العز بن عبد السلام
في تاريخنا الإسلامي الزاهر نماذج رائعة من العلماء العاملين الذين أدوا رسالتهم على أكمل وجه، فكانوا نبراساً يستضاء بهم في كل زمان، ونماذج يقتدى بها في وقت تُفتقد فيه القدوة الصالحة، والكلمة الجريئة ، والمجابهة الصريحة في سبيل إعلاء كلمة الله ....
وشيخنا العز بن عبد السلام هو من ذلك الطراز الفريد الذي يجب أن نستلهم سيرته في حياتنا المعاصرة، فقد كان هذا الرجل نموذجاً رائعاً للسياسي البارع، والعالم المستنير، والاجتماعي المخلص، المتعبد على طريقة السلف الصالح.
1) نسبه :
هو أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد بن مهذّب السُلمي مغربي الأصل، دمشقي المولد، مصري الوفاة، شافعي المذهب، ملقب بسلطان العلماء، واسم الشهرة هو العزّ بن عبد السلام. ولد سنة 577هـ وقيل 78
وتوفي سنة/ 660/هـ
2) نشأته:
نشأ العزّ في أسرة فقيرة مغمورة، ولم يطلب العلم إلا على كبر. كان يبيت في زاوية الباب الشمالي للجامع الأموي بدمشق. وفي ليلة ذات برد شديد احتلم. قام مسرعاً ونزل في البركة فحصل له ألم شديد من البرد. وعاد فنام فاحتلم ثانية فنزل في البركة، لأن أبواب الجامع مغلقة. ولما طلع منها أغمي عليه من شدة البرد. ولما صحا سمع نداء يهتف به: يا ابن عبد السلام أتريد العلم أم العمل؟ فقال عز الدين: العلم، لأنه يهدي إلى العمل. فأصبح وأخذ «التنبيه» وهو متن متداول في الفقه الشافعي فحفظه في مدة يسيرة، وأقبل على العلم فكان أعلم أهل زمانه ومن أعبد خلق الله تعالى.
3) طلبه للعلم:
حيث إن العزّ طلب العلم على كبر، فقد جدّ واجتهد في حفظ المتون ودراسة الكتب والتردد على كبار شيوخ عصره، ليعوّض ما فاته في صغره، كما أن كبر سنه وذكاءه أعاناه على تحصيل العلم الكثير وهضمه وإدراك مسائله العويصة.
كانت دمشق في عصره منتجعاً للعلماء من الشرق والغرب نظراً لتوسطها، فاجتمع فيها جهابذة العلماء البارعين في فنون العلم، وقد تردد عليهم شيخنا العز بن عبد السلام، فنهل من علمهم الصافي الفياض وتأثر بأخلاقهم الفاضلة وسلوكهم في الحياة فانصقلت مواهبه، وتميزت شخصيته الجامعة بين الفقه والأصول والتفسير واللغة والتصوف متأثراً بورع وزهد الإمام فخر الدين بن عساكر وفقه القاضي عبد الصمد المرستاني.
سافر إلى بغداد عاصمة الخلافة وكعبة العلم آنذاك فوصلها سنة 597هـ وتردد إلى علمائها ونهل من علمهم. ولم يمكث فيها طويلاً. كان يواصل التحصيل والتلقي من الشيوخ حتى بعد أن صار شيخاً كبيراً تهابه الملوك وتخشى مخالفته. فبعد أن رحل إلى مصر عام 639هـ كان يحضر حلقات الشيخ أبي الحسن الشاذلي الصوفي المعروف، ويجلّه ويستفيد منه في علم الحقيقة. كما أن أبا الحسن الشاذلي كان يوقر العزّ ويستفيد منه في الفقه. وهذا شأن العالم المخلص فإنه يواصل تحصيل العلم ولا يشغله عنه شاغل.
الزاوية الغزالية: هي الزاوية الغربية للجامع الأموي، ونسبت إلى الإمام الغزالي رحمه الله لكثرة اعتكافه فيها وتدريسه، وقد تولّى التدريس فيها العز بن عبد السلام من قبل الملك الكامل بعد وفاة الشيخ جمال الدين محمد الدولعي سنة 635هـ.
صفاته الخُلُقية :
إن صفات العز الخُلُقية كثيرة، وهي في مجملها تدل على تمتعه بأكمل الصفات، وأجمل الخصال، وأنبل المزايا، فمن صفاته:
الورع :
لما مرض مرض الموت أرسل له الملك الظاهر بيبرس وقال له: عين مناصبك لمن تريد من أولادك، فقال: ما فيهم من يصلح، وهذه المدرسة الصالحية تصلح للقاضي تاج الدين بن بنت الأعز أحد تلاميذه، ففوضت إليه. ومنها عزله لنفسه من القضاء أكثر من مرة خوفاً من حمله الثقيل، وتبعاته العظيمة.
الزهد :
كان العز من الزهاد حقاً وصدقاً، بل كان شديد الزهد، فلم يجمع من الدنيا إلا القليل، وإذا عرضت عليه أعرض عنها، وقصصه في ذلك كثيرة، منها:
بعد أن انتهت محنته مع الملك الأشرف، أراد الملك أن يسترضيه، فقال: "والله لأجعلنه أغنى العلماء" ولكن العز لم يأبه لذلك، ولم ينتهز هذه الفرصة لمصالحه الشخصية، ولم يقبل درهماً من الملك، بل رفض الاجتماع به لأمور شخصية.
الكرم والسخاء والبذل :
وهي صفة تؤكد صفة الزهد فيه رحمه الله، فقد كان باسط اليد فيما يملك، يجود بماله على قلته طمعاً في الأجر والثواب.
حكى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة رحمه الله، أن الشيخ لما كان بدمشق وقع مرة غلاء كبير حتى صارت البساتين تباع بالثمن القليل، فأعطته زوجته مَصاغا ًلها، وقالت: اشتر لنا به بستاناً نَصيف به، فأخذ المصاغ، وباعه، وتصدق بثمنه، فقالت: يا سيدي اشتريت لنا؟ قال: نعم، بستاناً في الجنة، إني وجدت الناس في شدة فتصدقت بثمنه، فقالت له: جزاك الله خيراً.
ولما جاء أستاذ الدار الغِرز خليل برسالة الملك الأشرف بدمشق للشيخ العز بعزله عن الإفتاء، قال له: يا غرز من سعادتي لزومي لبيتي، وتفرغي لعبادة ربي، والسعيد من لزم بيته، وبكى على خطيئته، واشتغل بطاعة الله تعالى، وهذا تسليك من الحق، وهدية من الله تعالى إلي، أجراها على يد السلطان وهو غضبان، وأنا بها فرحان، والله يا غرز لو كانت عندي خلعة تصلح لك على هذه الرسالة المتضمنة لهذه البشارة لخلعت عليك، ونحن على الفتوح، خذ هذه السجادة صل عليها، فقبِلها وقبّلها، وودعه وانصرف إلى السلطان، وذكر له ما جرى بينه وبينه. فقال لمن حضره: قولوا لي ما أفعل به، هذا رجل يرى العقوبة نعمة، اتركوه، بيننا وبينه الله".
قال ابن السبكي: "وحكي أنه كان مع فقره كثير الصدقات، وأنه ربما قطع من عمامته، وأعطى فقيراً يسأله إذا لم يجد معه غير عِمامته"
ملاحظه:البحث في 8 صفحات
رابط تنزيل البحث مخفي.للمزيد ولتنزيل البحث ضع ردك لو سمحت ليظهر لك هنا
مع التحيه
الدكتور سليمان عطوان
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd