الحث على اغتنام مواسم الخيرات باستقبال شهر رمضان -عثيمين
الخطبة الأولى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه على ما أنعم به عليكم من مواسم الخيرات وما حباكم به من الفضائل والكرامات، وعظموا تلك المواسم واقدروها قدرها بفعل الطاعات والقربات، واجتناب المعاصي والموبقات، فإن تلك المواسم ما جعلها الله - تعالى - إلا لتكفير سيئاتكم، وزيادة حسناتكم، ورفعة درجاتكم.
عباد الله، لقد استقبلتم شهراً كريماً، وموسماً رابحاً عظيماً لمن وفقه الله فيه للعمل الصالح، استقبلتم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهراً تتضاعف فيه الحسنات، وتعظم فيه السيئات، "أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، جعل الله صيام نهاره فريضةً من أركان إسلامكم، وقيام ليله تطوعاً لتكميل فرائضكم"(1)، "من صامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه"(2)، "ومن قامه إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه"(3)، "ومن أتى فيه بعمرة كان كمن أتى بحجة"(4)، "فيه تفتح أبواب الجنة، وتكثر الطاعات من أهل الإيمان، وتغلق أبواب النار، فتقل المعاصي من أهل الإيمان، وتغل الشياطين فلا يخلصون إلى أهل الإيمان بمثل ما يخلصون إليهم في غيره"(5).
أيها الناس، "صوموا لرؤية هلال رمضان"(6)، "ولا تقدموا عليه بصوم يوم أو يومين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، فلا يصم أحد قبل رمضان بيوم ولا بيومين إلا من كان عليه قضاء من رمضان الماضي فليقضه، أو كان له عادة بصوم فليصمه، مثل من له عادة بصوم يوم الإثنين أو الخميس فصادف ذلك قبل الشهر بيوم أو يومين، أو كان له عادة بصيام أيام البيض ففاتته فليس عليه بأس بصيامها قبل رمضان بيوم أو يومين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استثنى ذلك"(7)، ولا تصوموا يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في ليلته ما يمنع رؤية الهلال من غيم أو قتر أو نحوهما، ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"(8)، وفيه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"(9)، وقال عمار بن ياسر - رضي الله عنه - "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"(10)، ومن رأى الهلال يقيناً فليخبر به ولاة الأمور ولا يكتمه، وإذا أعلن دخول الشهر في إذاعتكم فصوموا، وإذا أعلن فيها ثبوت شوال فأفطروا؛ لأن إعلان ولاة الأمور بذلك حكم به.
جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه رأى الهلال، فقال: "أتشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً"(11)، وصوم رمضان أحد أركان الإسلام فرضه الله - تعالى - على عباده، فمن أنكر فرضيته فهو كافر مرتد؛ لأنه مكذب لله، ورسوله، وإجماع المسلمين، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183] وقال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:185] فالصوم واجب على كل مسلمٍ، بالغٍ، عاقلٍ، قادرٍ، مقيمٍ، ذكراً كان أم أنثى، غير حائض أو نفساء، فلا يجب الصوم على الكافر، فلو أسلم في أثناء رمضان لم يلزمه قضاء ما مضى منه، ولو أسلم في أثناء اليوم من رمضان أمسك بقية يومه ولم يلزمه قضاؤه، ولا يجب الصوم على صغير لم يبلغ، لكن إن كان لا يشق عليه أمر به ليعتاده، "فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يُصَّوِّمُونَ أولادهم حتى إن الصبي ليبكي من الجوع، فيعطونه لعبة يتلهى بها إلى الغروب"(12)، كما جاء في الحديث المتفق عليه عند الشيخان البخاري ومسلم - رحمهما الله تعالى - من حديث الرُبيع بنت مسعود - رضي الله تعالى عنها - "ويحصل بلوغ الصغير إن كان ذكراً بواحد من أمور ثلاثة: أن يتم له خمس عشرة سنة، أو تنبت عانته، أو ينزل منياً باحتلام، أو غيره، وتزيد الأنثى بأمر رابع وهو الحيض، فمتى حصل واحد من هذه الأمور فقد بلغ ولزمته فرائض الله وغيرها من أحكام التكليف إذا كان عاقلاً"(13).
وها هنا مسألة يجب أن ننبه عليها، وأن تنتبهوا لها وهي أن بعض النساء يأتيها الحيض وهي صغيرة فتستحي أن تخبر أهلها، ولا تصوم الشهر، أو ربما تصوم الشهر حتى أيام الحيض لئلا يطلع أهلها أنها حاضت، وهي صغيرة، وينبغي، بل يجب عليكم أن تبثوا الوعي في أهلكم نحو هذه المسألة، وأن تخبروا البنت أن تبين أمرها ولو كانت صغيرة؛ لأنها إذا حاضت - ولو كان لها عشر سنين فقط - وجب عليها أن تصلي وتصوم، "ووجب عليها أن تدع الصلاة والصوم أيام الحيض"(14)، "وتقضي الصوم عن أيام حيضها"(15)؛ لأنها وإن كانت صغيرة السن لكنها إذا حاضت فهي كالكبيرة، سواء ببلوغها، ولا يجب الصوم على من لا عقل له كالمجنون، والمعتوه، ونحوهما، والكبير المهذري لا يلزمه الصوم، ولا الإطعام عنه، ولا الطهارة، ولا الصلاة؛ لأنه فاقد للتمييز، فهو بمنزلة الطفل قبل التمييز، ولا يجب الصوم على من يعجز عنه عجزاً دائماً كالكبير، والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، ولكن يطعم بدلا عن الصيام عن كل يوم مسكينا بعدد أيام الشهر لكل مسكين خمس صاع من البر، أو خُمْس صاع من الرز، وعلى هذا فستة الأصواع من الرز تكفي لثلاثين فقيراً، أي: لثلاثين يوماً إذا وزعت على الفقراء الثلاثين، ولكن ينبغي أن يجعل معها شيء يأدمها من لحم أو دهن؛ ليتم الإطعام الذي أمر الله به، وأما المريض بمرض يرجى برؤه، فإن كان الصوم لا يشق عليه ولا يضره وجب عليه أن يصوم؛ لأنه لا عذر له، وإن كان الصوم يشق عليه ولا يضره، فإنه يفطر ويكره له أن يصوم، وإن كان الصوم يضره فإنه يفطر وجوباً، ويحرم عليه أن يصوم، وعلى هذا فالمريض بمرض الكلى أو نحوها مما يتطلب الشرب دائماً ويكون في ترك الشرب ضرر عليه لا يجوز له أن يصوم، بل يجب عليه أن يفطر، ثم إن كان هذا مستمراً فإنه يطعم، وإن كان غير مستمر فإنه ينتظر حتى يُشفى، والمرأة الحامل التي يشق عليها الصوم لضعفها أو ثقل حملها يجوز لها أن تفطر ثم تقضي إن تيسر لها القضاء قبل وضع الحمل أو بعده إذا طهرت من النفاس، والمرضع التي يشق عليها الصوم من أجل الرضاع أو ينقص لبنها من الصوم نقصاً يخل بتغذية الولد تفطر ثم تقضي في أيام ليس عليها فيها مشقة، وأما المسافر فإن قصد بسفره التحيل على الفطر فالفطر حرام عليه، ويجب عليه الصوم "وإن لم يقصد بسفره التحيل على الفطر فهو مخير بين أن يصوم، وبين أن يفطر ويقضي عدد الأيام التي أفطر، والأفضل له فعل الأسهل عليه"(16)، فإن تساوى عنده الصوم والفطر، فالصوم أفضل؛ "لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم"(17)؛ ولأنه أسرع في إبراء ذمته وأخف من القضاء غالباً، وإن كان الصوم يشق عليه بسبب السفر كره له أن يصوم، وإن عظمت المشقة به حرم أن يصوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا صلى الله عليه وسلم بقدح من ماء بعد العصر فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب والناس ينظرون وذلك بعد العصر فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال صلى الله عليه وسلم: "أولئك العصاة أولئك العصاة"(18) وقد قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا صام في السفر والصوم يشق عليه مشقة عظيمة فإن صومه لا يجزؤه؛ لأنه صوم محرم وهذا قول قوي جداً؛ لأن العبادة إذا نهي عنها لذاتها صارت فاسدة إذا قام بها العبد، وإن بعض الناس يأخذون عمرة في شهر رمضان وتجدهم يؤدون العمرة في النهار والصوم قد شق عليهم وأقول لهؤلاء: إنكم أخطأتم السنة، وإن الأفضل، بل الأوجب عليكم إذا شق عليكم الصوم أن تفطروا، وأن تؤدوا العمرة براحة وأنتم قد رويتم، وقد شبعتم، ولا تؤدوا العمرة وأنتم صيام، والصوم يشق عليكم؛ لأن هذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم. والله لسنا خيراً من رسول الله، ولسنا أتقى من رسول الله، ولسنا أخشى منه لله عز وجل، "ولقد فتح مكة، ودخلها في العشرين من رمضان، قال شيخ الإسلام ابن تيميه وابن كثير رحمهما الله: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقي العشر الأواخر في مكة مفطراً ولم يصم"(19)، مع أنه أحرص منا على الخير بلا شك، فلا تجهدوا أنفسكم ولا تشقوا عليها، واعلموا أنه إذا أفطر الإنسان امتثالاً لأمر الله، وأخذاً برخصته كما قال الله عز وجل: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة:185] فإنه أفضل ممن يصوم ويشق على نفسه، ولا فرق في المسافر بين أن يكون سفره عرضاً لحاجة أو مستمراً في غالب الأحيان، مثل: أصحاب سيارات الأجرة و(التكاسي) وغيرها من السيارات الكبيرة، فإنهم متى خرجوا من بلدهم فهم مسافرون، يجوز لهم ما يجوز للمسافرين الآخرين من الفطر في رمضان، وقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، والجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء عند الحاجة، والفطر لهم أفضل من الصيام إذا كان الفطر أسهل لهم، ويقضونه في أيام الشتاء؛ لأن أصحاب هذه السيارات لهم بلد ينتمون إليها، وأهل فيها يأوون إليهم فمتى كانوا في بلدهم فهم مقيمون، وإذا خرجوا منها فهم مسافرون، لهم ما للمسافرين وعليهم ما على المسافرين، وإنَّ بعض الناس يظنون أن أصحاب هذه السيارات لا يفطرون ولا يقصرون؛ لأن سفرهم دائم وكثير، ولكننا نقول لهم: لكم أن تفطروا، ولكم أن تقصروا الصلاة، وأنتم مثل غيركم من المسافرين، ومن سافر في أثناء اليوم في رمضان وهو صائم فالأفضل أن يتم صوم يومه، فإن شق عليه فليفطر، ثم يقضه، ولا يتقيد السفر بزمن، فمن خرج من بلده مسافراً فهو على سفر حتى يرجع إلى بلده، ولو أقام مدة طويلة في البلد التي سافر إليها إلا أن يقصد بتطويل مدة الإقامة التحيل على الفطر، فإنه يحرم عليه الفطر ويلزمه الصوم؛ لأن فرائض الله لا تسقط بالتحيل عليها "ولا يجب الصوم على الحائض والنفساء ولا يصح منهما"(20)، "إلا أن تطهرا قبل الفجر ولو بلحظة فيجب عليهما الصيام ويصح منهما وإن لم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر، ويلزمهما قضاء ما أفطرتاه من الأيام"(21).
أيها المسلمون، إن أطلت عليكم فإن المقام يقتضي ذلك؛ لأن الأمر مهم والواجب على العبد أن يعرف أحكام الله قبل أن يقع فيها، ولقد رَغَّبَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في قيام هذا الشهر، وقال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"(22) وإن صلاة التراويح من قيام رمضان فأقيموها، وأحسنوها، وقوموا مع إمامكم حتى ينصرف "فإن من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"(23) تامة وإن كان نائماً على فراشه، وإن على الأئمة أن يتقوا الله - عز وجل - في هذه التراويح، فيراعوا من خلفهم، ويحسنوا الصلاة لهم، فيقيمونها بتأنٍ وطمأنينة، ولا يسرعوا فيها فيحرموا أنفسهم ومن وراءهم الخير، أو ينقروها نقر الغراب لا يطمئنون في ركوعها، وسجودها، وقعودها، والقيام بعد الركوع فيها، على الأئمة أن لا يكون هَمُّ الواحد منهم أن يخرج قبل الناس، على الأئمة أن لا يكون هَمُّ الواحد منهم أن يكثر عدد التسليمات دون إحسان الصلاة، فإن الله عز وجل يقول: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ [هود:7]، ولم يقل أيكم أسرع نهايةً، أو أكثر عملاً، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أحرص الناس على الخير، وهو الأسوة الحسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر "كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة لا في رمضان ولا في غيره"(24)، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - "يصلي من الليل ثلاثة عشرة ركعة"(25)، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم "أنه قام بأصحابه في رمضان، ثم ترك ذلك خشية أن تفرض على الناس فيعجزوا عنها"(26)، وصح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - "أنه أمر أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما في الناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة"(27)، فهذا العدد الذي قام به النبي صلى الله عليه وسلم، وواظب عليه واتبعه فيه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو أفضل عدد تصلى به التراويح، وهو أفضل من الثلاث والعشرين؛ لأنه هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهدي الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، ولكن لو زاد الإنسان رغبة في الزيادة لا رغبة عن السنة لم ينكر عليه، لورود ذلك عن بعض السلف، وإنما ينكر الإسراع الفاحش الذي يفعله بعض الأئمة فيفوت الخير عليه وعلى من خلفهم1.
أسأل الله - تعالى - أن يوفقني وإياكم لاغتنام الأوقات بطاعة المولى، وأن يحمينا من فعل المنكرات والسيئات، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يجنبنا صراط أصحاب الجحيم، وأن يجعلنا ممن يصوم رمضان ويقومه إيماناً بالله واحتساباً لثواب الله، إنه جواد كريم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الملك القهار، العزيز الجبار، ذو العظمة والاقتدار، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليماً.
أما بعد
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعرفوا آياته الكونية والشرعية، فإنه ما في الكون من شيء إلا وفيه آية تدل على وحدانية الله وعظمته، وأنه سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [المؤمنون:88] وكما قال جل ذكره: ﴿لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الزمر:63] وأنه الملك الذي لا معقب لحكمه، وأنه ذو العظمة والكبرياء الذي لا يماثله أحد من خلقه، وأنه ملك الملوك، قال الله تعالى: ﴿ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران:26] وإن ما حدث في هذا الأسبوع من وفاة ملك هذه البلاد الراحل، وتجدد ملك جديد لها، لأكبر دليل على عظمة الله تعالى، وأن كل ما في الكون فإنه شاهد عليه تبارك وتعالى، وعلى ما له من الحكمة والعظمة، إن الله - تعالى - يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ [لقمان:34] وإن الإنسان ليقاد إلى الأرض التي يموت فيها، ثم يموت فيها في مدة وجيزة؛ لأن الله - تعالى - قد قدر ذلك بعلمه وحكمته، وإن ما حدث من وفاة الملك الراحل وتجدد الملك لأكبر دليل على نعمة الله - تعالى - على هذه البلاد بالاستقرار، والأمن، واتباع الشريعة، فالبلاد لم يحصل فيها شيء - ولله الحمد - يزلزل طمأنينتها، ولم يحصل فيها ما يكون فيه خوف على أهلها وتشييع الجنازة كان على الوجه المشروع، لم ينتظر فيه قدوم الزعماء، ولم يكن على وجه فيه الموسيقى الحزينة، ولا فيه شيء من مراسيم الزعماء التي يفعلها من خرجوا عن السنة، وابتدعوا بدعة الكفار والغرب، إنها لقد سارت الجنازة ودفنت على الوجه المعتاد، وعلى السنة، وهذه من نعمة الله - تعالى - على هذه البلاد على حكامها، وعلى محكوميها، فعلينا أن نشكر الله - تعالى - على هذه النعمة، وإننا لنسأل الله تعالى أن يتغمد الفقيد برحمته، وأن يؤيد الجديد بتأييده وتوفيقه، وأن يصلح على يده البلاد والعباد، وأن يصلح له بطانته، وأن يهديه صراطه المستقيم، وأن يجعل في ملكه الراحة والطمأنينة، ونسخ الكتاب والسنة، وتعليم الأمة ما ينفعها في دينها ودنياها، اللهم إنا نسألك أن تتغمد فقيد هذه البلاد ملكها بالرحمة والرضوان، وأن تجعل خلفه خليفة صالحاً، وأن تصلح له بطانته، وأن تصلح على يده بلادك وعبادك يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تصلح جميع ولاة أمور المسلمين، وأن توفقهم فيما فيه الخير والصلاح يا رب العالمين، اللهم من كان من ولاة أمور المسلمين قائماً بشرعك، متبعاً لكتابك وسنة نبيك، فزده في ذلك وأيده يا رب العالمين، ومن كان منهم منحرفاً عن ذلك فأبدله بخير منه، أو اهده إلى الحق يا رب العالمين، اللهم من كان من بطانة ولاة أمور المسلمين غير ناصح لعبادك ولا قائم بما يجب عليه من النصح فأبعده عنهم يا رب العالمين، وأبدلهم بخير منهم إنك على كل شيء قدير، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10].
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 90-91]، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd