منتديات خاراس الرسمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

4 مشترك

    آمنة و خليل/الجزء السادس والعشرون

    أحمد ابراهيم الحاج
    أحمد ابراهيم الحاج

    {{ كبار الشخصيات }}


    {{ كبار الشخصيات }}


    الجنس : ذكر
    البرج : الحمل
    عدد المشاركات : 231
    العمر : 72
    البلد : فلسطين - خاراس
    نقاط النشاط : 204
    الاعجاب : 4
    الدوله : فلسطين

    آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Empty آمنة و خليل/الجزء السادس والعشرون

    مُساهمة من طرف أحمد ابراهيم الحاج الإثنين 28 مارس 2011 - 10:36

    آمنة وخليل /الجزء السادس والعشرون
    ......................................................
    شعر أبو خليل بالورطة التي وضع نفسه فيها بزواجه من عيوش ، فقد كانت متعطشة لإشباع رغباتها الجنسية بعد غياب طويل لزوجها مجهول المصير ، وصارت تبتز ابا خليل في رجولته وفحولته ، وما أصعب أن يطعن الرجل في ذكورته مهما كان عمره ، وما أسهل أن يطأطئ رأسه بسبب عدم مجاراته لمتطلبات زوجته خاصة من لا تتفهم وتأقلم نفسها مع وضع زوجها الذي لا يكافؤها سناً ولا يناسب قدراتها الجنسية ، وتبدلت حياته وانقلبت رأساً على عقب ، فلم يعد يفيق من النوم مرتاحاً لتفكيره في جوف الليل في طاقاته الجنسية المتراجعة تراجعاً طبيعياً مع تقدم العمر ، والتي وضعت تحت اختبار غير متكافيء ولا يناسب المقام ، مما أدى به الى القلق على رجولته ، وتذكر الماء الساخن الذي كانت تحضره له أم خليل قبل إفاقته من النوم خاصة في فصل الشتاء القارص حيث اصبح الآن معدوماً ، يرتش ويتوضأ بالماء البارد جداً في طقس يجمد العروق من شدة البرد ، كذلك افتقد للفطور المتوازن ، وحرم من كباية الشاي وفنجان القهوة ، ومن وجبة الغداء المتكاملة ، ولم يعد يلبس الملابس النظيفة والهندام المرتب والكوفية الناصعة ، وكذلك حرم من ممارسة هوايته بلعب السيجة في ساحة الديوان كما كان يمارسها بأريحية واستمتاع ، فصار يفطر على كسرة من الخبز البائت والذي ربما كان متعفناً ولا يرى عفنه على ضوء اللامظة وضعف البصر بفعل التقدم بالعمر ، ويعود للغداء مكرهاً على رغيف من الخبز القديم مع سلطة من البندورة والفقوس تخلو من اللون والطعم والرائحة ، ولا يجد من يسأله إن كان يريد العشاء أم لا ، وأصبح يلبس الغيار متسخاً ومغبراً ، وصار الندم ينهش قلبه وجوارحه ، وقل احترام كبار القرية له لسوء حالته وهندامه ، ولانشغال فكره وسرحانه في البحث عن مخرج من هذه الحالة المزرية التي يعيشها ، والتي أصبح لا يحسد عليها من الصديق قبل العدو ، كما كان يحسد عليها في سابق عهده مع ام خليل ، فقد كان هندامه ونظافته ودلاله وهيبته وحضور بديهته وابتسامته مضرباً للأمثال بين كل رجال القرية وكبارها ، وأصرّت ام خليل على موقفها منه ، ولم تعد تعتني بهندامه وقراء ضيوفه ، وأصرت على عدم النوم معه في فراش واحد ، وازداد حاله سوءاً على سوء ، وأخذت صحته بالتدهور ، وغاب بريق وجهه وتألقه ، وقلّت قيمته المعنوية لاهتزاز شخصيته من التفكير في فحولته وتعرضها للإنكسار والفشل في بعض الأحيان ، وسماعه لعبارات تذمرٍ من عيوش كانت تمس رجولته وتطعن في فحولته بشكلٍ غير مباشر وبشكلٍ مباشر. وضاقت الدنيا في وجهه ، فباب العائلة الدافيء بات مغلقاً أمامه من ام خليل بكل حزم وجبروت من شدة الجرح الذي آلمها على كظمٍ من الغيظ ، ومن اعتزازها بشخصها ونسبها وأصلها وفصلها ، وثقتها المليئة بنفسها. وكتمٍ لمشاعر الغضب من زوجة مضحية ومخلصة بكل أصالتها وطيبتها وعطائها اللامتناهي. وقوبلت بهذا النكران للجميل دون سابق إنذار وعلم ، وكأنها قطعة من الأثاث في البيت لا قيمة لها ، أو كأنها عنزة سارحة مع الغنم وقرر صاحبها ذبحها لقراء ضيوفه ، وبمثابة صفعة مفاجئة على خد زوجة غافلة لم تفقد بريقها وحيويتها وجمالها القديم المعتق ، كزيت الزيتون الفلسطيني الذي لا يعطب مع مرور الزمن ، وكلما تقادم ازداد بريقاً ونوراً وثراءً بالمنافع ، رغم تقدمها بالسن ، ومقاومتها لعوامل الشيخوخة بنشاطها وحيويتها الدائمين ، وكأنها الدينامو الذي كان يحرك البيت ، وكان لا يسمع منها الاّ عبارات الطاعة والتقدير والإحترام ، ولا يلمس منها الاّ الحرص على طعامه وشرابه وهندامه وقدره وقيمته. وكانت ترضيه في فراشه كما لو أنها متفرغة لهذا العمل بغض النظر عن شقائها طيلة النهار وتعبها البدني والفكري في تدبير أمور البيت وتحملها مسئوليات عائلة كبيرة من الأولاد والبنات والأصهار والأحفاد والأقارب. وكانت ام خليل في بعض الأحيان تشفق عليه وتصر ذلك في نفسها دون الإفصاح عنه ، وتدفعها أصالتها الى مساعدته على مخرج من ورطته النفسية والمعنوية ، ومن حالته التي تسوء يوماً بعد يوم ولكن اعتزازها بنفسها ما زال أقوى من أصالتها. لذلك تفوقت داخلها قوى مقاومة تطبيع علاقتها معه على قوى الأصالة والكبر والإعتزاز بالنفس لتلقنه درساً لن ينساه ، ولكي تعيده الى صوابه المفقود ملوياً ذراعه بزند الحنين الى الماضي التليد وقوى الإحتكاك بفعل الحاضر الرديء الذي يحياه ، وكان في نفسها غصة على حاله الذي آل اليه ، كيف لا وهو رفيق دربها ، وعمود خيمتها التي تلمها وعائلتها ، وهو الذي كان يحبها ويقدرها ويحترمها ويدللها بمقاييس الماضي الذي عاشاه سوية ، وهو الكريم الطيب والودود مع كل الناس ، وهو الذي تعب في بداية حياته وجد واجتهد واشترى الأراضي وأكثر من الموجودات لذريته ، وكانت تثور في نفسها فكرة "ارحموا عزيز قومٍ ذل" ، وتشتد رياح الثورة والحنين الى الماضي مع رفيق عمرها ، تعصف بعواطفها وتثير فيها عبق الأصالة التي تربت عليها ، وقررت في نفسها أن تمد له يد العون للخروج من محنته التي طوقته ، وتساءلت في خاطرها ، لِمَ الإستسلام يا خضرة لهذا الواقع الأليم؟ ولِمَ لا تدافعين عن عرين عائلتك الذي بنيتيه مع زوجك؟ لِمَ الإنسحاب والهروب من المواجهة؟ لِمَ التخلي عن ماضٍ تليد؟ واستبداله بحاضر رديء؟ ولِصالح من يا ترى؟ لصالح عابرة على هذا العرين وعلى جسرٍ من النزوات في غياب مؤقت للعقل والحكمة؟ لِمَ اللعب مع زوجك القديم المتقادم لعبة شد الحبل؟ فهو أرخى الشد من جانبه ، ويبدو أنه أدرك فداحة الخطأ ويريد العودة عنه ، لم هذه المقاومة السالبة في الإتجاه الخاطيء؟ لتكن مقاومتك يا خضرة لاستعادة حقوقك التي سلبت منك في غفلة من الزمن ، ولِم سمحت لهذا الحال أن يستمر بالصمت والتسليم عندما كان الفأر يلعب في عبك؟ كنت تعلمين بصداقة زوجك العابرة مع رجل لم يكن يحترمه ولا يقيم له وزناً ، وكان حدسك أن في الأمر شيئاً مريباً يكتنف هذه العلاقة غير المتوافقة وغير المبررة بالمنطق والعقل، ألم يخطر على بالك أن في النفس شيئاً خفياً ينبؤ بالخطر ، ولو انتفضت في ذلك الوقت وخرجت عن صمتك المطبق لوضعت حداً لتوهان زوجك قبل فوات الأوان، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج ، ولكن لم بفت الأوان بعد.
    وبينما كانت ام خليل تفكر في هذه الأمور وتطرح على نفسها هذه التساؤلات ، دخل ابو خليل الى بيت العائلة الذي لم يقاطعه طيلة زواجه الثاني ، وتناول فقوسة وأخذ يقضمها ، واختلست ام خليل النظر لزوجها ، فرأت قطع الفقوس الصغيرة تتطاير من بين شفتيه وكأنه لا يتحكم بفكيه ، وأمعنت في وجهه النظر ، فوجدت فمه ملووحاً (منحرفاً) الى الجانب الأيسر وغير متوازن، وبينما كان يقضم الفقوسة كانت عينه اليسرى تنثر الدموع على رمشها المبلل ، أدركت أن في الأمر شيئاً خطيراً يقترب من صحة زوجها ، فانتفضت في نفسها الأصالة والغيرة مرة واحدة ، واقتربت منه تمعن النظر في وجهه ، فأثارت استغرابه من المفاجئة ، وخاطبته قائلة:
    ابو خليل شو اليّ جاريلك يا زلمة ، مال ثمك مايل على جنب، وليش الفقوس بتنثور من براطمك ،مش داري عن حالك وعن اليّ جاريلك يا مشحر ، ثمك ملووح على شقه.
    ابوخليل : والله أنا شاعر اني مش طبيعي يا خضرة ، ومش قادر اتحكم بالفقوس في ثمي. وبشعر بخدران في رجلي اليسار ، وهذيك اليوم دخت في الزقاق وجيت بدي أقع ، وشعرت الدنيا بتلف فيّ زي الفريرة ، يمكن لفحة هوا ، والاّ برد ، لأني الصبح بروح عالبير ارتش في السقعة ، بنشل دلو هالمية وبرش حالي فيه وبتوضأ قبل صلاة الصبح. بنت هالكلخنجي ما بتسوي اشي بتظل نايمة ، وما بسمع منها الاّ طلبات ، جيب بسكوت وجيب حلقوم وسكر وملح ليمون وحامظ حلو وسلفانة وطبب حرير لون قرميدي وليلكي وتبني ومونس وازرق واخظر واحمر واصفر ، والديون تتلتت علي لشعبان صاحب الدكانة. وبجيب إلها مقاظي الدار وما بشوف منها إشي ولا بتطعمني منها اشي، كنها بتودي كل شي لدار ابوها.
    ام خليل : مهو إنت قاعد عندها عالقلة والجوع ويمكن على العطش كمان، وعمري ما شفت وجهك مخطوف وباهت مثل ما شفتك بعد ما أعرست عليها ، طيب إمشي معاي نروح لإبن خالتي الحاج محمود علي ، شاطر في الحكمة ، وبرد لوحة الثم ، بس بدك تتحمل.
    وذهبا الى ابنة خالتها الحاج محمود في القرية المجاورة ، فاستل الحاج محمود فردة حذاءٍ من الكوشوك يحتفظ بها خصيصاً في مجلسه ويبدو أنها غير ملبوسة ومفصلة لهذا الغرض الطبي ، وأخذ يضرب بها على صدغ ابي خليل الملووح ويستعيذ بالله ويبسمل ويقرأ القرآن ، ويطلب من ابي خليل الصبر والتحمل لشدة الضرب على صدغه. وانتهت الجلسة الطبية العربية الآولى ، وطلب منه الحضور ثلاثة أيام متتالية لأخذ الجلسات الطبيعية اللازمة للعلاج. وطلب منه أن يلف وجهه بكمادات من الماء الساخن. وأن يدلكه بالزيت الفاتر.
    وفي طريق عودتهما للبيت دار بينهما عتابٌ وتبادل للأحاديث ، واعترف ابو خليل بورطته ، وطلب من ام خليل مساعدته للخروج من هذه الورطة التي وضع نفسه فيها. ففكرت أم خليل بالمخرج واقترحت عليه بعد أن سمعته يقول لها:
    ابو خليل: آخ يا خضرة، بني آدم ظعيف كثير مهما كان شديد وقوي، والنيا ما بتسوى، والله يا مستورة مش في وجهك هالهرج، وحياة من خلق الخلق وبسط الرزق وما بزل عليكِ في هالخراف، بتصدقي عاد والاّ ما بتصدقي ولكن أجري ونصيبي على الله، "عندي ظفرك بسوى الدنيا كلها اليّ ما بتسوى جناح هسهسة، طول عمرك بتشتغلي بقلب ورب ووقفتي معاي من أول يوم تجوزنا، وأنا بربي في الأولاد وما قصرتي في اليوم من الأيام، واعطيتيني القوة والعزم الي بنيت فيها هالبيت وهالرزق، وإنت عاملة على العيلة خيمة والكل بتفيّا فيها. يا عمي بنت الأصل والفصل عندها ظمير.
    ام خليل : إسمع يا ابو خليل، ما بحب اسمع منك هاظا الهرج وانت مطاطي ونظرك للأرض، وما تظل تحكي لي حكي الندم، بني آدم مش معصوم عن الغلط، بحب اشوفك دايماً معنعن ورافع راسك فوق، وبدي اياك تظل حيطة عالية ما حدا يقدر ينط عنها. اليّ فات مات وأنا نسيت وجرحي طاب، أنا عندي الحل، اسمع يا عبد الفتاح، إليّ صار صار، وخلاص الفاس طاح بالراس، وما فيها مناص ولا خلاص الاّ بالحكمة والعقل والتدبير، أنا بشوف إنك تجيبها على دار العيلة وهاظا الإشي من حقك، وتصير تشتغل وتكرب وتشقى معانا مثلنا مثلها، بدها تعبي مية من البير على راسها، وبدها تزبل الطابون وتعجن وتخبز وتحلب الغنم والبقر وتلقط زبل وتحطب وتحش الحشيش للربايب منها بتساعدني بشغل الدار وبتريحني، ومنها بنحطها تحت الأمر الواقع وبنشيل عنها الدلال اليّ عايشة فيه، وأنا ما عندي مانع إنك تنام معاها على طول. أنا مسامحتك بهالإشي، بس بشرط إنها تتحمل مسئولية مثلي مثلها، أنا بشتغل يوم وهي يوم بالدورية. وإذا هي حرمة قد حالها بتعيش وتتعايش معانا مثل أي واحد فينا، وإذا هي مش قد هالحمل بتنصرف وبتحل عنا من خاطرها وكيفها.
    أبو خليل : والله جبتيها يا خضرة يا بنت المختار الحكيم والفهيم. وفعلاً إنك إنت ام العّرّيف، ورح أفهمها إنك إنت المسئولة والحاكمة على كل الدار في غيابي، والآمرة والناهية، وإنها لازم تسمع كلامك وتطيعك. وما تروح ولا تيجي الاّ بأمرك، عجبها هالكحل تتكحل فيه، وما عجبها مع ستين قلة سلامة، ورح أكسر وراها زير وجرة وشربة وقرقوم. ومن حيث النوم والله شاعر بدي راحة شهر شهرين أنام لحالي من شان أرد عافيتي. حريقة هالوالدين مثل اللزقة وما فيها خير. بس بدها تنام، إن شالله بتنام نومة أهل الكهف البعيدة. لا رح أنام عندها ولا عندك، بدي اروح أعزب مع الغنم وبدي انام في الهجم بعيد في خلة دير بن عبيد فوق بير السوّيدة، وأخلي هالولد يرتاح شوية، وإنتِ دوّري لفتحي على عروس بس بشرط تكون زيِّك بنت أصل وفصل، والله بعد هالغثا والهم اليّ عشت فيه من يوم ما اتجوزتها، جاي على بالي أقعد لحالي وأتأمل نجوم السما بالليل وحاب أجلي صدري من الهم وأفرح بإبني واشتقت للسامر والشبابة والأرغول والدبكة والدحية.
    أم خليل : إحنا ما بدنا نتحكم فيها ونشعرها إنا بدنا نطفشها ، مهي صارت مرتك على سنة الله وروله وعلى ذمتك وأمانة في رقبتك ، كل إشي بالرواقة والهداوة والمسايسة والحكمة والصبر بصير ، وأنا ظني إنها ما رح تتحمل ، بس عسى إنها ما تكون حبلة ، إنت جيبها وخلي الباقي عليّ.
    ابو خليل : والله صار إلها فترة بتتشهون ، قززتني عيشتي ، مرة بتقلّي جاي عبالي لحم زغاليل حمام ، ومرة لحم نيص ، ولحم غزال ، ومرة بيض شنار ، ومرة ملبن ، ومرة قطين تين اسوادي ومرة كسيبة ومرة حلاوة. ومرة روح لقط خبيزة ، ومرة مفتول ومرة جاي على بالها طعاويش (كرشات).
    ام خليل : معناها بتتوحم يا فهيم، هو إنت خلفت ستطعشر واحد ولسّه ما بتعرف شو الوحام والتشهون، والاّ أنا اليّ كنت بخبي عنك وبداري وبتحمل على نفسي من شان ما أغلّث على خاطرك، وهذا اليّ كنت خايفه منه وحاسبه حسابه يا جوز الثنتين. يعني إذا خلّفت منها وبعدها حردت وبدها تتطلّق بدي أقعد أربي من أول وجديد. طيب هالحين روح إنت عندها وأنا ببعثلك الأولاد يعزلوا ويشطفوا دار خليل لأنهم قربوا يلفوا، ويجيبوا معاهم قشاتكا وجرودكو وبعدين بتجيبها وتيجي اليوم. وفهمها على اليّ اتفقنا عليه قبل ما تجيبها.
    ذهب ابو خليل الى بيت الزوجية الجديد في دار ابنه خليل، وكان قد استعاد بعض الثقة المفقودة، حيث شعر بمن يشاركه الهم في زواجه الذي تم في غير موسمه ، وأنه وجد ملجأً يلجؤ اليه إن أدارت له ظهرها ورفضت شروطه، ووجد عيوش ما زالت نائمة رغم أن أشعة الشمس كانت تشكل مع سطح الأرض زاوية حادة تقترب من الثلاثين درجة، ونهرها من فراشها قائلاً :
    خلّصي قومي ، كل البلد صاحية من النوم وانت بعدك نايمه يا خبلة ، يله فزي بدنا نرحل ونروح لبيت العيلة ، خليل ومرته بدهم ييجوا ، بكفييك راحة وقعاد وقلة حيلة ، زمان أول حوّل ، وشهر العسل خلّص وبدا شهر البصل ، بدك تروحي تشتغلي مع ام خليل ، وهي المسئولة عنك ، ما بتروحي وبتيجي الاّ بأمرها ، هو أنا كاين متجوزك للنوم بس ، قطعتيني من داري واولادي ومرتي وبناتي ، بدك تعجني وتخبزي وتزبلي الطابون وتلقطي زبل من ورا الدواب ، وتحصدي وتدرسي وتجدي زيتون ، وبينما كان مسترسلاً بحديثه الحاد والجاد الذي لم تعهده ، كانت هي صافنة في ملامحه ورأت شعاع الغضب يتطاير ويتقادح من عينيه ، فآثرت السكوت لفترة من شدة الصدمة وأوجست في نفسها خفة منه، وصارت تلملم أفكارها لترد عليه ، ويعتريها خوف من هذا المارد الذي انطلق من قمقمه دون مقدمات أو سابق إنذار.
    هرعت الى صندوق عرسها القديم من زوجها الأول تلملم أغراضها ، وكانت تتمتم بحديث غير مسموع ، فأمسك بها من أعلى كتفها وأدارها بشدة نحوه وجهاً لوجه مبدياً حزماً وقوة وصرامة ترتسم على محياه وقال لها : شو ناوية تسوي ، بشوفك مبلوشة بأواعيك.
    نظرت اليه وقالت : بشوفك صاير زلمة وبترفع صوتك، بس يا ريت زلوميتك بتبين في الفراش، وهنا رفع ابو خليل يده عالياً ليصفعها، فهربت منه جانباً وهي تصيح بصوت عالٍ استقطب اولاد الحارة ليلتفوا حول البيت يستطلعون ما يجري ، فأنزل يده خوفاً من الفضيحة. وطلب منها أن تلملم أغراضها للتوجه للبيت فردت عليه:
    أنا رايحه دار ابوي ، مش رايحه معاك خدامة لأولادك ومرتك واقعد عندك ومسمى علي جوز بالإسم وبالنهار بس، وإذا بدك اياني بتلحقني على دار أهلي تتفاهم مع ابوي اليّ جوزني اياك طمع في الزيتونات ، أنا أصلاً كنت مغصوبة عليك ، وما كنت بدي اياك. ولا يمكن أرجع لك. وأجت منك ما أجت مني، وانا بستنى في هاللحظة من زمان من شان افتك من شخيرك.
    ابو خليل : روحي إنت طالق والله لا يسهل عليك ، ورح اتفاهم مع ابوك ، ونخلص الموضوع والله لو فيدك المؤخر كل رزقي يا عفنة.
    وعاد ابو خليل لبيته وعائلته كعادته ، وتعلم واعتبر جيداً من هذا الدرس القاسي ، وكذلك تعلمت أم خليل أن تقاوم الخطر قبل استفحاله بمزيد من الوعي والحذر، وأن تعتني بحياتها الزوجية بقدر ما تعتني بمسئولياتها المنزلية. وتبين أن عيوش لم تكن حاملاً ، وبعد انتهاء العدة تزوجت من الأرمل (ابو عزمي) بائع القماش المتجول وهو من قرية مجاورة ، وكانت القرية قد اشتمت رائحة علاقة استلطاف بينهما. وانكشف للعائلة سر الزيتونات الروميات (مهر عيوش) ، وكل العائلة أجمعت على القول (بالزيتونات ولا بعمود الخيمة وكبير العيلة والبلد). فالحدُّ من الخسارة وايقافها يعتبر ربحاً. أما استمرارها واستفحالها فيعتبر خسارة فادحة واستنزافاً للطاقات والموارد. فالخلاص والتسوية بهذا الشكل تعتبر ربحاً لكل العائلة.
    يتبع تكملة القصة
    بقلم أحمد ابراهيم الحاج
    27/1/2010م

    اياد النمراوي
    اياد النمراوي

    { مشرف }


    آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Stars15


    الجنس : ذكر
    البرج : الجدي
    عدد المشاركات : 2028
    العمر : 46
    البلد : الاردن
    نقاط النشاط : 982
    الاعجاب : 7
    المهنة : آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Accoun10
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Empty رد: آمنة و خليل/الجزء السادس والعشرون

    مُساهمة من طرف اياد النمراوي الإثنين 28 مارس 2011 - 11:34

    فالحدُّ من الخسارة وايقافها يعتبر ربحاً. أما استمرارها واستفحالها فيعتبر خسارة فادحة واستنزافاً للطاقات والموارد. فالخلاص والتسوية بهذا الشكل تعتبر ربحاً.
    مشكور وتعتبر هذه الكلمات نظرية محاسبية
    الورد الابيض
    الورد الابيض


    آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Stars3



    الجنس : انثى
    البرج : الاسد
    عدد المشاركات : 349
    العمر : 33
    البلد : الاردن
    الحالة الاجتماعية : عزباء
    التخصص : تاريخ في الجامعة الاردنية
    نقاط النشاط : 159
    الاعجاب : 11
    المهنة : آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Collec10
    المزاج : آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون 110
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Empty رد: آمنة و خليل/الجزء السادس والعشرون

    مُساهمة من طرف الورد الابيض الإثنين 28 مارس 2011 - 12:25

    مشكور على جهودك
    MôȜaTH XĐ
    MôȜaTH XĐ

    _.·[مدير إداري ]·._ آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Stars1


    الجنس : ذكر
    البرج : الجوزاء
    عدد المشاركات : 4329
    العمر : 32
    البلد : Kharas-Hebron-Palestine
    الحالة الاجتماعية : Look for the heart has a heart
    التخصص : Economic and Administrative Sciences
    نقاط النشاط : 1818
    الاعجاب : 18
    المهنة : آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Collec10
    المزاج : آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون 453210
    الدوله : فلسطين

    البطاقة الشخصية
    my sms:

    آمنة  و خليل/الجزء السادس والعشرون Empty رد: آمنة و خليل/الجزء السادس والعشرون

    مُساهمة من طرف MôȜaTH XĐ الإثنين 28 مارس 2011 - 13:00

    يعطيك العافية

    شكرا لك

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 20 سبتمبر 2024 - 10:41