدة التربية والتعليم وتبدأ مع التربية والتعليم منذ السنين الآولى الى نهاية العمر للفرد. فكلما انحصرت الثقافة في إطار التعليم ولم تخرج عن حدوده ، كلما اقتربت قيمتها الإنتاجية الى الصفر ، وإن اقتصرت ثقافة المجتمع او الأمة على التعليم ذابت فيه واتحد ضلعها مع القاعدة ونتج عن ذلك أمة متعلمة ولكنها غيرمثقفة وزاوية الرؤيا تكاد تنعدم ولا أفق للمستقبل وأصبح العلم حشواً للنظريات في العقل دون تطبيق ونتج عن ذلك أمة استهلاكية غوغائية ودهماء ، متضاربة ومتصارعة فيما بينها وتابعة وإمعة لغيرها من الأمم . فلو افترضنا أن التعليم شجرة تكون الثقافة ثمرتها ، فلو كانت الشجرة عقيمة غير مثمرة فلا نستفيد الاّ من ظلها وحطبها ، وإن كانت الشجرة مثمرة فسوف نستفيد من ظلها وحطبها وزيادة على ذلك نتغذى على ثمارها وتمنحنا استمرارية الحياة، وكلما اعتنينا بالشجرة كلما حصلنا على ثمر أكثر كماً وأحسن نوعاً وقيمة بالتالي نعيش حياة أفضل. فالثقافة تفعيل للعلم في كل الميادين والحقول ، وليست الثقافة حشواً للمعلومات والبيانات في الدماغ ومن ثم التعبير عنها بالإلقاء والحديث والخطابة. والثقافة تخزين للبيانات والمعلومات في الدماغ بعد ترتيبها وفرزها وتحليلها ومعالجتها لطلبها عند الحاجة والضرورة والإستفادة منها. الثقافة مُدخلات الى العقل ينتج عنها مُخرجات تنعكس ايجاباً على الأمة والمجتمع.
هنالك ثقافة فردية ، وثقافة مجتمعية أو أممية ، والثقافة الفردية جزءٌ من الثقافة الأممية ، وعلى الأمة أن تطبق علم التفاضل والتكامل على ثقافة الأفراد لتنتج ثقافة أممية متفاضلة ومتكاملة ذات هوية محترمة بين الامم. والثقافة لا تقاس بالكم من المعلومات الخاملة الراكدة وغير المعالجة وغير المفعلة ، ولكنها تقاس بالنوع والفاعلية في خدمة الأمة ورفع شأنها والحفاظ على تاريخها ناصعاً ونقياً.
والثقافة عبارة عن مركب يتكون من عدة عناصر، وماهية وأصالة ونقاء هذا المركب تعتمد على ماهية وأصالة ونقاء مكوناته من العناصر ، وعناصر هذا المركب هي:
1. ما يتلقاه الفرد من أخلاقيات التربية الأسرية والمجتمعية )السلوكيات والعادات والتقاليد( وما يغرس فيه من قيم ومفاهيم
2. ما يتلقاه الفرد من تعليم ضمن المناهج الدراسية )تعليم هادف وبناء يعتمد اثراء المتلقي بما يفيده ويخلق منه عضواً فعالاً ومنتجاً في المجتمع)
3. ثقافة المهنة والتي يجب العمل على تطويرها والإطلاع على مستجداتها والمحاولة الجادة دوماً للإبداع فيها والإرتقاء بها وعليها
4. ما يكتسبه الفرد من ثقافة إضافية بحهده ونشاطه وتجاربه وتجدده ومجاراته لتطورات العصر بطاقة المنافسة الشريفة للإرتقاء بالنفس وما يطّلع عليه من ثقافات الحضارات الأخرى ومنجزاتها آخذاً ما يفيده وتاركاً ما يضره.
فلو تكاملت الثقافات الفردية بالوحدة الوطنية في أي أمة أو بلد وتفاضلت بالمنافسة الشريفة في أجواء ديمقراطية وسلطة وطنية وفية للمباديء والقيم وعادلة في قسمة الفرص تعتمد الكفاءة مقياساً لها لنتج عن ذلك ثقافة مشرِّفة تميز هذه الأمة وتحدد هويتها.
ومجتمعاتنا العربية في التاريخ الحديث تغلب عليها الثقافة الفردية لذلك تغيب عنها الثقافة الأممية ، وفي ظل الإنقسام الجغرافي والسياسي للأمة العربية وغياب الديمقراطية وتحكم النظم السياسية المتسلطة والمتخاصمة تسربت كمية من الثقافات الفردية وهاجرت الى مجتمعات أخرى للتعبير عن ثقافتها المكتسبة بالفعل والعمل. وما تبقى من الثقافات الفردية همش بعضها واضطهد البعض الآخر وأسكت صوتها وضاعت وأجهضت في البحث عن قوت الحياة أو راحت في بيات طويل في السجون والمعتقلات. وتولّى أمر الثقافة أناس يساندون السلطة ويخدمون بقاءها ويكرسون استبدادها بإعلام مهتريءٍ مكرََّسٍٍٍٍٍٍ لخدمة السلطة مقابل ثرائهم المالي وفقرهم الثقافي يبيعون ضمائرهم للشيطان. فالثقافة العربية تمر في أزمة حادة تعاني فيها من الأمراض النفسية والجسدية التي خلفها الإستعمار الراحل جسداً والباقي فكراً وكرسها خلفاء الإستعمار من رحم الأمة. فهي تعاني من الإنفصام ما بين الماضي المشرق والحاضر المظلم ومن مرض التوحد في البقعة الجغرافية الضيقة والمعزولة عن شقيقاتها المكملات لها ، وتعاني كذلك من الإكتئاب نتيجة لتمزق الأرض والإنسان والغزو الحاضر من الأعداء عسكرياً مثل احتلال فلسطين والعراق وما يشاهده العربي من قتل ودمار لأهله وأقاربه ، ومن جراء غزو ثقافي وعلومي لتخريب عقول الشباب. كما تعاني الثقافة العربية من الإمساك تارة والإسهال تارة أخرى ومن آلام في المفاصل في جسد الأمة وحمّى الضنك والقهر ومن صداع الشقيقة وبعضها من داء النقرس للترف ....الخ من الأمراض. ونتيجة لهذا الوضع المتردي خرج من الأمة جيل يتعامل بردات الفعل ، ويحلم بالإنتقام من السلطة وأسيادها من القوى المتحكمة بالعالم ، وأدخل الدين غطاءً لهذه الأيدلوجية القائمة على فشة الخلق وردة الفعل والفراغ الفكري والرغبة في الإنتقام بأعمالٍ شوهت صورة الأمة وأساءت لعقيدتها ودينها ، وساعدهم في ذلك أعداء الأمة ليبرروا هجمتهم وعدوانهم عليها وأطماعهم في خيراتها. ونشأت التنظيمات الدينية المتعصبة والمتطرفة والتي تفتقد لمشروع واقعي ينهض بالأمة من بين الركام فراحت تعيث فساداً في الأرض بقتل الأبرياء من بني جلدتهم ومن الأمم الأخرى وإشاعة الفوضى في الأوطان. وتشكلت زاوية مثلث الأمة ما بين قاعدة التعليم وضلع الثقافة لتكون زاوية حادة وضيقة ومغلقة في بعض الأقطار العربية ، وزاوية منفرجة متطرفة في الأقطار الأخرى بدون قيود وحدود. وخرجت الأمة من الوسطية وفقدت هويتها الثقافية. وصارت موجة التسييس الديني تنطلي على الدهماء من الناس فانجرفوا في تيارها يصفقون لها ويزينون أعمالها ويصفونها بأنها انتصار للأمة. وبذلك انحرفت البوصلة الوطنية عن اتجاهها الصحيح في إطار مشروع عابر للقارات لا يتناسب مع قدرات الأمة ومقومات انجازاتها ومنتجاتها ويتخطى قدراتها ومحيطها الجغرافي بكثير فأسقط الأمة في مستنقع التخلف والدوران في دوامة العنف مع أعداء يفوقون الأمة علماً وقدرة وقوة ، وتم تشويه ثقافة الأمة ، فطغت الثقافة المشوهة الموبوءة على الثقافة السليمة وأصابتها بالعدوى والوباء. وتحولت الهزيمة الى نصر في ثقافة الأمة ، والحقيقة الى وهم كاذب ، والواقع الى خيال جامح ، وتلوثت الثقافة بمفاهيم الضلال والتضليل والمعاني الدينية المحرفة ، فأصبحنا نخرج من هزيمة صغرى الى هزيمة أكبر والى هزيمة كبرى وندور في هذا الفراغ الفكري وهذه الثقافة المنحرفة حتى وصل بنا الحال الى ما نحن فيه من تشرذم وانقسام. وتمخض عن ذلك انفصام الثقافة العربية وانقسامها الى خليتين غير متجانستين كانقسام الخلايا السرطانية تأكل بعضها بعضا ، خلية مستسلمة للواقع المر تقودها الأنظمة المتسلطة وأعوانها ترضى بهذا الواقع المر وتحارب كل بادرة للنهوض والتغيير وتقمع الثقافة البناءة لأنها تشكل خطراً على استمراريتها بالحكم. ومنغمسة بالإكراه في ثقافة الغير، وخلية متطرفة ومتعصبة بالفكر تدير معارك خاسرة باسم الدين فيما بين مكونات الأمة ، ومعارك كارثية النتائج مع خصومنا الأقوياء وأعوانهم ، فزادوا من عدد الأعداء على حساب الأصدقاء. وفي كلا المعركتين تخسر الأمة وتتهاوى تحت أقدام الأقوياء. وضاع الإعتدال والوسطية وغاب صوت العقل والحكمة وتهمش المثقفون على الهوامش وعلى قارعة الطريق دون تأثير وفاعلية لا حول لهم ولا قوة، ولا يفيدون ولا يستفيدون. وما أكثر اللاءات في حال الأمة وثقافتها.
يتبع الجزء السادس - الوعي )الضلع الثاني للمثلث(
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
19/4/2009
الجزء الخامس من مثلث (التعليم ، الثقافة ، الوعي)
................................................................
التعليم والثقافة يشكلان زاوية المثلث المركزية للأمة ، والزاوية ثلاثة أنواع ، حادة وقائمة ومنفرجة ، والزاوية القائمة دلالة على الوسطية ، وأراد الله لنا أن نكون أمة وسطا ، فالزاوية الحادة دلالة على قصر مدى الرؤيا وضيق الأفق وغل اليد الى العنق ، والزاوية المنفرجة دليل على بسط اليد كل البسط وذوبان الحدود والضوابط وفقدان السيطرة ، وسعة لامتناهية في الأفق ليس لها حدوداً وسقوفاً مرئية بحيث لا نرى للأفق آخراً ولا نتلمس منه مستقبلا. وفي الوسط الزاوية القائمة وهي دليل على الإعتدال والوسطية واتساع الأفق وطول مدى البصيرة من الارض الى كبد السماء. والثقافة تقوم على قاعدة التربية والتعليم وتبدأ مع التربية والتعليم منذ السنين الآولى الى نهاية العمر للفرد. فكلما انحصرت الثقافة في إطار التعليم ولم تخرج عن حدوده ، كلما اقتربت قيمتها الإنتاجية الى الصفر ، وإن اقتصرت ثقافة المجتمع او الأمة على التعليم ذابت فيه واتحد ضلعها مع القاعدة ونتج عن ذلك أمة متعلمة ولكنها غيرمثقفة وزاوية الرؤيا تكاد تنعدم ولا أفق للمستقبل وأصبح العلم حشواً للنظريات في العقل دون تطبيق ونتج عن ذلك أمة استهلاكية غوغائية ودهماء ، متضاربة ومتصارعة فيما بينها وتابعة وإمعة لغيرها من الأمم . فلو افترضنا أن التعليم شجرة تكون الثقافة ثمرتها ، فلو كانت الشجرة عقيمة غير مثمرة فلا نستفيد الاّ من ظلها وحطبها ، وإن كانت الشجرة مثمرة فسوف نستفيد من ظلها وحطبها وزيادة على ذلك نتغذى على ثمارها وتمنحنا استمرارية الحياة، وكلما اعتنينا بالشجرة كلما حصلنا على ثمر أكثر كماً وأحسن نوعاً وقيمة بالتالي نعيش حياة أفضل. فالثقافة تفعيل للعلم في كل الميادين والحقول ، وليست الثقافة حشواً للمعلومات والبيانات في الدماغ ومن ثم التعبير عنها بالإلقاء والحديث والخطابة. والثقافة تخزين للبيانات والمعلومات في الدماغ بعد ترتيبها وفرزها وتحليلها ومعالجتها لطلبها عند الحاجة والضرورة والإستفادة منها. الثقافة مُدخلات الى العقل ينتج عنها مُخرجات تنعكس ايجاباً على الأمة والمجتمع.
هنالك ثقافة فردية ، وثقافة مجتمعية أو أممية ، والثقافة الفردية جزءٌ من الثقافة الأممية ، وعلى الأمة أن تطبق علم التفاضل والتكامل على ثقافة الأفراد لتنتج ثقافة أممية متفاضلة ومتكاملة ذات هوية محترمة بين الامم. والثقافة لا تقاس بالكم من المعلومات الخاملة الراكدة وغير المعالجة وغير المفعلة ، ولكنها تقاس بالنوع والفاعلية في خدمة الأمة ورفع شأنها والحفاظ على تاريخها ناصعاً ونقياً.
والثقافة عبارة عن مركب يتكون من عدة عناصر، وماهية وأصالة ونقاء هذا المركب تعتمد على ماهية وأصالة ونقاء مكوناته من العناصر ، وعناصر هذا المركب هي:
1. ما يتلقاه الفرد من أخلاقيات التربية الأسرية والمجتمعية )السلوكيات والعادات والتقاليد( وما يغرس فيه من قيم ومفاهيم
2. ما يتلقاه الفرد من تعليم ضمن المناهج الدراسية )تعليم هادف وبناء يعتمد اثراء المتلقي بما يفيده ويخلق منه عضواً فعالاً ومنتجاً في المجتمع)
3. ثقافة المهنة والتي يجب العمل على تطويرها والإطلاع على مستجداتها والمحاولة الجادة دوماً للإبداع فيها والإرتقاء بها وعليها
4. ما يكتسبه الفرد من ثقافة إضافية بحهده ونشاطه وتجاربه وتجدده ومجاراته لتطورات العصر بطاقة المنافسة الشريفة للإرتقاء بالنفس وما يطّلع عليه من ثقافات الحضارات الأخرى ومنجزاتها آخذاً ما يفيده وتاركاً ما يضره.
فلو تكاملت الثقافات الفردية بالوحدة الوطنية في أي أمة أو بلد وتفاضلت بالمنافسة الشريفة في أجواء ديمقراطية وسلطة وطنية وفية للمباديء والقيم وعادلة في قسمة الفرص تعتمد الكفاءة مقياساً لها لنتج عن ذلك ثقافة مشرِّفة تميز هذه الأمة وتحدد هويتها.
ومجتمعاتنا العربية في التاريخ الحديث تغلب عليها الثقافة الفردية لذلك تغيب عنها الثقافة الأممية ، وفي ظل الإنقسام الجغرافي والسياسي للأمة العربية وغياب الديمقراطية وتحكم النظم السياسية المتسلطة والمتخاصمة تسربت كمية من الثقافات الفردية وهاجرت الى مجتمعات أخرى للتعبير عن ثقافتها المكتسبة بالفعل والعمل. وما تبقى من الثقافات الفردية همش بعضها واضطهد البعض الآخر وأسكت صوتها وضاعت وأجهضت في البحث عن قوت الحياة أو راحت في بيات طويل في السجون والمعتقلات. وتولّى أمر الثقافة أناس يساندون السلطة ويخدمون بقاءها ويكرسون استبدادها بإعلام مهتريءٍ مكرََّسٍٍٍٍٍٍ لخدمة السلطة مقابل ثرائهم المالي وفقرهم الثقافي يبيعون ضمائرهم للشيطان. فالثقافة العربية تمر في أزمة حادة تعاني فيها من الأمراض النفسية والجسدية التي خلفها الإستعمار الراحل جسداً والباقي فكراً وكرسها خلفاء الإستعمار من رحم الأمة. فهي تعاني من الإنفصام ما بين الماضي المشرق والحاضر المظلم ومن مرض التوحد في البقعة الجغرافية الضيقة والمعزولة عن شقيقاتها المكملات لها ، وتعاني كذلك من الإكتئاب نتيجة لتمزق الأرض والإنسان والغزو الحاضر من الأعداء عسكرياً مثل احتلال فلسطين والعراق وما يشاهده العربي من قتل ودمار لأهله وأقاربه ، ومن جراء غزو ثقافي وعلومي لتخريب عقول الشباب. كما تعاني الثقافة العربية من الإمساك تارة والإسهال تارة أخرى ومن آلام في المفاصل في جسد الأمة وحمّى الضنك والقهر ومن صداع الشقيقة وبعضها من داء النقرس للترف ....الخ من الأمراض. ونتيجة لهذا الوضع المتردي خرج من الأمة جيل يتعامل بردات الفعل ، ويحلم بالإنتقام من السلطة وأسيادها من القوى المتحكمة بالعالم ، وأدخل الدين غطاءً لهذه الأيدلوجية القائمة على فشة الخلق وردة الفعل والفراغ الفكري والرغبة في الإنتقام بأعمالٍ شوهت صورة الأمة وأساءت لعقيدتها ودينها ، وساعدهم في ذلك أعداء الأمة ليبرروا هجمتهم وعدوانهم عليها وأطماعهم في خيراتها. ونشأت التنظيمات الدينية المتعصبة والمتطرفة والتي تفتقد لمشروع واقعي ينهض بالأمة من بين الركام فراحت تعيث فساداً في الأرض بقتل الأبرياء من بني جلدتهم ومن الأمم الأخرى وإشاعة الفوضى في الأوطان. وتشكلت زاوية مثلث الأمة ما بين قاعدة التعليم وضلع الثقافة لتكون زاوية حادة وضيقة ومغلقة في بعض الأقطار العربية ، وزاوية منفرجة متطرفة في الأقطار الأخرى بدون قيود وحدود. وخرجت الأمة من الوسطية وفقدت هويتها الثقافية. وصارت موجة التسييس الديني تنطلي على الدهماء من الناس فانجرفوا في تيارها يصفقون لها ويزينون أعمالها ويصفونها بأنها انتصار للأمة. وبذلك انحرفت البوصلة الوطنية عن اتجاهها الصحيح في إطار مشروع عابر للقارات لا يتناسب مع قدرات الأمة ومقومات انجازاتها ومنتجاتها ويتخطى قدراتها ومحيطها الجغرافي بكثير فأسقط الأمة في مستنقع التخلف والدوران في دوامة العنف مع أعداء يفوقون الأمة علماً وقدرة وقوة ، وتم تشويه ثقافة الأمة ، فطغت الثقافة المشوهة الموبوءة على الثقافة السليمة وأصابتها بالعدوى والوباء. وتحولت الهزيمة الى نصر في ثقافة الأمة ، والحقيقة الى وهم كاذب ، والواقع الى خيال جامح ، وتلوثت الثقافة بمفاهيم الضلال والتضليل والمعاني الدينية المحرفة ، فأصبحنا نخرج من هزيمة صغرى الى هزيمة أكبر والى هزيمة كبرى وندور في هذا الفراغ الفكري وهذه الثقافة المنحرفة حتى وصل بنا الحال الى ما نحن فيه من تشرذم وانقسام. وتمخض عن ذلك انفصام الثقافة العربية وانقسامها الى خليتين غير متجانستين كانقسام الخلايا السرطانية تأكل بعضها بعضا ، خلية مستسلمة للواقع المر تقودها الأنظمة المتسلطة وأعوانها ترضى بهذا الواقع المر وتحارب كل بادرة للنهوض والتغيير وتقمع الثقافة البناءة لأنها تشكل خطراً على استمراريتها بالحكم. ومنغمسة بالإكراه في ثقافة الغير، وخلية متطرفة ومتعصبة بالفكر تدير معارك خاسرة باسم الدين فيما بين مكونات الأمة ، ومعارك كارثية النتائج مع خصومنا الأقوياء وأعوانهم ، فزادوا من عدد الأعداء على حساب الأصدقاء. وفي كلا المعركتين تخسر الأمة وتتهاوى تحت أقدام الأقوياء. وضاع الإعتدال والوسطية وغاب صوت العقل والحكمة وتهمش المثقفون على الهوامش وعلى قارعة الطريق دون تأثير وفاعلية لا حول لهم ولا قوة، ولا يفيدون ولا يستفيدون. وما أكثر اللاءات في حال الأمة وثقافتها.
يتبع الجزء السادس - الوعي )الضلع الثاني للمثلث(
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
19/4/2009
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd