منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    آمنة و خليل/الجزء الثالث

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    آمنة  و خليل/الجزء الثالث Empty آمنة و خليل/الجزء الثالث

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج الثلاثاء 22 فبراير 2011 - 13:10

    آمنة و خليل 3 ( الجزء الثالث)
    ................................................
    عندما تسلمت آمنة رسالة خليل وقرأتها ، عادت الى البيت تستذكر محاولات الشباب المتكررة معها وهي تدرس عند عمتها في مخيم الدهيشة ، فحياة المخيمات تخلو من الخصوصية والإستقلالية التي كانت تتميز بها العائلات الفلسطينية والتقاليد الفلسطينية ، فقد كانت البيوت الفلسطينية سواءً كانت متباعدة أو متقاربة متميزة بالخصوصية والحفاظ على العرض والشرف ، حيث يحيط بكل بيت حاكورة أو بستان أو حديقة فيها من الأشجار ما تمثل السواتر والحواجز بين العائلات والأسر وما يحفظ الخصوصية ، وإن كانت البيوت القديمة متلاصقة في داخل القرى فإنها مفصولة بسور ساتر وأمامها حوش واسع ، وتذكرت آمنة نصائح عمتها ووصايا والديها لها ، ولكنها آثرت أن تقص ما جرى لأمها كما تعودت مع عمتها خلال دراستها في المخيم ، وكما عودتها والدتها وأوصتها بذلك لئلا تقع في شرك الشباب والأشرار.
    قصت آمنة ما جرى بينها وبين خليل منذ حكاية الحية واللقاءات اليومية وما دار فيها من أحاديث الى أن انتهت بقصة الرسالة ، وقد أخرجتها من جيبها والقت بها لوالدتها طالبة منها القراءة والنصح ، فهي مقتنعة بأن خليل لا يخفي بنفسه النوايا السيئة ، فقد لمست منه الطيبة والبراءة والخجل والأدب ، وهي متيقنة بأنه لا يريد أن يوقعها بشراكه كما كان ينوي فعله بعض شباب المخيم الذين لم يسيطر عليهم آباؤهم نتيجة لتداخل الأسر بلا حواجز أو سواتر ونتيجة لانشغال الآباء في محو آثار التهجير وتدبير لقمة العيش. وكانت آمنة تنظر بعين رد الجميل لهذا الشاب ، كما أنها انجذبت لأفكاره المتميزة عن معظم شباب القرية ، وقدرت فيه حبه للتعلم والعلم ولا تريد أن تؤذيه أو تسبب له هزيمة نفسية تسيء لسمعته في القرية التي تنظر اليه نظرة الشاب المتمرد على والده والفاشل في خلافة فلاحة الأرض عن الأجداد. فهي تحترم شخصه وتحترم فيه سعيه لتطوير نفسه ، كما أنها مقتنعة بطول الطريق أمامها وتعدد الأهداف قبل هدف الإقتران بشريك العمر ، فأمامها الحصول على الثانوية العامة ، ثم معهد المعلمات وتحسين ظروف عائلتها المادية ، فما تزال تحمل أثقال الهجرة وما نتج عنها من قسوة الحياة وآلامها ، فما يطرحه خليل في رسالته سابق لأوانه بوقت مديد وطويل ، وهو معيق لتحقيق الأهداف حسب الأولويات. فبالرغم من تدفق الغرائز والعواطف فيها كفتاة في سن المراهقة الاّ أن القوى المعاكسة لهذا الإتجاه كانت شديدة العصف في داخلها انتقاماً للتشرد الذي تعاني منهه أسرتها ، مما حدا بإرادة التحدي لظروف اللجوء والتشرد الى التغلب عن أي إرادة أخرى في نفسها ، وجعلها في حيرة من أمرها ودفع بها الى إحالة الموضوع برمته الى أمها لكي تسندها في رأيها بحكم خبرتها في الحياة.
    بعد أن قرأت والدة آمنة الرسالة جلست مع ابنتها لإرشادها الى الطريق الصحيح وقالت لها:
    يا بنيتي : إن الظروف التي يعيشها خليل وهو في سن المراهقة تحتم عليك الإحتكام الى العقل قبل العاطفة ، فهو يعيش الحرمان من عاطفة الأبوة ، كما أنه يعيش الحرمان من الإختلاط بالجنس الآخر. فكما تلاحظين فإن القرية كلها تعاني من الجهل وقلة التعليم بين شبابها وفتياتها ، وهذا الفصل وتلك الحواجز العالية بين الشباب والشابات بتحريم الإختلاط الاّ بالزواج الشرعي تخلق في نفوسهم الكبت والحرمان ، لذلك كان مدفوعاً بعواطفه وغرائزه وحرمانه ، فهو لم يختلط بالعالم بعد حيث لم يخرج من محيط القرية المغلق ، ولم ينل من الثقافة والخبرة ما يوسع مداركه ، وفي إطار هذا الأفق الضيق يحاول الهرب من واقعه المحاصر بالتخلف والنقد اللاذع من الجيل القديم وخاصة من والده بالهرب منه الى آفاق الخيال والرومانسية ليستطلع آفاقاً تخرجه من هذا الحصار ، وفي هذه الحالة يصعب الحكم على صدق عواطفه واستمراريتها تجاهك. والطريق أمامك طويل ، وأمامه أطول ، فدعي الأيام تحكم بينكما دون رباط العواطف والغرائز الذي يضعف في هذه المرحلة أربطة الوصول الى الأهداف حسب أولوياتها. أصدميه بواقعه لكي يصحو من الأحلام التي لا تسمن ولا تغني من جوع وخاصة في هذه المرحلة التي يعيشها ، كوني معه طبيعية وتصرفي كصديقة أو جارة ولا تتقبلي علاقة سرية تجعل من أهل القرية يتناولوننا بالقدح والذم ويحولوننا الى أعداء لهم بخروجنا عن المألوف لديهم ، وردي عليه باقتضاب واختصار واطلبي منه عدم اللجوء لهذا الأسلوب ، وإن التقيت به تصرفي على طبيعتك بعفوية كما نتصرف نحن (أنا ووالدك) مع أهل القرية بطبائعنا التي رحلت معنا من بلدتنا وضمن إطار من الاحترام لعاداتهم وتقاليدهم التي تختلف عنا قليلاً، فنحن انفتحنا على العالم قبلهم بحكم موقعنا على الساحل الفلسطيني ، ومنظارنا للحياة يطال مسافة أبعد من منظارهم بحكم موقعنا. لا تعطيه الأمل ولا تقطعي الحبل بينك وبينه في ردة فعل قاسية فهو بلا شك ومن خلال رسالته مرهف الحس وخصب الخيال ، وواضح فيها تمكنه من البلاغة والفصاحة ، وأتوقع له مستقبلاً زاهراً إن أكمل دراسته. هذا ما وددت أن أوضحه لك وأرجو أن تخبريني بكل صغيرة وكبيرة لكي أنير لك الدرب بخبرتي. فهمت آمنة حديث والدتها جيداً وكان الرد بناءً عليه.
    وبعد أن استلم خليل الرسالة وذهب الى داخل الكرم لقرائتها ، فتحها فوجد أنها قصيرة لا تتجاوز الصفحة ، فتجاوز التحيات والمقدمات باحثاً عن النتيجة كالطالب الذي يبحث عن إسمه بين الناجحين. وأخيراً عثر على النتيجة التي يريد " لن أقول لك نعم ، ولن أعطيك الرقم السري للدخول الى عالم عواطفي اليافعة ، وفي نفس الوقت لن أقول لك لا ، لنكن أصدقاء ، ونتواصل تواصلاً طبيعياً تحت أعين الناس ضمن المتاح في الهوامش الضيقة بمفهوم أهل القرية لكي لا نشكل تحدياً سافراً ربما يتعرض للكسر والهزيمة ، ولن نستعجل أو نستبق الأهداف ونخلط الأولويات ، فصعود السلم درجة درجة أضمن طريقة للوصول للهدف الأسمى والأعلى بسلام ، وأخير وأسلم من الصعود المبعثر وغير المنظم حتى لو احتاج لوقت أطول ، فعندما تخرج أنت للدراسة خارج القرية ربما تلتقي بمن تجذبك أكثر مني بجمالها وتوافقها مع أفكارك ومع عادات أهلك وتقاليدهم ، فأنت بحالتك هذه وفي هذه القرية المحافظة لا ترى غيري من الفتيات ولا تتحدث مع غيري بهذه الأريحية حتى من أقاربك من البنات ، كما أن أفكارنا ما زالت يافعة وطرية تشكلها الظروف المحيطة وتحتاج الى مزيد من الخبرة حتى يشتد عودها وتقوى على مقاومة الظروف وأعباء الحياة ،وذلك خلال مشوارها في طريقها للوصول لأهدافها. فنحن في سن يصعب فيه بناء علاقة رباط زوجية منذ الآن لأنها بعيدة الإستحقاق ، وأرجوك الاّ تكتب لي بعد الآن رسائل ، دع الأمر للأيام والظروف ، وما أدراك يا خليل ، ربما يحكم النصيب ويكتب القاضي كتابنا ، ونرتبط في المستقبل برباط الزوجية ، وربما تهب العواصف وتقوض رباطاً كان مبنياً على الأماني والأحلام وبعيداً عن حقول الواقع والظروف التي نحياها ، ويفتقد لآليات حسن التنفيذ حسب الأماني والتمنيات . فنخرج سوياً خاسريْن" وختمت الرسالة بعبارة" أراك في الغد لكي أوفي بوعدي لك بإحضار الكشكوان الذي تحب".
    شعر خليل بخيبة أمل في قرائتها للمرة الآولى ، ثم أعاد القراءة بتمعن وتفكير عميق في ما تحمله الرسالة من معانٍ بين سطورها ، وبدأ يدرك أنه دخل امتحاناً صعباً لم يقرأ له بتركيز وعناية ، وازداد إعجاباً بسمو تفكيرها ووعيها الذي يسبق عمرها بسنوات ، وشعر أنه يحلق في أفق القرية الضيق الذي ينحصر في الزرع والحصاد والدرس والجني والزواج والإنجاب والأكل والنوم في إطار روتين متكرر مع مرور الزمن ، وفي انتظار الموسم تلو الآخر دون تخطيط أو تطوير على طريقة أداء الحرث والزرع والحصاد والدرس والجني، وأحس بحاجة ماسة للتحليق في آفاق واسعة في هذا الكوكب دؤوب الحركة والتطور. وتذوق طعم الهزيمة المرة في أول معركة له مع الجنس الآخر ، ليس لفشل في بناء علاقة أحبها ، بل في مواجهة فكر متقدم ومتطور على فكره وذلك من فتاة تصغره بالسن. واقتنع بما جاء في رسالتها وكأنها المعلم وهو التلميذ ، وعمد الى وضع الخطط التي توصله للهدف الذي يصبو اليه ، وفي نفس الوقت الذي شعر فيه بالهزيمة والكبوة ، صمم على النهوض والتسلح بالعقل والمنطق في مواجهة الموقف وتحويل الهزيمة الى نصر وكان متشبثاً بخيط من الأمل وبصيص من النور يدخل الى ظلمة الهزيمة من الطاقة التي أبقتها مفتوحة أمامه في تعليقها للأمر بين النعم واللا ، وتأجيلها لموعد الإستحقاق الذي لم يحن بعد والظروف التي لم تنضج لمثل هذا الحب اليافع الطري والذي لا يقوى على التصدي لقوى الممانعة والرفض لافتقاده الى الواقعية والمنطق والظروف المهيئة لصناعته. وقرر أن يصعد السلم درجة درجة في طريقه للعلا ونيل المنى. وقرر أن يعمل باتجاه الهدف الأسمى بعد تحقيق أهداف مستحقة ولم تنجز بعد.
    كان اللقاء في اليوم التالي ، حيث تناول منها الكشكوان الذي وعدت من على السنسلة التي تفصل بينهما ، ووقفا متقابلين على ضفتي السنسلة ، وبادرها بالسؤال : هل تتذكرين بلدتك الأصلية يا آمنة؟ فتنهدت آمنة حيث أعاد السؤال الى ذاكرتها رحلة الآلام التي ما زالت عالقة بها وعطشها وجوعها طيلة الرحلة ، وحديث والديها الدؤوب بعد الهجرة عن بلدتهما ، وتجرعهما لمآسي التشريد ومقارنتهما بين وضعهما قبل الهجرة وبعدها. ردت عليه آمنة وقالت : البلدة يا خليل محفورة بذاكرتي ، ولن تمحي منها أبداً وستبقى تشدني اليها ما حييت ، كيف أنسى مسقط رأسي ، ومهد طفولتي ، ما زلت أذكر بيارة البرتقال والليمون حيث أصبحنا نفتقدهما بعد الهجرة ونراهما في الأسواق ولا نقدر على شرائهما ، كيف أنسى وما زال مفتاح بيتنا معلقاً في جدار البيت الذي نسكنه هنا يذكرنا باستمرار ، وما زلت أذكر الحارة التي كنت ألعب فيها مع أطفال الجيران ، وأذكر طفلين كنا نلعب معهما في الحارة هما سعيد وفاطمة وقد نالا الشهادة على يد الصهاينة المحتلين عندما دخلوا قريتنا حيث نجوت من الموت معهما بأعجوبة وبتدخل من الله العلي القدير ، رأيتهما يا خليل كالديك الذبيح يسبحان في دمائهما يقاومان الموت ويتشبثان في الحياة. تراني ضحوكة ومبتسمة دائماً ولكن في داخلي ثورة عارمة على الظلم والعدوان ، وذكريات أليمة عن الهجرة والتشرد. ولكي نعيش لا بد من النسيان فهو نعمة علينا من نعم الله ، ويجب علينا أن نحول هذه الآلام الى طاقة تدفعنا للحياة والبحث عن العلم والتطور لكي نقابل التحديات التي فرضت علينا بدون ذنب منا. وإن كنت تريد المزيد من المعلومات عن قريتنا فاسأل والدي سيحدثك عن تفاصيل أكثر عن بلدتنا.
    استمع خليل لحديثها الطويل عن الهجرة ، وأدرك أن قضية آمنة هي قضيته ، ومن قام بتهجيرها ربما يقوم بتهجيره عن قريته ومسقط رأسه ، واستغرب خليل من عدم شرح القضية ومخاطرها له من والده وأقاربه ومدرسيه في المدرسة ، أدرك عمق المأساة التي يتعرض لها الوطن. وأدرك مدى الجهل الذي يلف الناس في قريتهم والقرى المحيطة بقضيتهم الوطنية.
    قالت له آمنة : لماذا لم تأت مع بعض رجال القرية لسماع الأخبار من صوت العرب وخطب الرئيس جمال عبد الناصر وتعليقات أحمد سعيد من الراديو إليّ اشتراه والدي ، إنه راديو كبير كصندوق العجب ويعمل على بطارية كبيرة ، ولكن لا تخبر أحداً بذلك ، لأن السماع لهذه الإذاعة ممنوع من الحكومة وعقابه السجن. على فكرة في الليلة خطاب مهم لجمال عبد الناصر عن قضية فلسطين ، ما تخليّ يفوتك ، رح ييجي عندنا ناس كثير ، أنا وأمي والجارات بنقعد في الحوش ، وانت مع الرجال بتقعدوا في البيت من شان ما حد يسمع ويوصِّل للفرسان في مخفر القرية. وبالمناسبة بتتعرف على أخي سليم فهو أكمل الصف الثاني الإعدادي ولكنه متابع للقضية الوطنية وأكيد رح تنسجم معاه.
    انتظر خليل قدوم الليل على أحر من الجمر ليقوم بالزيارة الآولى الى بيت آمنة ، وليستمع الى الأخبار من اذاعة صوت العرب ، والى الرئيس جمال عبد الناصر الذي يحظى بشعبية ساحقة بين الشعب الفلسطيني ويمثل لهم الأمل بالعودة والتحرير.
    يتبع الجزء الثالث من قصة آمنة وخليل

    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    21/6/2009م

    اياد النمراوي
    اياد النمراوي

    { مشرف }


    آمنة  و خليل/الجزء الثالث Stars15


    الجنس : ذكر
    البرج : الجدي
    عدد المشاركات : 2028
    العمر : 46
    البلد : الاردن
    نقاط النشاط : 982
    الاعجاب : 7
    المهنة : آمنة  و خليل/الجزء الثالث Accoun10
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    آمنة  و خليل/الجزء الثالث Empty رد: آمنة و خليل/الجزء الثالث

    مُساهمة من طرف اياد النمراوي الثلاثاء 22 فبراير 2011 - 14:58

    مشكور

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 20 سبتمبر 2024 - 8:47