منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    بحث- الخوف في الشعر الأندلسي

    د.سليمان عطوان
    د.سليمان عطوان

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : القوس
    عدد المشاركات : 1185
    العمر : 56
    البلد : فلسطين
    الحالة الاجتماعية : متزوج
    التخصص : طبيب اسنان
    نقاط النشاط : 2796
    الاعجاب : 4
    المهنة : بحث-  الخوف في الشعر الأندلسي Doctor10
    المزاج : بحث-  الخوف في الشعر الأندلسي 8010
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    بحث-  الخوف في الشعر الأندلسي Empty بحث- الخوف في الشعر الأندلسي

    مُساهمة من طرف د.سليمان عطوان الأحد 5 ديسمبر 2010 - 21:23



    الخوف في الشعر الأندلسي



    الدكتور مقداد رحيم
    جامعة البصرة- العراق
    استجاب الشعر العربي لمعطيات الحياة الجديدة في شبه الجزيرة الأيـبيرية بعد الفتح العربي الإسلامي لها في العام الثاني والتسعين من الهجرة النبوية الشريفة، وتسلل لجميع مناحي تلك الحياة، وأخذ الشعراء يعبرون به ومن خلاله عن مشاعرهم وأفكارهم الخاصة، كما يعبرون عن أمور الدين والمعتقدات والآراء السياسية والعلمية وحتى الفلسفية على انحسارها في الأندلس بشكل عام.
    وقد أتاح لنا الشعرُ في الأندلس ما أتاحه لنا رديفُهُ في المشرق مِن كمٍّ هائلٍ استوعب جميع جوانب الحياة مع احتفاظه بما يتميز به عنه، ومن تلك الجوانب العلاقةُ بالآخَر التي تشعبتْ لتشمل الخالقَ في قدرته السرمدية الشاملة، والسلطان في قدرته المحدودة الزائلة، والموت حيث زوال الحياة. وقد بدا الشاعر الأندلسي لصيقاً بهذه العلاقات مشدوداً لها على أنحاءَ مختلفةٍ تتحكَّمُ بها عواملُ كثيرةٌ لا ينبغي تجاهلُ العاملِ الذاتي منها على أية حال.

    أولا: الخوف من الله

    عبَّر الشاعر الأندلسي المسلمُ المؤمن عن علاقته بالله سبحانه وتعالى، واستلهم من خلال ذلك كثيراً من اشتراطات العقيدة الإسلامية ومستلزماتها من خلال الشعر، وقد غلب على هذا النوع من الشعر معاني الاستغفار والاستشفاع والاسترحام، وتناول قسم كبير منه معاني العاقبة بعد الموت من خلال استذكار الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تتعلق بالحساب في الآخرة والجزاء على ما تنصُّ عليه صحائفُ الأعمال، والتوبةِ وتوخِّي حُسنِ العاقبة.
    هذا أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الأندلسي (ت529هـ) يُقرُّ بحتمية الموت ولا يُخفي خوفه من عاقبته وهو يواجه ربَّه يوم الحساب وقد قلَّ زادُهُ لمكابدة ذلك اليوم:
    سكنتُكِ يا دار الفناءِ مُصدِّقـاً بأنِّي إلى دار البقـاءِ أصيـرُ
    وأعظمُ مـا في الأمرِ أنيَ صائرٌ إلى عادلٍ في الحكمِ ليس يجورُ
    فيا ليت شعري كيف ألقاهُ عندَها وزادي قليلٌ والذنوبُ كثيـرُ
    فإنْ أكُ مَجزيَّاً بِذنـبي فإنني بِشرِّ عقابِ المذنبـين جديـرُ
    وإنْ يكُ عفوٌ منهُ عنّي ورحمةٌ فَـثمَّ نعيـمٌ دائمٌ وسـرور(1)
    وهذا ابن أرقم النميري (محمد بن أحمد بن رضوان ت694 هـ) يُقبلُ على الله سبحانه وتعالى خائفاً خاضعاً معترفاً بذنوبه غير أنه طامعٌ بعفوه متوسلٌ إلى ذلك بشفاعة الرسول الكريم محمد (ص)، وبدعاء زائري قبره بالرحمة له:
    أتيتُ إلـى خالقي خاضعاً ومَنْ خدُّهُ في الثرى يخضعُ
    وإنْ كنتُ وافيـتُهُ مـجرماً فإنِّـيَ فـي عَـفوِهِ أطمعُ
    وكيفَ أخافُ ذنوباً مضتْ وأحـمدُ في زلَّـتي يَشفعُ!
    فأخلِصْ دعاءكَ يا زائـري لعـلَّ الإله بِـهِ يَـنـفعُ(2)
    وقد شاع معنى الاستشفاع بالرسول الكريم محمد (ص) ليخفف من وطأة ما ينتظره العبدُ من العقاب في هذا الاتجاه من الشعر الأندلسي، بل إنَّ كثيراً من الشعراء الأندلسيين توجهوا بالخطاب إلى الرسول (ص) مباشرةً في طلب ذلك، ومنهم ابنُ فُـركون (ت ق9هـ) الذي يقول:
    ألا يا رسولَ اللهِ دعوةَ نازحٍ لهُ في النوى والقربِ فكرٌ مُقسَّمُ
    يراكَ بمكنون الضمير فقلبُـهُ عليكَ وما حـلَّ المنازلَ يقـدُمُ
    أنا المذنب الجاني وأنتَ شفيعُهُ ومثلكَ مَن يُرجَى ومثليَ يُرحَـمُ
    ....
    وما لي إذا لاقيتُ ربـي وسيلةٌ سوى أنني أرجو وأنّيَ مسلـمُ
    وما ضاقَ عفوُ اللهِ عن مذنبٍ وإنْ تعاضمَ منهُ الذنبُ فالعفوُ أعظمُ(3)
    كما شاع معنى طلب الدعاء والترحُّم في هذا الغرض، فنصَّ كثير من الشعراء على أهمية الدعاء لهم بعد الموت ليكون ذلك مخففاً للعذاب الذي ينـتظره المرءُ بعد الموت، ومن أولئك علي بن جعفر بن همشك الذي طلب أن يُكتب على قبره:
    لعمركَ ما أردتُ بقاءَ قبري وجسمي فيه ليس له بقاءُ
    ولكني رجوتُ وقوفَ بَـرٍّ على قبري فينفعني الدعاءُ
    "سبيلُ الموتِ غاية كلِّ حيٍّ" فكلٌّ سوف يلحقُهُ الفناءُ(4)
    ومنهم ابن الزقاق البلنسي (علي بن إبراهيم ت 528هـ) في قوله:
    أإخواننا والموتُ قد حال بيننا وللموتِ حكمٌ نافذُ في الخلائقِ
    سبقتُكمُ للموتِ والعمرُ ظِنـةٌ وأعلمُ أنَّ الكلَّ لابدَّ لاحقي
    بعيشكمُ أو باضطجاعيَ في الثرى ألمْ نكُ في صفوٍ من الودِّ رائقِ؟
    فمَنْ مَرَّ بي فليمضِ بي مُترحِّماً ولا يكُ مَنسيَّاً وفاءُ الأصادقِ(5)
    وقد أثقلَ الخوفُ من الله كاهلَ ابن الزبير (أحمد بن إبراهيم ت 708هـ) حتى انشغلَ عن أمور الدنيا لينشغلَ بأمر ذنوبه والتدبُّر لانجلاء غَمِّه بها قبل الموت، يقول:
    مالي ولِـلتسآلِ لا أُمَّ لـي إنْ سَلْتُ مَنْ يُعزَلُ أو مَنْ يلي؟
    حسبـي ذنوبي أثقلتْ كاهلي ما إنْ أرى غَـمَّاءها يـنجلي(6)
    كما انشغلَ أبو محمد بن حذلم عن الاحتفال بالعيد متذكراً وعيدَ ربهِ بفراق الدنيا والحساب في الآخرة، فيقول:
    يقولون لي خلِّ عنكَ الأسَى ولُـذْ بالسرورِ فذا يومُ عيدْ
    فقلتُ لـهم والأسى غالبٌ ووجديَ يحيى وشوقي يزيدْ
    توعَّدَني مالكي بالفــراقِ فكيفَ أُسَرُّ وعيدي وَعيدْ؟(7)

    ويبلغُ الخوف مبلغه من نفس ابن الفرضي القرطبي (عبد الله بن محمد بن يوسف ت 403هـ) أنْ يتوجَّه بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ما تقدَّمَ من ذنوبه التي لا يسعه إخفاؤها يومَ تُنشَر الصحائف، يقول في ذلك:
    أسيرُ الخطايا عندَ بابكَ واقفُ على وجلٍ مـمَّا بهِ أنتَ عارفُ
    يخافُ ذنوباً لم يغبْ عنك غيبُها ويرجوكَ فيها فهو راجٍ وخائفُ
    ومَن ذا الذي يرجو سواكَ ويتَّقي ومالك من فضلِ القضاء مخالِفُ؟
    فيا سيِّدي لا تُخزِني في صحيفتي إذا نُشرتْ يوم الحساب الصحائفُ(8)
    أما ابنُ جزي (محمد بن أحمد بن عبد الله ت 741هـ)) فقد كان يتمنى الاستشهاد في سبيل الله ليغفرَ له ذنوبَه ومعاصيَه فينجو من عذاب النار في الآخرة. يقول:
    قصدي المؤمَّلُ في جهري وإسراري ومطلبي من إلهي الواحد الباري
    شهـادةٌ فـي سبيل الله خالصـةٌ تمحو ذنوبي وتُنجيـني من النار
    إنَّ المعاصيَ رجسٌ لا يُطهِّـرُهـا إلاَّ الصوارمُ مِن أيمانِ كُـفَّارِ(9)
    ويستذكر ابنُ حزم (علي بن أحمد بن سعيد ت 456هـ) يومَ الحساب وما قد يتبعه من عذابِ الآخرة الذي يؤول إلى ندم العبد عما اقترفه من الخطايا والمعاصي في دنياه، فيقول:
    هل الدهرُ إلاّ ما عرفنا وأدركنا فَجائعُـهُ تبقـى ولذَّاتُـهُ تَـفنى
    إذا أمكنتْ منه مسرَّةُ ساعـةٍ تولَّتْ كمرِّ الطرفِ واستخلفتْ حزنا
    إلى تبعاتٍ في المَعادِ وموقـفٍ نَـودُّ لديـهِ أننا لـم نكنْ كُـنَّـا
    حصلنا على هَمٍّ وإثمٍ وحسرةٍ وفات الذي كُـنَّـا نلـذُّ به عَـنَّا
    حنينٌ لِما ولَّى وشغلٌ بـما أتى وغـمٌّ لِما يُرجَى فعيشُكَ لا يهنـا
    كأنَّ الذي كُـنّا نُـسرُّ بكونِه إذا حققـتْهُ النفسُ لفظٌ بلا معنى(10)
    بل إنَّ رعيلاً من الشعراء تعرضوا إلى وصف القبر والخوف مما يمكن أن يُجزَى به المسلمُ فيه بعد الدفن مباشرةً، فمِن أولئك أبو بكر عبد الرحمن بن مغاور الكاتب (ت 587هـ) الذي يذهب إلى رسم صورة خيالية لموقف الدفن استيحاءً من الموروث الإسلامي، يقول:
    أيها الواقف اعتباراً بقـبري استمعْ قولَ عظميَ الرمـيمِ
    أودعوني بطن الضريح وخافوا مِن ذنوبٍ كلومُها بأديـمي
    قلتُ لا تجزعوا عليَّ فإنـي حَسَنُ الظنِّ بالرؤوف الرحيمِ
    واتركوني بما اكتسبتُ رهيناً غَلِقَ الرهنُ عند مولىً كريمِ(11)
    ويتعرض ابن النشا الوادي آشي (إبراهيم بن عبد الرحمن بن يخلف القيسي ت 700هـ) إلى جزء آخر من هذه الصورة فيقول:
    وعنْ قريبٍ أًحُلُّ قبـراً أُطيلُ في قَـعرِهِ الـمُقاما
    فَـبلِّغوا مَن لقيـتموهُ بَعديَ يا أخوتي السلاما(12)
    ومنهم ابن الفرضي القرطبي وقد وجد عذابَ القبر في خضمٍّ من الوحدة والظلمة وفراق الأهل والأحبابِ مما يُحتاجُ معه الدعاءُ بالرحمة، فيقول مخاطباً الجلالة:
    وكنْ مؤنسي في ظلمة القبـرِ عندما يَصدُّ ذوو ودّي ويجفو الموالِف
    لئنْ ضاقَ عنِّـي عفوُكَ الواسعُ الذي أُرجِّي لإسرافي، فإنِّـي لَتالِفُ(13)
    وإلى مثل ذلك ذهب أبو بكر محمد بن ولاّد الشلْطيشي حيث يقول:
    أرجوكَ يا ربُّ في سِـرِّي وفي علني إنَّ الرجاءَ إليكَ اليـومَ يـحملُني
    مَن ذا يُؤنِّسُني في القبـرِ منـفرداً إنْ لم تكنْ أنتَ يا مولاي تُؤنسني
    وسوف يضحكُ خلٌّ قد بكى جزعاً بعدي ويسلو الذي قد كان يندبني(14)



    ملاحظه:البحث في 27 صفحه


    رابط تنزيل البحث مخفي.للمزيد ولتنزيل البحث ضع ردك لو سمحت ليظهر لك هنا







    مع التحيه

    الدكتور سليمان عطوان

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 21 سبتمبر 2024 - 5:45