جورج بوش المدهش !!!ترجمة واقتباس :أحمد إبراهيم الحاج
جورج بوش المدهش (الجزء الأول)
إنجازات بوش المدهشة
على لسان المفكرين والخبراء الأمريكيين أنفسهم والذين يتوقعون انهيار الإمبراطورية الأمريكية ، ترجمت واقتبست هذه المقالة. فإمبراطورية بدون قيم وأخلاق لا شك إنها ستندثر كما اندثر غيرها وكما علمنا التاريخ والجغرافيا وكما أنبأ بذلك كل الرسالات السماوية وقضت به تشريعاتها العادلة. والله وحده يعلم متى يتم ذلك بحسن تدبيره وتقديره وعلمه الذي هو فوق كل ذي علم عليم." ألم ، غلبت الروم ، في أدنى الإرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون ، بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ، وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون" صدق الله العظيم وأوفى بما أنبأ به نبيه الكريم عندما انزعج اتباعه من انتصار الفرس المجوس على الروم أصحاب الرسالة السماوية.
.................................................................
جاء في المجلة الشهرية ” The New York Review of Books " والتي تعنى باستعراض مواضيع الكتب الحديثة الصادرة والمنشورة في الولايات المتحدة الأمريكية تحليلاً ممتعاً لآخر ثلاثة كتب صدرت في أمريكا تتحدث عن إدارة جورج دبليو بوش للكاتب الأمريكي جونثان فريدلاند Jonthan Fredland مقالاً بعنوان "إنجازات بوش المدهشة "Bush Amazing Achievement” وقدم فيه عرضاً موجزا لمواضيع وعناوين الكتب الثلاثة فيما يلي عناوينها ومؤلفوها:
الكتاب الأول بعنوان" اللعنات - الأيام الأخيرة لجمهورية أمريكا" Nemesis: The Last Days of American Republic” لمؤلفه Chalmars Johnson والكتاب الثاني بعنوان "الرؤساء الثلاثة وأزمات أمريكا العظمى" لمؤلفه زبغنيو برجنسكي والكتاب الثالث بعنوان فن القيادة وكيفية استعادة أمريكا لمكانتها في العالم لمؤلفه دينس روس مبعوث الإدارة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط في عهد كلنتون وهو معروف لدينا.
يقول جونثان فريدمان هذا عرض لآخرثلاثة كتب صدرت في أمريكا تتحدث عن بطلكم جورج بوش والكلام موجه للأمريكيين:
واحدٌ من قلةٍ من إنجازات السياسة الخارجية لإدارة بوش ، هو إقامة شبه توافق وإجماع بين الدارسين والمختصين بالشؤون الخارجية وبصورة غير محتملة بدءاً من ناعوم تشومسكي إلى برنت سكوارتشوف وامتداداً الى المحتجين على الحرب في شوارع فرنسيسكو وانتهاءً بالمكتب المفروش بالسجاد لوزير خارجية أمريكا الأسبق جيمس بيكر. إن هذا الإجماع اتفق على رأي واحد هو أن غزو العراق عام 2003 كان كارثة. إن رئاسة بوش قد خفضت من مكانة أمريكا وهيبتها في العالم ، وأصبحت الولايات المتحدة أقل أمنا ًوليس أكثر أمناً مقارنة بزمن ما قبل الغزو. مما شجع أعداءها وأصدقاءها على حد سواء وشحنهم بمزيد من الكره والحقد والجفاء والبعد عنها. وإن جميع من عنوا ويعنون بالسياسة الخارجية من المقامات الرفيعة من الأمريكيين والذين كانت مكاتبهم ممتدة ومنتشرة في جميع أنحاء العالم تحدثوا بلغة تتوافق مع مرتدي قمصان التي شيرت T-Shirt والتي كانت تحمل عناوين الإحتجاج والرفض والإدانة للحرب. وقد ساروا على خط سكة حديد واحد يعبرون عن استنكارهم للخداع وعدم المصداقية ، ويدينون الإستعمار والإحتلال والغزو. وإن الفرق الوحيد بين آرائهم هو مقياس عمق الحفرة التي حفرها بوش للدولة التي يخدمها وقاد البلاد الى السقوط فيها. لقد تعهد بوش في كانون الأول ديسمبر بالعمل بموجب التقرير الذي قدمته لجنة بيكر-هاملتون والمكونة من عشرة أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي والذين يتمتعون بخبرة في مجال الأمن القومي الأمريكي والذين لا يحملون أفكاراً راديكالية حيث وصفوا فريق العمل في إدارة بوش والذين شاركوه على مائدة العراق بأنهم "تركوا المائدة جوعى وناشفي الرّيق". وإن التوصيات التسعة والسبعين التي خلصوا إليها في التقرير وطالبت الإدارة الحالية بترك سياسة الإنكار الكاملة والبدء من جديد على قاعدة المصداقية والصراحة. إن جيمس بيكر الذي كان مشاركاً لجورج بوش الأب وهاملتون العضو السابق في الكونغرس واللذان شكلا رقماً صعباً في السياسة الأمريكية قالا بالحرف " إن سفينة الولايات المتحدة قد خرقت وهي في الماء" ويجب أن تتبنى الإدارة الحالية خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة أو النجاة من الكارثة قبل حدوثها.
وهذا يبدو أقل غرابة من أن تري دينس رووسّ وزبغنيو برجنسكي اللذان كانا نخبة ممتازة من الذين خدموا الأمن القومي الأمريكي وتفوقوا على غيرهم من الرجال في هذا المضمار وكانت في عهدهما الإدارة على ما يجب أن تكون عليه ، فلا دينس روسّ مبعوث وممثل الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط في بداية عهد جورج بوش الإبن وعهد بيل كلنتون ، ولا زبغنيو برجنسكي أحد صقور الديمقراطيين أيام الحرب الباردة من طراز هاوارد دين يمكن تجاهل نظرتهما للأمن القومي واستبعادها وطردها من فكر الإدارة الحالية. وهما في كتابيهما عن إدارة بوش ، قد شرّحا سياسة هذه الإدارة ، ونزعا الغطاء عن سجل بوش ، وكتبا بنغمة السخط على زعماء وأعضاء الكونغرس والذين عملوا لمصالح الشركات الرأسمالية العائلية وانتخاب خلفاء أصحاب تلك الشركات العائلية من الجيل الجديد. ، والذين قادوا البلاد من موقع القوة والثبات الى موقع الضعف والتخبط وسيقودوا تلك العائلات الى الإفلاس أيضاً. إن كتابيهما يقدمان لخطة إنقاذٍ للسياسة الخارجية الأمريكية والتي يعتبرونها الآن بالية ومهلهلة. بالتالي فإن وجهتي نظرهما وحججهما في كتابيهما هي بحد ذاتها أقل إدهاشاً من أن هذين الرجلين نفسيهما (روسّ وبرجنسكي) هما اللذان ينتقدان السياسة الخارجية الأمريكية. علاوة على أن معارضي الحرب ودخول هذه المغامرة الذين ابدو اعتراضهم منذ عام 2002 أيدوا وجهتي نظرهما.
من القسوة أن نبالغ في نقد إدارة بوش وأعمدتها الأساسية التي أخطأت في تقديراتها عن المغامرة العراقية بما في ذلك وليس حصراً من عدم الواقعية والموضوعية والمصداقية وفشل أعمدة هذه السياسة تباعاً ، وبشكل فاجع ونتيجة لتفكير ضحلٍ ومتسرع خاصة لفترة ما بعد صدام ، و لما سيحدث من فراغٍ بعد إزاحتة عن الحكم . وبدون تخطيط واقعي وحقيقي ومسبق وكامل لفترة ما بعد صدام. وقصر نظرٍ في تخيل النتائج المترتبة على المغامرة ، وما تبع ذلك من حالة إنكارلتنامي المقاومة والإرهاب وحتى إنكار وجودهما لعدة أشهرٍ بعد الإحتلال ، وغياب شرح وتوضيح متوافق من هذه الإدارة وأعمدتها للشعب الأمريكي والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية يبين أسباب الغزو ومبرراته المنطقية والواقعية بما يتيح تفهمها من قبل الأمريكيين والعالم.
وما أثار العجب والدهشة قليلاً ، أنه بعد 4 سنوات تقريباً من الغزو ، أصبح العراق كارثة ومصيبة ، كلّف آلاف الأرواح من القتلى الأمريكيين ، وتطلب ضخ مئات البليونات من الدولارات ، وأدى الى تمدد قواتنا خارج بلادنا وعدم احتفاظها بأمنها ، لا بل أصبحت مغناطيساً يجذب اليه المقاتلين المسلحين من الإرهابيين والمقاومين علاوة عما كسبته الولايات المتحدة من كره وعداءٍ في العالم الإسلامي. ولكن هذه الإنتقادات بدت وكأنها معجزة لأنها جاءت من دينس روسّ الذي كان نائباً مخلصاً سابقاً لجيمس بيكر والذي تحدث عن إدارة جورج بوش الأب بألق وكان جزءاً منها ، والذي أي روسّ كان مريحاً وغير مناهضٍ في عهد إدارة الجمهوريين السابقة في حين أنه ديمقراطي. وإن لم تكن تلك معجزة ، فإنه من الطبيعي أن ينتقد الإدارة الحالية تشك هاغل وغولدن سميث وسكوارتشوف وحتى الرئيس السابق الجمهوري جيرالد فورد الذي انتقد سياسة بوش الإبن عام 2001. وبالمشابه فإن جملة من الإنتقادات كانت تصدرعن سفراء وقناصل آوروبيون كل اسبوع ولمدة خمسة سنوات فائته.
إن الحرب على العراق بكل مظاهرها ونتائجها وانعكاساتها من كل الجوانب تحولت الى كارثة بنفس الطريقة الداخلية الكارثية التي تقررت بها. وتصاعدت أعراضها بحدة وأدت الى نتائج دراماتيكية سيئة وعواقب وخيمة ووصمت رئاسة بوش بوصمة الإخفاق والفشل التاريخي الذريع.
هذا مع العلم بأن هذا الرأي أو الحكم على سياسة بوش لم يأتِ من فينيسي في باريس أو برلين ولكن جاء من برجنسكي الذي ترأس Martian Creature of Washington المؤسسة التي تعنى بشؤون الحرب في أمريكا. وخشية الوقوع في أي شك ، فإن المستشار السابق للأمن القومي في عهد جيمي كارتر أصدر تقريراً تقييمياً للإدارات الأمريكية ورؤسائها منذ نهاية الحرب الباردة فأعطى الرئيس جورج بوش الأب مرتبة “B” وكان تقييمه الإيجابي من منطلق إدارته الهادئة في فترة إنحسار وانهيار النفوذ السوفيتي والى الجبهة العالمية التي وحدها لتحرير الكويت في حرب عاصفة الصحراء ضد صدام حسين. والرئيس كلنتون حصل على مرتبة “C” وكان تقييمه الإيجابي من منطلق فعالية إدارته في قيادة حلف الناتو وتقويته وتمدد نفوذه وتقليص نفوذ أعدائه في العالم وقيمه سلبياً لإنتشار الأسلحة النوويةوعدم ضبطها وتسربها الى العالم النامي.أما جورج بوش الإبن فتذيّل القائمة في أسفل الدرجات بمرتبة”F” ولم يجد ما يقيّمه به إيجابياً.
إن هذا الحكم على إدارة بوش والذي كان فحوى ومضمون كتابي روسّ وبرجنسكي يعود بتحليلات مصوغاته وبجذوره الى إدارة الغزو والإحتلال للعراق. وجاء هذا الحكم أيضاً من الأضواء البراقة التي كان يشعلها بوش بتصريحاته بالنصر والإنجازات التي تحققت منه في حين أن النتائج كانت على العكس تماماً مما كان يتفوّهُ به عن الحرب والذي يمثل بحد ذاته فشلاً ذريعاً لتلك المغامرة غير المحسوبة. إن تلك الحرب أخذت بلداً من موقع في أرضٍٍ كانت خاليةً من المجاهدين والمسلحين والإرهابيين ، الى موقعٍ في أرض تتوالد وتفرّخ بخصوبة أجيالا من المجاهدين والإرهابيين. إنها حوّلت بلداً من قائمة بلدانٍ لا تشكّل خطراً مباشراً على الولايات المتحدة ولا على الأمن القومي الأمريكي ووضعته في مكانٍ قُتِل فيه آلاف الأمريكيين ، وهنا لا حاجة لذكر عدة عشرات إن لم يكن مئات الآلاف من العراقيين قد قتلوا في الحرب ، كما أنها حوّلت مجرى الإيرادات الأمريكية عن إتجاهه الصحيح في تمويل الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر من أجل القبض على بن لادن وأعوانه ونوابه ومساعديه ، لا بل سمحت لهم بالهروب الى مكان يصعب الوصول اليه.
ماذا أكثرمن هذه النتائج لحرب بوش الشخصية على الإرهاب ؟ هل نقول أن بوش عمل ما يجب أن يعمله ابن لادن؟ لم يكن برجنسكي الوحيد في إشارته على أنه من الخطأ أن تقيّم أحداث 11 سبتمبر على أنها حرب ضد الولايات المتحدة ، ولا أنها جريمة مفرطة وفاجعة تستدعي كال هذه الحرب المضادة والوقائية كما إدعى بوش ، بعملنا هذا فقد منحنا القاعدة مبررات للحرب علينا وتلك ميزة كانوا يتمننونها ويرغبون في تحقيقها أصلاً . وما تبع ذلك من إجراءات مضادة من الإدارة الأمريكية كان سلسلة من خطوات تنم عن عدم الفهم وسوء التقدير ، وكانت بمثابة الجسر المنحني الذي عبر به الإرهابيون من صفة الإرهابيين الى صفة المجاهدين حيث برّؤا وبرروا بها أعمالهم وصوّروا الحرب الأمريكية على أنها حرب الغرب على الإسلام. وجاءت عملية إحتلال العراق والإعلان ذات يوم من بوش على أنها حرب صليبية وإساءة معاملة معتقلي غوانتنامو وفضائح سجن أبو غريب لتعزز مشروعية القتال ضدنا. لقد غذت الإدارة الأمريكية التطرّف الإسلامي بما ينقصه ويحتاج اليه وذلك بتعاطف المسلمين مع القاعدة وتجنيد كثير من الشباب المسلم وانضمامه لها من كل أنحاء العالم الإسلامي. ونشأ عن ذلك نعرات طائفية مذهبية كانت نائمة وأوقظت تعيث قتلاً بالعراق وتعزز من حالة عدم الإستقرار فيه.
نزجي الشكر هنا وليس بمقدارٍ قليل الى إدارة بوش ، كحركة عالمية شمولية جرتنا الى أعماق البحار تحت شعار تقويتنا وتثبيتنا!!!
وكان هنالك آثاراً جانبية ملحقة مع نتائج سياسة هذه الإدارة ، فبالإضافة الى عراق صدام حسين ، كان هنالك عضوين مصنفين معه في حلف الشر هما كوريا الشمالية وايران ، وأصبحا أكثر خطراً في سنوات جورج بوش ، وحققا تقدماً في طريق الحصول على الأسلحة النووية ، وكان ذلك يعود جزئياً الى أن الولايات المتحدة مربوطة وموثوقة بحبل الورطة العراقية ، وبذلك منحتهم أيادٍ طليقة في هذا المنحى ، وبسبب تضخيم خطر صدام حسين بأنه في طريقه للحصول على أسلحة نووية بأكاذيب وتقارير مضللة ثبت بطلانهاومجافاتها للحقيقة وكان ذلك درساً موجعاً لنا وقاسياً علينا لن ننساه. وكما أكد روسّ في كتابه قائلاً " لقد هاجمنا العراق الذي لم يكن يملك أسلحة نووية ، ولم نعمل ذلك مع الكوريين الشماليين اللذين يحتمل أن لديهم الآن حوالي 12 قنبلة نووية" . إن حرب 2003 على العراق كان من نتائجها ظهور إعلان براق وساطع عن ظهور قوىً وأذرعةً نووية أصبحت قوية كنا نصنفها ضمن محور الشر وضوء هذا الإعلان البراق يزغلل عيوننا الآن.
إن كلاً من روسّ وبرجنسكي تحفظا وانتقدا عدم الإحترام والإهتمام من قبل إدارة بوش للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي ، وحوّلا دور الولايات المتحدة من وسيط غير محايد نسبياً ونزيه الى الوسيط المنحاز والمحايد لطرف من أطراف النزاع ضد الطرف الآخر. وذلك بمحاباة وإطلاق العنان للطرف الموالي (اسرائيل) بغض النظر عن منهجها الذي تسلكه وممارساتها التي تختارها هي بأريحية وتأييد مطلق من الولايات المتحدة. وهنا فإن روسّ ينطلق من خبرته السابقة كمبعوث وممثل لأمريكا في سنوات محادثات السلام خلال ولادة اتفاق اوسلو والبدء بتطبيق مراحله ويشرح في كتابه كيف تخلت الولايات المتحدة عن العمل الدؤوب في مسيرتها لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، لا بل وكيف عطّلت عجلة السلام والمحادثات وفاقمت الصراع وعقدته.
إن كلا المؤلفان للكتابين وضّحا وشرحا كيف أن إدارة بوش رفضت التعهد بإكمال عملها في مسيرة السلام وبذلك حرمت الفلسطينيين من دولتهم التي وُعِدوا بها منذ زمنٍ طويل ، ويطمحون لإقامتها والإستقرار فيها بسلام ، وبالمقابل كيف منحت اسرائيل بكل احتياجاتها الأمنية لمدى طويل دون أن تتمكن من تطويعها للسير قدماً من أجل تحقيق السلام. وبذلك زادت الإدارة الأمريكية الجرح النازف في المنطقة تقرُّحاً في نفوس الغالبية من المسلمين ومن نظرتهم العدائية للغرب مما أدى الى تكوين دمَّلٍ يحتقن بالقيح.
ولأصحاب القوة على الإحتماال لمواجهة ذلك ، نقول أن هنالك إتهامات أخرى في كلا الكتابين للسياسة الخارجية الأمريكية من منطلق الفشل في قيادة العالم لمواجهة ظاهرة التحوُّل المناخي والإحتباس الحراري ، والى عدم الإنتباه للوضع المحيِّروالمتمثل في ظاهرة صعود الصين الهاديء المتسارع بثبات كقوة مؤثرة وعظمى في العالم. كل ذلك من عقم وتخبط الإستراتيجيات للإدارة الحالية للولايات المتحدة في غزو العراق وإن بدت تلك الإستراتيجيات للإدارة الحالية غير ضرورية وملحة للأحلاف من الآوروبيين الذين يبتعدون عن حشر ايران بالزاوية حيث أصبح تأثيرها يمتد من بغداد الى بيروت في تزايد فعال وواضح.
إن كل هذه النتائج التي ترتبت على غزو العراق قد غطت وقللت من تأثير وقيمة الولايات المتحدة عالمياً. ففي استطلاع أجرته ال BBC في يناير 2007 وجد أن 29% من الذين استطلعت آراؤهم في 18 بلداً ، يعتقدون أن الولايات المتحدة كانت تلعب دوراً رئيسياً وفعالاً في العالم وذلك بانخفاض 11 نقطة عن نفس الإستطلاع الذي أجري قبل عامين كما كتب برجنسكي في كتابه.
كل ذلك كان بسبب سياسة بوش الشخصية الفردية ، الراديكالية واليمينية والشمولية والتي كانت تنظر من زاوية واحدة في إدارتها للسياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر .
إن الرمز المثير للذكريات عن الولايات المتحدة في عيون معظم العالم قد توقف عن كونه مثالاً ورمزاً للحرية ، وبدلاً منه تحولت الأنظار الى مخيم سجن غوانتنامو وبشاعته.
من الصعوبة بمكان أن تقرأ كتابي روسّ وبرجنسكي بدون أن تنجذب للمشاركة معهما بحب الوطن والحنين الى ذكرياته ، وطن الثبات والقوة ، والمصداقية والقيادة المخلصة من جورج بوش الأب متمثلة في مواصلته السير بها في اعتدالٍ ونجاحٍ يعانق الخيال وترى كيف أصبحت الآن في عهد ابنه تفتقد الى العالمية والإهتمام بالشؤون الخارجية.
ترجمة واقتباس أحمد ابراهيم الحاج
1 حزيران 2007
جورج بوش المدهش (الجزء الأول)
إنجازات بوش المدهشة
على لسان المفكرين والخبراء الأمريكيين أنفسهم والذين يتوقعون انهيار الإمبراطورية الأمريكية ، ترجمت واقتبست هذه المقالة. فإمبراطورية بدون قيم وأخلاق لا شك إنها ستندثر كما اندثر غيرها وكما علمنا التاريخ والجغرافيا وكما أنبأ بذلك كل الرسالات السماوية وقضت به تشريعاتها العادلة. والله وحده يعلم متى يتم ذلك بحسن تدبيره وتقديره وعلمه الذي هو فوق كل ذي علم عليم." ألم ، غلبت الروم ، في أدنى الإرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون ، بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ، وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون" صدق الله العظيم وأوفى بما أنبأ به نبيه الكريم عندما انزعج اتباعه من انتصار الفرس المجوس على الروم أصحاب الرسالة السماوية.
.................................................................
جاء في المجلة الشهرية ” The New York Review of Books " والتي تعنى باستعراض مواضيع الكتب الحديثة الصادرة والمنشورة في الولايات المتحدة الأمريكية تحليلاً ممتعاً لآخر ثلاثة كتب صدرت في أمريكا تتحدث عن إدارة جورج دبليو بوش للكاتب الأمريكي جونثان فريدلاند Jonthan Fredland مقالاً بعنوان "إنجازات بوش المدهشة "Bush Amazing Achievement” وقدم فيه عرضاً موجزا لمواضيع وعناوين الكتب الثلاثة فيما يلي عناوينها ومؤلفوها:
الكتاب الأول بعنوان" اللعنات - الأيام الأخيرة لجمهورية أمريكا" Nemesis: The Last Days of American Republic” لمؤلفه Chalmars Johnson والكتاب الثاني بعنوان "الرؤساء الثلاثة وأزمات أمريكا العظمى" لمؤلفه زبغنيو برجنسكي والكتاب الثالث بعنوان فن القيادة وكيفية استعادة أمريكا لمكانتها في العالم لمؤلفه دينس روس مبعوث الإدارة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط في عهد كلنتون وهو معروف لدينا.
يقول جونثان فريدمان هذا عرض لآخرثلاثة كتب صدرت في أمريكا تتحدث عن بطلكم جورج بوش والكلام موجه للأمريكيين:
واحدٌ من قلةٍ من إنجازات السياسة الخارجية لإدارة بوش ، هو إقامة شبه توافق وإجماع بين الدارسين والمختصين بالشؤون الخارجية وبصورة غير محتملة بدءاً من ناعوم تشومسكي إلى برنت سكوارتشوف وامتداداً الى المحتجين على الحرب في شوارع فرنسيسكو وانتهاءً بالمكتب المفروش بالسجاد لوزير خارجية أمريكا الأسبق جيمس بيكر. إن هذا الإجماع اتفق على رأي واحد هو أن غزو العراق عام 2003 كان كارثة. إن رئاسة بوش قد خفضت من مكانة أمريكا وهيبتها في العالم ، وأصبحت الولايات المتحدة أقل أمنا ًوليس أكثر أمناً مقارنة بزمن ما قبل الغزو. مما شجع أعداءها وأصدقاءها على حد سواء وشحنهم بمزيد من الكره والحقد والجفاء والبعد عنها. وإن جميع من عنوا ويعنون بالسياسة الخارجية من المقامات الرفيعة من الأمريكيين والذين كانت مكاتبهم ممتدة ومنتشرة في جميع أنحاء العالم تحدثوا بلغة تتوافق مع مرتدي قمصان التي شيرت T-Shirt والتي كانت تحمل عناوين الإحتجاج والرفض والإدانة للحرب. وقد ساروا على خط سكة حديد واحد يعبرون عن استنكارهم للخداع وعدم المصداقية ، ويدينون الإستعمار والإحتلال والغزو. وإن الفرق الوحيد بين آرائهم هو مقياس عمق الحفرة التي حفرها بوش للدولة التي يخدمها وقاد البلاد الى السقوط فيها. لقد تعهد بوش في كانون الأول ديسمبر بالعمل بموجب التقرير الذي قدمته لجنة بيكر-هاملتون والمكونة من عشرة أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي والذين يتمتعون بخبرة في مجال الأمن القومي الأمريكي والذين لا يحملون أفكاراً راديكالية حيث وصفوا فريق العمل في إدارة بوش والذين شاركوه على مائدة العراق بأنهم "تركوا المائدة جوعى وناشفي الرّيق". وإن التوصيات التسعة والسبعين التي خلصوا إليها في التقرير وطالبت الإدارة الحالية بترك سياسة الإنكار الكاملة والبدء من جديد على قاعدة المصداقية والصراحة. إن جيمس بيكر الذي كان مشاركاً لجورج بوش الأب وهاملتون العضو السابق في الكونغرس واللذان شكلا رقماً صعباً في السياسة الأمريكية قالا بالحرف " إن سفينة الولايات المتحدة قد خرقت وهي في الماء" ويجب أن تتبنى الإدارة الحالية خارطة طريق للخروج من هذه الأزمة أو النجاة من الكارثة قبل حدوثها.
وهذا يبدو أقل غرابة من أن تري دينس رووسّ وزبغنيو برجنسكي اللذان كانا نخبة ممتازة من الذين خدموا الأمن القومي الأمريكي وتفوقوا على غيرهم من الرجال في هذا المضمار وكانت في عهدهما الإدارة على ما يجب أن تكون عليه ، فلا دينس روسّ مبعوث وممثل الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط في بداية عهد جورج بوش الإبن وعهد بيل كلنتون ، ولا زبغنيو برجنسكي أحد صقور الديمقراطيين أيام الحرب الباردة من طراز هاوارد دين يمكن تجاهل نظرتهما للأمن القومي واستبعادها وطردها من فكر الإدارة الحالية. وهما في كتابيهما عن إدارة بوش ، قد شرّحا سياسة هذه الإدارة ، ونزعا الغطاء عن سجل بوش ، وكتبا بنغمة السخط على زعماء وأعضاء الكونغرس والذين عملوا لمصالح الشركات الرأسمالية العائلية وانتخاب خلفاء أصحاب تلك الشركات العائلية من الجيل الجديد. ، والذين قادوا البلاد من موقع القوة والثبات الى موقع الضعف والتخبط وسيقودوا تلك العائلات الى الإفلاس أيضاً. إن كتابيهما يقدمان لخطة إنقاذٍ للسياسة الخارجية الأمريكية والتي يعتبرونها الآن بالية ومهلهلة. بالتالي فإن وجهتي نظرهما وحججهما في كتابيهما هي بحد ذاتها أقل إدهاشاً من أن هذين الرجلين نفسيهما (روسّ وبرجنسكي) هما اللذان ينتقدان السياسة الخارجية الأمريكية. علاوة على أن معارضي الحرب ودخول هذه المغامرة الذين ابدو اعتراضهم منذ عام 2002 أيدوا وجهتي نظرهما.
من القسوة أن نبالغ في نقد إدارة بوش وأعمدتها الأساسية التي أخطأت في تقديراتها عن المغامرة العراقية بما في ذلك وليس حصراً من عدم الواقعية والموضوعية والمصداقية وفشل أعمدة هذه السياسة تباعاً ، وبشكل فاجع ونتيجة لتفكير ضحلٍ ومتسرع خاصة لفترة ما بعد صدام ، و لما سيحدث من فراغٍ بعد إزاحتة عن الحكم . وبدون تخطيط واقعي وحقيقي ومسبق وكامل لفترة ما بعد صدام. وقصر نظرٍ في تخيل النتائج المترتبة على المغامرة ، وما تبع ذلك من حالة إنكارلتنامي المقاومة والإرهاب وحتى إنكار وجودهما لعدة أشهرٍ بعد الإحتلال ، وغياب شرح وتوضيح متوافق من هذه الإدارة وأعمدتها للشعب الأمريكي والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية يبين أسباب الغزو ومبرراته المنطقية والواقعية بما يتيح تفهمها من قبل الأمريكيين والعالم.
وما أثار العجب والدهشة قليلاً ، أنه بعد 4 سنوات تقريباً من الغزو ، أصبح العراق كارثة ومصيبة ، كلّف آلاف الأرواح من القتلى الأمريكيين ، وتطلب ضخ مئات البليونات من الدولارات ، وأدى الى تمدد قواتنا خارج بلادنا وعدم احتفاظها بأمنها ، لا بل أصبحت مغناطيساً يجذب اليه المقاتلين المسلحين من الإرهابيين والمقاومين علاوة عما كسبته الولايات المتحدة من كره وعداءٍ في العالم الإسلامي. ولكن هذه الإنتقادات بدت وكأنها معجزة لأنها جاءت من دينس روسّ الذي كان نائباً مخلصاً سابقاً لجيمس بيكر والذي تحدث عن إدارة جورج بوش الأب بألق وكان جزءاً منها ، والذي أي روسّ كان مريحاً وغير مناهضٍ في عهد إدارة الجمهوريين السابقة في حين أنه ديمقراطي. وإن لم تكن تلك معجزة ، فإنه من الطبيعي أن ينتقد الإدارة الحالية تشك هاغل وغولدن سميث وسكوارتشوف وحتى الرئيس السابق الجمهوري جيرالد فورد الذي انتقد سياسة بوش الإبن عام 2001. وبالمشابه فإن جملة من الإنتقادات كانت تصدرعن سفراء وقناصل آوروبيون كل اسبوع ولمدة خمسة سنوات فائته.
إن الحرب على العراق بكل مظاهرها ونتائجها وانعكاساتها من كل الجوانب تحولت الى كارثة بنفس الطريقة الداخلية الكارثية التي تقررت بها. وتصاعدت أعراضها بحدة وأدت الى نتائج دراماتيكية سيئة وعواقب وخيمة ووصمت رئاسة بوش بوصمة الإخفاق والفشل التاريخي الذريع.
هذا مع العلم بأن هذا الرأي أو الحكم على سياسة بوش لم يأتِ من فينيسي في باريس أو برلين ولكن جاء من برجنسكي الذي ترأس Martian Creature of Washington المؤسسة التي تعنى بشؤون الحرب في أمريكا. وخشية الوقوع في أي شك ، فإن المستشار السابق للأمن القومي في عهد جيمي كارتر أصدر تقريراً تقييمياً للإدارات الأمريكية ورؤسائها منذ نهاية الحرب الباردة فأعطى الرئيس جورج بوش الأب مرتبة “B” وكان تقييمه الإيجابي من منطلق إدارته الهادئة في فترة إنحسار وانهيار النفوذ السوفيتي والى الجبهة العالمية التي وحدها لتحرير الكويت في حرب عاصفة الصحراء ضد صدام حسين. والرئيس كلنتون حصل على مرتبة “C” وكان تقييمه الإيجابي من منطلق فعالية إدارته في قيادة حلف الناتو وتقويته وتمدد نفوذه وتقليص نفوذ أعدائه في العالم وقيمه سلبياً لإنتشار الأسلحة النوويةوعدم ضبطها وتسربها الى العالم النامي.أما جورج بوش الإبن فتذيّل القائمة في أسفل الدرجات بمرتبة”F” ولم يجد ما يقيّمه به إيجابياً.
إن هذا الحكم على إدارة بوش والذي كان فحوى ومضمون كتابي روسّ وبرجنسكي يعود بتحليلات مصوغاته وبجذوره الى إدارة الغزو والإحتلال للعراق. وجاء هذا الحكم أيضاً من الأضواء البراقة التي كان يشعلها بوش بتصريحاته بالنصر والإنجازات التي تحققت منه في حين أن النتائج كانت على العكس تماماً مما كان يتفوّهُ به عن الحرب والذي يمثل بحد ذاته فشلاً ذريعاً لتلك المغامرة غير المحسوبة. إن تلك الحرب أخذت بلداً من موقع في أرضٍٍ كانت خاليةً من المجاهدين والمسلحين والإرهابيين ، الى موقعٍ في أرض تتوالد وتفرّخ بخصوبة أجيالا من المجاهدين والإرهابيين. إنها حوّلت بلداً من قائمة بلدانٍ لا تشكّل خطراً مباشراً على الولايات المتحدة ولا على الأمن القومي الأمريكي ووضعته في مكانٍ قُتِل فيه آلاف الأمريكيين ، وهنا لا حاجة لذكر عدة عشرات إن لم يكن مئات الآلاف من العراقيين قد قتلوا في الحرب ، كما أنها حوّلت مجرى الإيرادات الأمريكية عن إتجاهه الصحيح في تمويل الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر من أجل القبض على بن لادن وأعوانه ونوابه ومساعديه ، لا بل سمحت لهم بالهروب الى مكان يصعب الوصول اليه.
ماذا أكثرمن هذه النتائج لحرب بوش الشخصية على الإرهاب ؟ هل نقول أن بوش عمل ما يجب أن يعمله ابن لادن؟ لم يكن برجنسكي الوحيد في إشارته على أنه من الخطأ أن تقيّم أحداث 11 سبتمبر على أنها حرب ضد الولايات المتحدة ، ولا أنها جريمة مفرطة وفاجعة تستدعي كال هذه الحرب المضادة والوقائية كما إدعى بوش ، بعملنا هذا فقد منحنا القاعدة مبررات للحرب علينا وتلك ميزة كانوا يتمننونها ويرغبون في تحقيقها أصلاً . وما تبع ذلك من إجراءات مضادة من الإدارة الأمريكية كان سلسلة من خطوات تنم عن عدم الفهم وسوء التقدير ، وكانت بمثابة الجسر المنحني الذي عبر به الإرهابيون من صفة الإرهابيين الى صفة المجاهدين حيث برّؤا وبرروا بها أعمالهم وصوّروا الحرب الأمريكية على أنها حرب الغرب على الإسلام. وجاءت عملية إحتلال العراق والإعلان ذات يوم من بوش على أنها حرب صليبية وإساءة معاملة معتقلي غوانتنامو وفضائح سجن أبو غريب لتعزز مشروعية القتال ضدنا. لقد غذت الإدارة الأمريكية التطرّف الإسلامي بما ينقصه ويحتاج اليه وذلك بتعاطف المسلمين مع القاعدة وتجنيد كثير من الشباب المسلم وانضمامه لها من كل أنحاء العالم الإسلامي. ونشأ عن ذلك نعرات طائفية مذهبية كانت نائمة وأوقظت تعيث قتلاً بالعراق وتعزز من حالة عدم الإستقرار فيه.
نزجي الشكر هنا وليس بمقدارٍ قليل الى إدارة بوش ، كحركة عالمية شمولية جرتنا الى أعماق البحار تحت شعار تقويتنا وتثبيتنا!!!
وكان هنالك آثاراً جانبية ملحقة مع نتائج سياسة هذه الإدارة ، فبالإضافة الى عراق صدام حسين ، كان هنالك عضوين مصنفين معه في حلف الشر هما كوريا الشمالية وايران ، وأصبحا أكثر خطراً في سنوات جورج بوش ، وحققا تقدماً في طريق الحصول على الأسلحة النووية ، وكان ذلك يعود جزئياً الى أن الولايات المتحدة مربوطة وموثوقة بحبل الورطة العراقية ، وبذلك منحتهم أيادٍ طليقة في هذا المنحى ، وبسبب تضخيم خطر صدام حسين بأنه في طريقه للحصول على أسلحة نووية بأكاذيب وتقارير مضللة ثبت بطلانهاومجافاتها للحقيقة وكان ذلك درساً موجعاً لنا وقاسياً علينا لن ننساه. وكما أكد روسّ في كتابه قائلاً " لقد هاجمنا العراق الذي لم يكن يملك أسلحة نووية ، ولم نعمل ذلك مع الكوريين الشماليين اللذين يحتمل أن لديهم الآن حوالي 12 قنبلة نووية" . إن حرب 2003 على العراق كان من نتائجها ظهور إعلان براق وساطع عن ظهور قوىً وأذرعةً نووية أصبحت قوية كنا نصنفها ضمن محور الشر وضوء هذا الإعلان البراق يزغلل عيوننا الآن.
إن كلاً من روسّ وبرجنسكي تحفظا وانتقدا عدم الإحترام والإهتمام من قبل إدارة بوش للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي ، وحوّلا دور الولايات المتحدة من وسيط غير محايد نسبياً ونزيه الى الوسيط المنحاز والمحايد لطرف من أطراف النزاع ضد الطرف الآخر. وذلك بمحاباة وإطلاق العنان للطرف الموالي (اسرائيل) بغض النظر عن منهجها الذي تسلكه وممارساتها التي تختارها هي بأريحية وتأييد مطلق من الولايات المتحدة. وهنا فإن روسّ ينطلق من خبرته السابقة كمبعوث وممثل لأمريكا في سنوات محادثات السلام خلال ولادة اتفاق اوسلو والبدء بتطبيق مراحله ويشرح في كتابه كيف تخلت الولايات المتحدة عن العمل الدؤوب في مسيرتها لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، لا بل وكيف عطّلت عجلة السلام والمحادثات وفاقمت الصراع وعقدته.
إن كلا المؤلفان للكتابين وضّحا وشرحا كيف أن إدارة بوش رفضت التعهد بإكمال عملها في مسيرة السلام وبذلك حرمت الفلسطينيين من دولتهم التي وُعِدوا بها منذ زمنٍ طويل ، ويطمحون لإقامتها والإستقرار فيها بسلام ، وبالمقابل كيف منحت اسرائيل بكل احتياجاتها الأمنية لمدى طويل دون أن تتمكن من تطويعها للسير قدماً من أجل تحقيق السلام. وبذلك زادت الإدارة الأمريكية الجرح النازف في المنطقة تقرُّحاً في نفوس الغالبية من المسلمين ومن نظرتهم العدائية للغرب مما أدى الى تكوين دمَّلٍ يحتقن بالقيح.
ولأصحاب القوة على الإحتماال لمواجهة ذلك ، نقول أن هنالك إتهامات أخرى في كلا الكتابين للسياسة الخارجية الأمريكية من منطلق الفشل في قيادة العالم لمواجهة ظاهرة التحوُّل المناخي والإحتباس الحراري ، والى عدم الإنتباه للوضع المحيِّروالمتمثل في ظاهرة صعود الصين الهاديء المتسارع بثبات كقوة مؤثرة وعظمى في العالم. كل ذلك من عقم وتخبط الإستراتيجيات للإدارة الحالية للولايات المتحدة في غزو العراق وإن بدت تلك الإستراتيجيات للإدارة الحالية غير ضرورية وملحة للأحلاف من الآوروبيين الذين يبتعدون عن حشر ايران بالزاوية حيث أصبح تأثيرها يمتد من بغداد الى بيروت في تزايد فعال وواضح.
إن كل هذه النتائج التي ترتبت على غزو العراق قد غطت وقللت من تأثير وقيمة الولايات المتحدة عالمياً. ففي استطلاع أجرته ال BBC في يناير 2007 وجد أن 29% من الذين استطلعت آراؤهم في 18 بلداً ، يعتقدون أن الولايات المتحدة كانت تلعب دوراً رئيسياً وفعالاً في العالم وذلك بانخفاض 11 نقطة عن نفس الإستطلاع الذي أجري قبل عامين كما كتب برجنسكي في كتابه.
كل ذلك كان بسبب سياسة بوش الشخصية الفردية ، الراديكالية واليمينية والشمولية والتي كانت تنظر من زاوية واحدة في إدارتها للسياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر .
إن الرمز المثير للذكريات عن الولايات المتحدة في عيون معظم العالم قد توقف عن كونه مثالاً ورمزاً للحرية ، وبدلاً منه تحولت الأنظار الى مخيم سجن غوانتنامو وبشاعته.
من الصعوبة بمكان أن تقرأ كتابي روسّ وبرجنسكي بدون أن تنجذب للمشاركة معهما بحب الوطن والحنين الى ذكرياته ، وطن الثبات والقوة ، والمصداقية والقيادة المخلصة من جورج بوش الأب متمثلة في مواصلته السير بها في اعتدالٍ ونجاحٍ يعانق الخيال وترى كيف أصبحت الآن في عهد ابنه تفتقد الى العالمية والإهتمام بالشؤون الخارجية.
ترجمة واقتباس أحمد ابراهيم الحاج
1 حزيران 2007
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd