"حذار من تفجير الأنوية البشرية"
بالرغم من دراستي لعلم الفيزياء ، وعدم اشتغالي في مجالاتة المحدودة في عالمنا العربي ، إلا أنني لم أندم في يوم من الأيام على دراستي لهذا العلم ، لأنه علم يتداخل في كل العلوم ، ويدخل في كنه الحياة ، ويفسر ظواهرها ، ويغوص في أعماقها ، ولأنه يهتم بدراسة الطبيعة ، والطبيعة مصدر الإلهام للشعور بالحياة ، بحلوها ومرها وقدسيتها ، وسمو رسالتها ، فكلما انسجم الإنسان مع الطبيعة وقوانينها كان حبه للحياة أكثر ، وكانت سعادته بكل لحظة من لحظاتها بحلوها ومرها أعظم ، وكانت حياته حافلة بالعطاء والخير ، وكانت مسيرته فيها موفقة ومتوازنة بين دنيا زائلة ، وحياة أخرى دائمة تحت رعاية الخالق العظيم الذي سيجمع الإنسانية جمعاء للحساب والجزاء والعقاب تحت عنوان وبميزان قوله تعالى "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره."
والذرة هنا تعيدنا الى علم الفيزياء ، وكأنه نذير من الله لنا بأهوال الذرة ومخاطرها على الرغم من دقتها وصغر حجمها إن أُسيء استخدامها لغير ما خلقت له ، ومن الذرة سوف ننطلق الى موضوعنا ، فالذرة هي وحدة الخلق في الجمادات ويقابلها الخلية في الكائنات الحية.
ولا شك في أن هنالك اتفاقاً كبيراً بين مجريات الأمور الحياتية التي تلعب دوراً هاماً في حياة البشر ، وبين قوانين الطبيعة التي تحكم الكرة الأرضية والكون بما فيه من مخلوقات ، في نظام محكم من صنع خالق قدير ، ضَمِن لنا توازن الكون إن لم نعبث بما أعطانا من قدرٍ يسيرٍ من علمه ، ونخالف أوامره لنا بالالتزام بحدود شرائعه ، فينعكس علينا ذلك بالعقاب والدمار والخراب ، بقوله تعالى "ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم."
وسوف نطرق ظاهرة حياتية وما يقابلها من ظاهرة كونية والتي حفظت لنا توازن هذا الكون ألا وهي ظاهرة الحب. فالحب قاعدة أساسية تأسست عليه الحياة ، ولولا وجود الحب لاختل توازن الكون لا سمح الله. وكما خلق الله الداء خلق الدواء تماماً كما خلق الكره مقابل الحب ، والشر مقابل الخير ، وكانت قصة صراع البشرية من هذا المنطلق إن الحب في حياة البشر أو بمعنى آخر الإنسان هو "جاذبية الإنسان وشعوره بالشوق والإرتياح والطمأنينة وهدوء الأعصاب أثناء مزاولته له تجاه أي مخلوق آخر من خلق الله ، وثوران الأعصاب والشعور بالحاجة والجاذبية الى هذا المخلوق ، وذلك تحت ايحاء فطرة فطرنا الله عليها لا نملك إزاءها التغيير والتبديل ، والتي في مؤداها هي الجاذبية الروحانية الى رب تفوق قدرته قدرة المخلوقات في هذا الكون ومن ثم الشعور بالعبودية لهذا الخالق ومزاولة عبادته لشكره وتكريمه للنفس البشرية ." فمن حب الخالق ينبثق كل حب ، وهو المظلة الكبرى لتعريف اي حب. بكلمة مختصرة هو" الجاذبية والإرتياح" وما يقابله الكره وهو "التنافر وعدم الإرتياح". ومن لا يعرف الحب فقد عمي قلبه عن الإيمان بالله وحبه بالالتزام بشرائعه السماوية واتباع نهج رسله.
إن الله خلق الإنسان وأنزله الى الأرض ليكون خليفة فيها ، وسخر له باقي المخلوقات ليكون قواماً عليها ، يستخدمها في صالحه وضمن منظومة محددة بخطوط حمراء ، إن تعداها استحق العقاب ، وأمره أن يتعامل بالحب لعمل الخير ويقدم عليه وأن يتنافر مع عمل الشر ويحجم عنه.
وقد أوجد الله في كل مخلوقاته هذه الظاهرة ، فكما فطر الإنسان على الحب ، كان توازن المخلوقات الأخرى واتزانها وتسخيرها لنا بقانون الحب فعمل على توازن الأجرام والكواكب بظاهرة الجاذبية. كيف؟
عرفنا الحب سالفاً وباختصار بأنه الجاذبية للمحبوب ، والجاذبية تحكم التوازن في الطبيعة ، وعلى الرغم مما في الطبيعة من قوىً أخرى تشاكس فعل الجاذبية وتعمل بعكس اتجاهها ، من فعل الأشرار من البشر والذين يتبعون الشيطان. إلا أن الله سبحانه وتعالى تكفل بتوازن الكون حتى يقضي هو أمراً كان مفعولا. إذن فالحب يوجد في مخلوقات الله جميعها من كائنات حية وجمادات ، الحب في الكائنات الحية مفهوم ، أما الحب في الجمادات فيحتاج الى ايضاح فيزيائي.
لنعد الى الذرة مرة أخرى ، تتكون الجمادات من بلايين الدقائق الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة إذا أُخذت بمفردها وهي الذرات ، والذرة تتكون من نواة يحيط بها دقائق متناهية بالصغر تدور حول النواة مركز الذرة. وما الذي يجمع بين تلك الذرات لكي تشكل جسماً يرى بالعين المجردة؟ إنها الجاذبية (الحب). فالنواة تتكون من بروتونات موجبة الشحنة ، ونيوترون متعادل الشحنة ، وبالمحصلة يطغى على النواة الشحنة الموجبة ، ويتركز في النواة ثقل الذرة. وحول الذرة يوجد دقائق صغيرة تدور في مدارات حول النواة هي الإلكترونات سالبة الشحنة ، وتخضع في سيرها حول النواة لقوة الجاذبية بينها وبين البروتونات موجبة الشحنة ، اي أنه يوجد هنالك علاقة حب بين البروتون والإلكترون تجذبهما الى بعضهما البعض للحفاظ على وحدتهما في الذرة الواحدة. وهنالك ذرات تمتاز عن غيرها بجاذبية أقوى من مثيلاتها ، فتعمل على جذب الكترونات من خلايا أخرى وتستقطبها ، وبذلك تعمل عل تغاير الشحنات الكهربائية لتزيد من قوى الجاذبية بين مختلف العناصر ، وينتج عن ذلك المخلوقات الجامدة على شكل مركبات وأجسام نراها ونلمسها. فالعناصر الطبيعية في هذا الكون وفي أغلبيتها الساحقة غير متعادلة الشحنة فهي إما سالبةً أو موجبةً وذلك لتكريس ظاهرة الحب بين الجوامد والمحافظة عليها ، واستطاع الإنسان استغلال ظاهرة الحب هذه بإنتاج مركبات يستخدمها في حياته كالأغذية والأدوية على سبيل المثال لا الحصر وذلك بمزاوجة العناصر مع بعضها البعض. فعندما يخسر العنصر الكتروناً او أكثر ويزف الى عنصر آخر للزواج والإتحاد يصبح موجب الشحنة بوحدة واحدة من الشحنات او أكثر +1 أو +2...الخ والعنصر الذي اكتسب الإلكترون يصبح سالب الشحنة _1 او _2...الخ حسب عدد الإلكترونات المتزاوجة. حيث يزيد عدد البروتونات عن عدد الإلكترونات في الحالة الآولى وبالعكس في الحالة الثانية. وكل العناصر على هذه الشاكلة باستثناء نادر الحدوث في العناصر الخاملة مثل النيون ، حيث لكل قاعدة شواذ. وسميت تلك العناصر بالخاملة لأفتقادها الى الحب الذي يولد الحيوية والإحساس والتفاعل مع العناصر الأخرى من جنسها.
ما يقابل ذلك في الإنسان والكائنات الحية هو الخلية. فعند بدء الخليقة ، خلق الله أولاً آدم من تراب ، وجعله موجب الشحنة وفي مركز النواة للجنس البشري ، وخلق منه حواء سالبة الشحنة وذلك لإيجاد رابطة الحب بينهما. والإنسان عندما يخلق في رحم أمه يبدأ بالخلية ، وذلك باتحاد بويضة سالبة الشحنة في رحم الأم مع حيوان منوي موجب الشحنة في جسد الأم. وماذا ينتج عن ذلك؟ يكون المولود إما ذكراً تغلب عليه الصفات الذكورية نظراً لزيادة الهرمون الذكري على الأُنثوي ويتخلق له الجهاز التناسلي الذكري بشحنة موجبة ، أو تكون المولودة أنثى يغلب فيها الهرمون الأُنثوي على الذكري ويتخلق فيها الجهاز التناسلي الأنثوي ، وبالفطرة الإلهية ينجذب كل منهما الى الآخر برابطة الحب لأستمرار النسل وحفظ النوع البشري. فلو بدأ الخلق برجل ورجل أو امرأة وامرأة لما كان هنالك حياة على هذه الأرض. وإن كان المولود خنثى اي يتعادل فيه القدرة الذكورية مع القدرة الأُنثوية وهذا من الشواذ على القاعدة ونادر الحدوث فسيكون المولود فاقداً لدوافع الحياة البشرية وخاملاً وغير مستقر الحال وفاقداً للمشاعر والأحاسيس تجاه الآخرين من جنسه.
والتجاذب والتنافر هنا يتم في مسافة محددة ، وفي مجال محدود المساحة والأبعاد محكوم برغبات جسدية ، والذي يسمى المجال المغناطيسي في علم الطبيعة والذي خارج حدوده تختفي هذه الجاذبية او التنافر. وما يقابله في الحياة هو مدى التوافق والإختلاف في الأهواء في حدود الرؤيا بالعين ، والإحساس بقرب المكان بطاقة الحواس الخمسة وتقاطعها بالإتحاد والتجاذب في حالة الإنسجام ، وتباعدها في عدم الإنسجام. ولولا حدود هذه الجاذبية والتنافر لما كانت هنالك حياة طبيعية. ومن هنا كان اتحاد الذكر مع الأنثى في كل مخلوقات الله يبعث قوة ساحرة في النفس وسعادة غامرة وسكناً وهدوءا وتكاثراً في النوع ، وكان تقارب الأجناس المتماثلة بنفس الحدود التي يتقارب فيها الأضداد يعتبر شذوذاً محرماً ولا ينتج عنه الا الخبث والأذى. ولا يحل فيه تقارب جسدي ويختفي فيه التجاذب الجسدي ، وبدلاً من ذلك يغلب عليه التقارب الروحاني ومن هنا كانت الأرواح جنوداً مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، بعيداً عن التجاذب الجسدي ومن منطلق التوافق الأخلاقي الروحاني سواءً كان التوافق خيرياً او شرورياً كل حسب ما هداه عقله وضمن مجال مغناطيسي أخلاقي اوسع وأبعد من المجال الأول.
وكان تعامل كافة المخلوقات خارج المجال الإنسجامي واللاإنسجامي بين الأضداد طبيعياً لا ينطوي على كره بالفطرة إلا ما تضمر به النفس المريضة والشاذة. ومن هنا كان الإنسان مدنياً بالطبع لا يستغني عن نظيره من جنسة ، وكانت العرى والروابط الأسرية من ابوة وامومة وأخوة وعمومة وجيرة ....الخ من اواصر القربى والجوار والعلاقات مثل الصداقة خارج المجال المغناطيسي للأضداد تحكم ذلك خصائص الروح بعيدة عن رغبات الجسد بسمو الأخلاق او انحطاطها.
وشأن الحيوان والنبات هو شأن الإنسان باختلاف جوهري ، وهو أن الحيوان والنبات يسيران بالفطرة الإلهية وبما قدر الله لهما ، أما الإنسان فقد كرمه الله عن غيره من المخلوقات بأن وهبه عقلاً ليميز به الخبيث من الطيب ، ويفكر فيه لإستغلال المخلوقات الأخرى لخدمته وتيسير أموره المعيشية في رحلته على الأرض ، ولذلك فتح له بعضاً من أبواب العلم وأسرار الخلق ليسخرها في خير بني جنسه ، وأن يجعل من الأرض جنة ومحيطاً جميلاً لا يعكر صفاءها. ولذلك حمله الأمانة التي عرضت على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا. ظلوماً وجهولاً بإرادته لا بإرادة الله ، لأن الله هداه النجدين.
ولو أخذنا الإنسان جسماً سواءً كان ذكراً او أُنثى لوجدنا أن نواته هو القلب. تماماً كما هي النواة للذرة او الخلية ، فهو المولد الذي يدفع بالطاقة والحيوية والحياة في هذا الجسم البشري ، وهو مقياس السعادة والإستقرار وكذلك التعاسة والتخبط ، وهو مصنع الدم الذي يبعث الحياة بالإنسان ، ويقوم بتوزيعها على كافة أعضاء الجسم لتقوم بوظائفها. وهو مركز الشحنة الموجبة في الرجل والسالبة في المرأة. وهو الذي يخفق عند حصول الجاذبية المتبادلة بينهما. وما وفيات النوبات القلبية إلا نتاجاً لزيادة الضغط عليه ، وعدم التوازن في المشاعر ، والذي بدوره يؤدي الى اضطراب في عمل القلب ، وتعطيل هذا المحرك وبذلك يؤدي الى توقفه عن العمل تماماً كما يتعطل الدينامو في السيارة ويعطلها عن الحركة. وتنتهي قصة الإنسان عن الأرض وتفيض الروح الى بارئها. وكما وضع الله سر حياة الخلية بنواتها وضع سر حياة الإنسان بقلبه. فهو كالصدام يمتص الصدمات ، ويختزن الآلام والأفراح والأشواق والسعادة والتعاسة واللواعج ويختزن شحنات الحب والكره. وينعكس ذلك على محيا الإنسان ، فيكون إما مشرقاً او قاتما.
وقد توصل الإنسان بعلمه الى اختراع القنابل النووية من تفجير انوية الذرات ، واستغل الإنسان بجشعه هذا الإختراع ليقهر أخاه الإنسان الذي هو اضعف منه ، وان يسرق ممتلكات الضعفاء ، وأن يسخر هذا الإختراع في نشر الظلم والفساد وعبودية الإنسان للإنسان بالإكراه وقوة السلاح ، والقتل والتهجير والحكم بدساتير الأقوياء الوضعية ، مخالفاً بذلك شرائع الخالق وتعاليمه للبشر من خلال رسله اليهم ، وظهر الإستعمار البشع ، وسادت شريعة الغاب بين البشر ، واستشرى الظلم والفساد والقتل وإفتراس الإنسان القوي للضعيف ، وطفح الكيل ، وانتشر الشذوذ والرذيلة والفحش والهمجية والوحشية بين البشر ، وامتلأت الأنوية البشرية حقداً ، وشعوراً عارماً بالظلم ، والإستهانة بإنسانية الإنسان ، فأصبحنا نرى قتل الأطفال الأبرياء ، والناس العزل من شيوخ ونساء ، وأوضح ما يكون هذا المشهد جلياً في أوطاننا العربية والإسلامية ، في فلسطين والعراق وافغانستان وكشمير والشيشان والباكستان والصومال.
ما عَلِم أوُلئك أن تفجير الأنوية البشرية إن استدرج للإنفجار سيكون أقسى وأشد من التفجير النووي للذرات ، وقد ذاقوا بعضاً من قسوته ودمويته ، فإن قست قلوب البشر ستكون صماء عمياء كالحجارة وأكثر . وربما تلين الحجارة ، لكن قلوب البشر لن تلين إن تمكنت منها القساوة كما وصف ذلك الله بكتابه العزيز. لقد وصلت قساوة قلوب البشر الى تفجير عرس فيه الأطفال والنساء ، إنها لا تعرف للرحمة طريقاً ، ولا للصبر حدوداً ، فمن رأى الطفلة الفلسطينية التي ذهبت مع اسرتها في نزهة بالطبيعة على ش*********ء غزة، وعادت لوحدها بعد قتل أفراد عائلتها السبعة وحيدة جريحة فاقدة للعقل والإحساس تصرخ وتنادي أباها الممدد صريعاً على الأرض ، وكل ذنب اقترفته هذه العائلة أنها خرجت للإستمتاع بالطبيعة لتقاوم الحصار والجوع المفروض عليها من البشرية الغريبة والقريبة ، ولتنسي أطفالها تضور الجوع ، والحرمان من اللعب ، تُرى بماذا تفكر هذه الطفلة الآن؟ إنني متأكد انها تفكر بالإنتقام لأُسرتها إن كتبت لها الحياة بعد مشاهدتها الجريمة البشعة ضد أُسرتها المغدورة ، فنحن الكبار لم نستطع النوم من هول الجريمة ، فكيف بهذه الطفلة اليانعة بعمر النوار الغض الطري؟
فاحذروا تفجير الأنوية البشرية ، فإنها إن قرعت ناقوس الخطر سوف لن تبقي ولن تذر. إنكم تدفعون البشرية الى حافة الهاوية ، والى أتون القتل والقتل المضاد ، والى دوامة العنف والإنتقام ، والى الخراب والدمار ، فقليل من صحوة الضمير المستتر ، وبذرة قليلة من العدل تستطيعون ايقاف الجرائم الوحشية ، لكي لا تمتد الى كل انحاء الأرض. فلا تحولوا الإنسانية الى وحوش بأفعالكم ، وبنفوسكم الجشعة للسلطة والتحكم بمصائر الشعوب ومقدراتها والإستهتار بإنسانية الإنسان.
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
11 أيار 2006
بالرغم من دراستي لعلم الفيزياء ، وعدم اشتغالي في مجالاتة المحدودة في عالمنا العربي ، إلا أنني لم أندم في يوم من الأيام على دراستي لهذا العلم ، لأنه علم يتداخل في كل العلوم ، ويدخل في كنه الحياة ، ويفسر ظواهرها ، ويغوص في أعماقها ، ولأنه يهتم بدراسة الطبيعة ، والطبيعة مصدر الإلهام للشعور بالحياة ، بحلوها ومرها وقدسيتها ، وسمو رسالتها ، فكلما انسجم الإنسان مع الطبيعة وقوانينها كان حبه للحياة أكثر ، وكانت سعادته بكل لحظة من لحظاتها بحلوها ومرها أعظم ، وكانت حياته حافلة بالعطاء والخير ، وكانت مسيرته فيها موفقة ومتوازنة بين دنيا زائلة ، وحياة أخرى دائمة تحت رعاية الخالق العظيم الذي سيجمع الإنسانية جمعاء للحساب والجزاء والعقاب تحت عنوان وبميزان قوله تعالى "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره."
والذرة هنا تعيدنا الى علم الفيزياء ، وكأنه نذير من الله لنا بأهوال الذرة ومخاطرها على الرغم من دقتها وصغر حجمها إن أُسيء استخدامها لغير ما خلقت له ، ومن الذرة سوف ننطلق الى موضوعنا ، فالذرة هي وحدة الخلق في الجمادات ويقابلها الخلية في الكائنات الحية.
ولا شك في أن هنالك اتفاقاً كبيراً بين مجريات الأمور الحياتية التي تلعب دوراً هاماً في حياة البشر ، وبين قوانين الطبيعة التي تحكم الكرة الأرضية والكون بما فيه من مخلوقات ، في نظام محكم من صنع خالق قدير ، ضَمِن لنا توازن الكون إن لم نعبث بما أعطانا من قدرٍ يسيرٍ من علمه ، ونخالف أوامره لنا بالالتزام بحدود شرائعه ، فينعكس علينا ذلك بالعقاب والدمار والخراب ، بقوله تعالى "ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم."
وسوف نطرق ظاهرة حياتية وما يقابلها من ظاهرة كونية والتي حفظت لنا توازن هذا الكون ألا وهي ظاهرة الحب. فالحب قاعدة أساسية تأسست عليه الحياة ، ولولا وجود الحب لاختل توازن الكون لا سمح الله. وكما خلق الله الداء خلق الدواء تماماً كما خلق الكره مقابل الحب ، والشر مقابل الخير ، وكانت قصة صراع البشرية من هذا المنطلق إن الحب في حياة البشر أو بمعنى آخر الإنسان هو "جاذبية الإنسان وشعوره بالشوق والإرتياح والطمأنينة وهدوء الأعصاب أثناء مزاولته له تجاه أي مخلوق آخر من خلق الله ، وثوران الأعصاب والشعور بالحاجة والجاذبية الى هذا المخلوق ، وذلك تحت ايحاء فطرة فطرنا الله عليها لا نملك إزاءها التغيير والتبديل ، والتي في مؤداها هي الجاذبية الروحانية الى رب تفوق قدرته قدرة المخلوقات في هذا الكون ومن ثم الشعور بالعبودية لهذا الخالق ومزاولة عبادته لشكره وتكريمه للنفس البشرية ." فمن حب الخالق ينبثق كل حب ، وهو المظلة الكبرى لتعريف اي حب. بكلمة مختصرة هو" الجاذبية والإرتياح" وما يقابله الكره وهو "التنافر وعدم الإرتياح". ومن لا يعرف الحب فقد عمي قلبه عن الإيمان بالله وحبه بالالتزام بشرائعه السماوية واتباع نهج رسله.
إن الله خلق الإنسان وأنزله الى الأرض ليكون خليفة فيها ، وسخر له باقي المخلوقات ليكون قواماً عليها ، يستخدمها في صالحه وضمن منظومة محددة بخطوط حمراء ، إن تعداها استحق العقاب ، وأمره أن يتعامل بالحب لعمل الخير ويقدم عليه وأن يتنافر مع عمل الشر ويحجم عنه.
وقد أوجد الله في كل مخلوقاته هذه الظاهرة ، فكما فطر الإنسان على الحب ، كان توازن المخلوقات الأخرى واتزانها وتسخيرها لنا بقانون الحب فعمل على توازن الأجرام والكواكب بظاهرة الجاذبية. كيف؟
عرفنا الحب سالفاً وباختصار بأنه الجاذبية للمحبوب ، والجاذبية تحكم التوازن في الطبيعة ، وعلى الرغم مما في الطبيعة من قوىً أخرى تشاكس فعل الجاذبية وتعمل بعكس اتجاهها ، من فعل الأشرار من البشر والذين يتبعون الشيطان. إلا أن الله سبحانه وتعالى تكفل بتوازن الكون حتى يقضي هو أمراً كان مفعولا. إذن فالحب يوجد في مخلوقات الله جميعها من كائنات حية وجمادات ، الحب في الكائنات الحية مفهوم ، أما الحب في الجمادات فيحتاج الى ايضاح فيزيائي.
لنعد الى الذرة مرة أخرى ، تتكون الجمادات من بلايين الدقائق الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة إذا أُخذت بمفردها وهي الذرات ، والذرة تتكون من نواة يحيط بها دقائق متناهية بالصغر تدور حول النواة مركز الذرة. وما الذي يجمع بين تلك الذرات لكي تشكل جسماً يرى بالعين المجردة؟ إنها الجاذبية (الحب). فالنواة تتكون من بروتونات موجبة الشحنة ، ونيوترون متعادل الشحنة ، وبالمحصلة يطغى على النواة الشحنة الموجبة ، ويتركز في النواة ثقل الذرة. وحول الذرة يوجد دقائق صغيرة تدور في مدارات حول النواة هي الإلكترونات سالبة الشحنة ، وتخضع في سيرها حول النواة لقوة الجاذبية بينها وبين البروتونات موجبة الشحنة ، اي أنه يوجد هنالك علاقة حب بين البروتون والإلكترون تجذبهما الى بعضهما البعض للحفاظ على وحدتهما في الذرة الواحدة. وهنالك ذرات تمتاز عن غيرها بجاذبية أقوى من مثيلاتها ، فتعمل على جذب الكترونات من خلايا أخرى وتستقطبها ، وبذلك تعمل عل تغاير الشحنات الكهربائية لتزيد من قوى الجاذبية بين مختلف العناصر ، وينتج عن ذلك المخلوقات الجامدة على شكل مركبات وأجسام نراها ونلمسها. فالعناصر الطبيعية في هذا الكون وفي أغلبيتها الساحقة غير متعادلة الشحنة فهي إما سالبةً أو موجبةً وذلك لتكريس ظاهرة الحب بين الجوامد والمحافظة عليها ، واستطاع الإنسان استغلال ظاهرة الحب هذه بإنتاج مركبات يستخدمها في حياته كالأغذية والأدوية على سبيل المثال لا الحصر وذلك بمزاوجة العناصر مع بعضها البعض. فعندما يخسر العنصر الكتروناً او أكثر ويزف الى عنصر آخر للزواج والإتحاد يصبح موجب الشحنة بوحدة واحدة من الشحنات او أكثر +1 أو +2...الخ والعنصر الذي اكتسب الإلكترون يصبح سالب الشحنة _1 او _2...الخ حسب عدد الإلكترونات المتزاوجة. حيث يزيد عدد البروتونات عن عدد الإلكترونات في الحالة الآولى وبالعكس في الحالة الثانية. وكل العناصر على هذه الشاكلة باستثناء نادر الحدوث في العناصر الخاملة مثل النيون ، حيث لكل قاعدة شواذ. وسميت تلك العناصر بالخاملة لأفتقادها الى الحب الذي يولد الحيوية والإحساس والتفاعل مع العناصر الأخرى من جنسها.
ما يقابل ذلك في الإنسان والكائنات الحية هو الخلية. فعند بدء الخليقة ، خلق الله أولاً آدم من تراب ، وجعله موجب الشحنة وفي مركز النواة للجنس البشري ، وخلق منه حواء سالبة الشحنة وذلك لإيجاد رابطة الحب بينهما. والإنسان عندما يخلق في رحم أمه يبدأ بالخلية ، وذلك باتحاد بويضة سالبة الشحنة في رحم الأم مع حيوان منوي موجب الشحنة في جسد الأم. وماذا ينتج عن ذلك؟ يكون المولود إما ذكراً تغلب عليه الصفات الذكورية نظراً لزيادة الهرمون الذكري على الأُنثوي ويتخلق له الجهاز التناسلي الذكري بشحنة موجبة ، أو تكون المولودة أنثى يغلب فيها الهرمون الأُنثوي على الذكري ويتخلق فيها الجهاز التناسلي الأنثوي ، وبالفطرة الإلهية ينجذب كل منهما الى الآخر برابطة الحب لأستمرار النسل وحفظ النوع البشري. فلو بدأ الخلق برجل ورجل أو امرأة وامرأة لما كان هنالك حياة على هذه الأرض. وإن كان المولود خنثى اي يتعادل فيه القدرة الذكورية مع القدرة الأُنثوية وهذا من الشواذ على القاعدة ونادر الحدوث فسيكون المولود فاقداً لدوافع الحياة البشرية وخاملاً وغير مستقر الحال وفاقداً للمشاعر والأحاسيس تجاه الآخرين من جنسه.
والتجاذب والتنافر هنا يتم في مسافة محددة ، وفي مجال محدود المساحة والأبعاد محكوم برغبات جسدية ، والذي يسمى المجال المغناطيسي في علم الطبيعة والذي خارج حدوده تختفي هذه الجاذبية او التنافر. وما يقابله في الحياة هو مدى التوافق والإختلاف في الأهواء في حدود الرؤيا بالعين ، والإحساس بقرب المكان بطاقة الحواس الخمسة وتقاطعها بالإتحاد والتجاذب في حالة الإنسجام ، وتباعدها في عدم الإنسجام. ولولا حدود هذه الجاذبية والتنافر لما كانت هنالك حياة طبيعية. ومن هنا كان اتحاد الذكر مع الأنثى في كل مخلوقات الله يبعث قوة ساحرة في النفس وسعادة غامرة وسكناً وهدوءا وتكاثراً في النوع ، وكان تقارب الأجناس المتماثلة بنفس الحدود التي يتقارب فيها الأضداد يعتبر شذوذاً محرماً ولا ينتج عنه الا الخبث والأذى. ولا يحل فيه تقارب جسدي ويختفي فيه التجاذب الجسدي ، وبدلاً من ذلك يغلب عليه التقارب الروحاني ومن هنا كانت الأرواح جنوداً مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، بعيداً عن التجاذب الجسدي ومن منطلق التوافق الأخلاقي الروحاني سواءً كان التوافق خيرياً او شرورياً كل حسب ما هداه عقله وضمن مجال مغناطيسي أخلاقي اوسع وأبعد من المجال الأول.
وكان تعامل كافة المخلوقات خارج المجال الإنسجامي واللاإنسجامي بين الأضداد طبيعياً لا ينطوي على كره بالفطرة إلا ما تضمر به النفس المريضة والشاذة. ومن هنا كان الإنسان مدنياً بالطبع لا يستغني عن نظيره من جنسة ، وكانت العرى والروابط الأسرية من ابوة وامومة وأخوة وعمومة وجيرة ....الخ من اواصر القربى والجوار والعلاقات مثل الصداقة خارج المجال المغناطيسي للأضداد تحكم ذلك خصائص الروح بعيدة عن رغبات الجسد بسمو الأخلاق او انحطاطها.
وشأن الحيوان والنبات هو شأن الإنسان باختلاف جوهري ، وهو أن الحيوان والنبات يسيران بالفطرة الإلهية وبما قدر الله لهما ، أما الإنسان فقد كرمه الله عن غيره من المخلوقات بأن وهبه عقلاً ليميز به الخبيث من الطيب ، ويفكر فيه لإستغلال المخلوقات الأخرى لخدمته وتيسير أموره المعيشية في رحلته على الأرض ، ولذلك فتح له بعضاً من أبواب العلم وأسرار الخلق ليسخرها في خير بني جنسه ، وأن يجعل من الأرض جنة ومحيطاً جميلاً لا يعكر صفاءها. ولذلك حمله الأمانة التي عرضت على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا. ظلوماً وجهولاً بإرادته لا بإرادة الله ، لأن الله هداه النجدين.
ولو أخذنا الإنسان جسماً سواءً كان ذكراً او أُنثى لوجدنا أن نواته هو القلب. تماماً كما هي النواة للذرة او الخلية ، فهو المولد الذي يدفع بالطاقة والحيوية والحياة في هذا الجسم البشري ، وهو مقياس السعادة والإستقرار وكذلك التعاسة والتخبط ، وهو مصنع الدم الذي يبعث الحياة بالإنسان ، ويقوم بتوزيعها على كافة أعضاء الجسم لتقوم بوظائفها. وهو مركز الشحنة الموجبة في الرجل والسالبة في المرأة. وهو الذي يخفق عند حصول الجاذبية المتبادلة بينهما. وما وفيات النوبات القلبية إلا نتاجاً لزيادة الضغط عليه ، وعدم التوازن في المشاعر ، والذي بدوره يؤدي الى اضطراب في عمل القلب ، وتعطيل هذا المحرك وبذلك يؤدي الى توقفه عن العمل تماماً كما يتعطل الدينامو في السيارة ويعطلها عن الحركة. وتنتهي قصة الإنسان عن الأرض وتفيض الروح الى بارئها. وكما وضع الله سر حياة الخلية بنواتها وضع سر حياة الإنسان بقلبه. فهو كالصدام يمتص الصدمات ، ويختزن الآلام والأفراح والأشواق والسعادة والتعاسة واللواعج ويختزن شحنات الحب والكره. وينعكس ذلك على محيا الإنسان ، فيكون إما مشرقاً او قاتما.
وقد توصل الإنسان بعلمه الى اختراع القنابل النووية من تفجير انوية الذرات ، واستغل الإنسان بجشعه هذا الإختراع ليقهر أخاه الإنسان الذي هو اضعف منه ، وان يسرق ممتلكات الضعفاء ، وأن يسخر هذا الإختراع في نشر الظلم والفساد وعبودية الإنسان للإنسان بالإكراه وقوة السلاح ، والقتل والتهجير والحكم بدساتير الأقوياء الوضعية ، مخالفاً بذلك شرائع الخالق وتعاليمه للبشر من خلال رسله اليهم ، وظهر الإستعمار البشع ، وسادت شريعة الغاب بين البشر ، واستشرى الظلم والفساد والقتل وإفتراس الإنسان القوي للضعيف ، وطفح الكيل ، وانتشر الشذوذ والرذيلة والفحش والهمجية والوحشية بين البشر ، وامتلأت الأنوية البشرية حقداً ، وشعوراً عارماً بالظلم ، والإستهانة بإنسانية الإنسان ، فأصبحنا نرى قتل الأطفال الأبرياء ، والناس العزل من شيوخ ونساء ، وأوضح ما يكون هذا المشهد جلياً في أوطاننا العربية والإسلامية ، في فلسطين والعراق وافغانستان وكشمير والشيشان والباكستان والصومال.
ما عَلِم أوُلئك أن تفجير الأنوية البشرية إن استدرج للإنفجار سيكون أقسى وأشد من التفجير النووي للذرات ، وقد ذاقوا بعضاً من قسوته ودمويته ، فإن قست قلوب البشر ستكون صماء عمياء كالحجارة وأكثر . وربما تلين الحجارة ، لكن قلوب البشر لن تلين إن تمكنت منها القساوة كما وصف ذلك الله بكتابه العزيز. لقد وصلت قساوة قلوب البشر الى تفجير عرس فيه الأطفال والنساء ، إنها لا تعرف للرحمة طريقاً ، ولا للصبر حدوداً ، فمن رأى الطفلة الفلسطينية التي ذهبت مع اسرتها في نزهة بالطبيعة على ش*********ء غزة، وعادت لوحدها بعد قتل أفراد عائلتها السبعة وحيدة جريحة فاقدة للعقل والإحساس تصرخ وتنادي أباها الممدد صريعاً على الأرض ، وكل ذنب اقترفته هذه العائلة أنها خرجت للإستمتاع بالطبيعة لتقاوم الحصار والجوع المفروض عليها من البشرية الغريبة والقريبة ، ولتنسي أطفالها تضور الجوع ، والحرمان من اللعب ، تُرى بماذا تفكر هذه الطفلة الآن؟ إنني متأكد انها تفكر بالإنتقام لأُسرتها إن كتبت لها الحياة بعد مشاهدتها الجريمة البشعة ضد أُسرتها المغدورة ، فنحن الكبار لم نستطع النوم من هول الجريمة ، فكيف بهذه الطفلة اليانعة بعمر النوار الغض الطري؟
فاحذروا تفجير الأنوية البشرية ، فإنها إن قرعت ناقوس الخطر سوف لن تبقي ولن تذر. إنكم تدفعون البشرية الى حافة الهاوية ، والى أتون القتل والقتل المضاد ، والى دوامة العنف والإنتقام ، والى الخراب والدمار ، فقليل من صحوة الضمير المستتر ، وبذرة قليلة من العدل تستطيعون ايقاف الجرائم الوحشية ، لكي لا تمتد الى كل انحاء الأرض. فلا تحولوا الإنسانية الى وحوش بأفعالكم ، وبنفوسكم الجشعة للسلطة والتحكم بمصائر الشعوب ومقدراتها والإستهتار بإنسانية الإنسان.
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
11 أيار 2006
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd