قبضة من حبات الزيتون .. قصة بقلم وفاء خضر
كتبهاوفاء خضر ، في 13 تشرين الثاني 2006 الساعة: 03:34 ص
قبضة من حبات الزيتون
جلست القرفصاء تلتقط حبات الزيتون المبتلة برذاذ المطر المتساقط ، تنفض عنها البلل وحبات التراب العالقة بها .. تضعها في حجر ثوبها المطرز باللون الأخضر والأحمر ، الثوب الذي تميزت به بلدتها بطريقة التطريز والحياكه ، ذلك الثوب الفلسطيني الذي عرف بتميزه بدقة فنه بالتطريز، وأشكاله الجميله ، وألوانه التي تتعدد لتشكل لوحات فنية ، وقد لفت رأسها بشال أبيض التصق من البلل بالرأس والمنكبين ليصبح جزءاً من تكوينها وتشكيل ملامحها .
رغم الهرم ورغم الإعياء والمرض ، إلا أنها أبت إلا أن تشارك الموسم احتفالية جمع هذه الثمار ، والتي تكون عادة في أواخر شهر تشرين الأول ، وبداية تشرين الثاني ، بعد أول أو ثاني تساقط للمطر ، كانت تتفحص الحبات الخضراء بعناية ، تمسك من كل شجرة حبة ، تعصرها لكي تتفحص كمية الزيت ، ونضج تلك الثمار ، وهي لا زالت تردد تلك الكلمات .
اعتلى العامل الذي يقوم بقطف الثمار الشجرة ، وبحركة سريعة أتقنتها يده كان يسقط الثمار إلى الأرض المبتلة، وهي تعمل على جمعها لتقوم بعد ذلك بعملية الفرز .
وهي تلقي ببصرها للشارع الممتد من خلف أشجار الزيتون ، حيث كان امتداد أرضها قبل أن تأتي الوحوش المجنزرة لتقتلع أشجار الزيتون من أرضها ، تلك الآرض التي اغتصبت عنوة ، واقتلعت منها أشجار الزيتون ، الأرض التي كانت مهرها ، والتي شهدت صباها وشبابها ، شهدت قصة حبها وزواجها ، وكيف كانت كلما أنجبت ولدا تزرع له شجرة في تلك الأرض تسميها باسمه ، شجرة فلان .. تنهدت وهي تزفر آهة حرى ؛ تذكرت ذلك الزوج الذي اقتلع مع ما اقتلع من أشجار الزيتون ، ليقضي وهو يدافع عنها برصاص غدر.
كانت تغني
والله لزرعك بالدار .. يا عود الزيتون الأخضر
وأروي هالأرض بدمي .. لتنوّر فيها وتكبر
ودموعها تختلط بحبات المطر لتسقط على ما تبقى من الأرض ، فتزيد ارتوائها وما تبقى من شجرات الزيتون، لم تكن تبالي بالبلل ولا غوص قدميها بطين الأرض ، كانت تماما مثل تلك الشجرات التي صمدت أمام قوة الاحتلال ، ثابتة ، تمتد جذورها إلى قاع الأرض متشبثة بها ، تشرئب بأغصانها دائمة الخضرة إلى عنان السماء ، لتمنح العطاء .
استيقظت من أحلامها ، فزعة لا تدري أين هي ، فتحت عينيها المثقلتين بالحمرة على سقف غريب ، حجب عنها زخات المطر ، أنواره غريبة ، وأصوات تنبعث لا تفهم لغتها ، وأسلاك وأنابيب تمددت لتقيد جسدها المبتل في فراش ليس فراشها ، حاولت أن تتحرك لم تستطع ، كانت تحكم قبضتها على شيء ما ، فتحت يدها لتنظر فيها ، لا زالت قبضة من حبات الزيتون بيدها ، قد غسلتها قطرات المطر .
والله لزرعك بالدار .. يا عود الزيتون الأخضر
وأروي هالأرض بدمي .. لتنوّر فيها وتكبر
الإثنين 10 يونيو 2024 - 17:06 من طرف Abd
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd
» وفاة 30/7/2013 : جمال ابراهيم علي الحروب
السبت 30 مارس 2024 - 14:14 من طرف Khaled promo
» جميع حلقات سيف النار
الجمعة 1 مايو 2020 - 8:36 من طرف monusorry
» اسماء المرشحين في انتخابات بلدية خاراس القادمة!!!!!؟؟؟؟
الإثنين 26 أغسطس 2019 - 22:08 من طرف جوليانا
» د.ناصر اللحام رئيس تحرير وكاله معا يصف خاراس
الإثنين 26 أغسطس 2019 - 22:05 من طرف جوليانا
» تهنئة العضو القدير khamdan بالخطوبة
الإثنين 26 أغسطس 2019 - 22:02 من طرف جوليانا
» مشكلة المياه في البلدة والقرى المجاوره
الأحد 25 أغسطس 2019 - 22:35 من طرف جوليانا
» شات عربي
الأحد 25 أغسطس 2019 - 22:16 من طرف جوليانا
» صور من خيمة التضامن مع الاسير ثائر حلاحلة في خاراس
الجمعة 25 مارس 2016 - 23:12 من طرف سامر2015