منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    العرب والعالم الناهض

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    العرب والعالم الناهض Empty العرب والعالم الناهض

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج السبت 29 يناير 2011 - 10:58

    العرب والعالم الناهض
    .....................
    في أحد الفصول الدراسية في مدرسة ما ، لاحظ مربي الفصل تراجع تلميذٍ كان متفوقاً ويحصل على المرتبة الآولى علي الفصل ، وكان يتراجع مستواه يوماً بعد يوم ، وكانت تقارير العلامات والدرجات ترسل الى والده ، ويعيدها التلميذ الى المدرسة موقعة في خانة ولي الأمر ، ولكن مربي الفصل لم يسكت على ذلك ، فأخذ ينصح التلميذ ويستقصي منه الأسباب ولم يصل معه الى نتيجة ، وحاول الإتصال على أهله بالبيت وفي كل مرة لا يوجد رد، ولم يتبين من سجلات المدرسة أن والده أو ولي أمره حضر اجتماع أولياء الأمور مع المدرسين وإدارة المدرسة ، فحول الأمر الى مدير المدرسة ، وبعث المدير خطاب استدعاء لوالده عدة مرات ولم يأته الرد. فما كان من المدير إلاّ أن أعلم التلميذ بأن لا يأتي للمدرسة إلاّ ويحضر وليّ أمره معه ، وحرم من الدراسة اسبوعاً ، وفي بداية الأسبوع التالي حضر التلميذ ومعه والده الى غرفة مدير المدرسة. فطلب المدير من التلميذ أن يذهب للفصل ليبحث الأمر مع والده على انفراد.
    فاتح المدير ولي أمر الطالب بقضية إبنه ، وانحدار مستواه ، وتذيله قائمة الدرجات في الفصل بعد أن كان يتصدرها. وبينما كان المدير يتحدث عن إبنه دق هاتف ولي الأمر عدة مرات بنغمات راقصة على غرار فن هذا العصر، فقاطع حديث المديرأكثر من مرة ، وكان والد التلميذ يتحدث تارة عن مشاريع أمام المدير ، وتارة أخرى يخرج خارج غرفة المدير ليتحدث الى طالبيه على الهاتف الجوال. وضاق ذرع المدير من ولي الأمر وعدم مبالاته واهتمامه بالموضوع. ولكنه صبر عليه من أجل هذا التلميذ الذي كان متفوقاً واصبح كسولاً لا يشارك في الفصل ومنزوياً في آخر الفصل يتهامس مع الكسالى من التلاميذ.
    وبعد لأي ، نظر ولي الأمر الى مدير المدرسة قائلاً له : خير يا أستاذ أرجوك أن تتفضل بالموضوع بسرعة لأنني على عجل ووقتي ضيق لا يتسع لمزيد من الوقت. فأنت تعرف أن الوقت من ذهب وكالسيف إن لم تقطعه قطعك.
    وهنا انفجر المدير بولي الأمر قائلا : يا أخي إنت ما أعطيتنا من وقتك ثانية بالرغم من مجيئك الينا قبل نصف ساعة ، مرة تتحدث أمامي بالجوال ومرة تخرج ، أنا وقتي أثمن من وقتك ، لأنني أطلع بمسؤليات أجيالنا القادمة ، كما أنني أخبرتك بموضوع إبنك بالتفصيل ، ولم تسمعني وكنت مشغولاً في مكالماتك الهاتفية وقاطعتني أكثر من مرة. الموضوع يا عزيزي يخص إبنك ، فلذة كبدك ، وريثك الذي سيحمل اسمك ، ابن الوطن ومستقبله. خامة طيبة وتحول الى عالة على المدرسة ، إبنك يضيع يا سيد ، وإن تركت له أكواماً من الذهب والمال لن تنفعه في مستقبله ، لماذا تخلف مستواه وتراجع الى هذا الحد من الكسل؟ هل يعاني من مشاكل في البيت ، مشاكل نفسية تربوية نريد أن نعرف منك؟
    فرد عليه ولي الأمر قائلاً: والله يا أستاذ زوجتي التي يعيش معها أعلمتني أنه يغلق باب غرفته على نفسه كل يوم منهمكاً في دراسته وحل واجباته ، وهنا فهم المدير أن والدة التلميذ مطلقة أو متوفاه أو معلقة ولكنها منفصلة عن زوجها وعن إبنها. فقال له المدير: إذا أغلق الباب على نفسه هل يعني هذا أنه يدرس؟ فأجابه الأب : طبعاً ، لقد وفرت له كل شيء ، عنده أتاري وعنده بلي ستيشن وكمبيوتر محمول وانترنت سريع وتلفزيون وفيديو ومسرح منزلي وستلايت فيه القمر الآوروبي ومجلات سيارات وحامل موبايل آخر موديل وسأشتري له سيارة عندما يتحصل على الرخصة. ماذا كان يتوفرلنا نحن عندما كنا طلبة؟ والله طلبة هالأيام مترفهين آخر رفاهية.
    فقال له المدير : ألم تحاول أن ترى دفاتره وكتبة ولو مرة بالشهر ، فرد عليه الأب قائلاً والله يا أستاذ ما عندي وقت أراه فيه ، أنا أرجع متأخراً وألحظ غرفته مغلقة ولا أحب إزعاجه ، تصور يا أستاذ أنا ما رأيته منذ ستة أشهر إلاّ عندك الآن. محسوبك متزوج ثلاثة ومطلق إثنتان منهما أم الولد ومقسم وقتي بينهم الثلاثة ، هذا غير زواج المتعة والمسيار وضحك مازحاً.
    استغرب المدير من منطق ولي الأمر ، وأخذه على قدر عقله ، وقال له : أريد أن تساعدنا في حل مشكلة إبنك ، سأستدعيه من الفصل لنناقشه سوية في الموضوع أمامك ، وهنا نادى المدير على آذن المدرسة وطلب منه استدعاء التلميذ من الفصل. وحضر التلميذ ليمثل أمام المدير ووالده.
    فبادره أبوه قائلاً لدى دخوله: ولك سوّدت وجهي مع المدرسة يا حمار ، ايش إلّي قاعد بسمعو عنك ، كل طلباتك ملبيها ما ظل علي إلاّ أجوزك في هالعمر. فامتقع وجه التلميذ بالصفار وأخذ يرتعد من كلام والده ، ففهم المدير مدى الكبت والقمع والعنف الفكري الذي يتعرض له التلميذ في البيت ، ومدى عمق الهوة بين التلميذ ووالده بين (الراعي والرعية) ومدى الحرمان العاطفي الذي يعاني منه
    فقال له المدير : رجاءً يبدو أنك نسيت وجودك في مصنع الأجيال وتربيتهم، أنا سأتحدث معه ، ولا تتدخل إلاّ إذا طلبت أنا منك ذلك فأنت في مكتب مدير مدرسة وليس في سوق سوداء.
    ووجه المدير كلامه الى التلميذ قائلاً : لماذا تأخر مستواك يا إبني وصرت من الكسالى بعد ما كنت الأول على الفصل؟ قل لي بصراحة ، فأبوك وعدني أن لا يغضب منك ولن يحاسبك إن قلت الأسباب بصراحة مطلقاً العنان لفكرك وبدون خشية من أحد مهما كان فأنت في كفالتي وحمايتي. إطمئن وتكلم.
    وهنا انفجر التلميذ بالبكاء ، وقام مدير المدرسة ومسح بيده على رأسه وقبله ، وتناول منديلاً من على مكتبه ومسح دموعه ، وطلب من الآذن أن يحضر له كأساً من العصير. وصبر عليه حتى شعر بالأمان واستجمع شجاعته وقواه وقال التلميذ:
    كانت أمي تجهز فطوري عندما استيقظ من النوم وتقبلني وتتأكد إن كنت غسلت وجهي ونظفت أسناني ورتبت شعري وتناولت فطوري كل صباح قبل الذهاب للمدرسة ، وعندما أعود من المدرسة أجدها في انتظاري وتقبلني وتسخن الطعام لي وبعد أن أتناول غدائي كانت تراجع دفتر الواجبات ولا تسمح لي بالنوم أو اللعب حتى أحل واجباتي وكانت تساعدني في ذلك ، وبعد اللعب كانت تساعدني في تحضير دروسي لليوم التالي. وكلما أحضرت لها تقريراً من المدرسة كانت تكافؤني عليه إن كنت متفوقاً. وكانت تجلس معي في غرفتي قبل النوم وتقص علي من قصص الماضي والحاضر الشيقة واللطيفة وكنت أنام مبكراً ولا أحلم أحلاماً مزعجة من دفء حنانها. وبعد أن طلقت أمي ، وتزوج أبي من امرأة أجنبية غيرها لا أفهم على لغتها ، صرت وحيداً في البيت ، أعود من المدرسة وأتناول طعامي من الثلاجة بارداً ومثلجاً إن وجد ، وفي معظم الأحيان كنت أطلب غدائي من المطاعم التي توصل مجاناً مثل البرجر كنج والماكدونالدز والكنتاكي والبتزا هت ، وفي بعض الأحيان أتناول لوحاً من الشكولاتة مع قارورة بيبسي بديلاً عن الغداء ، وأدخل الى غرفتي منهكاً من قلة النوم ، فأرمي الحقيبة وأنام واستيقظ عند الغروب، وأنهض وألعب بالأتاري واتصفح الإنترنت وأشاهد الأفلام ......الخ) حتى آذان الفجر وبعدها أنام وسط أحلام مزعجة فأفيق على صوت زامور باص المدرسة مذعوراً منهكاً في آخر الوقت ، فألبس ملابسي غير المتناسقة وغير النظيفة على عجل ولا أنظف أسناني وأحياناً بدون أن أغسل وجهي وبدون فطور وأذهب للمدرسة مترنحاً. فأهملت دراستي ، واجتهد التلاميذ الذين كانوا ينافسونني على المرتبة الآولى ، ودفعوا بي الى المراتب الوسطى ، واجتهد المنافسون لي في الوسطى ورموا بي الى الدرجات الدنيا ، واجتهد المنافسون في الدرجات الدنيا وألقوا بي في الدرك الأسفل منها. وتمكن الكسل مني وصار جزءاً من شخصيتي ، وتبدل رفاقي فبعد أن كانوا من المجتهدين صاروا من الكسالى. وتغيرت دورة نومي ، فتعودت السهر حتى طلوع الفجر ، وأفيق في الصباح مسطولاً وأذهب الى المدرسة متثائباً يغالبني الكرى والنعاس والإرهاق والكسل والدوخان ، فلا أفهم ما يشرحه المدرسون. تأقلمت على هذا الوضع ومن الصعوبة عليّ بزمان ومكان أن أتركه. وحاولت مراراً وتكراراً ولم أفلح ولم أجد من يساعدني عليه.
    وهنا سأله المدير: ما الحل يا إبني في نظرك ، فلا بد لك أن تعود لسابق عهدك ، أنت لبنة في جدار الوطن إن سقطت سيسقط وراءها الكثير ويتصدع البنيان.
    وبسذاجة الأطفال وعدم إكتمال نموهم الفكري رد التلميذ قائلاً بعد شعوره بالأمان في غرفة المدير " أستاذ عندي الحل فقال له المدير تفضل يا بني وقل ما عندك وسنساعدك أنا ووالدك على ذلك.
    فقال التلميذ " أقترح عليك يا أستاذ أن تنادي زملائي بالفصل وتطلب منهم عدم الإجتهاد والدراسة والإمتناع عن حل الواجبات وقراءة الدروس وفهمها ، فهم يخافون منك ، وتهددهم بالضرب بالعصا إن اجتهدوا عندها سنصبح كلنا بالفصل كسالى ، وأعدك أن أتبوأ المرتبة الآولى عليهم كما كنت أيام زمان لأنني أذكاهم.
    وهنا صُدم المدير وبدت الدهشة على ولي الأمر ، لما وصل اليه التلميذ من الإحباط والكسل والإعتراف بالعجز والهزيمة ، وقال له المدير بتفهم وسعة صدر" لا يا بني ، هذا ليس حلاً ولن نقبل به ، إذ لا يمكن إعادة عقارب الساعة الى الوراء أو توقف عجلة الزمان عن الدوران بمنع الآخرين من العمل والإجتهاد والنفاذ الى أقطار العلم والتطور. ليس الحل أن تعتدي على حقوق الآخرين في سعيهم للتطور والتقدم واللحاق بمتصدري السباق العلمي الحل أن يكون لديك الغيرة الإيجابية وروح المنافسة وأن تغيرّ من أسلوبك ومنهجك الحالي وتجتهد وتعمل من أجل استعادة مكانتك ومرتبتك بالفصل.
    فقال التلميذ " لدي حل آخر ولكنني أخشى من والدي إن قلته" فقال له المدير: لا لا تخاف ونظر لوالده ليعزز ما قاله ، فقال له والده قل يا بني لا تخف ، فلاحظ المدير الإستغراب الذي بدا على وجه التلميذ وكأنه يسمع هذا الكلام من والده لأول مرة ودفعه ذلك الى الشجاعة واستخراج ما بداخله من خواطر مكبوتة ومقموعة. فقال التلميذ" أعدكم لو عادت لي أمي سوف أعود الى سابق عهدي بالإجتهاد والدراسة والتفوق إنني أحن الى أمي وطعام أمي وقصص أمي وحنانها فمنذ أن تركتني وأنا أعاني من الإمساك تارة ومن الإسهال تارة أخرى ومن الأرق والأحلام المزعجة ، إنني أعاني بصمت وأكبت معاناتي ولا أستطيع التعبير عنها أمام زوجة أبي التي لا يناسبني أكلها ولا أفهم على لغتها وتزعجني بأصوات الموسيقى التي تستمع اليها "
    وهنا قال له المدير" تفضل الى الفصل وسأبحث مع والدك عن الحل ونساعدك جميعنا عليه".
    وبعد أن خرج التلميذ الى الفصل ، نظر المدير الى ولي الأمر ، فرآه مطرقاً مستغرقاً وسارحاً وكأنه في حالة من الندم يستعرض شريطاً من الذكريات المؤلمة. ووجه كلامه اليه طالباً منه إبداء رأيه حول ما سمعه ورآه من إبنه.
    فقال ولي الأمر " لقد فهمت كل شيء ، هذا بسبب إهمالي وأنانيتي وانشغالي في ملذات الدنيا وفي جمع المال ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال "كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته" نعم لقد قصر الراعي في حق الرعية وتلك النتيجة الحتمية. وصدق الإمام علي عندما قال "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً" لقد عملنا للحظة التي نعيش فيها ولم نعلو بنظرنا لمستقبل أجيالنا ، هنا يكمن الحل ، وآمل أن توافق زوجتي الآولى ابنة بلدي وديني وأم ابني على العودة اليّ إن لم تكن قد تزوجت من غيري ، أعلم صعوبة حالة إبني وتخلفه بعد تفوقه ، وأعلم صعوبة العلاج وطول مدته ، لكنني سأبدأ وسأعمل من أجل عودة إبني الى سابق عهده وصدق الله العظيم عندما قال " وقل اعملوا". ونترك الباقي عليه جل جلاله. ونوى الخروج واتجه الى الباب الخلفي من المكتب الذي يفتح على مكاتب المدرسين الى الداخل بدلاً من الباب المفضي الى الخارج ، فلفت نظره المدير الى المخرج الصحيح ورافقه الى سيارته ودعا له بالتوفيق والنجاح في هذه المهمة الصعبة وأن يجمعه الله مع زوجته الآولى.
    هذا هو حال العربي ، في هذا الزمان ، وعلى القاريء أن يربط القصة بعنوان المقال.

    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    5 أيار 2005
    حقوق النشر محفوظة لموقع االقضية الفلسطينية © 2003 - 2010
    اياد النمراوي
    اياد النمراوي

    { مشرف }


    العرب والعالم الناهض Stars15


    الجنس : ذكر
    البرج : الجدي
    عدد المشاركات : 2028
    العمر : 46
    البلد : الاردن
    نقاط النشاط : 982
    الاعجاب : 7
    المهنة : العرب والعالم الناهض Accoun10
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    العرب والعالم الناهض Empty رد: العرب والعالم الناهض

    مُساهمة من طرف اياد النمراوي السبت 29 يناير 2011 - 11:36

    مشكور على هذه القصة

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 20 سبتمبر 2024 - 8:56