بسم الله
عن الغش في الامتحانات
إنشاء عبد الحميد رميته , الجزائر
1_ من غشنا فليس منا :
مطلوب من الأستاذ أن يتفانى في خدمة التلاميذ : تربية وتعليما , ومطلوب منه بنفس القدر أن يتشدد ما استطاع في مراقبة التلاميذ أثناء الامتحانات والفروض حتى لا يغشوا . إن الغش حرام شرعا أولا , وممنوع قانونا ثانيا . وحتى إذا تساهل الغيرُ في هذا الأمر , فإنه لا يجوز لك أنت أيها المُعلم المؤمن بالله أن تتساهل , ولتعلم أنه كما قال الله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى". لا تسمحْ لهم بالغش أبدا مهما سمح به غيرُك , فكلٌّ مسئول عن نفسه أولا بين يدي ربه يوم القيامة , وصدق رسول الله القائل: "من غشنا فليس منا" , وأخطأ خطأ فاحشا وكذب على الرسول-ص- من قال من الصغار أو من الجاهلين أو من المنحلين : "من عسَّنا فليس منا " ( أي من حرسنا فليس منا , أستغفر الله العظيم ! ) . ولا تتركْ أيها الأستاذ لأي كان أن يضغطَ عليك بماله أو بجاهه أو.. , بالترغيب أو بالترهيب أو.. حتى تسمحَ له أو لغيره أن يغًشَّ .عليك أيها المربي أن لا تأخذك في الحق لومة لائم , وليرض من شاء بعد ذلك وليسخط من شاء . وعليك أن تبدأ بنفسك أنت أولا , فتمنع نفسَك من الغش ما حييتَ في مجال التدريس أو في غيره ولو مع أولادك وبناتك , وتربي أولادك على ذلك . وإلا فلا خير فيك وفيما تنصح به غيرَك , بل قد يكون علمُك عندئذ حجة عليك -والعياذ بالله - عوض أن يكون حجة لك .
2-على الطالب أن يعلم بأنّ الغشّ محرّم :
في أية مادة , سواء في المواد الكونية أو الدينية , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من غشنا فليس منا" . والغش ظلم وطريقة محرّمة للحصول على ما ليس بحقّ للطالب . والاتّفاق على الغشّ هو تعاون على الإثم والعدوان ولا يمت إلى التعاون على البر والتقوى بصلة . إن محاولة الغش مهما كان نوعها فضلا عن أنها حرام , فهي ليست سوى دليل على عدم الثقة بالنفس ، وعلى الخوف الدائم من الفشل , وليعلم الطالب بأن الغش لون من الانحرافات السلوكية التي يحاول الغشاش من خلالها الحصول على درجات وشهادات ليست من حقه بأية طريقة ممكنة . ومنه فعلى الطالب أن يستغني عن الحرام يُغْنه الله من فضله وأن يرفض كلّ وسيلة وعرْض محرّم يأتيه من غيره , وليعلم أن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه . كما أن المطلوب منه أن ينصح من يقوم ببيع الأسئلة أو شرائها أو يقوم بنشرها بطريقة أو بأخرى محرمة , وأن يطلب منهم أن يتقوا الله ، وأن يخبرهم بحكم فعلهم وحكم مكسبهم . وعليه أنّ ينبه الغشاش إلى أن هذا الوقت الذي يقضيه في إعداد الوسائل المختلفة للغش المحرّم وفي التخطيط له , لو أنفقه في مراجعة المواد المختلفة واستيعابها بشكل جيد وفي المذاكرة الشّرعيّة وفي حلّ الاختبارات السابقة وفي التعاون مع زملائه قبل الاختبار لكان خيرا له وأقوم من الأعمال والاتفاقات المحرمة . فالحذر الحذر أيها الطالب من مجرد التفكير في الغش .
3 – لا أحبُّ لابنتي الغشَّ كما لا أحبُّه لأولادِ الناسِ :
إن الإدارة من زمان , على مستوى المؤسسات التعليمية , وفي كثير من الأحيان : هي ترسلني لأحرس التلاميذ في الأقسام التي يجد فيها المراقبون صعوبة في منع التلاميذ من الغش . وبعض التلاميذ يقولون باستمرار معي أو مع غيري " نريد أن يُدرِّسَنا الأستاذُ رميته , ولكننا لا نحبُّ أن يحرسَنا في الامتحانات" . وهذا شيءٌ أنا أعتز به كل الاعتزاز : كونُ التلميذ يحبُّ أن يدرسَ عندي , وكونُ التلميذ الذي يريدُ أن يغشَّ لا يريدني أن أحرسَه في الامتحان . ثم أنا دوما أقول للأساتذة والإداريين و..." من يسمح لابني أو ابنتي أن يكتبَ ولو كلمة - في امتحان ما - عن طريق الغش , فإن الذي سمح له بالغشِّ غاشٌّ قبل أن يكون ابني ( أو ابنتي ) غاشا . وأولادي منهم المتوسطُ في دراسته ومنهم فوقُ المتوسط ومنهم الحسنُ ومنهم الجيدُ , ولكن ليس منهم أحدٌ يَغشُّ في الامتحانات , والحمد لله رب العالم . كانت لدي – منذ سنوات - بنتٌ تدرسُ في الثانوية التي أدرِّسُ بها , وكان مستواها فوق المتوسط . وفي نهاية السنة الدراسية وقبل صبِّ علاماتِ التلاميذ في كشوفِ النقاط وقبل مجالسِ الأقسام , استشارت أستاذةٌ أستاذة أخرى ( الأستاذتان تُدرسان ابنتي ) " هيا يا فلانة نضيفُ بضعَ نقاط لابنة الأستاذ "رميته" كمساعدة لها لأنها مجتهدةٌ ولأن سلوكها جيدُ , ولكن معدلَـها لا ندري إن كان سيسمحُ لها بالانتقالِ للمستوى الأعلى أم لا ؟ ( ولكنها انتقلتْ بعد ذلك بمعدلها الحقيقي وبدون أية " معونة " , وبمعدل أكبر من 11 / 20 والحمد لله ) . أجابتْها الأستاذةُ الأخرى " لا نفعلُ شيئا حتى نستشيرَ الأستاذ رميته , لعله هو لا يقبلُ , ويمكن أن يعتبرَ " المعونة " غشا , وهو دوما يعلنُ بأنه ضدَّ الغش من أي كان " . جاءت الأستاذتان واستشارتاني في الأمر فقلتُ لهما " والله ثم والله إن أضفتما لابنتي ولو نصف نقطة فإنني أعتبركما غاشَّتين قبل أن تكون ابنتي غاشة ". وأنا متأكدٌ من أن موقفا مثلَ هذا يرفع قيمةَ صاحبه عند البشر , وبإذن الله هو يرفعُ أكثرَ وأكثر من قيمة صاحبه عند الله تعالى .
4 – أمثلة من تجاربي مع التلاميذ :
قلتُ وما زلتُ أقول وسأبقى أقولُ بأن الغشَ في الامتحانات حرامٌ شرعا وممنوع قانونا , حتى وإن أصبح – عرفا- مقبولا ومستساغا , وحتى وإن أصبح – عادة – المانعُ للغش شاذا وأصبح الغاش طبيعيا !. والمعلمُ أو الأستاذ بقدر ما يجبُ أن يتشددَ مع نفسه من أجل أن يقدمَ للتلاميذ أكبرَ نفع ممكن – مادي ونفسي ومعـنـوي و..- من خلال تدريسهم , بقدر ما يجبُ عليه أن يتشددَ مع نفسه من أجل منع التلاميذ من الغش في الامتحانات , سواء رضي التلاميذ أم سخطوا .
ومما يتعلق بذكرياتي مع التلاميذ ومحاولة الغش في الامتحانات أذكر ما يلي :
1-تلميذة – في امتحان ما – ضبطتها بعد 10 دقائق من بدء الامتحان وهي تريد أن تنقل من ورقة صغيرة مكتوب فيها مجموعة من الدروس في مادة من المواد . الدروس مكتوبة بخط صغير جدا , والتلميذة أتت بها معها من البيت . أخذتُ ورقة الإجابة من التلميذة وكذا مجموعة الأوراق التي كانت تريد أن تنقل منها , وقلت لها " تفضلي . اخرجي " !. أجابتني التلميذة " والله يا أستاذ هذا حرام عليك "!. قلت لها " غريب أمركِ يا هذه ! تغشين , ثم تقولين لمن يريد أن يمنعكِ من الغش : حرامٌ عليك . إنك بهذا ترتكبين ذنبين في آن واحد ".
2- تلميذٌ حاول أن يغشَّ في امتحان ما , فما مكنْـتُه من ذلك . حاول ثم حاول , فلما لم يستطع أرجع ورقتَـه بيضاء تقريبا . وفي نهاية الحصة أخبرتني بعض المراقبات بأنهن رأين التلميذَ يمشي في الرواق ( بين الأقسام ) وهو يتحدثُ مع نفسه وبصوت مرتفع حديثَ الغاضبِ والمُنكِر , ويقول " ما بال هذه الأستاذ ( بدون أن يسميني ) , أكيد هو مجنون , إنه مجنون بلا أدنى شك , هذا رجل ما هوشْ في عَقْـلُو (أي ليس له عقل )" !.
3- أثناء حراسة البكالوريا علوم أحرار للعام 06/07 م انزعج تلاميذُ فوج من الأفواج من حراستي لهم في الصباحِ ثم في المساء , ومن تشددي معهم في الحراسة , فذهبَ بعضُهم إلى أمانةِ مركز الحراسة , حيث وجدوا هناك بعضَ الأساتذة فاشتكوني إليهم قائلين لهم " رجاء ثم رجاء لا ترسلوا الأستاذ رميته في الغد ليحرسنا من جديد"!. قال لهم الأساتذةُ " ألم يقم الأستاذُ رميته بواجبه في الحراسة كما ينبغي ؟!" , فطأطأوا رؤوسهم وسكتوا ولم يجيبوا , فأعاد الأساتذةُ عليهم السؤالَ من جديد " هل قصَّر الأستاذُ في أداء مهمة الحراسة ؟!" , فأجابَ التلاميذُ مجتمعين ومبتسمين " نعم قام بمهمته , ولكنه بالغ في ذلك "!!! . وشرُّ البلية ما يُضحك كما يقولون .
5- مما له صلة بالغش من جديد :
لو تتاحُ الفرصة للكثير من المعلمين أو الأساتذة من أجل الكتابة عن حوادث غش التلاميذ في الامتحانات لكتبَ هؤلاء المربون الكثيرَ والكثيرَ مما يُضحِكُ ويُبكي في نفس الوقت . ومن ذلك :
1-التلميذُ الذي أضبطهُ يغشُّ من ورقة أتى بها معه من منزله فآخذ منه الورقة وأُخرجُه من قاعة الامتحان ( حتى أتجنب كتابة تقرير عنه ) , فيعترضُ علي التلميذُ الغاشُّ قائلا : " يا أستاذ ما زلنا مع الـ 10 دقائق الأولى من الحصة فقط !" , وكأن الغشَّ في هذه الفترة الأولى من وقت الامتحان جائز ومباح ٌ.
2- التلميذةُ التي تقولُ لي بعد ضبطها في حالة تلبس بغش ثم منعها من مواصلة الاختبار" حرامٌ عليك يا أستاذ , والله حرامٌ عليك !".
3-يقول لي التلاميذُ " لماذا يا أستاذ تمنعنا من أن نتعاون فيما بيننا على ..." , ولا يُكملون الجملةَ , لأن التعاونَ الذي يريدون هو تعاونٌ على الإثم والعدوان لا على البر والتقوى .
4- يقول لي التلميذُ " يا أستاذ أنا تكلمتُ فقط ولم أنقل من وثيقة معينة !" , وكأن الغشَّ فقط هو النقلُ من وثيقة .
5- في مرة من المرات كنتُ أحرسُ التلاميذَ في امتحان ما , وأثناءَ الحراسةِ وزَّعتُ حلوى ( من جيبي وعلى حسابي الخاص) على كل تلاميذ الفوج المحروس . وعندما وصلتُ عندَ تلميذ ما قال لي بلهجة تجمع بين الجد والهزل في نفس الوقت" يا أستاذ , رجاء اتركني أغش ثم لا بأس أن لا تعطيني الحلوى !!!".
6- تلميذان حريصان جدا على الغش منعتُهما من الغش مع كل محاولاتهما , وفجأة رأيتُ كلا منهما يأكل ورقة الأوساخ – شعرَ بذلك أم لم يشعرْ- التي كانت بيده , ثم ...لا أدري بعد ذلك إن بلع الآكل الورقةَ أم أنه رماها بدون أن يبلعَـها.
7- تلميذةٌ ترمي ورقة لزميلتها في القسم أثناء الامتحان , وعندما أسبقها إلى الورقة وأقرأها أجد أنها كتبت لزميلتها " أعطني الجواب عن أي سؤال أجبتِ عنه أنتِ !!!".
8- دخلتُ قسما من الأقسام لأحرسَه في امتحان ما , وبمجردِ رؤيةِ التلاميذِ لي وأنا آت من بعيد تصايحَ البعضُ منهم قائلين وهم متأسفين " عندما يدخلُ الأستاذُ رميته إلى القسمِ يخرجُ منه في الحين شياطينُ الغش ؟!". وهي مبالغة كبيرة من التلاميذ مبعثُـها انزعاجُهم من تشددي معهم في الحراسة أثناء الامتحانات .
نسأل الله أن يحفظنا وأن يقوينا على أنفسنا وعلى الشيطان آمين.
والله وحده الموفِّق والهادي لما فيه الخير .
عن الغش في الامتحانات
إنشاء عبد الحميد رميته , الجزائر
1_ من غشنا فليس منا :
مطلوب من الأستاذ أن يتفانى في خدمة التلاميذ : تربية وتعليما , ومطلوب منه بنفس القدر أن يتشدد ما استطاع في مراقبة التلاميذ أثناء الامتحانات والفروض حتى لا يغشوا . إن الغش حرام شرعا أولا , وممنوع قانونا ثانيا . وحتى إذا تساهل الغيرُ في هذا الأمر , فإنه لا يجوز لك أنت أيها المُعلم المؤمن بالله أن تتساهل , ولتعلم أنه كما قال الله تعالى: " ولا تزر وازرة وزر أخرى". لا تسمحْ لهم بالغش أبدا مهما سمح به غيرُك , فكلٌّ مسئول عن نفسه أولا بين يدي ربه يوم القيامة , وصدق رسول الله القائل: "من غشنا فليس منا" , وأخطأ خطأ فاحشا وكذب على الرسول-ص- من قال من الصغار أو من الجاهلين أو من المنحلين : "من عسَّنا فليس منا " ( أي من حرسنا فليس منا , أستغفر الله العظيم ! ) . ولا تتركْ أيها الأستاذ لأي كان أن يضغطَ عليك بماله أو بجاهه أو.. , بالترغيب أو بالترهيب أو.. حتى تسمحَ له أو لغيره أن يغًشَّ .عليك أيها المربي أن لا تأخذك في الحق لومة لائم , وليرض من شاء بعد ذلك وليسخط من شاء . وعليك أن تبدأ بنفسك أنت أولا , فتمنع نفسَك من الغش ما حييتَ في مجال التدريس أو في غيره ولو مع أولادك وبناتك , وتربي أولادك على ذلك . وإلا فلا خير فيك وفيما تنصح به غيرَك , بل قد يكون علمُك عندئذ حجة عليك -والعياذ بالله - عوض أن يكون حجة لك .
2-على الطالب أن يعلم بأنّ الغشّ محرّم :
في أية مادة , سواء في المواد الكونية أو الدينية , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من غشنا فليس منا" . والغش ظلم وطريقة محرّمة للحصول على ما ليس بحقّ للطالب . والاتّفاق على الغشّ هو تعاون على الإثم والعدوان ولا يمت إلى التعاون على البر والتقوى بصلة . إن محاولة الغش مهما كان نوعها فضلا عن أنها حرام , فهي ليست سوى دليل على عدم الثقة بالنفس ، وعلى الخوف الدائم من الفشل , وليعلم الطالب بأن الغش لون من الانحرافات السلوكية التي يحاول الغشاش من خلالها الحصول على درجات وشهادات ليست من حقه بأية طريقة ممكنة . ومنه فعلى الطالب أن يستغني عن الحرام يُغْنه الله من فضله وأن يرفض كلّ وسيلة وعرْض محرّم يأتيه من غيره , وليعلم أن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه . كما أن المطلوب منه أن ينصح من يقوم ببيع الأسئلة أو شرائها أو يقوم بنشرها بطريقة أو بأخرى محرمة , وأن يطلب منهم أن يتقوا الله ، وأن يخبرهم بحكم فعلهم وحكم مكسبهم . وعليه أنّ ينبه الغشاش إلى أن هذا الوقت الذي يقضيه في إعداد الوسائل المختلفة للغش المحرّم وفي التخطيط له , لو أنفقه في مراجعة المواد المختلفة واستيعابها بشكل جيد وفي المذاكرة الشّرعيّة وفي حلّ الاختبارات السابقة وفي التعاون مع زملائه قبل الاختبار لكان خيرا له وأقوم من الأعمال والاتفاقات المحرمة . فالحذر الحذر أيها الطالب من مجرد التفكير في الغش .
3 – لا أحبُّ لابنتي الغشَّ كما لا أحبُّه لأولادِ الناسِ :
إن الإدارة من زمان , على مستوى المؤسسات التعليمية , وفي كثير من الأحيان : هي ترسلني لأحرس التلاميذ في الأقسام التي يجد فيها المراقبون صعوبة في منع التلاميذ من الغش . وبعض التلاميذ يقولون باستمرار معي أو مع غيري " نريد أن يُدرِّسَنا الأستاذُ رميته , ولكننا لا نحبُّ أن يحرسَنا في الامتحانات" . وهذا شيءٌ أنا أعتز به كل الاعتزاز : كونُ التلميذ يحبُّ أن يدرسَ عندي , وكونُ التلميذ الذي يريدُ أن يغشَّ لا يريدني أن أحرسَه في الامتحان . ثم أنا دوما أقول للأساتذة والإداريين و..." من يسمح لابني أو ابنتي أن يكتبَ ولو كلمة - في امتحان ما - عن طريق الغش , فإن الذي سمح له بالغشِّ غاشٌّ قبل أن يكون ابني ( أو ابنتي ) غاشا . وأولادي منهم المتوسطُ في دراسته ومنهم فوقُ المتوسط ومنهم الحسنُ ومنهم الجيدُ , ولكن ليس منهم أحدٌ يَغشُّ في الامتحانات , والحمد لله رب العالم . كانت لدي – منذ سنوات - بنتٌ تدرسُ في الثانوية التي أدرِّسُ بها , وكان مستواها فوق المتوسط . وفي نهاية السنة الدراسية وقبل صبِّ علاماتِ التلاميذ في كشوفِ النقاط وقبل مجالسِ الأقسام , استشارت أستاذةٌ أستاذة أخرى ( الأستاذتان تُدرسان ابنتي ) " هيا يا فلانة نضيفُ بضعَ نقاط لابنة الأستاذ "رميته" كمساعدة لها لأنها مجتهدةٌ ولأن سلوكها جيدُ , ولكن معدلَـها لا ندري إن كان سيسمحُ لها بالانتقالِ للمستوى الأعلى أم لا ؟ ( ولكنها انتقلتْ بعد ذلك بمعدلها الحقيقي وبدون أية " معونة " , وبمعدل أكبر من 11 / 20 والحمد لله ) . أجابتْها الأستاذةُ الأخرى " لا نفعلُ شيئا حتى نستشيرَ الأستاذ رميته , لعله هو لا يقبلُ , ويمكن أن يعتبرَ " المعونة " غشا , وهو دوما يعلنُ بأنه ضدَّ الغش من أي كان " . جاءت الأستاذتان واستشارتاني في الأمر فقلتُ لهما " والله ثم والله إن أضفتما لابنتي ولو نصف نقطة فإنني أعتبركما غاشَّتين قبل أن تكون ابنتي غاشة ". وأنا متأكدٌ من أن موقفا مثلَ هذا يرفع قيمةَ صاحبه عند البشر , وبإذن الله هو يرفعُ أكثرَ وأكثر من قيمة صاحبه عند الله تعالى .
4 – أمثلة من تجاربي مع التلاميذ :
قلتُ وما زلتُ أقول وسأبقى أقولُ بأن الغشَ في الامتحانات حرامٌ شرعا وممنوع قانونا , حتى وإن أصبح – عرفا- مقبولا ومستساغا , وحتى وإن أصبح – عادة – المانعُ للغش شاذا وأصبح الغاش طبيعيا !. والمعلمُ أو الأستاذ بقدر ما يجبُ أن يتشددَ مع نفسه من أجل أن يقدمَ للتلاميذ أكبرَ نفع ممكن – مادي ونفسي ومعـنـوي و..- من خلال تدريسهم , بقدر ما يجبُ عليه أن يتشددَ مع نفسه من أجل منع التلاميذ من الغش في الامتحانات , سواء رضي التلاميذ أم سخطوا .
ومما يتعلق بذكرياتي مع التلاميذ ومحاولة الغش في الامتحانات أذكر ما يلي :
1-تلميذة – في امتحان ما – ضبطتها بعد 10 دقائق من بدء الامتحان وهي تريد أن تنقل من ورقة صغيرة مكتوب فيها مجموعة من الدروس في مادة من المواد . الدروس مكتوبة بخط صغير جدا , والتلميذة أتت بها معها من البيت . أخذتُ ورقة الإجابة من التلميذة وكذا مجموعة الأوراق التي كانت تريد أن تنقل منها , وقلت لها " تفضلي . اخرجي " !. أجابتني التلميذة " والله يا أستاذ هذا حرام عليك "!. قلت لها " غريب أمركِ يا هذه ! تغشين , ثم تقولين لمن يريد أن يمنعكِ من الغش : حرامٌ عليك . إنك بهذا ترتكبين ذنبين في آن واحد ".
2- تلميذٌ حاول أن يغشَّ في امتحان ما , فما مكنْـتُه من ذلك . حاول ثم حاول , فلما لم يستطع أرجع ورقتَـه بيضاء تقريبا . وفي نهاية الحصة أخبرتني بعض المراقبات بأنهن رأين التلميذَ يمشي في الرواق ( بين الأقسام ) وهو يتحدثُ مع نفسه وبصوت مرتفع حديثَ الغاضبِ والمُنكِر , ويقول " ما بال هذه الأستاذ ( بدون أن يسميني ) , أكيد هو مجنون , إنه مجنون بلا أدنى شك , هذا رجل ما هوشْ في عَقْـلُو (أي ليس له عقل )" !.
3- أثناء حراسة البكالوريا علوم أحرار للعام 06/07 م انزعج تلاميذُ فوج من الأفواج من حراستي لهم في الصباحِ ثم في المساء , ومن تشددي معهم في الحراسة , فذهبَ بعضُهم إلى أمانةِ مركز الحراسة , حيث وجدوا هناك بعضَ الأساتذة فاشتكوني إليهم قائلين لهم " رجاء ثم رجاء لا ترسلوا الأستاذ رميته في الغد ليحرسنا من جديد"!. قال لهم الأساتذةُ " ألم يقم الأستاذُ رميته بواجبه في الحراسة كما ينبغي ؟!" , فطأطأوا رؤوسهم وسكتوا ولم يجيبوا , فأعاد الأساتذةُ عليهم السؤالَ من جديد " هل قصَّر الأستاذُ في أداء مهمة الحراسة ؟!" , فأجابَ التلاميذُ مجتمعين ومبتسمين " نعم قام بمهمته , ولكنه بالغ في ذلك "!!! . وشرُّ البلية ما يُضحك كما يقولون .
5- مما له صلة بالغش من جديد :
لو تتاحُ الفرصة للكثير من المعلمين أو الأساتذة من أجل الكتابة عن حوادث غش التلاميذ في الامتحانات لكتبَ هؤلاء المربون الكثيرَ والكثيرَ مما يُضحِكُ ويُبكي في نفس الوقت . ومن ذلك :
1-التلميذُ الذي أضبطهُ يغشُّ من ورقة أتى بها معه من منزله فآخذ منه الورقة وأُخرجُه من قاعة الامتحان ( حتى أتجنب كتابة تقرير عنه ) , فيعترضُ علي التلميذُ الغاشُّ قائلا : " يا أستاذ ما زلنا مع الـ 10 دقائق الأولى من الحصة فقط !" , وكأن الغشَّ في هذه الفترة الأولى من وقت الامتحان جائز ومباح ٌ.
2- التلميذةُ التي تقولُ لي بعد ضبطها في حالة تلبس بغش ثم منعها من مواصلة الاختبار" حرامٌ عليك يا أستاذ , والله حرامٌ عليك !".
3-يقول لي التلاميذُ " لماذا يا أستاذ تمنعنا من أن نتعاون فيما بيننا على ..." , ولا يُكملون الجملةَ , لأن التعاونَ الذي يريدون هو تعاونٌ على الإثم والعدوان لا على البر والتقوى .
4- يقول لي التلميذُ " يا أستاذ أنا تكلمتُ فقط ولم أنقل من وثيقة معينة !" , وكأن الغشَّ فقط هو النقلُ من وثيقة .
5- في مرة من المرات كنتُ أحرسُ التلاميذَ في امتحان ما , وأثناءَ الحراسةِ وزَّعتُ حلوى ( من جيبي وعلى حسابي الخاص) على كل تلاميذ الفوج المحروس . وعندما وصلتُ عندَ تلميذ ما قال لي بلهجة تجمع بين الجد والهزل في نفس الوقت" يا أستاذ , رجاء اتركني أغش ثم لا بأس أن لا تعطيني الحلوى !!!".
6- تلميذان حريصان جدا على الغش منعتُهما من الغش مع كل محاولاتهما , وفجأة رأيتُ كلا منهما يأكل ورقة الأوساخ – شعرَ بذلك أم لم يشعرْ- التي كانت بيده , ثم ...لا أدري بعد ذلك إن بلع الآكل الورقةَ أم أنه رماها بدون أن يبلعَـها.
7- تلميذةٌ ترمي ورقة لزميلتها في القسم أثناء الامتحان , وعندما أسبقها إلى الورقة وأقرأها أجد أنها كتبت لزميلتها " أعطني الجواب عن أي سؤال أجبتِ عنه أنتِ !!!".
8- دخلتُ قسما من الأقسام لأحرسَه في امتحان ما , وبمجردِ رؤيةِ التلاميذِ لي وأنا آت من بعيد تصايحَ البعضُ منهم قائلين وهم متأسفين " عندما يدخلُ الأستاذُ رميته إلى القسمِ يخرجُ منه في الحين شياطينُ الغش ؟!". وهي مبالغة كبيرة من التلاميذ مبعثُـها انزعاجُهم من تشددي معهم في الحراسة أثناء الامتحانات .
نسأل الله أن يحفظنا وأن يقوينا على أنفسنا وعلى الشيطان آمين.
والله وحده الموفِّق والهادي لما فيه الخير .
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd