إحتكار السلطات ثقافة يجب تنحيتها
.........................................
احتكار السلطات وجمع تلابيبها والإمساك بحزمتها وبناصيتها وشخصنتها هي ثقافة متوارثة وسائدة في المجتمعات العربية، ولا نقصد هنا تحديداً السلطات الحاكمة، بل القصد تعميمها في كل المجالات والحقول الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والخدمية....الخ، وتلك الصفة السائدة من أهم أسباب تخلف الأمة. فعندما يرتقي الفرد منا الى منصب يحوز عليه بالتقادم وطول الخبرة أينما كان في القطاع العام أو الخاص، يحاول الإحتفاظ به ويستميت في الدفاع عنه بكل الوسائل حتى لو أدى ذلك الى إحداث ضرر بنطاق مسئوليته ينعكس بأضراره على العامة وأضرار على غيره ممن هم أكفأ منه ويستحقون الجزاء. وذلك لانعدام التكافل المجتمعي والضمان الصحي والتعليمي لكافة أعضاء الأسرة. فيظل المرء منا يعيش في حالة قلق وانعدام أمن وظيفي واجتماعي في ظل متطلبات الحياة التي يزداد ثقلها يوماً بعد يوم. ولا يتخيل المرء منا نفسه ينزل عن هذا المنصب الذي تبوأه الى أقل منه درجة حتى لو كان هذا النزول من مصلحة العامة. وبالتالي يحجب سيول الإبداع المتدفقة من الأجيال المتأهبة للعمل ويحرمها من المشاركة في نهضة الأمة. فيعطل الطاقات ويحرف مسارها من الإتجاه الموجب الى الإتجاه السالب لشعورها بالظلم والحرمان والكبت والمحاربة ومحاولة الإنتقام من ظلمتها. وحقيقة الأمر فإن كانت مصلحة الوطن والمواطن هي الهدف فلا جناح أن يتنازل المرء ويفتح الميدان لمن هو أقدر منه على العطاء والإبداع شريطة أن لا يتنازل عن حقوقه المالية وعن امتيازاته التي حصل عليها لتبوئه المنصب وحقه في الصعود في سلّم الدرجات حسب النظام المعمول به في المنشأة. والإنتقال الى حقل آخر يناسب خبرته ومؤهلاته ليستطيع خدمة المجتمع بشكل أفضل مما هو فيه.
إن احترام الكبير واجب على الصغير، وإطاعة الصغير للكبير واجبة في نطاق المصلحة العامة التي تتسق مع "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". والإضرار بالمصلحة العامة يعتبر معصية للخالق. ولكن من واجب الكبير استشارة الصغير ومحاورته والإستماع اليه واحترام رأيه وتقدير علمه ومؤهلاته المتخصصة، خاصة وأن الصغير لديه القدرة على مواكبة التطور السريع في مجالات الحياة بفعل التكنولوجيا المتسارعة. لهذا كان تداول السلطات بمختلف مجالاتها في مجتمعاتنا العربية يمر بمخاض عسير ويلد ولادة متأخرة ربما تكون قيصرية وتنتج عنها أجنة مشوهة لتعطينا جيلاً مكبلاً ومعاقاً ومقيداً بالأصفاد. ومتمرداً على مجتمعه الذي اغتصب حقوقه. ويظهر هذا الصراع جلياً وواضحاً وشرساً عندما يكون المنافس أكثر منه علماً وتأهيلاً وحداثة في مجال تخصصه. فالموظف القديم الذي حصل على منصبه بالتقادم بشهادة دنيا تثور ثائرته ويغضب عندما يتم تعيين شاب بشهادة عليا متخصصة في ذلك المجال وأقل منه بدرجات ولا ينافسه على مركزه. فيبدؤ حرباً ضروساً ضد هذا الشاب الذي هو بمثابة اخيه الأصغر أو بمثابة ابنه. فيقتل فيه فرحة التخرج والحصول على فرصة عمل ليبدأ في بناء بيته. فيكتب فيه التقارير السيئة التي تضر بمستقبله وتحجب طاقاته وابداعاته ومعلوماته الحديثة في هذا المجال. فيتولد في نفسه الشعور بالإحباط والإستسلام وكبت الأفكار المتطورة وحبسها والتي ترتقي بالعمل وتعمل على تطويره وتنميته.
في مجتمعاتنا العربية نجد تعدد المناصب في الشخص الواحد، حيث يجلس ذلك الشخص على عدة كراسي مسئولية بينما يضيق الكرسي الواحد بشخص واحد بمسئولياته المتشعبة في ظل الطفرة الإقتصادية والصناعية والتكنولوجية المتسارعة. نجمع السلطات جمع تكسير ونحصرها في شخص واحد. بينما المجتمع يعج بالإختصاصيين العاطلين عن العمل. لماذا لا ننقب في مناجمنا العلمية والفنية المهارية عن المعادن الدفينة ونستخرج منها الذهب والفضة والنحاس ونضع الأمور في نصابها الصحيح.
لو درسنا الأمم المتقدمة علينا لوجدنا أن هذه الصفة غير سائدة في المجتمعات ، وهي صفة متنحية لا نستطيع إنكار وجودها ولكنها بالمجمل وبالمحصلة لا تؤثر في حياة الأمم ولا تعمل كقوى معطلة للنهوض والتطور والإبداع.
فمثلاً في روسيا وبغض النظر عن النوايا، لاحظنا أن بوتين قد نزل من درجة عليا وهي أعلى درجة في سلم الوظائف الى درجة أقل منها وذلك من أجل خدمة الوطن والمواطن. ولا نلمس في ذلك مصلحة شخصية دفعته للقبول بذلك. وكذلك في الكيان الصهيوني نجد أن رئيس الوزراء بالأمس يصبح وزيراً تحت رئاسة من كان أقل منه درجة. وتوني بلير يعمل في وظيفة تقل مسئولياتها بكثير عما تقلده في الماضي. حيث اتجه الى حقول عمل تناسب خبرته السياسية. ليس هذا تعبيراً عن إعجاب بهذه الأمثلة بقدر ما هو شرح للمقصود. حيث نلاحظ سهولة تداول السلطات وعدم التنافس والصراع عليها الى درجة اراقة الدماء بين الأخوة.
لا بد من تعويد أنفسنا على الروح الرياضية والحوار وإعطاء الحريات واحترام الرأي الآخر، ولا بد لنا من تقييم أنفسنا والإعتراف بقدرها بشجاعة. وإفساح المجال لمن هم أكفأ منا ليتسنى لهم العطاء والمشاركة في تطور الأمة، والبحث عن المجالات التي نستطيع فيها تقديم الأفضل بمقياس علمنا وثقافتنا ومؤهلاتنا وأدائنا. ومن آمن بالله آمن بأن الرزق عليه وحده، حيث تكفل برزق الدواب على الأرض فما بالك برزق الإنسان الذي سخر له الكون لخدمته واستخراج رزقه منه. فرزق الله لا ينضب. ومن جد وجد ولكل مجتهد نصيب.
وهذا يتطلب منا التدريب على ذلك والتعود عليه، فلو افترضنا شركة يديرها مجلس إدارة من عدة أشخاص، فلا ضرر في التناوب على الرئاسة بين أعضائها على فترات زمنية لفرز الرئيس الأفضل القادر على إدارتها بشكل سليم متفوق على الآخرين بتحقيق نتائج أفضل. وهذا مثال يمكن تطبيقه على كل منشأة أو جمعية أو مؤسسة. وداخل المنشأة يمكن تناوب رئاسة القسم بين الموظفين لفرز الأفضل في إدارته. ويمكن تطبيق ذلك في الأسرة للتخلص من دكتاتورية الكبير لأنه الأكبر سنا فقط وليس بحكمته الإدارية. ولنا في ذلك أمثلة كثيرة من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. فقد آثر أن يؤم المسلمين في الصلاة من أكثرهم علماً وتفقهاً بالدين وحفظاً للقرآن الكريم وليس من هو أكبرهم سناً. وكذلك في معركة بدر عندما اشار عليه أعرابي حديث عهد بالإسلام لكنه كان متمرساً بالقتال، واقترح عليه أن يغير الجيش مكانه بحيث تكون عين الماء من خلفهم بدلاً من أمامهم، وأخذ برأيه النبي فوراً لاقتناعه بسداده ونجاعته.
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
31/10/2010م
.........................................
احتكار السلطات وجمع تلابيبها والإمساك بحزمتها وبناصيتها وشخصنتها هي ثقافة متوارثة وسائدة في المجتمعات العربية، ولا نقصد هنا تحديداً السلطات الحاكمة، بل القصد تعميمها في كل المجالات والحقول الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والخدمية....الخ، وتلك الصفة السائدة من أهم أسباب تخلف الأمة. فعندما يرتقي الفرد منا الى منصب يحوز عليه بالتقادم وطول الخبرة أينما كان في القطاع العام أو الخاص، يحاول الإحتفاظ به ويستميت في الدفاع عنه بكل الوسائل حتى لو أدى ذلك الى إحداث ضرر بنطاق مسئوليته ينعكس بأضراره على العامة وأضرار على غيره ممن هم أكفأ منه ويستحقون الجزاء. وذلك لانعدام التكافل المجتمعي والضمان الصحي والتعليمي لكافة أعضاء الأسرة. فيظل المرء منا يعيش في حالة قلق وانعدام أمن وظيفي واجتماعي في ظل متطلبات الحياة التي يزداد ثقلها يوماً بعد يوم. ولا يتخيل المرء منا نفسه ينزل عن هذا المنصب الذي تبوأه الى أقل منه درجة حتى لو كان هذا النزول من مصلحة العامة. وبالتالي يحجب سيول الإبداع المتدفقة من الأجيال المتأهبة للعمل ويحرمها من المشاركة في نهضة الأمة. فيعطل الطاقات ويحرف مسارها من الإتجاه الموجب الى الإتجاه السالب لشعورها بالظلم والحرمان والكبت والمحاربة ومحاولة الإنتقام من ظلمتها. وحقيقة الأمر فإن كانت مصلحة الوطن والمواطن هي الهدف فلا جناح أن يتنازل المرء ويفتح الميدان لمن هو أقدر منه على العطاء والإبداع شريطة أن لا يتنازل عن حقوقه المالية وعن امتيازاته التي حصل عليها لتبوئه المنصب وحقه في الصعود في سلّم الدرجات حسب النظام المعمول به في المنشأة. والإنتقال الى حقل آخر يناسب خبرته ومؤهلاته ليستطيع خدمة المجتمع بشكل أفضل مما هو فيه.
إن احترام الكبير واجب على الصغير، وإطاعة الصغير للكبير واجبة في نطاق المصلحة العامة التي تتسق مع "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". والإضرار بالمصلحة العامة يعتبر معصية للخالق. ولكن من واجب الكبير استشارة الصغير ومحاورته والإستماع اليه واحترام رأيه وتقدير علمه ومؤهلاته المتخصصة، خاصة وأن الصغير لديه القدرة على مواكبة التطور السريع في مجالات الحياة بفعل التكنولوجيا المتسارعة. لهذا كان تداول السلطات بمختلف مجالاتها في مجتمعاتنا العربية يمر بمخاض عسير ويلد ولادة متأخرة ربما تكون قيصرية وتنتج عنها أجنة مشوهة لتعطينا جيلاً مكبلاً ومعاقاً ومقيداً بالأصفاد. ومتمرداً على مجتمعه الذي اغتصب حقوقه. ويظهر هذا الصراع جلياً وواضحاً وشرساً عندما يكون المنافس أكثر منه علماً وتأهيلاً وحداثة في مجال تخصصه. فالموظف القديم الذي حصل على منصبه بالتقادم بشهادة دنيا تثور ثائرته ويغضب عندما يتم تعيين شاب بشهادة عليا متخصصة في ذلك المجال وأقل منه بدرجات ولا ينافسه على مركزه. فيبدؤ حرباً ضروساً ضد هذا الشاب الذي هو بمثابة اخيه الأصغر أو بمثابة ابنه. فيقتل فيه فرحة التخرج والحصول على فرصة عمل ليبدأ في بناء بيته. فيكتب فيه التقارير السيئة التي تضر بمستقبله وتحجب طاقاته وابداعاته ومعلوماته الحديثة في هذا المجال. فيتولد في نفسه الشعور بالإحباط والإستسلام وكبت الأفكار المتطورة وحبسها والتي ترتقي بالعمل وتعمل على تطويره وتنميته.
في مجتمعاتنا العربية نجد تعدد المناصب في الشخص الواحد، حيث يجلس ذلك الشخص على عدة كراسي مسئولية بينما يضيق الكرسي الواحد بشخص واحد بمسئولياته المتشعبة في ظل الطفرة الإقتصادية والصناعية والتكنولوجية المتسارعة. نجمع السلطات جمع تكسير ونحصرها في شخص واحد. بينما المجتمع يعج بالإختصاصيين العاطلين عن العمل. لماذا لا ننقب في مناجمنا العلمية والفنية المهارية عن المعادن الدفينة ونستخرج منها الذهب والفضة والنحاس ونضع الأمور في نصابها الصحيح.
لو درسنا الأمم المتقدمة علينا لوجدنا أن هذه الصفة غير سائدة في المجتمعات ، وهي صفة متنحية لا نستطيع إنكار وجودها ولكنها بالمجمل وبالمحصلة لا تؤثر في حياة الأمم ولا تعمل كقوى معطلة للنهوض والتطور والإبداع.
فمثلاً في روسيا وبغض النظر عن النوايا، لاحظنا أن بوتين قد نزل من درجة عليا وهي أعلى درجة في سلم الوظائف الى درجة أقل منها وذلك من أجل خدمة الوطن والمواطن. ولا نلمس في ذلك مصلحة شخصية دفعته للقبول بذلك. وكذلك في الكيان الصهيوني نجد أن رئيس الوزراء بالأمس يصبح وزيراً تحت رئاسة من كان أقل منه درجة. وتوني بلير يعمل في وظيفة تقل مسئولياتها بكثير عما تقلده في الماضي. حيث اتجه الى حقول عمل تناسب خبرته السياسية. ليس هذا تعبيراً عن إعجاب بهذه الأمثلة بقدر ما هو شرح للمقصود. حيث نلاحظ سهولة تداول السلطات وعدم التنافس والصراع عليها الى درجة اراقة الدماء بين الأخوة.
لا بد من تعويد أنفسنا على الروح الرياضية والحوار وإعطاء الحريات واحترام الرأي الآخر، ولا بد لنا من تقييم أنفسنا والإعتراف بقدرها بشجاعة. وإفساح المجال لمن هم أكفأ منا ليتسنى لهم العطاء والمشاركة في تطور الأمة، والبحث عن المجالات التي نستطيع فيها تقديم الأفضل بمقياس علمنا وثقافتنا ومؤهلاتنا وأدائنا. ومن آمن بالله آمن بأن الرزق عليه وحده، حيث تكفل برزق الدواب على الأرض فما بالك برزق الإنسان الذي سخر له الكون لخدمته واستخراج رزقه منه. فرزق الله لا ينضب. ومن جد وجد ولكل مجتهد نصيب.
وهذا يتطلب منا التدريب على ذلك والتعود عليه، فلو افترضنا شركة يديرها مجلس إدارة من عدة أشخاص، فلا ضرر في التناوب على الرئاسة بين أعضائها على فترات زمنية لفرز الرئيس الأفضل القادر على إدارتها بشكل سليم متفوق على الآخرين بتحقيق نتائج أفضل. وهذا مثال يمكن تطبيقه على كل منشأة أو جمعية أو مؤسسة. وداخل المنشأة يمكن تناوب رئاسة القسم بين الموظفين لفرز الأفضل في إدارته. ويمكن تطبيق ذلك في الأسرة للتخلص من دكتاتورية الكبير لأنه الأكبر سنا فقط وليس بحكمته الإدارية. ولنا في ذلك أمثلة كثيرة من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. فقد آثر أن يؤم المسلمين في الصلاة من أكثرهم علماً وتفقهاً بالدين وحفظاً للقرآن الكريم وليس من هو أكبرهم سناً. وكذلك في معركة بدر عندما اشار عليه أعرابي حديث عهد بالإسلام لكنه كان متمرساً بالقتال، واقترح عليه أن يغير الجيش مكانه بحيث تكون عين الماء من خلفهم بدلاً من أمامهم، وأخذ برأيه النبي فوراً لاقتناعه بسداده ونجاعته.
بقلم أحمد ابراهيم الحاج
31/10/2010م
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd