جورج بوش المدهش 3(الجزء الثالث)
خطر الإمبراطورية على الجمهورية
........................................……………….
بينما اتفق كل من جونسون وناعوم تشومسكي على نفس الرأي ، ولكن جونسون اختلف عن تشومسكي بتناوله الموضوع من زاوية أخرى مختلفة عن تشومسكي وأمثاله من اليساريين التقليديين المناهضين للإمبريالية.
إن جونسون يتعاطف مع الذين تضرروا وما زالوا يتضررون من الإعتقاد والآيمان الأمريكي بفكرة أن الولايات المتحدة يجب أن تتمدد لتحكم العالم في نظام عالمي جديد ، وضرب مثالاً على ذلك اليابانيين الذين يتحمّلون جلافة 50 ألف جندي أمريكي وما يتبعهم من موظفين مدنيين وأتباعهم من العائلات من طبقات ريفية غير مثقفة ، وبصراحة أكثر فإنهم يميلون الى التعامل بوحشية أحياناً والذين يتواجدون في قاعدة اوكيناواه. إن شعوره بالتعاطف جاء من منطلق وطنيته وحبه لوطنه أمريكا ، في حين أن تشومسكي يرى أن شعور ألأمريكيين بالذنب يمكن تبريره الى الدستور الأمريكي مستشهداً بمقولة جيمس ماديسون واصراره على أن الدستور الأمريكي صيغ بطريقة غير مباشرة ليحافظ على قوة الأقلية الغنينة وسيطرتها والإحتفاظ بتفوقها وديمومة سيطرتها على حساب الطبقة العامة والسواد الأعظم من الشعب الأمريكي. ولكن جونسون أيد الدستور الأمريكي لأنه جاء ليحفظ التوازن بين قوى جميع طبقات الشعب إن لم يتم الإلتفاف عليه والتلاعب بنصوصه من الطبقة الحاكمة من السياسيين الأمريكيين. وإن خوف جونسون وتبريره أتى من منطلق الجنوح الأمريكي الى فكر الإمبراطورية الإمبريالية والذي سيجعل منها غير قادرة على الحفاظ على كيانها الجمهوري لأن هذه السياسة سوف تؤدي في نهاية المطاف الى ضععفها وتآكل قواها وبالتالي الى انهيارها. تماماً وكما طغى الفكر الإمبريالي على الإمبراطورية الرومانية وعلىالعقل الروماني الحاكم وأدى الى موت بطيء للجمهرية الرومانية بتمدد الإمبراطورية والى اضعافها تدريجياً وافولها ونتج عن ذلك انهيار الجمهرية الرومانية مع الإمبراطورية وأحلامها في السيطرة على العالم. هذا هو جوهر مناقشته للموضوع ، لأنه بتمدد الولايات المتحدة في العالم سوف لا يؤدي ذلك فقط الى جلب الخطر الحقيقي اليها بل إنه يؤدي كذلك الى زيادة مخاطر الإرتداد الداخلي عليها من ممارساتها وأعمالها الشائنة في الخارج ضد الأمم والشعوب الأخرى. وبالتالي يؤدي الى إفلاسها سياسياً ومالياً ومادياً ومعنوياً ودستورياً وقانونياً.
إن الدليل الإقتصادي لهذه النتائج المدمرة على ذلك هو التزايد المضطرد في حجم الإنفاق العسكري باستمرار من سنة الى أخرى . إن الميزانية السنوية المعلنة للبنتاغون هي 500 بليون دولار ، وفي الحقيقة هي بعيدة بعداً شاسعاًعن هذا الرقم. وتوضيحاً لذلك أورد بعض التفاصيل المخبأة من الإنفاق الدفاعي والأمني للولايات المتحدة:
هنالك أيضاً مصاريف وتكاليف متفرقة فمثلاً تكاليف الحرب على أفغانستان والعراق بلغت منذ بدايتها الى نهاية عام 2006 حوالي 450 بليون دولار. وخاصة عندما تجمع هذه الأرقام الى أرقام الإنفاق الناتج عن مصاريف الوكالات الأمنية والدفاعية غير البنتاغون والتي بلغت عام 2007 حوالي 622 بليون دولار فإنه رقم باهظ. ويريد جونسون أن يضيف الى ذلك المصاريف الناتجة عن ويلات تلك الحروب والحروب السابقة وتبعاتها من تعويضات لأهالي وعائلات القتلى وعلاج ورعاية الجرحى ورواتب المتقاعدين والتي قدرها بحوالي 68 بليون دولار. هذا بالإضافة الى برامج المنح والإعانات العسكرية للحلفاء من أجل تسويق السلاح الأمريكي والتي قدرها بحوالي 23 بليون دولار. وهذا مستثنى منه الفوائد المترتبة على المديونية بسبب هذا الإنفاق العسكري الضخم وتقدر بحوالي 7و138 بليون دولار. إن الحكومات الأمريكية المتعاقبة وعلى امتداد تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية وفي عصر المتطرفين من الإدارات الأمريكية لم تبلغ مثل هذا الإنفاق المغالي للإدارة الحلية ولم تقارن به نسبياً. وإذا كانت تكلفة هذا الإنفاق وبنسبة خجولة تفصح عنها الإدارة الحالية في حدود 5% من الناتج القومي فإنها تعتبر نسبة كبيرة جداً على اعتبار النمو الكبير للإقتصاد الأمريكي في العصر الحالي مقارنة مع العصور السابقة.
إن ما حدا به الى هذه الإستنتاجات هو أن سلسلة النفقات المترتبة والمرتبطة بالسياسات وما ترتب عليها من فوائد باهظة قد فاقت كل زمان ومكان. وقد قدم جونسون تشريحاً وتفصيلاً لحالة مريعة وفظيعة ، وهي التوسع الأمريكي الكبير في مجال التصنيع العسكري الفضائي وما يطلق عليه برنامج الدفاع الوطني الصاروخي
National Missile Defense -NMD - ، وعرض بتأنٍ وصبر بأن هذا النظام يهدف الى اعتراض الصواريخ المعادية للولايات المتحدة والتي تحمل قنابل نووية في الجو وتعطيل مفعولها قبل أن تصل الى الأرض.وهنا قال شيئاً واحداً وهو أنه لغاية الآن لم ينجح أحد في تطوير برنامج يؤدي الغرض المنشود منه بشكل تام ومتقن في هذا المجال.وكيف لك أن تطور صاروخاً مضاداً لصاروخ معادٍ لا تعرف سرّه وما هو الفرق التقني بينه وبين صاروخك المطور لكي تعطل آلية عمله قبل وصوله لأرضك وإحداث الضرر. وبالنتيجة فإن تلك الصواريخ لا تعدو كونها فرقعات بالسماء دون فائدة على الأمن القومي. ويكلف هذا البرنامج حوالي 130 بليون دولار من حساب دافعي الضرائب من المواطنين الأمريكيين. وأي مستقبل ينتظر الأجيال الأمريكية المستقبلية وهذا الرقم وحسب الخطة الموضوعة سوف يصل الى 2و1 تريليون دولار في عام 2015 م. وما يثير الدهشة والقلق في هذا البرنامج ما يطلق عليه برنامج الدفاع الوطني الصاروخي- خنازير في الجو فيما يتعلق بالفضائح التي رافقته وهو البحث عن مقاولين سمان من شركات تصنيع الأسلحة وتطويرها ، واستقطابهم الى الولايات التي يخدم فيها السياسيون المنتخبون والرشاوى التي تدفع لهؤلاء السياسيين من تلك االشركات كعمولات مقابل ترسية المشاريع العسكرية عليها ومقابل انتخابهم هؤلاء السياسيين المرتشين والترويج لهم بحملات الإنتخابات في تلك الولايات. وبالنهاية سيكون المقاولون سعداء بإعطاء أصواتهم هم وموظفيهم وعملائهم لهؤلاء السياسيين . وقدم جونسون درازن من الأمثلة على ذلك. من ضمنها السناتور الديمقراطي عن ولاية فلوريدا "بيل نيلسون" عضو لجنة الخدمات العسكرية والذي خصص له في ميزانية عام 2006م مبلغ 916 مليون دولار لهذه المشاريع الصاروخية وأن ثلثي هذا المبلغ أنفق على مشاريع تطويرية لقاعدة بيونج وذهب لصالح شركات (هونويل وجنرال داينمكس وارمو هولنغر وغيرهم من شركات تصنيع وتطوير الأسلحة ومنذ عام 2003م قبض نلسون مبلغ 108750 دولار من 13 شركة صناعة اسلحة لتمويل حملته الإنتخابية مقابل إرساء المشاريع العسكريةعلى تلك الشركات.إنها دائرة يحوم فيها كل من المقاولين والسياسيين والمصوتين وكل واحد منهم يستفيد من ميزانية الدولة والتي تتحمل الآن 9 تريليون دولار ديون وماذا نتوقع للأجيال القادمة من مستقبل في ظل تزايد هذا الرقم يومياً.
وحتى هذه اللحظة لم يتطرق جونسون الى الخطر الحقيقي على الجمهورية من الإمبراطورية. لقد نظر جونسون الى روما والى القيصر في تجربتهم للإحتفاظ بالإمبراطورية في ظل عدم التوافق بين تكاليف هذا الإحتفاظ مع ميزانية ودخل الإمبراطورية ومواردها. وإن محاولته النظرية في المقارنة كانت أقل تأثيراً من الواقع العملي الذي تمارسه الولايات المتحدة. لقد وصف بالتفصيل النقلة التي حدثت للمخابرات المركزية الأمريكية بعد عهد ترومان حيث كانت تتسم بالموثوقية والذكاء والمصداقية وحسن الأداء في عهده .وذلك عند قيام أمريكا بعمليات عسكرية سرية خارجية وأطاحت بالنظام الديمقراطي المنتخب في تشيلي ودعمت الإنقلاب علي رئيس تشيلي سلفادور اللنيد عام 1973م ونصيب حاكم استبدادي قاتل هو اوجستو بنوكنت. وكان ذلك بداية الإنقلاب الأمريكي على الديمقراطية والحريات. وقال بأن المخابرات المركزية الأمريكية بدأت تعمل خارج المفهوم الديمقراطي وتحولت الى مؤسسة عسكرية خاصة لخدمة أهداف الرئاسة ممثلة في شخص الرئيس وبهذا أصبحت أمريكا مشابهة تماماً للإمبراطورية الرومانية وذلك بالعمل على حماية امبراطوريتها على حساب مصالح شعبها وجمهوريته وديمقراطيته.
واخبر جونسون بأن مصدر القوة والبرهان على استنتاجاته ورأيه مستمد من سنوات بوش منذ عام 2001م إن هذه التحولات والإتجاهات الجديدة بدأت منذ بضعة عقود مضت واتسمت بها إدارات متعاقبة ولكن هذه الإدارة الحالية سلطت عليها الأضواء بوضوح تام ، وذلك بالتصريح العلني من الرئيس بأن الولايات المتحدة في حالة حرب وأنه هو بطل هذه الحرب ضد الإرهاب في هذا الزمان كرئيس للولايات المتحدة ، بذلك انتزع بوش لنفسه قوة وسلطة لم يخطط لها أو ينوي عليها مؤسسوا هذه الجمهورية عندما وضعوا دستورها ، إن مذكرة التعذيب سيئة السمعة (غوانتنامو) جعلت الأمر واضحاً. إن فريق بوش القانوني قد ابتدع شيئاً جديداً يدعى نظرية "سلطة الرئاسة المركزية" وذلك بوضع المكتب البيضاوي خارج القانون ، ولا يجب انتهاك صلاحياته وسلطته المطلقة كقائد للحرب ورئيس للدولة. إن كل مستويات الأداء لعمل الإدارة على المستوى الداخلي للولايات المتحدة والمستوى الخارجي كانت تقاس بمعايير الحرب بعد 11 سبتمبر 2001 إن هذا الآيمان والإعتقاد الذي يعززه العمل بهذه النظرية لا يقل خطورة عن التصريح بالقوة علناً وجهارة سواءً في الممارسات التي كانت بموجب اتفاقيات ومعاهدات موقعة ومصادق عليها من الولايات المتحدة مثل معاهدة جنيف او اتفاقية قانون الأراضي في الكونغرس بحيث لا تُمس صلاحيات وسلطة الرئيس إنه القيصر. لقد مضى وقت طويل حتى علا فيه صوت المنتقدين واشتد غليانه، وإن أمثال جونسون كثيرون صنفوا بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد بمرتبة أدولف ايتشمان (ألماني عمل مع هتلر في حروبه النازية واشرف على مذابح ضد اليهود وهرب لجنوب افريقيا واعتقل وسلم لإسرائيل وتمت محاكمته فيها) حيث ما زال يعمل هذا الفريق بأسلوبه. وفي هذا الوقت وجد جونسون أحلافاً له يشاركونه هذا الرأي من بينهم برجنسكي . ليس فقط برجنسكي لم يكن خائفاً من وصف نشاطات الولايات المتحدة بالإمبريالية بل إنه انضم الى الذين يعتقدون بأن هذه الإدارة الحالية تنشر الرعب والإرهاب وتتسم بجنون العظمة وأنها أصبحت ملتزمة بالتلاعب والإلتفاف على الحريات وإثارة القلق والإضطرابات وكذلك فإن هذا الوصف للمارسات أثير خارج الولايات المتحدة من حلفائها واعدائها. إن ذلك يثبت ويبرهن بما لا يدع مجالاً للشك على طيش بوش كما قال برجنسكي ومن شاركوه هذا الرأي.
إن التصريح الذي أعطي لبوش لخوض الحرب من المذعنين من مجلسي الكونغرس والشيوخ والذي ما زال ماثلاً حتى يناير 2007م والتشجيع من وسائل الإعلام من صحافة ومحطات تلفزيونية ومن سكوت القضاة القانونيين للمحاكم فقد استطاعت وتمكنت هذه الإدارة من ان تدوس على الدستوروالحريات المنصوص عليها فيه. إن هذا الطراز من الإدارة كان واضحاً من خلال التجسس على الأمريكيين بدون تصريح من وكالة الأمن الوطني ومن إنكارٍ لجثث معتقلي غوانتنامو ومن حجب المعلومات وخنق الحريات وانكار الحقائق بالأضاليل والأكاذيب والتي دأبت هذه الإدارة على اتباعها والمذكرات التي وقعها الرئيس مهملاً أصوات الكونغرس والمخالفات للقانون وممارسات أساليب التعذيب في مخيم الأشعة السينية في غوانتنامو كل ذلك يدل على انحرافها وتخبطها.
وعلى مدار الزمن فإنه كان واضحاً أن أي إمبراطورية نجحت في تمددها كانت تتطلب إما جمهورية حكم مستبدة أو ديمقراطية تتحول الى حكم استبدادي ديكتاتوري تماماً كما هو حال الولايات المتحدة اليوم. مثل سابقتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد.
إن الخطر الذي يهدد الولايات المتحدة اليوم هو عدم السيطرة على مجمعات التصنيع العسكري الضخمة بهذه النفقات والتكاليف الباهظة وهذه الحكومة الأمنية العسكرية البحتة والتي يقودها بشكل منفرد هذا الرئيس..
بعد هجمات 11 سبتمبر بدا لنا هذا الرئيس الساخر وقصر نظر فريقه الإداري والسياسي من حوله والذين ضخموا صلاحياته وسلطاته على حساب الممثلين المنتخبين من الشعب الأمريكي وعلى حساب القانوننين للمحاكم كالقيصر الروماني.
ومضت الإدارة قدماً في خطها مع تقديم التبريرات القائلة " هذه السياسة من هؤلاء الحكام كانت من أجل التكفل بحماية العامة من الشعب الأمريكي من الأخطار التي تهدده ، ولكن كما كتب بنجامين فرانكلين عام 1759 م " إن هؤلاء الذين ينتزعون الحرية الجوهرية والضرورية للشعب مقابل شراء أمن وسلامة هذا الشعب مؤقتاً فالنتيجة الحتمية هي لا أمن ولا سلامة ولا حرية تتتحقق لهذا الشعب منهم"
ترجمة واقتباس
أحمد ابراهيم الحاج
جورج بوش المدهش 4(الجزء الرابع)
ما الذي يمكن عمله؟
..............................….............................
من وجهتي نظر روسّ وبرجنسكي فإن الحلول شاقة ولكنه بالإمكان تخيلها. فروسّ دعا الى العودة الى الدبلوماسية الهادئة الناعمة المعتمدة على العرف والثقافة الأمريكية وتنشيط العمل الدبلوماسي وبناء الأحلاف ، وفي الحقيقة فإن كتاب روسّ من بين الكتب الثلاثة الذي سيعتمد ما جاء فيه من خطط للإدارة الجديدة القادمة في عام 2009م. وإن من سيخلف كونداليزا رايس في الإدارة القادمة أسوأ ما سيفعله هو أن يراجع ما جاء في كتاب روسّ ويعمل بموجبه ويتبع ال 12 قاعدة التي وردت فيه منها 11 قاعدة للتفاوض مبنية على التوسط بين الفرقاء في بؤر النزاع.
ومن بين أفكاره في خطته الإسمنتية هي أن يقوم بالتفاوض أشخاص غير تابعين للحكومة الأمريكية وتحت توجيهات دولية (الأمم المتحدة) بطريقة أقرب الى الإنسانية منها الى السياسية. حيث أن هذه النشاطات الإنسانية والشعبية أتبعت من قبل الإسلاميين من حماس في فلسطين ومن وحزب الله في لبنان وبالتخصيص تزويد الناس بخدمات اجتماعية وإنسانية مثل إنشاء الجمعيات الخيرية وبناء المؤسسات المدنية كالمستشفيات والمدارس.ولقد لمس روسّ خطر هذا المنحى من الإسلاميين باستحواذهم على ثقة الناس وبالتالي انتخابهم. وكما رأى روسّ أن اي وكالة أمريكية تتولى هذا العمل الإنساني سوف ينظر إليها بريبة وشك ولن تنال الثقة والمصداقية بين أوساط الفلسطينيين في الشارع الفلسطيني نظراً للإنحياز الأمريكي الملموس والواضح لإسرائيل في فترتي حكم هذه الإدارة. وقدم حلاً لهذا الإشكال وهو أن يبحث عن دور سعودي لهذا العمل بدلاً من الدور الأمريكي.وذلك استثماراً لما تحظى به السعودية من مصداقية وموثوقية وتأثير قوي لدى الفلسطينيين. واستغلالاً لما تشعر به السعودية من خطر النفوذ الآيراني على الإسلاميين في غزة ولبنان. ويقول روسّ إنه بإمكان إقناع السعوديين أن يقوموا بهذا الدور وذلك بتمويل القوى غير الإسلامية من ضمنها حركة فتح التابعة للرئيس محمود عباس ولو حتى بتمويل غير مباشر من الولايات المتحدة بواسطة السعوديين إن كان هذا سيضعف نفوذ حماس.
يناقش جونسون خطة روسّ ويقول: إن روسّ محق في فرصة تقوية السنة على حساب الصعود الآيراني في المنطقة وهي فرصة لتأليف حلف سني مناويء للنفوذ الآيراني المتصاعد بدعم الإسلاميين المتشددين. ولكن إدارة بوش بأعمالها وخاصة إحتلال العراق وإختلال التوازن بين القوى في المنطقة ، قد جعلت الفرصة في نجاح هذه الخطة شبه مستحيلة وغير مضمونة النجاح. ما زال هذا النهج غير مساعد ، ويرى فيه المرؤ شيئاً سيئاً ، وحتى إنه عادة وعمل إمبريالي. إنها الرغبة في إقصاء المنتخبين وممثلي الأمم الأخرى من شعوبهم علاوة على أنها اختراع لخدعة من أجل تهميش حماس. ألم يكن من الأفضل أن تبذل الولايات المتحدة جهوداً ديبلوماسية لتشجيع حماس على الإنخراط في العملية السياسية؟ يتساءل جونسون ويستطرد.إن ذلك أفضل بكثير من لجمها بالقوة العسكرية وأقل كلفة من مطاردتها ومصادرة أهدافها وإثارة الفتن قبل تقدير النتائج فيما لو اتبع معها بحث الترتيبات للخيار السياسي التفاوضي لتغيير نهجها وجنوحها له.
روسّ لديه خطط وأفكار غير متخيلة حيال ايران أيضاً ، من ضمنها الخيار العسكري بمقياس كامل. لقد طرح فكرة تدميرية بعمليات عسكرية سرية ضخمة لتدمير منشآتها النووية يقوم بها غير الأمريكيين بدعم الأمريكيين اللوجستي والمادي القوي لها (وهنا يقصد أعمال المخابرات المركزية الأمريكية عن طريق عملائها). إن هذه الخطوة من شأنها تحطيم الإقتصاد الآيراني وإضعاف دخله القومي وتقوض من نفوذه وتضعفه وربما تسحقه. وخلافاً له في الرأي قال سفير بوش السابق في الأمم المتحدة جون بولتون " اننا لا نكافيء ولن نقدم الجزر للمارق" ولكن روسّ بدا متحمساً لاستعمال الجزرة بالقوة الناعمة والعصا بالقوة التدميرية معاً. ويقول جونسون إنه ليستعجب أحدنا من هذه الأفكار الإمبريالية التي أصبحت فكرة قديمة مرفوضة في عالم اليوم إن نفذت هذه الخطة السرية أولاً قبل مد الجزرة.
إن برجنسكي لديه نفس النزعة التي عبر عنها روسّ في كتابه ، وهو أن تُبدي وشنطن مزيداً من الإحترام للعالم ومن شأن ذلك أن يدعم حلف أمم منطقة حلف آوروبا - الأتلنتي خشية أن تفقد تأثيرها على شرق آسيا. وبراديكالية أكثر ، فقد دافع عن فكرة الإنتقال الى النموذج الإجتماعي الأمريكي بعيداً عن الغلو الزائد وعدم التوازن في النفقات باتجاه صرف النظر والإهتمام أكثر بنموذج البقاء البيئي للعالم ،والذي يهدد سكان العالم. وواحدة من الملاحظات والأفكار الواضحة التي طرحها برجنسكي هي أن هنالك صحوة في العالم ستكون نشيطة وفعالة إن أزيل الغموض والشعور بالغبن والظلم وستنجح الولايات المتحدة إذا غيرت مسارها بالإتجاه الصحيح. وفي هذا العالم غير المستقر حالياً فإن على الولايات المتحدة بأن تعرِّف نفسها وتغير من نظرة الكره اليها من الشعوب والأمم الأخرى من نتائج سوء أعمال هذه الإدارة وذلك بمزيد من الإحترام والإعتراف بكرامة الشعوب ومراعاتها.لذلك عليها أن تغيِّر من ثقافتها وقيمها بثورة اجتماعية حقيقية وبتغيير لنمط نظام الحكم الحالي.
وأكثر أهمية من ذلك فقد شخّص جونسون المعضلة في الحالة الأمريكية اليوم بمزيد من الراديكالية حيث طرح حلاً أكثر راديكالية. إنه لا يدعو الى إعطاء مزيد من القوة للكونغرس لأنه من وجهة نظره الخاصة " إن المحور القانوني في حكومتنا مكسور" وقلل من شأن الكونغرس الكسول الذي أدى الى تأسيس شركات عملاقة أولها وعلى رأسها شركات المقاولات في مجال التصنيع العسكري. وبدلاً من ذلك طرح نموذج الديمقراطية المباشرة " وذلك بحركة تغيير جذرية يتم بموجبها استبعاد وإلغاء المخابرات المركزية الأمريكية ال CIA ، وتفكيك جميع المجمعات العسكرية وشركات المقاولات العسكرية ، وتأسيس نظام انتخابي ممول من الحكومة بدلاً من القطاع الخاص" ولكنه أبدى شعوراً من الشفقة والرحمة من جراء وقع وصعوبة تطبيق هذه الخطة على المنتفعين من النظام الدارج الآن.
ولم يطرح خطة من 11 أو 12 خطوة ولكن أفضل من ذلك طرح خياراً تاريخياً.وهو:
إما أن تتبع الولايات المتحدة خطوات القادة الرومانيين الذين اختاروا الإحتفاظ بالإمبراطوررية على حساب الجمهورية وبالتالي فقدوا الجمهورية والإمبراطورية معاً ، أو أن نكون كالإمبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية بالإحتفاظ بالديمقراطية في نطاق الجمهرية داخل حدودها ونتخلى عن الإمبراطورية.
الخيار الثاني لن يكون سهلاً وربما لن يكون تنفيذه عملاً بطولياً ، ولكنه الخيار الأفضل والأصح. إن معظم العالم اليوم يلحظ مخلفات الإمبراطورية البريطانية بعد حوالي قرنين ونصف من إنشائها الى انتهائها والذي نأمل أن تفعله الآن الإمبراطورية الأمريكية وتنهج نفس النهج البريطاني في حالة ارتعاش وارتجاف في مشهدٍ ربما يحتمل حدوثه ونراه وربما لا.
ترجمة واقتباس
أحمد ابراهيم الحاج
خطر الإمبراطورية على الجمهورية
........................................……………….
بينما اتفق كل من جونسون وناعوم تشومسكي على نفس الرأي ، ولكن جونسون اختلف عن تشومسكي بتناوله الموضوع من زاوية أخرى مختلفة عن تشومسكي وأمثاله من اليساريين التقليديين المناهضين للإمبريالية.
إن جونسون يتعاطف مع الذين تضرروا وما زالوا يتضررون من الإعتقاد والآيمان الأمريكي بفكرة أن الولايات المتحدة يجب أن تتمدد لتحكم العالم في نظام عالمي جديد ، وضرب مثالاً على ذلك اليابانيين الذين يتحمّلون جلافة 50 ألف جندي أمريكي وما يتبعهم من موظفين مدنيين وأتباعهم من العائلات من طبقات ريفية غير مثقفة ، وبصراحة أكثر فإنهم يميلون الى التعامل بوحشية أحياناً والذين يتواجدون في قاعدة اوكيناواه. إن شعوره بالتعاطف جاء من منطلق وطنيته وحبه لوطنه أمريكا ، في حين أن تشومسكي يرى أن شعور ألأمريكيين بالذنب يمكن تبريره الى الدستور الأمريكي مستشهداً بمقولة جيمس ماديسون واصراره على أن الدستور الأمريكي صيغ بطريقة غير مباشرة ليحافظ على قوة الأقلية الغنينة وسيطرتها والإحتفاظ بتفوقها وديمومة سيطرتها على حساب الطبقة العامة والسواد الأعظم من الشعب الأمريكي. ولكن جونسون أيد الدستور الأمريكي لأنه جاء ليحفظ التوازن بين قوى جميع طبقات الشعب إن لم يتم الإلتفاف عليه والتلاعب بنصوصه من الطبقة الحاكمة من السياسيين الأمريكيين. وإن خوف جونسون وتبريره أتى من منطلق الجنوح الأمريكي الى فكر الإمبراطورية الإمبريالية والذي سيجعل منها غير قادرة على الحفاظ على كيانها الجمهوري لأن هذه السياسة سوف تؤدي في نهاية المطاف الى ضععفها وتآكل قواها وبالتالي الى انهيارها. تماماً وكما طغى الفكر الإمبريالي على الإمبراطورية الرومانية وعلىالعقل الروماني الحاكم وأدى الى موت بطيء للجمهرية الرومانية بتمدد الإمبراطورية والى اضعافها تدريجياً وافولها ونتج عن ذلك انهيار الجمهرية الرومانية مع الإمبراطورية وأحلامها في السيطرة على العالم. هذا هو جوهر مناقشته للموضوع ، لأنه بتمدد الولايات المتحدة في العالم سوف لا يؤدي ذلك فقط الى جلب الخطر الحقيقي اليها بل إنه يؤدي كذلك الى زيادة مخاطر الإرتداد الداخلي عليها من ممارساتها وأعمالها الشائنة في الخارج ضد الأمم والشعوب الأخرى. وبالتالي يؤدي الى إفلاسها سياسياً ومالياً ومادياً ومعنوياً ودستورياً وقانونياً.
إن الدليل الإقتصادي لهذه النتائج المدمرة على ذلك هو التزايد المضطرد في حجم الإنفاق العسكري باستمرار من سنة الى أخرى . إن الميزانية السنوية المعلنة للبنتاغون هي 500 بليون دولار ، وفي الحقيقة هي بعيدة بعداً شاسعاًعن هذا الرقم. وتوضيحاً لذلك أورد بعض التفاصيل المخبأة من الإنفاق الدفاعي والأمني للولايات المتحدة:
هنالك أيضاً مصاريف وتكاليف متفرقة فمثلاً تكاليف الحرب على أفغانستان والعراق بلغت منذ بدايتها الى نهاية عام 2006 حوالي 450 بليون دولار. وخاصة عندما تجمع هذه الأرقام الى أرقام الإنفاق الناتج عن مصاريف الوكالات الأمنية والدفاعية غير البنتاغون والتي بلغت عام 2007 حوالي 622 بليون دولار فإنه رقم باهظ. ويريد جونسون أن يضيف الى ذلك المصاريف الناتجة عن ويلات تلك الحروب والحروب السابقة وتبعاتها من تعويضات لأهالي وعائلات القتلى وعلاج ورعاية الجرحى ورواتب المتقاعدين والتي قدرها بحوالي 68 بليون دولار. هذا بالإضافة الى برامج المنح والإعانات العسكرية للحلفاء من أجل تسويق السلاح الأمريكي والتي قدرها بحوالي 23 بليون دولار. وهذا مستثنى منه الفوائد المترتبة على المديونية بسبب هذا الإنفاق العسكري الضخم وتقدر بحوالي 7و138 بليون دولار. إن الحكومات الأمريكية المتعاقبة وعلى امتداد تاريخها منذ الحرب العالمية الثانية وفي عصر المتطرفين من الإدارات الأمريكية لم تبلغ مثل هذا الإنفاق المغالي للإدارة الحلية ولم تقارن به نسبياً. وإذا كانت تكلفة هذا الإنفاق وبنسبة خجولة تفصح عنها الإدارة الحالية في حدود 5% من الناتج القومي فإنها تعتبر نسبة كبيرة جداً على اعتبار النمو الكبير للإقتصاد الأمريكي في العصر الحالي مقارنة مع العصور السابقة.
إن ما حدا به الى هذه الإستنتاجات هو أن سلسلة النفقات المترتبة والمرتبطة بالسياسات وما ترتب عليها من فوائد باهظة قد فاقت كل زمان ومكان. وقد قدم جونسون تشريحاً وتفصيلاً لحالة مريعة وفظيعة ، وهي التوسع الأمريكي الكبير في مجال التصنيع العسكري الفضائي وما يطلق عليه برنامج الدفاع الوطني الصاروخي
National Missile Defense -NMD - ، وعرض بتأنٍ وصبر بأن هذا النظام يهدف الى اعتراض الصواريخ المعادية للولايات المتحدة والتي تحمل قنابل نووية في الجو وتعطيل مفعولها قبل أن تصل الى الأرض.وهنا قال شيئاً واحداً وهو أنه لغاية الآن لم ينجح أحد في تطوير برنامج يؤدي الغرض المنشود منه بشكل تام ومتقن في هذا المجال.وكيف لك أن تطور صاروخاً مضاداً لصاروخ معادٍ لا تعرف سرّه وما هو الفرق التقني بينه وبين صاروخك المطور لكي تعطل آلية عمله قبل وصوله لأرضك وإحداث الضرر. وبالنتيجة فإن تلك الصواريخ لا تعدو كونها فرقعات بالسماء دون فائدة على الأمن القومي. ويكلف هذا البرنامج حوالي 130 بليون دولار من حساب دافعي الضرائب من المواطنين الأمريكيين. وأي مستقبل ينتظر الأجيال الأمريكية المستقبلية وهذا الرقم وحسب الخطة الموضوعة سوف يصل الى 2و1 تريليون دولار في عام 2015 م. وما يثير الدهشة والقلق في هذا البرنامج ما يطلق عليه برنامج الدفاع الوطني الصاروخي- خنازير في الجو فيما يتعلق بالفضائح التي رافقته وهو البحث عن مقاولين سمان من شركات تصنيع الأسلحة وتطويرها ، واستقطابهم الى الولايات التي يخدم فيها السياسيون المنتخبون والرشاوى التي تدفع لهؤلاء السياسيين من تلك االشركات كعمولات مقابل ترسية المشاريع العسكرية عليها ومقابل انتخابهم هؤلاء السياسيين المرتشين والترويج لهم بحملات الإنتخابات في تلك الولايات. وبالنهاية سيكون المقاولون سعداء بإعطاء أصواتهم هم وموظفيهم وعملائهم لهؤلاء السياسيين . وقدم جونسون درازن من الأمثلة على ذلك. من ضمنها السناتور الديمقراطي عن ولاية فلوريدا "بيل نيلسون" عضو لجنة الخدمات العسكرية والذي خصص له في ميزانية عام 2006م مبلغ 916 مليون دولار لهذه المشاريع الصاروخية وأن ثلثي هذا المبلغ أنفق على مشاريع تطويرية لقاعدة بيونج وذهب لصالح شركات (هونويل وجنرال داينمكس وارمو هولنغر وغيرهم من شركات تصنيع وتطوير الأسلحة ومنذ عام 2003م قبض نلسون مبلغ 108750 دولار من 13 شركة صناعة اسلحة لتمويل حملته الإنتخابية مقابل إرساء المشاريع العسكريةعلى تلك الشركات.إنها دائرة يحوم فيها كل من المقاولين والسياسيين والمصوتين وكل واحد منهم يستفيد من ميزانية الدولة والتي تتحمل الآن 9 تريليون دولار ديون وماذا نتوقع للأجيال القادمة من مستقبل في ظل تزايد هذا الرقم يومياً.
وحتى هذه اللحظة لم يتطرق جونسون الى الخطر الحقيقي على الجمهورية من الإمبراطورية. لقد نظر جونسون الى روما والى القيصر في تجربتهم للإحتفاظ بالإمبراطورية في ظل عدم التوافق بين تكاليف هذا الإحتفاظ مع ميزانية ودخل الإمبراطورية ومواردها. وإن محاولته النظرية في المقارنة كانت أقل تأثيراً من الواقع العملي الذي تمارسه الولايات المتحدة. لقد وصف بالتفصيل النقلة التي حدثت للمخابرات المركزية الأمريكية بعد عهد ترومان حيث كانت تتسم بالموثوقية والذكاء والمصداقية وحسن الأداء في عهده .وذلك عند قيام أمريكا بعمليات عسكرية سرية خارجية وأطاحت بالنظام الديمقراطي المنتخب في تشيلي ودعمت الإنقلاب علي رئيس تشيلي سلفادور اللنيد عام 1973م ونصيب حاكم استبدادي قاتل هو اوجستو بنوكنت. وكان ذلك بداية الإنقلاب الأمريكي على الديمقراطية والحريات. وقال بأن المخابرات المركزية الأمريكية بدأت تعمل خارج المفهوم الديمقراطي وتحولت الى مؤسسة عسكرية خاصة لخدمة أهداف الرئاسة ممثلة في شخص الرئيس وبهذا أصبحت أمريكا مشابهة تماماً للإمبراطورية الرومانية وذلك بالعمل على حماية امبراطوريتها على حساب مصالح شعبها وجمهوريته وديمقراطيته.
واخبر جونسون بأن مصدر القوة والبرهان على استنتاجاته ورأيه مستمد من سنوات بوش منذ عام 2001م إن هذه التحولات والإتجاهات الجديدة بدأت منذ بضعة عقود مضت واتسمت بها إدارات متعاقبة ولكن هذه الإدارة الحالية سلطت عليها الأضواء بوضوح تام ، وذلك بالتصريح العلني من الرئيس بأن الولايات المتحدة في حالة حرب وأنه هو بطل هذه الحرب ضد الإرهاب في هذا الزمان كرئيس للولايات المتحدة ، بذلك انتزع بوش لنفسه قوة وسلطة لم يخطط لها أو ينوي عليها مؤسسوا هذه الجمهورية عندما وضعوا دستورها ، إن مذكرة التعذيب سيئة السمعة (غوانتنامو) جعلت الأمر واضحاً. إن فريق بوش القانوني قد ابتدع شيئاً جديداً يدعى نظرية "سلطة الرئاسة المركزية" وذلك بوضع المكتب البيضاوي خارج القانون ، ولا يجب انتهاك صلاحياته وسلطته المطلقة كقائد للحرب ورئيس للدولة. إن كل مستويات الأداء لعمل الإدارة على المستوى الداخلي للولايات المتحدة والمستوى الخارجي كانت تقاس بمعايير الحرب بعد 11 سبتمبر 2001 إن هذا الآيمان والإعتقاد الذي يعززه العمل بهذه النظرية لا يقل خطورة عن التصريح بالقوة علناً وجهارة سواءً في الممارسات التي كانت بموجب اتفاقيات ومعاهدات موقعة ومصادق عليها من الولايات المتحدة مثل معاهدة جنيف او اتفاقية قانون الأراضي في الكونغرس بحيث لا تُمس صلاحيات وسلطة الرئيس إنه القيصر. لقد مضى وقت طويل حتى علا فيه صوت المنتقدين واشتد غليانه، وإن أمثال جونسون كثيرون صنفوا بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد بمرتبة أدولف ايتشمان (ألماني عمل مع هتلر في حروبه النازية واشرف على مذابح ضد اليهود وهرب لجنوب افريقيا واعتقل وسلم لإسرائيل وتمت محاكمته فيها) حيث ما زال يعمل هذا الفريق بأسلوبه. وفي هذا الوقت وجد جونسون أحلافاً له يشاركونه هذا الرأي من بينهم برجنسكي . ليس فقط برجنسكي لم يكن خائفاً من وصف نشاطات الولايات المتحدة بالإمبريالية بل إنه انضم الى الذين يعتقدون بأن هذه الإدارة الحالية تنشر الرعب والإرهاب وتتسم بجنون العظمة وأنها أصبحت ملتزمة بالتلاعب والإلتفاف على الحريات وإثارة القلق والإضطرابات وكذلك فإن هذا الوصف للمارسات أثير خارج الولايات المتحدة من حلفائها واعدائها. إن ذلك يثبت ويبرهن بما لا يدع مجالاً للشك على طيش بوش كما قال برجنسكي ومن شاركوه هذا الرأي.
إن التصريح الذي أعطي لبوش لخوض الحرب من المذعنين من مجلسي الكونغرس والشيوخ والذي ما زال ماثلاً حتى يناير 2007م والتشجيع من وسائل الإعلام من صحافة ومحطات تلفزيونية ومن سكوت القضاة القانونيين للمحاكم فقد استطاعت وتمكنت هذه الإدارة من ان تدوس على الدستوروالحريات المنصوص عليها فيه. إن هذا الطراز من الإدارة كان واضحاً من خلال التجسس على الأمريكيين بدون تصريح من وكالة الأمن الوطني ومن إنكارٍ لجثث معتقلي غوانتنامو ومن حجب المعلومات وخنق الحريات وانكار الحقائق بالأضاليل والأكاذيب والتي دأبت هذه الإدارة على اتباعها والمذكرات التي وقعها الرئيس مهملاً أصوات الكونغرس والمخالفات للقانون وممارسات أساليب التعذيب في مخيم الأشعة السينية في غوانتنامو كل ذلك يدل على انحرافها وتخبطها.
وعلى مدار الزمن فإنه كان واضحاً أن أي إمبراطورية نجحت في تمددها كانت تتطلب إما جمهورية حكم مستبدة أو ديمقراطية تتحول الى حكم استبدادي ديكتاتوري تماماً كما هو حال الولايات المتحدة اليوم. مثل سابقتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد.
إن الخطر الذي يهدد الولايات المتحدة اليوم هو عدم السيطرة على مجمعات التصنيع العسكري الضخمة بهذه النفقات والتكاليف الباهظة وهذه الحكومة الأمنية العسكرية البحتة والتي يقودها بشكل منفرد هذا الرئيس..
بعد هجمات 11 سبتمبر بدا لنا هذا الرئيس الساخر وقصر نظر فريقه الإداري والسياسي من حوله والذين ضخموا صلاحياته وسلطاته على حساب الممثلين المنتخبين من الشعب الأمريكي وعلى حساب القانوننين للمحاكم كالقيصر الروماني.
ومضت الإدارة قدماً في خطها مع تقديم التبريرات القائلة " هذه السياسة من هؤلاء الحكام كانت من أجل التكفل بحماية العامة من الشعب الأمريكي من الأخطار التي تهدده ، ولكن كما كتب بنجامين فرانكلين عام 1759 م " إن هؤلاء الذين ينتزعون الحرية الجوهرية والضرورية للشعب مقابل شراء أمن وسلامة هذا الشعب مؤقتاً فالنتيجة الحتمية هي لا أمن ولا سلامة ولا حرية تتتحقق لهذا الشعب منهم"
ترجمة واقتباس
أحمد ابراهيم الحاج
جورج بوش المدهش 4(الجزء الرابع)
ما الذي يمكن عمله؟
..............................….............................
من وجهتي نظر روسّ وبرجنسكي فإن الحلول شاقة ولكنه بالإمكان تخيلها. فروسّ دعا الى العودة الى الدبلوماسية الهادئة الناعمة المعتمدة على العرف والثقافة الأمريكية وتنشيط العمل الدبلوماسي وبناء الأحلاف ، وفي الحقيقة فإن كتاب روسّ من بين الكتب الثلاثة الذي سيعتمد ما جاء فيه من خطط للإدارة الجديدة القادمة في عام 2009م. وإن من سيخلف كونداليزا رايس في الإدارة القادمة أسوأ ما سيفعله هو أن يراجع ما جاء في كتاب روسّ ويعمل بموجبه ويتبع ال 12 قاعدة التي وردت فيه منها 11 قاعدة للتفاوض مبنية على التوسط بين الفرقاء في بؤر النزاع.
ومن بين أفكاره في خطته الإسمنتية هي أن يقوم بالتفاوض أشخاص غير تابعين للحكومة الأمريكية وتحت توجيهات دولية (الأمم المتحدة) بطريقة أقرب الى الإنسانية منها الى السياسية. حيث أن هذه النشاطات الإنسانية والشعبية أتبعت من قبل الإسلاميين من حماس في فلسطين ومن وحزب الله في لبنان وبالتخصيص تزويد الناس بخدمات اجتماعية وإنسانية مثل إنشاء الجمعيات الخيرية وبناء المؤسسات المدنية كالمستشفيات والمدارس.ولقد لمس روسّ خطر هذا المنحى من الإسلاميين باستحواذهم على ثقة الناس وبالتالي انتخابهم. وكما رأى روسّ أن اي وكالة أمريكية تتولى هذا العمل الإنساني سوف ينظر إليها بريبة وشك ولن تنال الثقة والمصداقية بين أوساط الفلسطينيين في الشارع الفلسطيني نظراً للإنحياز الأمريكي الملموس والواضح لإسرائيل في فترتي حكم هذه الإدارة. وقدم حلاً لهذا الإشكال وهو أن يبحث عن دور سعودي لهذا العمل بدلاً من الدور الأمريكي.وذلك استثماراً لما تحظى به السعودية من مصداقية وموثوقية وتأثير قوي لدى الفلسطينيين. واستغلالاً لما تشعر به السعودية من خطر النفوذ الآيراني على الإسلاميين في غزة ولبنان. ويقول روسّ إنه بإمكان إقناع السعوديين أن يقوموا بهذا الدور وذلك بتمويل القوى غير الإسلامية من ضمنها حركة فتح التابعة للرئيس محمود عباس ولو حتى بتمويل غير مباشر من الولايات المتحدة بواسطة السعوديين إن كان هذا سيضعف نفوذ حماس.
يناقش جونسون خطة روسّ ويقول: إن روسّ محق في فرصة تقوية السنة على حساب الصعود الآيراني في المنطقة وهي فرصة لتأليف حلف سني مناويء للنفوذ الآيراني المتصاعد بدعم الإسلاميين المتشددين. ولكن إدارة بوش بأعمالها وخاصة إحتلال العراق وإختلال التوازن بين القوى في المنطقة ، قد جعلت الفرصة في نجاح هذه الخطة شبه مستحيلة وغير مضمونة النجاح. ما زال هذا النهج غير مساعد ، ويرى فيه المرؤ شيئاً سيئاً ، وحتى إنه عادة وعمل إمبريالي. إنها الرغبة في إقصاء المنتخبين وممثلي الأمم الأخرى من شعوبهم علاوة على أنها اختراع لخدعة من أجل تهميش حماس. ألم يكن من الأفضل أن تبذل الولايات المتحدة جهوداً ديبلوماسية لتشجيع حماس على الإنخراط في العملية السياسية؟ يتساءل جونسون ويستطرد.إن ذلك أفضل بكثير من لجمها بالقوة العسكرية وأقل كلفة من مطاردتها ومصادرة أهدافها وإثارة الفتن قبل تقدير النتائج فيما لو اتبع معها بحث الترتيبات للخيار السياسي التفاوضي لتغيير نهجها وجنوحها له.
روسّ لديه خطط وأفكار غير متخيلة حيال ايران أيضاً ، من ضمنها الخيار العسكري بمقياس كامل. لقد طرح فكرة تدميرية بعمليات عسكرية سرية ضخمة لتدمير منشآتها النووية يقوم بها غير الأمريكيين بدعم الأمريكيين اللوجستي والمادي القوي لها (وهنا يقصد أعمال المخابرات المركزية الأمريكية عن طريق عملائها). إن هذه الخطوة من شأنها تحطيم الإقتصاد الآيراني وإضعاف دخله القومي وتقوض من نفوذه وتضعفه وربما تسحقه. وخلافاً له في الرأي قال سفير بوش السابق في الأمم المتحدة جون بولتون " اننا لا نكافيء ولن نقدم الجزر للمارق" ولكن روسّ بدا متحمساً لاستعمال الجزرة بالقوة الناعمة والعصا بالقوة التدميرية معاً. ويقول جونسون إنه ليستعجب أحدنا من هذه الأفكار الإمبريالية التي أصبحت فكرة قديمة مرفوضة في عالم اليوم إن نفذت هذه الخطة السرية أولاً قبل مد الجزرة.
إن برجنسكي لديه نفس النزعة التي عبر عنها روسّ في كتابه ، وهو أن تُبدي وشنطن مزيداً من الإحترام للعالم ومن شأن ذلك أن يدعم حلف أمم منطقة حلف آوروبا - الأتلنتي خشية أن تفقد تأثيرها على شرق آسيا. وبراديكالية أكثر ، فقد دافع عن فكرة الإنتقال الى النموذج الإجتماعي الأمريكي بعيداً عن الغلو الزائد وعدم التوازن في النفقات باتجاه صرف النظر والإهتمام أكثر بنموذج البقاء البيئي للعالم ،والذي يهدد سكان العالم. وواحدة من الملاحظات والأفكار الواضحة التي طرحها برجنسكي هي أن هنالك صحوة في العالم ستكون نشيطة وفعالة إن أزيل الغموض والشعور بالغبن والظلم وستنجح الولايات المتحدة إذا غيرت مسارها بالإتجاه الصحيح. وفي هذا العالم غير المستقر حالياً فإن على الولايات المتحدة بأن تعرِّف نفسها وتغير من نظرة الكره اليها من الشعوب والأمم الأخرى من نتائج سوء أعمال هذه الإدارة وذلك بمزيد من الإحترام والإعتراف بكرامة الشعوب ومراعاتها.لذلك عليها أن تغيِّر من ثقافتها وقيمها بثورة اجتماعية حقيقية وبتغيير لنمط نظام الحكم الحالي.
وأكثر أهمية من ذلك فقد شخّص جونسون المعضلة في الحالة الأمريكية اليوم بمزيد من الراديكالية حيث طرح حلاً أكثر راديكالية. إنه لا يدعو الى إعطاء مزيد من القوة للكونغرس لأنه من وجهة نظره الخاصة " إن المحور القانوني في حكومتنا مكسور" وقلل من شأن الكونغرس الكسول الذي أدى الى تأسيس شركات عملاقة أولها وعلى رأسها شركات المقاولات في مجال التصنيع العسكري. وبدلاً من ذلك طرح نموذج الديمقراطية المباشرة " وذلك بحركة تغيير جذرية يتم بموجبها استبعاد وإلغاء المخابرات المركزية الأمريكية ال CIA ، وتفكيك جميع المجمعات العسكرية وشركات المقاولات العسكرية ، وتأسيس نظام انتخابي ممول من الحكومة بدلاً من القطاع الخاص" ولكنه أبدى شعوراً من الشفقة والرحمة من جراء وقع وصعوبة تطبيق هذه الخطة على المنتفعين من النظام الدارج الآن.
ولم يطرح خطة من 11 أو 12 خطوة ولكن أفضل من ذلك طرح خياراً تاريخياً.وهو:
إما أن تتبع الولايات المتحدة خطوات القادة الرومانيين الذين اختاروا الإحتفاظ بالإمبراطوررية على حساب الجمهورية وبالتالي فقدوا الجمهورية والإمبراطورية معاً ، أو أن نكون كالإمبراطورية البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية بالإحتفاظ بالديمقراطية في نطاق الجمهرية داخل حدودها ونتخلى عن الإمبراطورية.
الخيار الثاني لن يكون سهلاً وربما لن يكون تنفيذه عملاً بطولياً ، ولكنه الخيار الأفضل والأصح. إن معظم العالم اليوم يلحظ مخلفات الإمبراطورية البريطانية بعد حوالي قرنين ونصف من إنشائها الى انتهائها والذي نأمل أن تفعله الآن الإمبراطورية الأمريكية وتنهج نفس النهج البريطاني في حالة ارتعاش وارتجاف في مشهدٍ ربما يحتمل حدوثه ونراه وربما لا.
ترجمة واقتباس
أحمد ابراهيم الحاج
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 20:54 من طرف جنى ميرو
» صيانة سخانات في دبي 0543747022 emiratefix.com
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 - 19:53 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:43 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في عجمان 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 23:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:15 من طرف جنى ميرو
» تصليح أفران في دبي 0543747022 emiratefix.com
السبت 16 نوفمبر 2024 - 22:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح ثلاجات في دبي emiratefix.com 0543747022
السبت 16 نوفمبر 2024 - 0:11 من طرف جنى ميرو
» تصليح سخانات في دبي - 0543747022 (الشمسية و المركزية) emiratefix.com
الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 20:33 من طرف جنى ميرو
» تركيب و تصليح سخانات مركزية في الشارقة 0543747022
الأربعاء 13 نوفمبر 2024 - 21:30 من طرف جنى ميرو
» اداة ذكاء اصطناعي للباحثين وطلاب الدراسات العليا
الجمعة 26 أبريل 2024 - 11:23 من طرف Abd