منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول Empty زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج السبت 20 نوفمبر 2010 - 12:47

    زفافٌ على قائمة الإنتظار
    الجزء الأول
    ...........................................
    استيقظت ياسمين من نومها في أحد أيام شهر كانون الثاني في سنةٍ من سنوات الإحتلال البغيض والتي ما زالت تجثو على صدور الفلسطينيين، وكان يوماً غائماً بغيومٍ مبعثرة في السماء ، وعاقرة لا تُنبِؤ عن غيث قادم منتظر ولا تحمل في طياتها قطرات من الماء، وكان مصحوباً برياحٍ جافة وقوية وباردة جداً ، ومغبرةٍ لإثارتها النقع ، وتحمل في طياتها أوراقاً أسقتطها رياح الخريف وأوراقاً لكراريس التلاميذ بعثرها الإحتلال ، وشعرت على غير العادة بانقباضٍ لم تجد له تفسيراً إلاّ أنه كان مبنياً على قاعدةٍ من نومٍ مشوبٍ بالقلق والخوف على زفاف قد نضج واستحق القطاف ، وتأجل مراتٍ عديدة ، وما زالت عصافير الحب تنقر ثماره وتستخرج لبه وحشاه ، وأضحى كريشة في مهب الريح ، ريح الإحتلال العاتية، وكان نومها في الليلة الفائتة مصحوباً بأحلامٍ رمادية مشوشة لا تتذكر تفاصيلها جيداً ، ولكنها تتذكر أنها كانت أحلاماً مزعجة ، واعتبرتها ياسمين أضغاث أحلام وحاولت نسيانها مكابرةً ومعاكسةً لحدسها بنذر احتلالٍ لا تبشر بالخير ، لتبدأ يومها بنشاط وحيوية كعادتها في كل صباح ، متمسكةً بخيطٍ رفيعٍ من الأمل تهزه رياح الفرقة بين الإخوان وتضعف تماسكه ، ولكنها ما زالت تمسك به بأطراف أصابعها. فياسمين أنهت دراستها الجامعية في الصيف الفائت ، وتخرجت من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية من جامعة بير زيت ، وكانت تنتظر حلمين قريبين من التحقيق في حكم المنطق والحساب والحق والعدل ، لكنهما بعيدين في حكم الواقع تحت الإحتلال والحصار الخانق ، الحلم الأول والصغير والذي يحتمل التحقيق قريباً هو حصولها على فرصة عمل لتساعد بها أمها التي تعمل مدرِّسة وتعيل الأسرة ، فهي حاصلة على تقدير جيد جداً في تخصص مطلوب ونادر وتنتظر الردود من الجهات التي تقدمت لها طالبة العمل بعد تخرجها مباشرة في شهر حزيران المنصرم ، وكانت ياسمين تعقد في البيت حلقات دراسية لتلاميذ حارتها لتعويض ما يفوتهم من دروس من جراء الإجتياح العسكري للقرى الآمنة ومن طوق الحصار والأحكام العرفية والتعسفية على الناس من منع التجوال والعقوبات الجماعية الى قطع الماء والكهرباء ومنع سيارات الإسعاف من إنقاذ الجرحى ومنع الصحفيين من نقل معاناة الناس ، والحلم الكبير الثاني هو زفافها الى خطيبها الذي تعرفت عليه بالجامعة وأحبته وأحبها ، وإقامة حفلٍ بهيج يدعوان اليه الأصدقاء والأقارب ، وتُفرح به أمها وجدتها لأبيها اللتان تعيشان معها في نفس البيت ، وكان أخوها واسمه مجاهد معتقلاً لدى قوات الإحتلال ويقضي فترة محكوميته متنقلاً بين السجون الإسرائيلية الكثيرة والمأهولة بالسكان في طيات الوطن ، وحرمت العائلة من الفرحة بعرسه الذي استحق ولم يسدد وقُيد على حساب ديونٍ مشكوكٍ في تحصيلها أو معدومة التحصيل نظراً لحكمه بالمؤبد ثلاث مرات.
    كانت ياسمين وحدها تعلم أن خطيبها خالد والذي كان يعمل مهندس اتصالات في شركة اتصالات ويرأس اللجنة الشعبية لمقاومة الجدارالعازل في قرية بلعين ، وكذلك كان يعمل ناشطاً يالمقاومة الشعبية بصفته رئيساً لاتحاد طلبة الجامعة وكان يقدم لمقاومي الإحتلال دعماً لوجستياً من موقعه بأقصى درجات السرية والكتمان، فهو من بلدة بلعين التي سطرت اسطورة من أساطير المقاومة الشعبية التي لا تعرف اليأس والقنوط ، والتي حققت إنتصاراً على أطماع الإستيطان الإحتلالية بصدورها العارية ووجوهها المكشوفة بنور الحق الثابت في الأرض ، وكانت ياسمين عضوة في اللجنة الثقافية في اتحاد طلبة الجامعة الذي كان يرأسه خالد ، وتعودا على العمل الوطني سوياً ، حيث التقيا في عرس الوفاء للوطن ، فجمعهما حب الوطن الكبير ، وانصهرت في هذه البوتقة الوطنية )(جامعة بير زيت)( عواطفهما في هدف واحد هو الإخلاص للوطن ، فتمازجت تلك العواطف واتحدت وأنتجت مركباً كيميائياً متماسكاً بروابط الحب وأصالة الإنتماء للوطن ولا شيء غير الوطن ، فكان حباً قد ارتكزت قواعده وأرسيت على أعمدة قوية شامخة من الأصالة والإنتماء للأرض وممتدة في أعماق الأرض ، لم تستطع ظروف الإحتلال أن تزعزع كيانه المتين. لذلك كانت قلقة على موعد الزفاف ولم تكن قلقة على مصيره وحتمية إتمامه في يومٍ من الأيام ، إن لم يكن زفافهما فسيكون زفاف أولادهما أو أحفادهما إن لم يكتب لهما النصيب ويجمعهما في بيت واحد ، لأنهما نذرا نفسيهما لهذا الحب الذي يستظل بخيمة حب الوطن، بينما كانت أمها مطمئنة لإتمام هذا الزفاف المؤجل لظروف الإحتلال القاهرة لثقتها في صهرها خالد الذي لم يوفر من جهده في سبيل مساعدة الأسرة والوقوف بجانبها بعد اعتقال ابنها مجاهد ، إضافة الى صداقته القديمة والعريقة لإبن الأسرة ، فقد كان هو ومجاهد أصدقاء الطفولة والشباب وزملاء الدراسة ، وكان خالد يعوضهم عن غياب أبنهم مجاهد وعن استشهاد زوجها عبدالرحمن (ابو مجاهد) برصاص الإحتلال الطائش على المدنيين ، فكلما حددوا موعداً لهذا الزفاف سقط شهيدٌ من أقاربها أو من أقارب خالد ، أو حدث اجتياح عسكري لبلدتهم ، وتطويق للبلدة يعزل حاراتها عن بعضها البعض ويجعل التواصل بين الناس مستحيلاً. وفي إحدى المرات جرح خالد وهو يقود مظاهرة ضد الجدار العازل قبل موعد الزفاف بليلة واحدة ، وهكذا هو حال الفلسطينين تحت الإحتلال. يعيشون ليومهم فقط ولا يستطيعون التخطيط للغد ، نظراً لتحكم الإحتلال بمقدراتهم ومفاجأآته المتكررة لهم على مدارالساعة من اجتياح واعتقال وهدم للبيوت لمجرد اشتباه لم يثبت بحقه سبب الإشتباه. لم يكن في المنزل مع ياسمين سوى جدتها لأبيها التي كانت تقترب من الثمانين عاماً ، ولكي تزيل تلك الغشاوة التي اعترت مزاجها وسببها الإنقباض النفسي ، هرعت الى المطبخ وجهزت الفطور الفلسطيني التراثي الذي تعودت عليه جدتها (الزيت والزيتون والزعتر والشاي وقطعة من الجبن البلدي) ، ونادت جدتها لتتناول الفطور ، وبعد أن تناولتا الفطور معاً أحضرت القهوة وجلست تتناول أطراف الحديث مع جدتها التي طالما كانت تقص عليها الذكريات الجميلة في بلدتهما المحتلة في قضاء حيفا وكانت تعرج في قصصها على ذكريات النكبة المؤلمة. وبينما هي تستمع لأحاديث جدتها ، قرع جرس الهاتف وهرعت ياسمين يحدوها الأمل بأن المتصل هو حبيب العمر خالد ، رفعت السماعة الى أذنها بعد الرنة الثالثة تفتعل الإصطبار ،
    وبادرت : ألو صباح الخير ، وعلى الفور تلاطمت موجات صوت الحبيب مع غشاء أذنها الرقيق المتحفز لسماع أجمل الألحان ، تطرق أسماعها بنفحات الشوق والحنين ، تماماً كنفحات النسيم العليل الذي يداعب نبتة الياسمين الرقيقة والتي تعبق برائحتها الطيبة أجواء الحديقة ، فيحمل النسيم رائحتها متهادياً الى البيت من أبوابه المشرعة ليطوف بها أرجاءه ليعطره بأطيب رائحة في عرفها. وبعد مبادلة للتحايا والأشواق بين الخطيبين في صفقة رابحة في سوق الحب والأصالة والوفاء ،
    قال لها خالد : ياسمين أنا قادم اليوم مع والدي ووالدتي لنحدد موعد الزفاف بغض النظر عن أية ظروف ، لقد أصبحت هذه الظروف جزءاً من حياتنا وتعودنا عليها ، زفاف عريس مع زفاف شهيد ، هذا قدرنا ولا بد أن نتعامل معه بواقعية ، ولا بد من أن نعيش تماما كما قال الشاعر:
    سأعيش رغم الدّاء والأعداء كالنسر فوق القمة الشّماء
    وعلى تبادل التحايا والأشواق بين الحبيبين ، كانت الجدة تسترق السمع مصغية وقد عادت بها الذكريات الى أيام الشباب ورسمت على وجهها إبتسامة بين ثنايا تجاعيد خدها ، وبدت ابتسامتها خافتة باهتة كضوء الشمعة التي توشك على نهاية الإحتراق ، ولكن شمعة ياسمين التي هي في بداية احتراقها كانت تضيءُ المكان عليهما. ففرحة الجدة بإبنة إبنها أضفت على ابتسامتها نوراً بدد دياجير الشيخوخة وغطى الأخاديد التي حفرها الزمان على خدها من معاناة النكبة وآلام النكسة من الأعداء ومن لواعج الفرقة بين الإخوان في الوطن الواحد. ولاحظت الجدة على حفيدتها السرور والإنبساط ،
    فسألتها : أكيد هذي مكالمة من خالد ، فردت عليها ياسمين نعم يا جدتي ، سيأتي الليلة مع والديه لبحث أمور الزفاف وتحديد موعده ،
    فقالت الجدة : يا ما انت كريم يا رب ، يا مفرج الكروب ، فرِّج كربتنا. والله نيّالكم يا بنات اليوم ، الوحدة بتحكي مع خطيبها وبتشوفو ولمّا تكتب كتابها بتطلع معاه على السينما وبتجلس معاه لوحدهم ، يا حسرة على أيامنا ، أي والله بتذكر يوم أجا ابوي من الديوان ولقاني بتنصّت على خطيبي من ورا الحيط وهو بحكي مع أخوي وشافني ، والله لا يحطك محلّي ، كتلني كتلة نصها موت ، خلاّ جنابي زرق زرق من جلد الحبل.
    وفي لحظات شعرت ياسمين بقرب تحقيق الأمل الكبير ، طفقت تقبل وتمازح جدتها العجوز والتي ما زالت تحتفظ بذاكرة قوية وجسد متماسك استقوى على النكبة والنكسة وعلى القهر والتشريد والشتات ، : جدتي ، جدتي ،
    ردت عليها جدتها : نعم يا حبيبتي ،
    قالت ياسمين : حدثيني عن يوم زفافك الى جدي ، فضحكت الجدة ضحكة شابها كحةٌ خفيفة تنم عن ألم مخبأٍ في الصدر ، فهي لم تنس بعد ولدها عبد الرحمن الذي استشهد قبل خمس سنوات ، ولكنها رأفت بحال حفيدتها وأرادت أن تبعث فيها الأمل ، مستنيرة بلحظات السعادة التي قضتها يوم زفافها الى جد ياسمين (ابو العبد) ، وطلبت من ياسمين أن تجهز لها الشيشة.
    قائلة : لا حدى حوَّش ، بدنا نفرح ونعيش ، إذا بدنا نلاحق حالنا بنظل حاطّين الحزن في الجرة ، الدنيا رايحة يا بنتي ، اليهود بدهم إيانا نظل حزنانين ، لكن رح نفرك بعينهم بصلة ونعيش مثلنا مثل غيرنا وصامدين على أرضنا ومرابطين الى يوم الدين ، أي والله لو صار إليّ حصل معانا مع شعب غيرنا إلاّ دفنوا حالهم في التراب وهم طيبين ، شغلي هالمسجل على أغاني حلوة مثل هذي إغنية "علّي الكوفيّة علّي ولولح فيها " وفرجيني كيف بدّك ترقصي لعريسك ، وإذا قدرت بعد نفس الأرجيلة رح أرقص معك. ذهبت ياسمين تدندن بالأغاني وتقفز كأنها طفلة صغيرة فرحة بالعيد ، وأحضرت الأرجيلة والمسجل. وبدأت الجدة تقص عليها يوم الزفاف : يا بنيتي ، لقد كانت أيامنا صعبة وقاسية لتفشي الفقر والجهل ، ولكننا كنا نعيش أياماً حلوة في وطننا ، فيها راحة وهداة بال، ننعم بخيرات أرضنا ومناخ وطننا الجميل متحابين متعاونين متساوين في مستوى المعيشة ، ونساعد بعضنا بعضاً ، ولا يحسد بعضنا بعضاً ونحب لغيرنا كما نحب لأنفسنا تجمعنا الأفراح والليالي الملاح وتجمعنا كذلك الأتراح ، وتقدّم الي جدك أبو العبد - هَيْ روحه طلبت الرحمة - (ألف رحمة تنزل على روحه) - يطلب ايدي ، لكن كنت أحلى بنت في القرية ، وكثر طلاب يدي من قريتنا ومن القرى الأخرى ، وِلاّ إنتي جايبه هالحلاوة من وين ، ولكنني بصراحة كنت هاوية ابو العبد ، فقد كان شجاعاً وشهماً وكريماً وكان زينة الشباب ، خاصة يوم كان يعنقر العقال ويمشي في الحارة الكل كان يهابه من الشباب، وهو من عائلة ثانية من نفس بلدنا يعني مش من عيلتنا ، ورفضه أبي في البداية ، ولكنه لم يفقد الأمل ، وكان أبوه من وجوه القرية ، ولم يترك شيخاً أو مختاراً في قريتنا والقرى المجاورة الاّ وسّطه عند أبي من أجل الموافقة ، وبضغط من أمي ومخاتير ووجوه البلد والقضاء وافق أبي على زواجي منه على مضض ، وهنا قاطعتها ياسمين قائلة : طيب ليش رفض ابوك يا ستي ، فقالت الجدة : بدك الصحيح والاّ ابن عمه ، فقالت ياسمين : طبعاً الصحيح ، فردت :لأنه كان الله يسامحه ويحسن اليه كان نسونجي يعني بحب النسوان وحاط عينه على بنت الجيران بده يجوزني بدل ، هو يجوّز بنت الجيران ويجوزني لأخوها ، وكان متجوز ثنتين وطمعان بالثالثة ، ولولا إخوتي وقفوا لأبوي وهددوه بترك البيت والتخلي عنه ، لكن بصراحة جدك ابو العبد ، الله يرحمه كان بجنن مثل عريسك خالد وكان يبطح كل الشباب ما حدى يقدر يبطحه. وكان شاطر في الدبكة ولوّيح وكمان بعرف يشبب على الشبابة والأرغول. وبصراحة لو ما أخذته ما بدري كان شو صار فيّ. فقاطعتها ياسمين مقهقهة : والله كاينة ما انت قليلة يا جدتي ، وطفقتا في ضحكة بددت غيوم القنوط واليأس وبعثت سعادة غامرة في نفسيهما ، وأضفت على المنزل الحيوية والنشاط. وقالت ياسمين : كمّلي يا جدتي.
    وتابعت الجدة حديثها قائلة : وكان مهري أغلى مهر في كل المنطقة والقضا ، وكنت أول وحدة من بنات البلد طِلِع معاها غرفة نوم ، اشتراها وجابها جدك من القدس ، وكل البلد كانت تحكي فيها ، وكانت كل العرايس تطلع بصندوق وفرشات ولحف ومخدات ، إلاّ أنا طلعت بغرفة نوم وتسريحة ومراية كبيرة وطلعت مشنشلة ذهب ، حوالي خمسة وعشرين ذهبة عصملّيه مثل هذي الذهبة اليّ على صدري وقدرت أطلع فيها يوم النكبة ، والباقي أخذوه اليهود الله لا يكسبهم ويفرجينا فيهم يوم أسود إن شاء الله مثل ما سوّدوا عيشتنا. وكان عرسي من أحلى الأعراس في البلد والمنطقة كلها ، ويومها ذبحوا حوالي 30 خروف وجدي ، وجدك الله يرحمه كل ما طلعت الشمس وغابت كان يحب الفنطزية ، وهنا قاطعتها ياسمين تسأل ماهي الفنطزية ، فردت عليها جدتها بضحكة أرجعتها الى ستين عامٍ مضت : يعني الكيف والإنبساط والفرفشة يا هبلة ، فضحكت ياسمين وقالت : احكيلي كيف كان يحب الفنطزية : أسكتي يا بنيتي لا تذكريني بالأيام الحلوة واليّ ما عادت ترجع ، لكن من شانك رح أحكيلك شوية منها وقالت : اشترى الراديو أول واحد في القرية، هذا الراديو اليّ كان قد الصندوق ابو بطارية كبيرة ، وكان يوخذني على المدينة نحضر السينما في حيفا ،ويعزمني على المطاعم ، وحضرنا حفلات في يافا للحجة أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ، والله ما كان يخلي فرصة للفنطزية والفرفشة الاّ ويغتنمها ، الله يرحمه بعدد الشجر والحجر والبشر. كان شايلني على كفوف الراحة ومدللني آخر دلال ، وما يخلّي بنفسي حاجة ، وأنا كنت ما أنكّد عليه أبداً ، وأبسطه ودايماً أضحك معاه ، وابتسم في البيت ، ولمّا كان يرجع من الشغل أكون منظفة البيت ومرتبته على ما يرام ومجهزة الطبيخ والحمام ، وألبس أحسن لبس ، عمره ما شافني إلاّ وأنا مرستكة ومحندقة على آخر طرز، أصحا من النوم قبل ما يصحا وأروح أزبّط حالي قبل ما يشوفني وأحضر الفطور والحمام ، مش مثل بنات اليوم الوحدة بتظل نايمة ما بتعرف متى جوزها بطلع على الشغل ، بتعرفي الواحد لمّا يقوم من النوم بكون شكله مخربط شوية. وكان ربنا موسعها عليه ويكسب فلوس مليح في هذاك الزمان ، كان أشطر دقيق حجر في المنطقة من وين مكان كانوا يسألوا عليه ويطلبوه. لكن يا بنتي أيام السعادة معدودة وما بتدوم والإنسان لازم يغتنم كل فرصة يقدر يسعد فيها نفسه لأنه ما بعرف ايش رح يصير معاه ولا ايش مخبا في الغيب. يا بنيتي ديري بالك على حالك وعلى خطيبك لأنه ابن حلال وأصيل وبستاهل والوحدة ما إلها الاّ جوزها ولا حدا بنفعها وبصونها الاّ راجلها. وختمت حديثها الجدة وقالت : أنا حكيتلك عن يوم زفافي بدّي منّك تفرجيني كيف بدّك ترقصي يوم عرسك ، أنا يوم عرسي رقصت وتجلّيت لجدّك لمّا دُخت ، بتعرفي إني رقصت وابريق الفخار على راسي ما وقع. يلله حطي أغنية وارقصي وإذا قدرت رح أرقص معك ، لأني بستنّى هاليوم اليّ أفرح فيه.
    ورقصت ياسمين أمام جدتها ، ولم تحتمل الجدة الصمت حيال الرقص ، فقد اشتعلت في نفسها نار الحنين والذكريات الجميلة لتكون الوقود الذي يُولِّد الطاقة التي بعثت فيها القوة والحيوية ، وقامت على ساقيها المعوجتين وبظهرها المقوّس وشاركت حفيدتها بالرقص ، وشتان ما بين الرقصتين في الشكل. رقصة التراث ورقصة العولمة. رقصة العراقة ورقصة الحداثة ، فتمازجت العراقة مع الحداثة في بوتقة الحب والوفاء والتفهّم والتفاهم يجمعهما الدم والدين والوطن ويشكل لهما مضموناً جامعاً ومؤلفاً بين النفوس، والتحم التراث مع العولمة في قالب الإنتماء للوطن الواحد ، وسرت الوطنية من جيل الى جيل لا يعتريها نزاع الإختلاف في الرأي والشكل ، ويصل بين الأجيال المتعاقبة جسور من الولاء لله وللوطن ولا شيء غير الوطن. وساد البيت جوٌ من التفاؤل والفرحة والسعادة على أمل قرب إتمام حفل الزواج المستحق.
    يتبع الجزء الثاني
    أحمد ابراهيم الحاج
    ™SaMeH**ALhrOuB
    ™SaMeH**ALhrOuB

    _.·[مدير إداري ]·._ زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول Stars1


    الجنس : ذكر
    البرج : السرطان
    عدد المشاركات : 1458
    العمر : 32
    البلد : خاراس/فلسطين
    الحالة الاجتماعية : اعزب
    التخصص : Mechatronics Engineering
    نقاط النشاط : 552
    الاعجاب : 1
    المهنة : زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول Collec10
    المزاج : زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول 453210
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول Empty رد: زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول

    مُساهمة من طرف ™SaMeH**ALhrOuB السبت 20 نوفمبر 2010 - 13:07

    يسلمو على الموضوع الجميل



    زفاف على قائمة الإنتظار/الجزء الأول 47893148086158559198100

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 12:07