منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    جورج بوش المدهش/الجزء الثاني

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    جورج بوش المدهش/الجزء الثاني Empty جورج بوش المدهش/الجزء الثاني

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج الإثنين 25 أكتوبر 2010 - 7:28

    جورج بوش المدهش 2
    (الجزء الثاني)
    الإمبراطورية الأمريكية
    .......................................
    في الجزء الثاني من تحليل جونثان يتعرض الى كتاب تشالمرز جونسون "اللعنات"- الأيام الأخيرة لجمهورية أمريكا- وكتب جونثان في تحليله يقول:
    بالإضافة الى المرارة التي سببها كتابي روسّ وبرجنسكي ، فإن هذين الكتابين بمثابة الصفعات أو اللكمات على معصم اليد ، مقارنة مع كتاب جونسون "اللعنات" الجارح ، المجلد الثالث من ثلاثية جونسون عن محور مشروع الإمبراطورية الأمريكية ، وهي عبارة عن سلسلة من المنشورات عن Metropolitan والتي شرّحت وقيّمت الفكر الأمريكي الحديث في رسم الإستراتيجية الأمريكية للعالم الجديد ، وبالأخص تحت إدارة جورج دبليو بوش ، وتبعات هذا الفكر على الداخل الأمريكي والعالم الخارجي ، المجلد الأول من هذه السلسلة بعنوان” Blowback” وهذا يعني أمريكياً ولغوياً (إرتداد النفخ بالشر على الآخرين بالأذى على نافخه) وبالمثل الفلسطيني التراثي (جاجةٍ حفرتْ على راسها نثرت) وبالعربي الفصيح (من حفر لغيره حفرةً وقع فيها) لم أقل لأخيه لأنه لا ينطبق في هذا المقام. ويتعرض في هذا الجزء الى التكاليف والتبعات المعنوية والمادية المترتبة على مشروع الإمبراطورية ، وناقش ذلك قائلاً:
    إن الولايات المتحدة وبالتخصيص قد قامت بنشاطات استخباراتية سرية من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية نتج عنها إراقة دماءٍ كثيرة وتسببت في تدمير كثير من شعوب العالم ، وإنها كانت وستظل مسألة وقت حتى تشعر تلك الشعوب بالسخط والكره والحقد والإنتقام لتلك النشاطات الدموية. إن النفخ بالشر على الآخرين ليس إختراعاً من فكر أو خيال جونسون كما سماّه ، ولكنه واقع وحقيقة مارسته الولايات المتحدة على شعوب العالم بهدي من مخابراتها المركزية. والأمثلة على ذلك كثيرة ، فمثلاً في عام 1953م تورطت المخابرات المركزية الأمريكية في الإطاحة برئيس وزراء ايران المنتخب "محمد مصدّق" متجاهلة إرادة الشعب الآيراني ، وتلك العملية حسب رأي جونسون نتج عنها ردّة النفخ بالشر على الشعب الآيراني بالضرر على الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث أدّى الى قيام الثورة الآيرانية الشعبية المعادية لأمريكا بقيادة آية الله روح الله الخميني ونجاحها عام 1979م والإنقلاب على النظام الموالي لأمريكا دون أن تستطيع منعه ، وأدّى الى قيام نظام ديني وحكومة دينية ما زال هذا النظام يحكم الى الآن.
    لقد نُشِر مجلد Blowback في عام 2000م وأحدث حينها تأثيراً ضئيلاً. ولكنه بعد 18 شهراً من صدوره وبشكل دراماتيكي ومفاجيء أصبح من أكثر الكتب شيوعاً وقراءةً بين الأمريكيين بأكثر مما توقعه جونسون نفسه. إن كتاب برجنسكي تعرض بالتحديد الى الإجماع بين أوساط الساسة والدارسين الأمريكيين على انحراف السياسة الخارجية الأمريكية لواشنطن في عهد بوش. ولكن كتاب جونسون تخطى الى ما وراء ذلك ببعيد والى ما هو أخطر من ذلك. إن روسّ وبرجنسكي بوصفهما رجلي أمن ومن موقعهما في مجال الأمن يؤمنان بأن الولايات المتحدة يجب أن تبقى قوة مهيمنة في العالم وفي مجال العلاقات الدولية ، وعبّر برجنسكي في كتابه باعتبار آخر ثلاثة رؤساء أمريكيين ، بوش الأب وبيل كلنتون وبوش الإبن زعماء عالميين (زعماء للعالم) وقيّم إدارتهم الثلاثة على مقدرة كل منهم بالإحتفاظ بهذه الصفة حيث جاء بوش الأب أولاً ثم كلنتون ثانياَ ثم بوش الإبن ثالثاً بفارق بعيد عن الإثنين الآخرين.
    إن التوافق الرئيسي بين روسّ وبرجنسكي هو حقيقة أن بوش الإبن قد كان مرتبكاً وفاشلاً في المحافظة على قيادة العالم كما يأمل ويرجو كل منهما (روسّ وبرجنسكي) في بقاء الإمبراطورية الأمريكية في قمرة قيادة العالم واستئثارها وحدها به. ولكن فهم ووجهة نظر جونسون كانت مختلفة تماماَ عن الإثنين في كتابه. لقد جاء نقده لإدارة بوش من وسمها بوسم الإمبراطورية المتعالية المتغطرسة.، ذلك الفكر الإمبريالي الذي اعتقدت وآمنت به هذه الإدارة وعملت على ضوئه للتمدد في جميع أرجاء المعمورة والسيطرة على هذا العالم كقوة وحيدة مهيمنة لا بل تتعدى العالم الى السماء.
    إن المفتاح لآيضاح الفرق بين وجهتي نظر روسّ وبرجنسكي من جهة ووجهة نظر جونسون من جهة مقابلة يكمن فيما كتب جونسون تحت العنوان الفرعي في كتابه (اللعنات) "الأيام الأخيرة لجمهورية أمريكا". حيث اتفق جونسون مع مبدأ الفريق الذي طرد الملك جورج من أمريكا من منطلق الآيمان بالتحرر من الإستعمار البريطاني ، ورفض الإمبريالية والإستعمار وناهضهما. ويختلف مع الفريق الحالي الذي يحمل النظرة الى الإمبراطورية والهيمنة على العالم بأفكار وبأسلوب المستعمرين. حيث يرى أن أمريكا الآن تحولت الى امبراطورية امبريالية مثل الإمبراطورية الرومانية قديماً في روما ومثل الإمبراطورية البريطانية في القرن الثامن عشر وبنفس الأسلوب مع اختلاف شكلي في التسميات والشعارات المغلفة للأهداف الإستعمارية. ويمضي جونسون قائلاً إن هذا الإندفاع نحو فكرة الإمبراطورية الإمبريالية بدا واضحاً وجلياً في سياسة إدارة بوش الإبن في فترة وما بعد أحداث 11 سبتمبر ، حيث كانت هذه النزعة الإستعمارية بمثابة الضوء اللطيف الذي يسقط على عيون أعمدة تلك الإدارة وأسقطوه على أعين الأمريكيين ويدفعهم للمضي في هذا النهج ، ولكن نظرة جونسون كانت مختلفة لهذا الضوء فقد رأى من خلاله الحقيقة وأراد أن يسقطه على عيون الأمريكيين ليروا تلك النظرة الإمبريالية على حقيقتها القبيحة والكريهة. ويستطرد جونسون في عقد مقارنة بين امبراطورية روما القديمة وامبراطورية أمريكا الحديثة ويرى أنهما متوازيتين في الزمان ومتقاطعتين ومتشابهتين في الأسلوب والمبدأ مع فروقٍ في الإنفاق والتكنولوجيا المستخدمة فقط. ويقول إن حجم الإنفاق لإمبراطورية روما لا يقارن بحجم الإنفاق النسبي على تمددها في العالم مع امبراطورية وشنطن فامبراطورية وشنطن الآن نفقاتها العسكرية من أجل هذا الهدف الإمبريالي تفوق النفقات العسكرية لكافة بلدان العالم الحالي مجتمعة. وقد كانت روما تشق الطرق الى مستعمراتها لإحكام السيطرة عليها أما أمريكا الآن فإنها تسيطر على مستعمراتها بشبكة اتصالات عملاقة ومتطورة (الإنترنت) تتدفق بالمعلومات وتحكم السيطرة بالتجسس على باقي دول العالم بوسائل رصد ومراقبة فائقة التقنية وغنية بالمعلومات التفصيلية الضرورية بواسطة الأقمار الصناعية وغيرها من وسائل تكنولوجية مبهرة.
    لقد كان الرومان غالباً ما يفضلون استعمار البلدان الأخرى عن طريق حلفائهم الأصدقاء الأوفياء في تلك البلدان وليس على الإحتلال المباشر لتلك البلدان ، وكانوا يعتمدون على أسر وعائلات كحكام موالين لهم ليضمنوا طول بقائهم بالسلطة طائعين لهم حيث يلعبون دور الدّمى في بلدانهم ولصالح الرومان. وعلى نفس المنوال فان الأمريكيين يعتمدون على حلفائهم من العائلات الحاكمة التي تمتلؤ قلوبها وتعشق القومية الغربية كالملوك العرب ورؤساء أمريكا الجنوبية والقادة الأفريقيون.الموالين للغرب وتقوم أمريكا بإعدادهم للمستقبل البعيد ومنهم من خريجي مدارسهم السياسية النخبية وآخرون من الطبقة العامية التي لا تقرأ ولا تكتب. ولكن مع اختلاف بدا واضحاً للأمريكيين يوم أن جاء غارنر الحاكم العسكري للعراق وبعده برايمر الحاكم المدني ومن بعده السفراء الأمريكيين في بغداد كملهمين للحكام المحليين الجدد. وفي بعض الأوقات فإن هذا الأسلوب يرتد على صانعيه بالإنقلاب السريع أو بعد وقت طويل.
    وكثيراً ممن عارضوا وتمردوا على الإستعمار الروماني قديماً أصبح خلفاؤهم من الأجيال الحالية من الطائعين والموالين للإستعمار الأمريكي الجديد ، ومثالٌ قريب لذلك في العصر الحديث هو صدام حسين الذي كان في يومٍ من الأيام ليس ببعيد حليفاً للولايات المتحدة أثناء حربه مع ايران ، وأصبح العدو الأول واللدود لأمريكا. وكذلك ابن لادن الذي دعمته الولايات المتحدة واستخباراتها أصبح العدو اللدود لأمريكا.
    ما يزال جونسون جاداً وواقعياً ومصيباً في المقارنة ، ولكنه شطح الى جانب آخر وتخلّى عن المقارنة التقليدية وبدا أكثر تحرّراً وعقد مقارنة أخرى بين الرومان والبريطانيين من جهة وبين الأمريكيين من جهة أخرى. فقال هنالك فرق وهو أن الأمريكيون لا يقيمون لهم مستعمرات خارج حدود الولايات المتحدة في البلدان المستعمره. لا ، إنهم يقيمون مستعمرات بأسلوب مختلف عن الرومان والبريطانيين. ها هي مستعمراتهم تمتد في جميع أنحاء العالم. وهل الأمريكيون عميان حتى لا يروا ذلك؟ إن الولايات المتحدة امبراطورية ولها مستعمرات تحت مسماً آخر ، إنها مئات القواعد العسكرية منتشرة في شبكة متصلة وممتدة في جميع أرجاء العالم من أقصاه الى أدناه. وكل قاعدة أمريكية تشبه تماماً المستعمرات الرومانية القديمة والبريطانية التي كانت خارج حدودهما. الأرقام الرسمية المعلنة تتحدث عن 737 قاعدة أمريكية في بلدان أجنبية والتي تشكل الأذرعة العسكرية لوشنطن خارج أمريكا. وسواءً كانت صغيرة أم متوسطة أم كبيرة تنتشر في 132 بلداً من أصل 192 بلداً عضواً في الأمم المتحدة. ولكن حسابات جونسون تُنبِؤ بأكثر من هذا العدد المعلن رسمياً لخجل البنتاغون الإعلان عن العدد الحقيقي لهذه القواعد صراحةً. حيث أن التقرير الصادر عام 2005م عن هذه القواعد حذف كثيراً منها. فعلى سبيل المثال لم يذكر التقرير القواعد العسكرية في كوزوفو كما في أفغانستان والعراق واسرائيل وقطر وكازاخستان وأوزباكستان وإثباتاً لذلك كان معلوماً للجميع طرد القاعدة العسكرية في اوزباكستان عام 2005م. ومن المعلوم جيداً أيضاً أن الولايات المتحدة أنشأت قواعد واسعة وممتدة في الخليج الفارسي وفي آسيا الوسطىبعد 11 سبتمبر.ولم يذكر االبنتاغون القواعد العسكرية لأغراض تجسسية والتي ركبت في في بريطانيا والتي كلف إنشاؤها 5 بليون دولار. وعليه فإن مجموع تلك القواعد العسكرية والتجسسية حوالي 1000 قاعدة خارج الولايات المتحدة.منتشرة في جميع أنحاء العالم. وبالنتيجة لا أحد يعلم العدد الحقيقي والذي لا يفصح عنه البنتاغون لحساسية المضيفين لها أمام شعوبها.
    وإلحاقاً لذلك هنالك 28قاعدة كبيرة ومتوسطة للتسهيلات حول العالم معظمها قواعد جوية وبحرية وتماثل تماماً المواقع الرئيسية التي بناها الرومان لحراسة الإمبراطورية من بريطانيا الى مصر ومن اسبانيا الى ارمينيا سنة 117م.على أية حال وبغض النظر عن عدد القواعد الأمريكية ، يُقدِّر جونسون العدد الأقصى للقلاع والحصون التي يمكن انشاؤها للحفاظ على أي امبراطورية مهما عظمت للسيطرة على العالم ما بين 35 الى 40 قاعدة.
    ومن جهة أخرى فإن الأعداد الحقيقية لعدد الجنود الأمريكيين والذين يخدمون خارج الولايات المتحدة في تلك القواعد يصعب تقديرها ، ولكنه يقدر عددهم ب 325000 جندي. ويتبعهم موظفون مدنيون إداريون وخدماتيون ، ومعظمهم يعيش في مجمعات مغلقة ، وكل مجمع عبارة عن جزيرة صغيرة أمريكية في البلدان المضيفة. وكما بين جونسون في كتابه عام 2004م "مآسي الإمبراطورية" أن هذه القواعد والمجمعات عبارة عن عالم آخر موازي للبلدان المضيفة ، له خطوط جوية مستقلة ، وشبكة أسطول طائرات متحرك ليربط كل قاعدة بباقي القواعد ، وجهاز تحكم يدعى MWR إختصاراً لكلمات Moral, Welfare and Recreation المعنويات والرفاهية واعادة الحيوية ومصمم بحيث لا يشعر الأمريكيون الذين يخدمون ويقطنون فيه بأنهم غادروا بيوتهم ومجتمعهم الأمريكي فبإمكانهم اللهو واللعب والتسلية ولديهم المحطات الفضائية والتلقزيونات ومحطات الأقمار الصناعية والأفلام الحديثة وفروعا للمطاعم الأمريكية أهمها البرغركنغ وبعض هذه المجمعات المغلقة بها مراكز تزلج مثل غارميش في جبال الألب البافارية ، وحوالي 200 ملعب غولف حول العالم ، وحوالي 71 طائرة ومروحية فخمة مجهزة بكل وسائل الراحة لتنقل الأدميرالات والجنرالات بالإضافة الى المسابح عدا عن الفنادق الفخمة التي يحجزونها بالكامل للجنود وعائلاتهم في اليابان وسيئول والريفيرا الايطالية والمدن الترفيهية وعالم ديزني.... الخ.
    إن أحدث إضافة الى هذه القواعد للإمبراطورية الأمريكية هي السفارة الأمريكية في بغداد ، والتي أُطلِق عليها هذا الإسم كغطاء لحقيقة كونها قاعدة عسكرية ضخمة في العراق ستنشؤها أمريكا ، وسوف تحتل هذه القاعدة مساحة 104 فدان من الأرض ، والفدان أربعة دونمات ، والدونم 1000 متر مربع أي أن مساحته 416000 متراً مربعاً لتكون مجمعاً أمريكياً مغلقاً في قلب بغداد ، وهذه المساحة تساوي ستة أضعاف مساحة الأمم المتحدة في أمريكا ، وهي تساوي مساحة دولة الفاتيكان ، وتكلف 592 مليون دولار وستكون جدرانها محصنة ضد القنابل والصواريخ من القواعد في الأرض و حتى سطح البنيان في الفضاء ، وسيكون بداخلها العمارات السكنية للموظفين وبعض الضباط ، ولها شبكة كهرباء مستقلة ومحطة مياه خاصة بها ، ونظام صرف صحي مستقل مثل السفارة السابقة في سايغون ، وسوف يكون على سطحها منصة أو أكثر لإطلاق الصواريخ وستكون مغلقة بالحراسات الأمنية كما هو حال المنطقة الخضراء الآن.وستحوي عدة برك للسباحة ووحدات مغاسل ذاتية الخدمة متعددة للملابس ، ومطاعم وكنتينات يتوفر فيها لحم الخنزير على مدار 24 ساعة يومياً. ومنفصلة عن محيطها من المدينة تماماً كالوادي السعيد في كينيا.
    لقد ناقش جونسون هذه النقطة من منطلق ايمانه الكامل بها. ومن خلال تجميع الأرقام الباردة والحقائق القاسية. قليلاً من كتاباته كانت تبدو مستوحاة من أبحاث أساسية ولكنه في كتابه هذا نقح وصقل منشوراته واستخلص الحقائق جميعها من الأرقام والأحداث وقلّ أن تجد مثله في شجاعته لمواجهة الحقائق التي يصعب على الآخرين الإشارة اليها من منطلق الكبر والتغاضي والتظاهر بعدم التصديق. لم يوظف جونسون ولم يقصد وصف السيناريو الجاري بالإمبريالية ، ولكن المقارنات والتشبيهات بدت واضحة جلية للجميع. ففي حين كانت الإمبراطورية الرومانية تفرض الضرائب على المحتلين في مستعمراتها ، فإن الولايات المتحدة تتوقع من مضيفي قواعدها وقواتها أن يقتسموا معها مواردهم وعائدات اقتصادهم ليدفعوا ثمن حمايتها لأمنهم واستقرارهم ، كما تفعل الولايات المتحدة مع اليابان بالضبط ففي عام 2002 م مثلاً دفعت اليابان للولايات المتحدة 4و4 بليون دولار لقاء حماية أمنها. هذه الترتيبات قُدِّمت للعالم على أنها إختيارية. ولكن جونسون من المهارة العالية بمكان استطاع أن يثبت في كتابه أن هذه الشعوب المحمية بسطوة الولايات المتحدة سوف تحاول التخلص من هذه الإتاوات على مراحل بإبداء تمنيات متدرجة في التسارع حتى يروا الأمريكيين يمسكوا بالباب ويغادروا بلدانهم.
    في بعض من التقدير والإحترام ، فإن الموازاة بين الإمبراطورية البريطانية بدت أكثر وضوحاً ، فمن منظور الدول التي هُزِمت من الولايات المتحدة والموثوقة بتعهداتها بالإتفاقيات الإذعانية ، مثل اليابان وألمانيا ، فهو نفس الشبه للدور الذي قامت به الإمبراطورية البريطانية مع جنوب أفريقيا ونيوزيلندا. وأكثر أهمية من ذلك ، فإن البريطانيين أقنعوا أنفسهم وشعوب مستعمراتهم والعالم بأنهم يحكمون تلك الأجزاء من العالم ويعيدون رسم خرائطها بألوان تبدو زاهية براقة وجلب المستوطنيين لهذه المستعمرات من أجل إعمارها وتنمية شعوبها وتوعيتهم ، تحت غطاءٍ من النوايا الحسنة ، وإن هذا الإلتفاف على الأهداف الحقيقية في نهب ثروات الشعوب بهذا العنوان الخداع والإنساني المبطن الكاذب ، يشبه تماماً الإلتفاف الأمريكي اليوم بالتحجج بتصدير ونشر الديمقراطية بين البشر ، نفس الحجج البراقة والخادعة.
    وبالرغم من أن بعض الساسة الأمريكيين انتقدوا هذا الأسلوب المضلل فقد تقبله بعضهم ، إن وليم فاف William pfaff كتب مؤخراً " في هذه الأيام فإن الأمريكيين يشبهون البريطانيين من قبلهم ، فقد ألزموا أنفسهم بأهدافٍ غير نقية وصافية النية ، ولا تتطلب الإستعمار ، وإن كان هدفهم النفط من غزو العراق كما هو رأي حركة المعارضين للحرب عندما احتجوا عليها ، فإنه من المنطق والبديهي أن يلحقوا بالعراق كل مناطق النفط بالمنطقة وينصبّوا دكتاتوراً موالياً لهم على كل بلد نفطي ، ولكن وليم علل بأن الهدف الحقيقي من هذه الحرب كان مختلفاً تماماً عن الإعلان وعن رأي معارضي الحرب. حيث ان الإمبراطوريات عادة ما تخفي نواياها الحقيقية من استعمار الشعوب ، إن الهدف الحقيقي هو تغيير ثقافة الشعوب لتتناغم وتتطابق مع ثقافة الإمبراطورية المحتلة ، وتغيير القيم والثقافات لتلك الشعوب لتتقبل الطموح الأمريكي في الهيمنة والسيطرة على العالم. لقد كان الهدف تغيير نظام الحكم في العراق ليتواءم مع النزعة الغربية ويتوافق مع الغرب ويكون موالياً لهم وسوقاً للرأسمالية وحقلاً خصباً لها.
    يقول جونثان إنني أشك بأن جونسون يود الخرية من فكرة الجنوح الأمريكي لفكر الإمبريالية والرأسمالية الغربية ، بقدر ما يريد الحفاظ على جوهر الروح الأمريكية لدى الشعب الأمريكي والإحتفاظ بها مثالاً للحرية والديمقراطية ، وبالنسبة لجونسون فإن فكرة تغيير الثقافة والقيم للأمم الأخرى هي بحد ذاتها فكرة سخيفة وتافهة ، زينت من أجل أن تحظى بدعم العامة ، وتم تغييب حقيقة عُرْيها ، وذلك بالهجوم والغزو والإحتلال والتدمير وانتزاع الحكم الذي ارتضته لنفسها تلك الشعوب والإعتداء على سيادة دولة مستقلة".
    في كل المغامرات الإستعمارية للإمبراطوريات ، أخفى المستعمرون أهدافهم الحقيقية المدمرة البائسة بأهداف مدنية حضارية وإنسانية ، وحتى الإسبانيون الفاتحون لأمريكا الوسطى والجنوبية في القرن السادس عشر قالوا بأنهم فتحوا البلاد من أجل تحرير شعوبها من الخرافات وإعادة الوعي لهم.
    في هذه القراءة والتحليل فإن النظرية الإمبريالية والحقيقة المرّة قد غلِّفت ونمِّقت بغطاءٍ ساحر خداعٍ وبرّاق.
    إن الأهداف الأمريكية هي نفسها أهداف المستعمرين في أي زمانٍ ومكان ، وذلك من أجل تطويع الغير بالقوة ، وإضعاف قوته ووقف نموه لكي لا يشكل خطراً عليها، ولتجعل منه طائعاً مطواعاً لها وغير عاق لأوامرها وتصل الى أهدافها بانتقائية من أجل سرقة خيرات الشعوب والحد من نموها وتفوقها.
    إن ما يُعقد الصورة أكثر هو الإخلاص والجدية لهذه الفكرة الإستعمارية من عدد كبير من المحافظين الجدد والحالمين والتي ربما امتدت الى الرئيس نفسه وزينت له. إنهم لا يقلّون بمعتقداتهم وأفكارهم عن أسلافهم البريطانيين ، ويؤمنون بالإلتزام بهذا النهج والعمل بهديه ، من أجل نشر الحرية وتحرير الشعوب بزخم وقوةٍ مندفعة أكثر بكثير من التفكير وحساب النتائج والتبعات المترتبة على ذلك
    هل هم أنفسهم مخدوعون بالقوة ويستظلون بظلها ويستخدمونها لتحقيق أهدافهم بغطاءٍ مضلل ومغلفٍ للهدف الحقيقي والأساس؟ أو أنها بدلاً من ذلك الإمبريالية نفسها والتي عندما تتحرك بالأهداف الخفية سوف تستهلك عزمها وقوتها الذاتية وبالتالي تؤدي الى انهيارها؟

    ترجمة واقتباس
    أحمد ابراهيم الحاج
    اياد النمراوي
    اياد النمراوي

    { مشرف }


    جورج بوش المدهش/الجزء الثاني Stars15


    الجنس : ذكر
    البرج : الجدي
    عدد المشاركات : 2028
    العمر : 46
    البلد : الاردن
    نقاط النشاط : 982
    الاعجاب : 7
    المهنة : جورج بوش المدهش/الجزء الثاني Accoun10
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    جورج بوش المدهش/الجزء الثاني Empty رد: جورج بوش المدهش/الجزء الثاني

    مُساهمة من طرف اياد النمراوي الإثنين 14 فبراير 2011 - 13:01

    مشكور

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 20 سبتمبر 2024 - 21:49