منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    عين كارم تتساءل

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    عين كارم تتساءل Empty عين كارم تتساءل

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج الأحد 9 يناير 2011 - 12:00

    عين كارم تتساءل
    .......................

    في آخر وأول زيارة لي لفلسطين بعد عام 1967، وذلك عام 1974م ، ذهبت في جولة لفلسطين المحتلة عام 1948م وخلال جولتي استوقفتني بلدة بقضاء القدس اسمها عين كارم ، والتي يقع عليها مستشفى هداسا حيث بقيت فيها المباني على حالها نظراً لاستباقها عصرها في العمران، فأحضر اليها اليهود المهاجرين من العجائز والكهول القطّع كقرامي الشجر المقطوع ، وأسكنوهم فيها جاهزة ولم يضيفوا عليها إلاّ ما ندر وفي حدود ضيقة جداً وبدا فيها القديم أجمل من الجديد المضاف ، وسبب دهشتي هو ما كان عليه العمران في فلسطين من تطورٍ وتقدم يسبق العصر، فكأنك تتجول في باريس اليوم، بيوت فخمة راقية تتسم بالفن المعماري العربي الإسلامي المتقدم في وقت كان فيه الناس يسكنون الخيام. وقد بهرني جمالها وطبيعتها الخلابة وعيونها الرقراقة وماؤها الآسن. وبدت البلدة خاوية على عروشها من السكان ، لا حركة ولا حراك فيها ولا حيوية ، وبدت حزينة مكتئبة خالية من الأطفال كنباتات الخريف تخلو من الخضرة والأزهار والبهجة ، وكأنها أطلال جميلة مهجورة تتذكر أيامها الخوالي وأهلها وناسها وأطفالها وتضيق ذرعاً بساكنيها العجزة حالها كدار عجزة مزخرفة ومنيفة وفارهة ، وكالفتاة الشابة الجميلة المتدفقة بالحيوية والشباب وتزوجت كهلاً عنيناً على أبواب الموت لا حول له ولا قوة، وآلمني حال المسجد العمري المهجور والذي تجمعت فيه القاذورات والقمامة. وتأملت طويلاً في هذه القرية الساحرة أكثر من غيرها على الرغم من تواجد السحر وتنوعه في كل المناطق الفلسطينية، وذلك بايحاءٍ داخلي غريب لم أعرف كنهه الاّ فيما بعد، ونظمت البيت الأول من القصيدة أدناه وأنا واقف على مشارفها استعداداً للمغادرة برغم الجاذبية نحوها وشعوري براحة كبيرة فيها، وخبأت في نفسي الإستعداد لإكمال القصيدة فيما بعد عند العودة لقريتي خاراس، ولما عدت لخاراس ، وبينما كنت واقفاً في وسط البلد (المِدْوَر) مع أقراني نتناول الحديث، وقفت بجانبنا سيارة سوبارو وفيها اثنين، وناداني الجالس بجانب السائق حيث انتقاني من بين الشباب المقيمين بالقرية، وقال لي "باين عليك إنت ضيف مش من سكان البلد، فقلت له: أنا من البلد، ولدت وكنت مقيماً فيها لغاية 1967م وعندما قامت الحرب كنت في زيارة مؤقتة لعمان للعمل أثناء العطلة الصيفية، ولم يسمح لي بالعودة ، فقال لي : وعند من تقيم؟ فقلت له أقيم في بيتنا، فرد علي: لم يعد بيتك ولم تعد بلدتك، وعلى أية حال أهلاً وسهلاً بك في دولة اسرائيل، فقلت له: والله في عندنا مثل عربي بيقول"الدار دار ابونا وأجوا الغرب يطحونا" فبدا عليه الإشمئزاز من كلامي مما يدل أنه يجيد العربية لغة وأمثالاً وتمالك نفسه وقال: شو رأيك نعمل لك رحلة مرتبة على دولة اسرائيل نخليك تنسى الدنيا، فقلت له: لقد قمت برحلة لكل فلسطين وحان موعد مغادرتي فأنا مغادرٌ غداً وذلك على عكس التخطيط وكأنني أبرر الرفض لطلبه بخاطرة سريعة كردة الفعل لفعل غير متوقع وبدون تفكير وتحضير بمخرج أفضل من هذا المأزق الطاريء، فقال: ما يهمك بنمدد التصريح إذا انتهى وفكر في الموضوع كويّس، وإذا قررت بتيجينا بكره على الخليل (ووصف المكان) وبتلاقي كل شيء جاهز. وهنا قلت له: المعذرة يا سيد أنا قررت وخلصت، بكره مسافر، فقال: بس رح نعرف إذا سافرت بكره والاّ لأ، وإذا مش صحيح كلامك في بينّا كلام ثاني. ولما انتهينا ورجعت لأصحابي أخبروني أن هذا الشخص هو مسئول المخابرات في منطقة الخليل واسمه "عاموس". وهنا أيقنت أنني يجب أن أسافر اليوم قبل غدٍ حيث كنت منتسباً لتنظيم فتح وكنت حاصلاً على بعثة دراسية عن طريق فتح الى ليبيا، وكنت أشارك في إذاعة صوت فلسطين من ليبيا ونائباً لرئيس اتحاد الطلبة الفلسطينيين هناك ومسئول الثقافة والإعلام في الإتحاد. وخفت من انكشاف السر أو محاولة استخلاص معلومات مني أو محاولة إثبات تهم عليّ لأنهم يمتلكون عيوناً وآذاناً منتشرة في كل مكان سيما وقد تفاجأت وأصحابي من إنتقائي من بينهم ومعرفته أنني كنت زائراً وليس مقيماً دون أن يسأل عن ذلك. فقطعت زيارتي ولم أكملها وغادرت صباحاً باكراً الى عمان، ومرت علي الأيام والسنون والمشاغل ولم أكمل القصيدة، الى أن تقدمت لخطبة زوجتي عام 1977م وإذا هي من عين كارم البلدة التي ما زالت بالذاكرة، وصار واجباً علي أن أكمل القصيدة وخاصة بعد مشاهدتي لشريط فيديو عنها قام بتصويره أحد ابنائها في المهجر الأمريكي. وقد أعاد اليّ هذا الشريط الإثارة الشعرية والأماكن التي زرتها فيها، حيث كان منتج الشريط يصطحب معه عجوزاً طاعناً بالسن من أهل البلدة الذين شردوا منها عندما جرت مذبجة دير ياسين والتي تجاورها مباشرة.، فوصلت أخبار المذبحة ورواياتها الى أهل البلد من الفارين والناجين من المذبحة، فنزح معظم أبناء البلدة خوفاً من وصول المذبحة اليهم وفراراً بأعراضهم خوفاً من المس. وكان العجوز يروي له أسماء اصحاب البيوت بيتاً بيتاً وحارة حارة. وقد استقوى هذا العجوز على الزمن والهرم وقلة الحيلة القسرية باستنشاقه رائحة البلاد وعبق الماضي وكان يمشي كالغزال وخلفه يركض المصور.
    ........................................................................................................................................................................................................

    إنَّ الجمالَ بِسِحْرِهِ فتّانُ

    في عيْنِ كارمَ سارِحٌ يختا لُ

    فالماءُ عذبٌ سا ئغٌ مِهراقُ

    من عينِ كارمَ دمعُها سيّا لُ

    فالعينُ تبكي أهلها تشتاقُ

    والكرمُ أقفر َ للجوى حمّالُ

    والعينُ نادتْ والصدّى مِرسالُ

    طالَ الغيابُ أحبّتي فتعالوا

    والرِّمشُ أخضرُ يانِعٌ خضّابُ

    يُدمي الفؤادَ وسهمُهُ قتّا لُ

    والجِفنُ يَدلِفُ قطرُهُ هتّانُ

    والقدُّ أميسُ ، أُبْدِعَ المِنْوالُ

    والهامُ ترنو للعُلى شمّاءُ

    والقامُ تشمخُ والندى سيّالُ

    .........................................

    والنبتُ فيها للهوا مِعْشاقُ

    والغصنُ يرقصُ والهوا ميّا لُُ

    والطّيرُ تشدو لحنَها العباّقُ

    بتراثِ أهل ٍ عمّروا ما نالوا

    بتراثِ أهلٍ شُتّتوا ما ماتوا

    يرنون دوماً للحمى ما زالوا

    والدّورُ تبكي من بنوا ما طالوا

    حُمَّ الغيابُ فأُسكِنتْ أنذالُ!!

    .......................................

    أين العيالُ ولمَّةُ الأرحامِ؟

    أين الضيوفُ بحوْمها تنهالُ؟

    أين الكِرامُ وقهوةُ الدّلاتِ؟

    أين النساءُ وحولَها الأطفالُ؟

    أين الشيوخُ وجلسةُ الدّيوانِ؟

    أين الحصانُ بظهرهِ الخيّالُ؟

    أين الكرومُ وفيضُها المِعطاءُ؟

    أين الثّمارُ وأهلها تَعتالُ؟

    أين الربيعُ وزهرُهُ الفوّاحُ؟

    أين الشتاءُ وغيثهُ المِهطالُ؟

    أين البناتُ عيونها حوْراءُ؟

    تغدو لعيْنٍ ضِرْعُها الشّلاّلُ

    فالماءُ حارَ بطعمهِ الذَواقُ

    مِن عيْنِ كارم دافقٌ همّا لُ

    أين الجرارُ وماؤها الرّقراقُ؟

    أين الظّباءُ بتيهها تختالُ؟

    أين النّشامى والعدى تحتالُ؟

    أين الأسودُ عرينُها يُغتالُ؟

    أين الجموعُ لمسجدي ترتادُ؟

    درجت عليه ِ، تعاقبت أجيالُ

    أين الصلاةُ أقامها الخطّابُ؟

    في مسجدٍ فجرتْ بهِ الأنذالُ

    أين الصّيامُ وختمةُ القرآنِ؟

    أين السّحور ُ يُقيمهُ الطّبالُ؟

    أين الحصاد ُ وسرْوةُ الفلاّحِ؟

    أين البيادرُ إنّها أطلالُ؟

    أين الصيامُ وعيدُهُ الإفطارُ؟

    أين الزكاةُ وصاعُهم مِكيالُ؟

    أين الحجيجُ وغدوة الحجاجِ؟

    أين الأضاحي شابها الإمحالُ؟

    أين الحجيجُ كنائسي تشتاقُ؟

    أين الجموعُ لحوْمتي تنهالُ؟

    أين الكهوفُ أنارها الأخيارُ؟

    يحيى التّقيُّ ووالدٌ والخالُ

    أين اليبوسُ وأصلُهم كنعانُ؟

    مَلَكي بنُ صادقَ بعدَهُ الأنجالُ

    أين الخليلُ ونسْلُهُ قد جالوا؟

    في دَهْرِ عدْلٍ أُقْسِطَ المِكيالُ

    .......................................

    أين الهوادجُ زانها العرسانُ؟

    أين الجِمالُ يقودُها الجمّالُ؟

    أين السّوامرُ والقِرا والجاهُ؟

    أين الموائدُ والغِنى والمالُ؟

    أين الصغارُ بساحتي تزدانُ؟

    في يومِ عيدٍ زانهُ الأطفالُ

    أين الكريم وكفّهُ المِعطاءُ؟

    أين الأصيلُ وطبعُهُ الإقبالُ؟

    أين العوائلُ أصلها كنعانُ؟

    منها الخطيبُ وجَبْرُ والجلاّلُ

    …………………………

    أين ابنُ يعقوبٍ شهدّتُ صباهُ؟

    طفلٌ جميلٌ خانهُ العُذالُ

    أين المسيحُ وأمُّهُ العذراءُ؟

    عانى صُدوداً غرَّهُ الأسفالُ

    أين النبيُّ بليلةٍ أسراهُ؟

    ربُّ العبادِ يلفُهُ الإجلالُ

    ناحَ الحمام هديلُهُ أشجانُ

    جاع الحمامُ وضامَهُ الإمْحالُ

    ........................................

    وأتى اللئامُ وشُرِّدَ الأحرارُ

    جار الطّغاةُ وأُبدِلَت أحوالُ

    جاءتْ قرودُ وأُقصِيَت غزلانُ

    بئس الوجوهُ وقُبٍِّّحت ْ أشكالُ

    حلَّ الظلامُ وبُدِّدَتْ أنوارُ

    آوىَ ابْنُُ آوى ، شُرِّدً الأشبالُ

    طارَ الحمامُ ودُجِّنَت غِرْبانُ

    آوتْ ثعالبُ ، أُبْعِدَ الرِّئبالُ

    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    15/7/2003

    AINKAREM
    AINKAREM


    عين كارم تتساءل Stars16



    الجنس : ذكر
    البرج : العذراء
    عدد المشاركات : 1
    العمر : 44
    البلد : JORDAN
    نقاط النشاط : 0
    الاعجاب : 0
    الدوله : فلسطين

    عين كارم تتساءل Empty رد: عين كارم تتساءل

    مُساهمة من طرف AINKAREM السبت 26 فبراير 2011 - 21:33

    بارك الله فيك .. مقال اكثر من رائع

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 29 سبتمبر 2024 - 14:18