منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    موسم الطاعات

    رباني
    رباني

    { مشرف }


    موسم الطاعات Stars15


    الجنس : انثى
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 4459
    العمر : 60
    البلد : عمان
    الحالة الاجتماعية : متزوجة
    التخصص : تربية اسلامية
    نقاط النشاط : 916
    الاعجاب : 17
    المهنة : موسم الطاعات Office10
    المزاج : موسم الطاعات 8010
    الدوله : فلسطين

    موسم الطاعات Empty موسم الطاعات

    مُساهمة من طرف رباني الأربعاء 5 يونيو 2013 - 8:55

    البسمله الرحيم

    مواسم الطاعات .... إنابة و عبادة

    الحمد لله الذي امتن علينا بمواسم الطاعات وجعلها مواسم أُنْسٍ ومسرات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ أسبغ على عباده صنوف الخيرات وتولى المؤمنين فأخرجهم إلى النور من الظلمات ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى ربه والهادي بإذنه إلى الجنات ، فصلوات الله وسلامه عليه تترى ما تعاقب الليل والنهار وما تنزلت البركات والرحمات .
    إخواني الكرام هذه كلمات أكتبها وأبعث بها إلى المسلمين والمسلمات في كل مكان ، فهم من امتن الله عليهم بخير الشرائع وبعث إليهم سيد الأنبياء والمرسلين ، وبارك وسهَّل لهم في أعمالهم ، ثم حفظ عليهم دينهم كله حتى يلقونه .
    فأسأل الله بمنِّه وكرمه أن يجعلني خير واعظ لنفسي ، وأن يعينني على تبادل النصح مع إخواني .
    إخواني الكرام : هذا موسم رمضان موسم من مواسم الطاعات وشهر من أشهر الرحمات قد اقتربت نفحاته وظهرت ملامحه وأصبحنا وأمسينا نعد أيامه وساعاته ، ولو تدبرنا قليلا ومكثنا مطرقين برهة من الوقت نتأمل هذه المواسم المباركة وهي تدور علينا وتتكرر مع تعاقب الأيام والشهور ؛ لوجدنا لها حكما جليلة وغايات عظيمة نبيلة ، تشحذ الهمم وتقوِّي النفوس على اغتنامها والاستفادة منها قدر الوسع والإمكان ؛ ومن تلكم الحكم والغايات :

    مواسم الطاعات مواسم تعظيم وإجلال وتوحيد لله :
    فالله خلق الخلق لعبادته وحده لا شريك له ، ليفردوه ويوحدوه مخلصين له الدين ، فلا ندَّ له ولا شريك ولا مثيل ، قال سبحانه : ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) - الذاريات 56 - ، وقال سبحانه : (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُون )) - الأنبياء 25 -
    وخلقهم سبحانه ليتعرفوا عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى فيحمدوه ويمدحوه ويثنوا عليه بأسماء جلاله وجماله ونعوت كماله ، قال سبحانه : (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا )) - الطلاق 12- ، والعبد في سيره إلى الله بين صلاةٍ وذكرٍ وتلاوةٍ لكتاب الله يدور على هذه الغايات التي هي السبب من وجوده وخلقه ، وتقوى في قلبه تارة وتضعف تارة أخرى ، يستلذ بها حينا ويجد ثمارها ، ويغفل حينا آخر فيذهل ويجفو ، فإذا جاءته مواسم الطاعات وحلت ببركاتها ونفحاتها وتهيأت نفسه لعبادة ذي المنِّ والإكرام مع غيره من أهل الإسلام ؛ عاد ليتأمل صيامه وحكمه وتربصه بليلة القدر وسرَّه وحجه بيت الله الحرام وسببه ، فعلم أنه يدور مع التعبد لله سبحانه مخلصا له الدين ، لا يرقب جزاءً ولا ينتظر معروفا ولا يبغي مكافأةً إلا من الله وحده ، فأخلص له في صيامه وأمسك عن طعامه وشرابه وشهوته في السر والعلن ، زهدت نفسه في الخلائق وتعلَّق بالله وبكل سبب يدنيه منه ، لأنه علم أن سعادة العبد أن يكون لله في عمله وقصده ، وها هو يقوم الليل ويزداد حرصه في العشر الأواخر يرجو أن يكون من الفائزين بصوم نهاره وقيام ليله ، ويرجو أن يمتن الله عليه بالليلة المباركة التي وعد الله عليها الثواب والمغفرة والرحمة والرضوان ، لا ينتظر مدح المادحين ولا يرقب ثوابا من الخلق أجمعين ، وفي الصحيحين : (( من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفرله ما تقدم من ذنبه )) ، أي إيمانا بوعد الله وثوابه ، واحتسابا للأجر والثواب على الله وحده دون سائر الخلائق .
    وحيث أهلت أشهر الحج تعلقت النفوس ببيت الله الحرام ، وعظم شوقه وازداد حنينه كلما خطرت على ذهنه الكلمات الطيبات العِظام : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ، فهي خلاصة التوحيد وعصارة دعوة الرسل الكرام .
    إخواني الكرام فنتذكر دائما وأبدا أن هذه الغاية العظيمة من الصيام والقيام والحج وهي : التعرف على ربنا سبحانه بأسمائه وصفاته ووحدانيته سبحانه إنما هي غاية عظيمة تتجلى في كل طاعة وعبادة لله ، فلا بد أن نجعلها دائما نصب أعيننا وأن نستحضر الإخلاص في كل طاعاتنا ، وبهذا نكون قد تمسكنا بالعروة الوثقى ولزمنا ديننا القويم قال سبحانه : (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )) - البينة 5 - .
    وقد فطن الصالحون لهذه الغاية العظيمة وكانت نصب أعينهم في كل أعمالهم ، فجردوا أعمالهم لله تعالى وأخلصوا له في السر والعلن ، بل كان من شأنهم أن عاداتهم غدت عبادات كريمة تضاعف لهم فيها الأجور وترفع لهم فيها الدرجات ، حتى قال قائلهم : (( نية المؤمن خير من عمله )) .


    مواسم الطاعات مواسم انقياد واستسلام :

    وهذه هي حقيقة الإسلام ، فهي استسلام لله تعالى وانقياد له في أمره كله ، ولسانه دائما يلهج عند سماع أوامر الله بقوله : سمعنا وأطعنا ، قال سبحانه وتعالى : (( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) - النور 51 - .
    وإنَّ تَقَلُّبَ مواسم الطاعات مع ما فيها من تنوع العبادات لهو رسالة من الله على اختبار عباده ؛ ليعلم المحسن من المسيء ، وليتميز الطائع المتبع لشرع الله على المتبع لهواه ، فعبادات الله متنوعة مختلفة وجعلت شعارا على مواسم الطاعات ، وفيها تظهر حقيقة الابتلاء وقوة التمحيص ، فكم من الناس يبذل ألوف الدراهم ولا يمتنع عن طعام وشراب ونساء ، وكم من الناس يقوى على الصيام وطول القيام ولايخرج من جيبه دينارا ولا درهما ، فجاء تنوع العبادات لينقاد العبد في أمره كله ولتتشكل شخصيته على وفق ما شرعه ربه لا على ما تهواه نفسه ويميل إليه قلبه ، حتى يصير لسان حال العبد الطائع قائلاً : ( يارب أي عبادة تأمرني بها فأنا مطيع لك متبع لشرعك ؛ إن أمرتني بركوع وسجود وقيام فأنا العبد القانت ، وإن أمرتني ببذل مالي صدقة وزكاة فأنا العبد المنفق المعطي ، وإن أمرتني بالإمساك عن طعامي وشرابي وترك شهوتي فأنا العبد المطيع ، وإن أمرتني بقصد بيتك الحرام والوقوف على مشاعر الأنبياء فأنا العبد الساعي إليك لترضى ، إن أمرتني بعمل وإقدام فأنا المقبل على عملي كما تحب وترضى ، وإن أمرتني بالكفِّ والإحجام فأنا العبد المطيع المباعد لما يسخطك ولا يرضيك ، ويارب ما علِمتُ الصلاة إلا بتعلم شرعك فأديتها كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما صمت إلا إتباعا لأمرك من طلوع الفجر إلى غروبها ، وما حججنا إلا إلى بيتك الحرام في الزمن الذي بينته لنا كما حج نبينا صلى الله عليه وسلم ) .
    هذا لسان حال العبد المقبل على ربه المنقاد لشرع الله في أمره ونهيه ، وما تقلُّبُ مواسم الطاعات وتكررها على العبد المسلم مع ما فيها من تنوع طرق الطاعات إلا لترسخ له حقيقةُ انقياده واستسلامه لله ، فهو يعبد الله في كل وقت وحين حسبما أمره الله على الصفة التي يحبه الله تعالى من غير إفراط ولا تفريط ومن غير ابتداع ولا اختراع .
    وكذلك تتجلى حقيقة الإسلام باجتماع أركان الإسلام في مواسم الطاعات ، بل إن اجتماع أركان الإسلام الخمسة يظهر بأعمق صوره وأسعها في مواسم الطاعات ، فإذا حلَّ علينا شهر الصيام تسارعت الناس إلى أداء زكاة أموالها ، وأقبلوا على مكاتب الطيران للحجز للعمرة وأم البيت الحرام ، بل ما انقضى شهر صومهم إلا ودخلت عليهم أشهر الحج ، وهم لنهار رمضان صائمون ولليله قائمون متهجدون ، وهذا كله ترويض لنفس المؤمن على طاعة الله بكل مايحبه ويرضاه سبحانه ، حتى يصل العبد إلى درجة الأصفياء الذين ما أحب الله رؤيتهم في موطن من مواطن الطاعة إلا وجدهم فيه ، وروى لنا الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أصبح منكم اليوم صائما ؟ " ، قال أبو بكر رضي الله عنه : " أنا " ، قال : " فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ " ، قال أبو بكر رضي الله عنه : " أنا " ، قال : " فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟ " ، قال أبو بكر رضي الله عنه : " أنا " ، قال : " فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ " ، قال أبو بكر رضي الله عنه : " أنا " ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة ؟ " .

    مواسم الطاعات مواسم الرحمات :

    إن مواسم الطاعات هي شهور رحمة وبركة من الله تعالى على عباده ، يفتح الله لعباده فيها سبل الطاعة وييسر عليهم فيها عمل الصالحات .
    فلو لم يشرع الله لنا صيام رمضان فمن أين نحظى ببركة هذا الشهر الكريم ، بل سيكون تقصد صومه وتخصيصه محدثا في دين الله ينقلب العبد منه مأزورا مشابها للضالين من أهل الكتاب ممن أحدث في دين الله ما لم يأذن به الله .
    فشرع الله لنا صيامه وقيامه بل وجعله مُيَسَّراً على عباد الله بمنه ورحمته ، يجتمع المسلمون في أقطار الأرض على هذه الطاعة فيتقوى المسلم بأخيه لا يرى عليه مشقة في صومه أو قيام ليله ، وهكذا حجّ بيت الله الحرام والاجتهاد في الطاعة في عشر ذي الحجة وغيرها من مواسم الطاعة والبركة كشهر المحرم وشعبان وكالجمعة من كل أسبوع .
    فكل هذه المواسم تتجلى فيها تمام رحمة الله بعباده إذ شرع لهم عباداتٍ مخصوصةً يتزودون منها ويتكثرون فيها من العمل الصالح ، ثم أعانهم عليها سبحانه وتعالى ، فما أرحمَه بعباده وما أتمَّ نعمته عليهم .
    والعبد إذا استحضر رحمة الله في هذه المواسم فينبغي عليه أن يؤدي شكر الله تعالى ويريَه من نفسه خيرا ، ويسابق إلى كل عمل صالح ليكون من الفائزين ، وليحظى برحمة أرحم الراحمين .


    مواسم الطاعات خروج عن المألوفات وتنبيه لأهل الغفلات :

    فهذا عبد يجهد في وظيفته ليرتقي بها أو لإثبات مكانه ، وذاك آخر يسعى في مصالح عياله وتحصيل قوتهم ، وآخر يسعى للتكثر من المال والنعم ، ورابع للبروز بجاهه والفخر بحسبه ، وهم في هذا يؤدون عباداتهم اليومية في جمود وضعف مستمر ؛ بل بعضهم مع تكاسل وتقطع ، وعجلة الأيام تدور وتدور دون اكتراث أو شعور لحقيقة سعيهم ونتائج كسبهم ، حتى تطل عليهم مواسم الطاعات بما تحمله من جليل العبادات فيستعد لها المسلم ويتهيأ لاستقبالها مع شعوره بالخروج عن المألوف والكسر لرتابة هذه الحياة .
    فيا أخي المسلم كما أقبلت عليك مواسم الطاعات بما تتضمنه من أيام فاضلة مميزة ورأيت أنها تخرج بك عن مألوف حياتك ، فاجعلها نقطة تحول لك تجاه ربك بالإنابة والرجوع إليه ، فحاسب نفسك على ما كان من تقصيرها ، واندم على ساعات فرطت فيها في جنب الله ، واعزم على الخروج والتخلص من سيئ العادات ، وأعلم نفسك بأنك منذ اليوم لن تطيعها في هواها بل مخالف لها إلى ما يحب الله ويرضى ، قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) - التحريم 8 - .
    ولا تكن ممن يجري على لسانه كلمات التثبيط وعبارات الضعف والعجز قائلا : ( وما الفائدة من هذا الجدّ والصلاح وأنا أعلم أنني عن قديم حالي لن أتغير وفي طاعة الله سأتعثر ، إذا انصرمت مواسم الطاعات ) .
    فهذه العبارة إنما هي عبارة الضعفاء ، وقيامها في نفس العبد قد يكون أسوأ حالا وأشد قبحا من مقارفته للمعصية وتفريطه في الطاعة ، فالعبد عليه أن يغتنم هذه المواسم الفاضلة ويتقرب فيها إلى الله ما استطاع ويدعوه بجدٍّ وإخلاص أن يعينه على التبدل إلى أحسن حال والاستمرار على طريق الصالحين إلى يوم لقائه سبحانه وتعالى ، وفي الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى : أن يجدد الإيمان في قلوبكم )) ، وهذا شأن عباد الرحمن الطامحين الذين يطمحون إلى كل خير ويطلبون كل فوز ، قال تعالى : (( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا )) - الفرقان 74،75 - ، فهم ما طلبوا الإمامة فحسب وما طلبوا التقوى فحسب بل سألوا الله أن يجمع لهم بين الأمرين حتى يكونوا أئمة المتقين ، وفي الحديث : (( فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسطُ الجنة وأعلى الجنة وفوقَه عرشُ الرحمن ومنه تفجَّرُ أنهارُ الجنة )) رواه البخاري .
    واجعلها مواسم خير وبركة على أهلك وزوجك وذريتك ، فأخرجهم بها من مألوف حياتهم وغير لهم من عجلة الحياة الرتيبة مع ما فيها من غفلات اللهو واللعب ، اغتنم هذه الأيام لتعرفهم على خالقهم وتقربهم منه سبحانه ، ولتبين لهم سمو هذا الدين العظيم والحكم من تشريعاته وعباداته خاصة ما تعلق بأركان الإسلام .
    كلِّمهم عن رسول الأنام صلى الله عليه وسلم وعن صحبه الكرام كيف كانت أيامهم كلها عظيمة وحياتهم حافلة ، كيف بنوا حضارة خالدة إلى قيام الساعة ، كيف كان إخلاصهم تميزاً ، وهممهم إبداعا وتطويرا ، وكل هذا بفضل متابعتهم لشرع الله والتمسك بهدي نبي الإسلام فما شكوا في دينهم ، ولا ألبسوه ألبسة الحداثة بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم ، علَّموا الدنيا معنى الرسوخ ، وفهموهم حقيقة الثبات ، فكانوا أسوة الصالحين حتى الممات ؛ فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعلهم في نفوس أبنائنا خير القدوات .

    مواسم الطاعات تذكير بحقيقة الدنيا وزوالها :

    لا شك أن النفوس تبتهج بقدوم هذه المواسم المباركة وتكررها علينا سنين عديدة وأزمنة مديدة ، ولكن العبد ينبغي أن يتنبه أن هذه المواسم إذ تقدم علينا فإنما تقدم علينا بما يمضي من أعمارنا وتتوالى من أيامنا ، فإنما العبد أيام فكلما مضى منه يوم مضى منه بعضُه .
    وهذه مواسم وأيام خير تمضي ثم تعود بما يمضي معها من أعمارنا ، فالعاقل من استغل هذه المواسم وجعلها أيام طاعة وإنابة ، وادخرها لنفسه عند ربه ومولاه ، واستعان بها على ما بقي من عمره وأيامه ، واعتبر بما مضى وما يستقبل منها قال المولى سبحانه : (( يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ )) - النور 44 - .
    فكم كان بيننا من أقوام عاشوا معنا في سنوات ماضية شاركونا صومنا وجالسونا على موائد فِطرنا ، هم اليوم تحت التراب يأملون رحمة الرب التواب الوهاب ، ويرجون عفوه وغفرانه .
    فاللهم ارحمهم واعف عنهم وتجاوز عن زلاتهم ، وأعنا على طاعتك ما أبقيتنا واجعل يومنا خيرا من أمسنا واجعل خير أيامنا يوم نلقاك ، وامنن علينا باغتنام أوقات الطاعات على الوجه الذي تحبه وترضاه.
    والحمد لله رب العالمين

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 2:35